ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة، أشار فيها إلى أن “من يتابع جلسات الثقة في المجلس النيابي، ويستمع إلى السادة النواب، وهم يتناظرون في العفة، ويتحدثون عن الفساد وأهله، وعن الهدر والنهب، وعن الصفقات والسمسرات، يدرك كم هو مظلوم هذا الوطن، وكم هو مخدوع هذا الشعب بهذه الطبقة السياسية، التي وعلى الرغم من كل المآسي والمعاناة، التي يتعرض لها اللبنانيون ويعيشونها يوميا، لا زالت هذه السلطة المتسلطة والمتحكمة برقاب العباد والبلاد تبتز اللبنانيين، وتتاجر بهم طائفيا ومذهبيا، وتمارس عليهم لعبة التخويف والاستغلال والتحريض، لأن في ذلك استمرارا لتسلطها وخدمة لمصالحها، وكل ما يحكى عن إصلاح ومكافحة فساد ومحاسبة ناهبي المال العام، ما هو إلا رماد يذر في العيون، ومسرحية متقنة الإخراج لامتصاص نقمة الناس، وتجهيل الفاعلين الذين سرقوا ونهبوا وحرموا اللبنانيين من فرصة العيش بعزة وكرامة”.
وأضاف المفتي قبلان”نعم ما نحن فيه فلكلور خطابي لا أكثر ولا أقل، وكل ما ورد في المطولات المملة، ما هو إلا كلمات وجمل على صفحات ورقية، سرعان ما تدخل فرامة الورق وعالم النسيان، حالما تنال الحكومة الثقة، ولكن ثقة من؟ إننا نسأل هل هي ثقة المحرومين في منطقة بعلبك الهرمل، أم في منطقة عكار؟ أم ثقة الشباب العاطلين عن العمل؟ أم ثقة الذين يتسكعون أمام أبواب السفارات؟ أم ثقة الذين لا يستطيعون تأمين حبة الدواء؟ أم ثقة الذين يحرقون أنفسهم أمام أبواب المدارس؟ ثقة من تريد هذه الحكومة؟ ثقة الذين شكلوها وتحاصصوها! أم ثقة الناس الذين يجب أن تكون في خدمتهم، وتعمل من أجلهم، فتوفر لهم كل متطلبات الحياة الضرورية من فرص عمل، وطبابة، وتربية، وتعليم، ومياه، وكهرباء، وأمن بيئي، وضمان شيخوخة، وأمن اجتماعي واستقرار نفسي”.
وأكد “أننا في مواجهة مأساة حقيقية، وكل الملطفات ومحاولات التقليل من حجمها بالتسويفات والوعود اللفظية والخطط والبرامج الوهمية، لن تنفع، طالما بقي نهج التدليس وتغييب المحاسبة، واستمر منطق القسمة قائما، فلا إصلاح سيكون، ولا دولة ستقوم، ولا مؤسسات ستتمكن من دورها، ولا مواطن سيصل إلى حقه”.
وتوجه المفتي قبلان للمسؤولين وذكرهم بقول رسول الله “آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان”، لقد حدثتم فكذبتم، ووعدتم فأخلفتم، وائتمنتم فخنتم؛ فكفى نفاقا وإجراما بحق الوطن والمواطن، عودوا إلى ضمائركم، اعتذروا من هذا الشعب، أصدقوا معه القول والفعل، لأنها فرصتكم السانحة، فاغتنموها بالصدق والعمل الجاد، وانطلقوا جميعا متفاهمين متوافقين عاملين معا على تحصين البلد، وتعزيز وحدته، وعلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا البلد ومن هذا الشعب الذي صبر كثيرا وتحمل منكم كثيرا وسكت على ظلمكم طويلا”.
وحذر قائلا “التحدي كبير، والمخاطر أكبر، وعلى هذه الحكومة تأكيد ثقتها بأصوات الناس لا بأصوات النواب، ولا سيما في هذه الظروف التي تنذر بتحولات ومتغيرات مصيرية في المنطقة، وما شهدناه في مؤتمر وارسو يؤشر إلى أن العرب ثبتوا بيعتهم للقضية الفلسطينية، وتنازلهم عن حقوق الأمة، وأكدوا انبطاحهم المذل أمام الراعي الأمريكي الذي لا يعنيه ولا يهمه في المنطقة سوى أمن وأمان إسرائيل، وتخويف العرب من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتصويرها على أنها العدو الأوحد للعرب ولقضاياهم، صرفا للنظر عن عدوهم الحقيقي إسرائيل، فعلى الذين سعوا لتأكيد وثيقة الأخوة الإنسانية أن يتذكروا دائما بأن إيران ليست عدوا كما يصورها ترامب وإدارته، ولن تكون، بل هي شقيق وحليف للعرب وللمسلمين، كانت وستبقى إلى جانبهم مهما غلت التضحيات”.
ودعا المفتي قبلان الزعامات والقيادات العربية، ملوكا وأمراء ورؤساء، إلى صحوة ضمير، وإلى ملاقاة الجمهورية الإسلامية في دعوتها الدائمة إلى حوار عقلاني وهادئ يقطع الطريق أمام محاولات الكيد والصيد في الماء العكر، ويفتح صفحة جديدة من العلاقات والتفاهمات العربية – الإيرانية التي تحصن المنطقة في وجه صفقة القرن، وتحميها من المخططات الصهيونية – الأمريكية”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام