اعتبر نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة أنه كلما تأخر تشكيل الحكومة كلما شعر الناس باليأس من الطبقة السياسية، وبانعدام الثقة بالمسؤولين، وبفقدان الأمل في اصلاح الأمور ومعالجة الأزمات والمشكلات، خصوصا في ظل التنافس على المكاسب والحصص والحفاظ على المصالح الضيقة وتقديم المصالح الخاصة على المصالح الوطنية.
وأكد أن اللبنانيين اليوم وفي ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانون منها هم أحوج ما يكون الى حكومة تعالج مشكلاتهم وأزماتهم، ولذلك نحن طالبنا ولا زلنا نطالب بضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة والكف عن المكابرة والعناد والقبول بالحلول المعقولة التي يمكن ان تشكل مخرجا للعقد الحكومية.
ورأى أن من يعطل تشكيل الحكومة هو من لا يريد الإعتراف بحقوق الآخرين ويرفض اعطاء حق التمثيل لأصحابه، متسائلاً: لماذا الإصرار على تجاوز نتائج الانتخابات؟ فالانتخابات النيابية افرزت احجاما سياسية ومعادلات سياسية ليس بإمكان أحد أن يتجاوزها.
ودعا الشيخ دعموش الى العودة الى نتائج الانتخابات والاحتكام الى قواعد التأليف العادل المنسجم مع نتائج الانتخابات، لأنه عندها يمكن معالجة العقد الحكومية والخروج بحكومة يتمثل فيها كل من له حق التمثيل.
نص الخطبة
بعد أيام نلتقي بذكرى ولادة عقيلة بني هاشم، بطلة كربلاء السيدة زينب الحوراء(ع) ابنة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وبضعة سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء(ع) حيث كانت ولادتها في الخامس من جمادى الأولى في السنة الخامسة للهجرة النبوية الشريفة.
وقد شاء الله أن يكرم هذه السيدة الجليلة منذ ولادتها حينما أتت بها أمها الزهراء (ع) إلى أبيها أمير المؤمنين (ع) قائلة له: سمِّ هذه المولودة, فقال (ع): ما كنت لأسبق رسول الله(ص) فعرض علي على النبي (ص) أن يسميها فقال (ص): ما كنت لأسبق ربي.. عندها هبط جبرائيل (ع) قائلاً: سمِّ هذه المولودة زينب فقد اختار الله لها هذا الاسم.
والزينب في اللغة العربية كما في لسان العرب: شجر حسن المنظر، طيب الرائحة ويقال: إن الزينب نبات أزهاره جميلة, بيضاء اللون فواحة الرائحة.
وكأن ثمة تطابق بين الاسم والمسمى, باعتبار أن زينب (ع) كانت آية في الجمال.
وسوف أتحدث هنا عن أمرين يتصلان بالسيدة زينب (ع):
الأول: شخصية هذه السيدة الجليلة ومناقبها.
الثاني: عن اصطحاب الحسين لها الى كربلاء.
أما الأمر الأول: فإن شخصية السيدة زينب (ع) حملت الكثير من الألقاب التي تكشف عن صفاتها وخصالها ومناقبها ومزاياها وعظيم قدرها وعلو مقامها, فهي:
أولاً: عقيلة بني هاشم: والعقيلة، هي المرأة الكريمة والوجيهة في قومها سيدة قومها والعزيزة في بيتها.
والسيدة زينب (ع) هي أفضل امرأة وأشرف سيدة في العرب بعد أمها الزهراء (ع).
ويقال أيضاً: العقيلة:السيدة المخدرة أي الشريفة العفيفة التي تلتزم بيتها ولا تختلط بالرجال، المرأة التي تلتزم بحجابها بشكل كامل كما يريد الله، والمرأة التي تحترم حجابها وتصونه وتحفظه فلا تقوم بأي عمل أو سلوك يتنافى مع حجابها, أو يمكن أن يسيء إلى حجابها وإلى هذا الزي الشرعي والمقدس.
ولذلك فإن على السيدات والأخوات والفتيات أن يقتدين بالسيدة زينب (ع) المخدرة.
وقد تكون كلمة العقيلة صفة مبالغة, مشتقة من العقل بمعنى كثرة العقل والوعي والنضج, وقد ظهر بوضوح أن السيدة زينب (ع) كانت على درجة عالية من الوعي والنضج والعقل والحكمة والحنكة.
ثانياً: من ألقابها أيضاً: عابدة آل علي (ع): حيث كانت من العابدات التقيات اللاتي يقمن الصلاة بخشوع وتوجه.
وهذا ما ينبغي أن يتعلمه الرجال والنساء من السيدة زينب (ع) أن يتعلموا كيف يتوجهون إلى الله في صلاتهم بخشوع والتفات وتوجه, لا أن يصلي الإنسان وقلبه غافل وساه ولاه، وأن يصلي الصلاة التي تدفعه نحو القيام بالواجب وتحمل المسؤولية, والصلاة التي تنهاه عن المنكر وتردعه عن ارتكاب الفاحشة, الصلاة التي يؤديها المكلف بتأنٍ لا باستعجال.
هكذا كانت تؤدي زينب (ع) صلاتها، وكانت لا تترك نافلة من النوافل إلا أقامتها بخشوع وتوجه أيضاً.. حتى أنها صلت النوافل في أقسى ليلة وأمرّ ليلة مرت عليها في حياتها, وهي ليلة الحادي عشر من محرم.
ويقول الإمام زين العابدين (ع): إنه رآها تلك الليلة تصلي من جلوس, ثم يذكر (ع) عبادتها وهي مسبية في طريق الشام فيقول: إن عمتي زينب مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقنا إلى الشام ما تركت نوافلها.
ثالثاً: من ألقابها أيضاً, الكاملة: لأنها استطاعت أن تجمع في شخصيتها كل قيم الإسلام, فبلغت الكمال في إيمانها وتقواها وعفتها وطهارتها وحكمتها وشجاعتها وأخلاقها وجهادها.
يقول الشاعر:
وكان جهادها بالقول أمضى من البيض الصوارم والنصال
ربيبة عصمة طهرت وطابت وفاقت في الصفات وفي الفعال
فلولا أمها الزهراء سادت نساء العالمين بلا جدال
رابعاً: ومن ألقابها, الفاضلة، لأنها من أفضل نساء العالمين والمسلمين وأكرمهم بعد أمها الزهراء.
خامساً: من ألقابها المشهورة، العالمة: فقد أخذت عن أبيها أمير المؤمنين (ع) العلوم والمعارف، فكانت مرجعاً للسيدات ونساء المسلمين يرجعن إليها في شؤونهن الدينية.
والإمام زين العابدين (ع) يقول مخاطباً زينب (ع): أنت بحمد الله عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة.
ويبدو أن الإمام قال لها ذلك في كربلاء بعد شهادة الحسين (ع) أو في طريق السبي, ويحتمل أن يكون معنى هذه الكلمة: أنها (ع) عالمة بالله تعالى وبآياته ومواضع ومواقع ابتلائه والرضا بقضائه من غير أن يعلمها أحد من الناس، وإنما من خلال فطرتها الصافية وعقلها الراجح ووعيها وتدبرها بآيات الله سبحانه.
الامر الثاني: لماذا أحضر الامام الحسين السيدة زينب الى كربلاء رغم علمه بما يجري بعده؟!
لقد سأل محمد بن الحنفية أخاه الحسين عن سبب حمل النساء معه الى كربلاء فأجابه الحسين(ع): ( شاء الله ان يراهن سبايا ).
من خلال الجواب يمكن ان يستخرج الباحث عدة معان:
اولا: ان الامام الحسين عليه السلام حينما اصطحبها معه الى كربلاء انما تأسى بما كان يفعله جده رسول الله صلى واله الذي كان يصطحب معه بعض زوجاته وعدد من النساء الى ساحات المعركة وقدشهد التاريخ ببطولتهن ومواقفهن الخالدة في معارك عدة حيث كن يداوين الجرحى ويساهمن في بث الروح والارادة والعزم في نفوس المجاهدين، وبالتالي فان السيدة زينب اعطت زخما معنويا كبيرا للإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء وكتاب التاريخ يذكرون ان الامام الحسين كلما كان يستشهد احد اولاده يرجع الى خيمة السيدة زينب لتعينه على الم المصاب بل ان الروايات اكدت انها في ليلة عاشوراء شحذت همم الانصار وبثت فيهم الروح الجهادية، فضلا عن موقفها في منع الامام زين العابدين الذي انصاع لكلمتها وعكف عن الخروج لنصرة ابيه الامام الحسين حتى لا تخلو الارض من نسل محمد وال محمد.
ثانياً: ان احضار زينب (عليها السلام) لتعيش أحداث كربلاء بشكل مباشر ولتطلع علىبشاعة الجرائم التي سيرتكبها الامويون بحق اهل بيت رسول الله سيجعلها وسيلة اعلامية تفضح ذلك النظام المجرم وتعريه وتكشف عن وجهه الوحشي اللاانساني وعن عدائه وبعده عن الاسلام والقيم والاخلاق وهذا ما حصل فعلا منها صلوات الله عليها في خطبها في الكوفة والشام . فبعقلها ووعيها استطاعت أن تقود قافلة السبايا,
وأن تظهر قوتها وقوة أهل البيت (ع) بالرغم من عظيم المصاب وهول الفاجعة، وأن تفضح الضليل الإعلامي الأموي الذي صنعته السلطة في جريمة قتل الحسين (ع).. وأن تكشف حجم الجريمة التي ارتكبها الحكم الأموي بحق آل الرسول (ص).. وان تألب الرأي العام في الكوفة الشام على يزيد ففي الشام مثلا عرف الناس – ومنهم زوجة يزيد – حقيقة بني امية وحقيقة يزيد بشاعة الجريمة التي ارتكبها بحق الحسين (عليه السلام) .
ثالثاً: ان حضور زينب (عليها السلام) سيعقبه السبي وسبي امرأة جليلة كزينب التي جدها سيد الأنبياء والرسل وابوها سيد الأوصياء وامها سيدة النساء واخوها سيد شباب اهل الجنة وبتلك الصورة المفجعة المحرقة للقلب سيثير الاحزان والاشجان في نفوس المسلمين ويكشف اسرار الامويين وواقعهم المنحط للقاصي والداني وقد اشارت زينب الى ذلك بقولها مخاطبة يزيد لعنه الله ( فو الله ما فريت الا جلدك وما حززت الا لحمك ) وهذه هي نهاية كل الظالمين وعاقبة الطغاة والمستكبرين.
اليوم كلما تأخر تشكيل الحكومة كلما شعر الناس باليأس من الطبقة السياسية وبانعدام الثقة بالمسؤولين وبفقدان الأمل في اصلاح الأمور ومعالجة الأزمات والمشكلات، خصوصا في ظل التنافس على المكاسب والحصص والحفاظ على المصالح الضيقة وتقديم المصالح الخاصة على المصالح الوطنية.
اليوم في ظل الأوضاع المعيشية التي يعاني منها اللبنانيون هم أحوج ما يكون الى حكومة تعالج مشكلاتهم وأزماتهم، ولذلك نحن طالبنا ولا زلنا نطالب بضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة والكف عن المكابرة والعناد والقبول بالحلول المعقولة التي يمكن ان تشكل مخرجا للعقد الحكومية.
من يعطل تشكيل الحكومة هو من لا يريد الإعتراف بحقوق الآخرين ويرفض اعطاء حق التمثيل لأصحابه، لماذا الإصرار على تجاوز نتائج الانتخابات؟ فالانتخابات النيابية افرزت احجاما سياسية ومعادلات سياسية ليس بإمكان أحد أن يتجاوزها، ولذلك المطلوب هو العودة الى نتائج الانتخابات والاحتكام الى قواعد التأليف العادل المنسجم مع نتائج الانتخابات، وعندها يمكن معالجة العقد الحكومية والخروج بحكومة يتمثل فيها كل من له حق التمثيل.
والحمد لله رب العالمين
المصدر: موقع قناة المنار