انطلقت اليوم الخميس، قرب ريمبو في مركز المؤتمرات في قلعة يوهانسبرغ على بعد ستين كيلومترا شمال ستوكهولم، مشاورات بين الاطراف اليمنية برعاية الامم المتحدة. الوفد الوطني المفاوض حط رحاله في العاصمة السويدية ستوكهولم برفقة المبعوث الدولي مارتن غريفيث، لخوض جولة من المفاوضات من اجل وقف الحرب السعودية ورفع الحصار عن الشعب اليمني. جدير بالذكر أنّ هذه ليست المفاوضات الأولى التي تقام بين الأطراف اليمنية، فقد سبقها مشاورات عدة إلا أن جميعها باءت في الفشل.
وفي ما يلي عرض لأبرز ما مر على اليمن من مفاوضات ومشاورات:
1. جنيف حزيران/يونيو 2015
في المفاوضات اليمنية الأولى التي عقدت في جنيف، كان الهدف بحث قبول القرار 2216، إلا أنّ التحالف السعودي ووفد الحكومة المستقيلة إشترطوا أن تعلن انصار الله الموافقة الرسمية المسبقة على القرار، الأمر الذي رفضته أنصار الله، التي تم عرقلة وفدها في جيبوتي ثم في القاهرة ثم في جنيف. وبالتالي رفض وفد الحكومة المستقيلة برئاسة منصور هادي الجلوس إلى طاولة المفاوضات وظلت متمسكة بمطلب تطبيق القرار 2216، وبعدها بأسبوع واحد انتهت مفاوضات جنيف 1 بالفشل.
عاد وفد صنعاء إلى مسقط والتقى بالمبعوث إسماعيل ولد الشيخ، وقال الأخير للوفد بالحرف الواحد “لو وقعتم على ورقة تقبلون فيها بقرار 2216 فإن الحرب ستنتهي”. رد وفد صنعاء بالقول “كيف نعلن الموافقة على 2216 بدون أن يكون هناك حل.”
2. الوساطة العمانية، 8 آب/أغسطس 2015
توجه وفد أنصار الله إلى مسقط في 8 آب/أغسطس من العام 2015، للقاء المبعوث الأممي لليمن، الذي كان يبحث وقف إطلاق النار آنذاك. وبعد النقاشات تم الاتفاق على إصدار مبادرة النقاط السبع وكان البند الأول الالتزام بقرارات مجلس الأمن، إلا أنّ التحالف السعودي رفض المبادرة، وأبلغوا وفد صنعاء عبر سفيرة الاتحاد الأوروبي، ووفد رسمي من مسقط بشرط صدور بيان موقع بتلك المبادرة، فوافق طرف صنعاء على شرط التحالف.
في 3 تشرين الأول/أكتوبر2015 قام وفد صنعاء بإرسال رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن وسفراء الدول الـ18 تفيد بالموافقة على قرارات مجلس الأمن بما فيها 2216 والاستعداد للحوار.
كانت مبادرة سلطنة عُمان تقوم على نقطتين أساسيتين: أولها إقناع طرفي النزاع بـ “هدنة إنسانية” تبدأ بعدها مفاوضات “وقف دائم لإطلاق النار”، والنقطة الثانية أن تستضيف مسقط جولات المفاوضات بمشاركة أممية وأوربية وأمريكية وضمانات دولية.
3. جنيف 2 – “بيل”، كانون الأول/ديسمبر 2015
في شهر كانون الأول/ديسمبر تم الإعلان عن مفاوضات في مقاطعة بيل السويسرية بعد هدنة أطلقتها الأمم المتحدة، واجتمعت الوفود هناك لمدة أسبوع بحضور السفير الأمريكي آنذاك، ورفض وفد منصور هادي مبادلة الأسرى، واشترطوا أن تحصل عملية تسليم الأسرى من جهة واحدة. وفي اليوم الثاني لمفاوضات “بيل” ورغم الهدنة المفروضة، قام التحالف بتنفيذ زحف بري واسع على صحراء الجوف، ما أدى إلى سقوط العديد من المواقع بيده، واعتبر وفد هادي المنتهية ولايته إن التقدم الذي حصل لصالحها في الجوف لم يكن بعلمها.
وفي نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر، رفض السفير الأمريكي تجديد بقاء الوفود المتفاوضة بالرغم من أنّ السلطات السويسرية أكدت حينها أنه يمكن أن تجدد بقاء الوفود لما فيه مصلحة اليمنيين، وكان وفد صنعاء ووفد الرياض والأمم المتحدة موافقون على استمرار المفاوضات، إلا أن السفير الأمريكي رفض الاستمرار في المفاوضات وتحجج بأعياد رأس السنة الميلادية. وبعدها استؤنفت الأعمال العسكرية في مختلف الجبهات من كل طرف وعاد وفد صنعاء إلى مسقط وحينها طلب علي عبدالله صالح من قيادة أنصار الله أن يحاولوا حل مشكلتهم مع السعودية ويتفاهموا معها مباشرة.
وبعدها تم الاتفاق على تفاهمات قسمت إلى مرحلتين:
– الأولى: وقف الغارات الجوية على المحافظات الشمالية، بالإضافة إلى عملية تبادل الأسرى والجثامين، لكن السعودية لم تلتزم إلا بعملية التبادل، فيما الغارات الجوية لم تتوقف.
– الثانية: تشكيل 7 لجان تذهب إلى الظهران جنوب السعودية للتوقيع على 7 اتفاقيات في كل من المحافظات التالية: شبوة، الجوف، حجة، مأرب، وتعز وتم الاتفاق على أن يبدأ الحوار السياسي بعد وقف العمليات العسكرية.
4. مفاوضات الكويت، 18 نيسان/إبريل 2016
بعد التفاهمات التي إتفق عليها مع السعودية، تم الإتفاق لإجراء مشاورات في الكويت، ولكن بشرط أن تفي السعودية بتعهداتها التي تم الاتفاق عليها في ظهران. بدأت فعاليات المشاورات حسب موعدها المحدد في 18 نيسان/إبريل 2016، ولكن أجّل انطلاق جلساتها الفعلية إلى الـ21 من الشهر نفسه، بسبب رفض وفد صنعاء أن تعقد أول جلسة مفاوضات قبل توقف الغارات الجوية من جهة، ورفض السعودية وقف الغارات الجوية من جهة ثانية.
وبعد 4 أيام توقفت الغارات لمدة أسبوع واحد فقط ثم بعد ذلك استأنفت السعودية غاراتها الجوية وارتكبت حينها مجزرة مستبأ التي راح ضحيتها أكثر من 100 شخص، كما استؤنفت العمليات العسكرية من قبل التحالف السعودي على الجوف بهدف قطع طرق بعض المناطق الاستراتيجية وصاحب ذلك قصف جوي مكثف. واستمرت مفاوضات الكويت 5 أشهر وكان التحالف يطرح على وفد صنعاء الانسحاب من المناطق وتسليم السلاح للعسكريين التابعين لحكومة هادي في مأرب والاعتراف بالشرعية وبعدها الذهاب للحوار السياسي.
ورفض وفد صنعاء ضغوط التحالف السعودي لتسليم مأرب والاعتراف بالحكومة اليمنية المستقيلة بدون البدء بحل سياسي وكانت وجهة نظر وفد صنعاء أن الذهاب نحو حل أمني وعسكري فقط فإن الحل السياسي سيتم ترحيله وسينتهي. بعد ذلك وافق وفد صنعاء على أن يضع التحالف السعودي الخطوات الأولى المتمثلة بالترتيبات الأمنية قبل السياسية واشترط وفد صنعاء أن لا يتم ذلك إلا بعد أن يتم الاتفاق والتوقيع على الاتفاق الشامل والكامل، إلا أن التحالف لم يقبل إلا التوقيع على الجزئية العسكرية من الاتفاق دون التوقيع على الحل السياسي.
بعد فشل إخضاع وفد صنعاء للاتفاق دون الاتفاق السياسي على الأقل، جلس السفير الأمريكي وسفراء الدول الـ18 مع وفد صنعاء مباشرة في الكويت، وقال السفير للوفد بالحرف الواحد “أمامكم الآن صفقة إما أن توقعوها وإما الحصار الاقتصادي سننقل البنك وسنمنع الإيرادات وسنغلق مطار صنعاء”. رد وفد صنعاء “افعلوا ما شئتم لن نستسلم أبداً مهما كان.”
آخر أيام مفاوضات الكويت قدم التحالف مشروعاً أمنياً وعسكرياً مفاده: الانسحاب وتسليم السلاح لقوات الحكومة المستقيلة في مأرب ثم عقد حوار بعد شهرين بعد عودة الحكومة إلى صنعاء، إلا أنه قوبل بالرفض. عاد وفد صنعاء إلى مسقط وتمت محاصرته 3 أشهر حيث مُنع من العودة إلى صنعاء من قبل التحالف.
بعد عودة وفد صنعاء إلى اليمن بأسبوع واحد جاء المبعوث الأممي السابق إسماعيل ولد الشيخ، وقام بتسليم صنعاء خطة أممية شاملة كانت بمثابة “خارطة طريق” وطلب الموافقة كي تتوقف الحرب، أصدر وفد صنعاء بياناً تحفظ فيه على بعض نقاط الخارطة.
بعد أسبوع واحد تقدمت سلطنة عمان بطلب حضور وفد صنعاء إلى مسقط للقاء بمندوبي الدول الكبرى على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وذهب الوفد ورفض الاعتراف بوزير الخارجية الأمريكي كوسيط، وأخبر وفد صنعاء مسقط أن عمان هي الوسيط أما واشنطن فهي طرف في الحرب، كان الهدف من اللقاء بالدول الكبرى في مسقط هو الضغط للتوقيع على خارطة الطريق المزمنة رغم ما فيها من نقاط تحفظ عليها وفد صنعاء.
ردت صنعاء على طلب عمان بالموافقة على التوقيع على الخارطة وقام بالتوقيع عليها كل من محمد عبدالسلام عن أنصار الله وعارف الزوكا عن المؤتمر وتم تسليم الخارطة لعمان، وتضمنت الخطة الاعتراف بقرارات مجلس الأمن الاتفاق على الحوار المباشر مع السعودية وتوقيع خارطة الطريق المزمنة. بعد عودة الوفد إلى صنعاء من جديد تبين أن المبعوث الأممي تمت عرقلته من قبل التحالف والضغط عليه لعدم المضي في توقيع الاتفاق مع الطرف الآخر وأصبحت تحركات ولد الشيخ تتركز حول زيارة يقوم بها إلى صنعاء والرياض قبل أي جلسة لمجلس الأمن ليضع إحاطته بأنه التقى بكل الأطراف وأن السلام في اليمن بات قريباً.
5. مفاوضات جنيف، 6 أيلول/سبتمبر 2018
بعد توقف المفاوضات لسنتين رعت الأمم المتحدة جولة جديدة من المشاورات لحل الأزمة في اليمن، وكان من المقرر أن تنعقد جلسة المشاورات في 6 أيلول/سبتمبر 2018. إلاّ أنّ الرياض رفضت منح الطائرة العمانية تصريحاً بنقل الوفد الوطني “وفد صنعاء” إلى جنيف للمشاركة في المفاوضات وكشف ذلك المبعوث الأممي الأممي الحالي مارتن غريفيث في مؤتمر صحفي عقده بجنيف، وأكد أن أطراف صنعاء كانت حريصة كل الحرص على المشاركة وأن الأمم المتحدة فشلت في تأمين مغادرة الوفد لظروف لوجستية حالت دون ذلك.
وكان وفد حكومة هادي المنتهية ولايتها وصل الى جنيف قادما من العاصمة السعودية الرياض، فيما بقي الوفد الوطني الذي يضم قيادات انصار الله وقوى يمنية أخرى ينتظر موافقة التحالف السعودي على مغادرة صنعاء.
وواصل التحالف السعودي رفضه الموافقة على توفير طائرة عُمانية لنقل الوفد اليمني من صنعاء الى عُمان ومنها الى جنيف. وكان من المقرر أن تركز المشاورات غير المباشرة التي ترعاها الامم المتحدة بين الفريقين على ملف الأسرى والمختطفين، أملا في التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراحهم، إلى جانب تركيزها على النواحي الإنسانية وإزالة العراقيل أمام وصول الدعم والمساعدات الإنسانية، إضافة إلى قضية رواتب الموظفين وميناء الحديدة.
المصدر: وكالة يونيوز