يقرر عدد من اليابانيين من النساء والرجال الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة قضاء بقية حياتهم خلف القضبان، هربا من الظروف المعيشية الصعبة والوحدة التي تطوق حياتهم.
ظاهرة انحراف كبار السن في اليابان -خاصة النساء- ليست وليدة اللحظة، بل ظهرت منذ عقد من الزمن، وتزداد سوءا.
ووفقا “للكتاب الأبيض حول الجريمة” الذي نشر في ديسمبر/كانون الأول 2018، بلغت نسبة الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة في 2017 نحو 21.1% من إجمالي الموقوفين، وسجلت هذه النسبة ارتفاعا مقارنة بسنة 2000، حيث بلغ عدد المسجونين من المسنين في اليابان نحو 5.8% فقط.
وحسب تقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية، فقد وجهت للمسنين الذين ألقي القبض عليهم تهم متعلقة بسرقات صغيرة، أغلبها سرقات مواد غذائية معدة للأكل، واعترف بعضهم بأنهم يفضلون أن يقتادوا إلى السجن على أن يعيشوا تحت خط الفقر أو في كنف الوحدة.
وقال أحد المسنين اليابانيين “غدا سأذهب إلى السجن من أجل رؤية صديق لي يبلغ من العمر 78 سنة، تماما مثلي. في الواقع، هو ليس مجرما، لكن ألقي القبض عليه لسرقة المتاجر في سوق مركزي صغير. وأقدم على ذلك متعمدا حتى يقبض عليه ويقتاد إلى السجن، حيث يمكن له التمتع بالدفء والطعام والحصول على الرعاية عندما يمرض، وسيخلى سبيله بعد سنتين. أفكر أن أقوم بالأمر ذاته في يوم من الأيام”.
وتسبب دخول كبار السن السجن في خلق أعباء جديدة لإدارة مصلحة السجون في اليابان، إذ يعاني عدد كبير منهم من أمراض الشيخوخة، مثل مشاكل في السمع، والتبول اللاإرادي، وهو ما يجبر حراس السجن على مساعدتهم على الاغتسال أو الأكل، وبات الأمر مصدر تعطيل لنظام عمل بعض السجون.
كما لا يتوانى ربع السجناء السابقين -ممن تفوق أعمارهم 65 سنة- عن ارتكاب جرائم أو مخالفات من جديد في غضون سنتين من إطلاق سراحهم، ويسهم هذا المعدل في زيادة عدد المسنين في السجون.
ووفقا لمعلومات صادرة عن وزارة العدل سنة 2016، تنطبق هذه الحالة على كل سجين من بين كل عشرة سجناء من الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة. وبات يُجرى فحص نفسي للسجناء الذين تزيد أعمارهم على ستين سنة.
ويتلقى السجناء من المتقدمين في السن معاملة خاصة، في الوقت الذي بدأت فيه السجون تعمل على تطوير زنزانات معدة للسجناء الأكبر سنا.
وتجدر الإشارة إلى أن النساء يتعمدن دخول السجن أكثر من الرجال. وفي 2017 كان سن سجينة من بين كل خمس نزيلات يتجاوز 65 سنة.
وقالت سجينة تبلغ من العمر 78 سنة لموقع بلومبيرغ إن “السجن يعد مكانا للاسترخاء بالنسبة لي، لقد فقدت حريتي، إلا أنه لا مشاكل تشغل ذهني بعد الآن. أستطيع أن أتحدث إلى نزيلات أخريات، وأتناول الطعام ثلاث مرات في اليوم. تزورني ابنتي مرة كل شهر، إلا أنها تعتبرني مثيرة للشفقة، ومن المؤكد أنها على حق”.
المصدر: لوموند