أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن الدستور شأن سيادي يقرره السوريون ولا يمكن قبول أي فكرة تشكل تدخلا في الشؤون الداخلية لسوريا أو قد تؤدي إلى ذلك، مشددا على أن مهمة المبعوث الأممي الخاص هي ميسر لأعمال لجنة مناقشة الدستور الحالي ولا يمكن أن ينصب نفسه طرفا ثالثا.
وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي اليوم حول الحالة في الشرق الأوسط إن “مؤتمر الحوار الوطني السوري السوري الذي عقد في سوتشي شكل فرصة للحوار بين السوريين دون تدخل خارجي حيث عكس المشاركون فيه مختلف شرائح المجتمع السوري ولذلك فإن سوريا تنظر وتتعامل بإيجابية مع مخرجاته والمتمثلة بإنشاء لجنة لمناقشة الدستور الحالي وهي حريصة على أن ترى هذه اللجنة النور في أقرب وقت ممكن حيث كانت أول من سلم قائمة الأعضاء المدعومين من الدولة السورية وبالتالي لا يمكن لأحد أن يشكك في دعمها لهذه العملية أو في التزامها بمخرجات مؤتمر سوتشي.
وجدد الجعفري تأكيد سوريا على الدور المهم الذي تقوم به روسيا وإيران كضامنين في مسار أستانا وخاصة أن فكرة تشكيل لجنة لمناقشة الدستور الحالي جاءت بناء على اتفاق السوريين في مؤتمر سوتشي الذي جاء بمبادرة من الدول الضامنة وفي سياق تفاهمات مسار أستانا الذي كانت الحكومة السورية ولا تزال جزءاً أساسياً منه وبالتالي لا يمكن أبدا القفز فوق دورها أو تجاهل دور موسكو وطهران.
وأشار الجعفري إلى أن سوريا انطلقت في تعاملها مع موضوع تشكيل لجنة مناقشة الدستور الحالي من عدد من المبادئ العامة الأساسية ترتكز على الالتزام الفعلي بسيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها وأنه لا مكان للإرهاب ولا للاستثمار فيه على الأراضي السورية إضافة إلى وجوب ألا تمس أي عملية تتعلق بالدستور بأي شكل من الأشكال بهذا الالتزام المكفول بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بسوريا.
وأوضح الجعفري أن الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي بحت يقرره السوريون بأنفسهم وبالتالي فإنه لا يمكن القبول بأي فكرة تشكل تدخلا في الشؤون الداخلية السورية أو قد تؤدي إلى ذلك فالشعب السوري وحده يقرر مستقبل بلده دون أي تدخل خارجي والعملية السياسية يقودها السوريون بأنفسهم، مؤكدا أنه لا يجوز فرض أي شروط أو استنتاجات مسبقة بشأن عمل اللجنة والتوصيات التي يمكن أن تخرج بها فاللجنة تقرر ما سيصدر عنها وليس أي دولة أو طرف آخر مثل ما يسمى “المجموعة المصغرة” التي حددت بشكل مسبق نتائج عمل اللجنة بهدف تخريب أي آفاق للتقدم في العملية السياسية وبهدف ضبط عقارب هذه العملية بما يتوافق مع مصالح دول هذه المجموعة.
وشدد الجعفري على أنه لا يجوز فرض أي مهل أو جداول زمنية مصطنعة فيما يخص لجنة مناقشة الدستور الحالي لأنه سيترتب على ذلك نتائج عكسية بل يجب أن تكون الخطوات في هذا المجال مدروسة وبناء على أسس سليمة فلا يمكن التعامل مع الأمور المتصلة بالدستور بأي استعجال لأنه سيحدد مستقبل سوريا لأجيال قادمة.
وأشار الجعفري إلى أن سوريا تريد النجاح للمبعوث الأممي الخاص وترحب بدوره كميسر لأعمال اللجنة لكن لا يمكن له أن ينصب نفسه طرفا ثالثا، ذلك انسجاما مع الولاية المنوطة به ومع ميثاق ومبادئ عمل الأمم المتحدة من حيث الحياد والنزاهة وعدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لأي دولة.
وبين الجعفري أن بعض الدول الغربية حاولت على مدى العقود السبعة الماضية الهيمنة على منظمة الأمم المتحدة وتحويلها إلى أداة لتحقيق مصالحها السياسية من خلال التلاعب بمبادئ الميثاق لتبرير عدوانها العسكري وسلبها لحقوق الشعوب على غرار ما حصل في فلسطين والعراق وأفغانستان وليبيا واليمن والعديد من الدول الأخرى في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وللاستثمار في الإرهاب على غرار ما تشهده سوريا اليوم.
ولفت الجعفري إلى أن دولاً دائمة العضوية في مجلس الأمن وفي انتهاك لمبادئ القانون الدولي تواصل دعم المجموعات الإرهابية في سوريا، كما شنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا العدوان تلو العدوان على سوريا في حين تم إنشاء تحالف دولي غير شرعي كوسيلة لارتكاب أبشع الجرائم بحق المدنيين السوريين كان آخرها قصف بلدتي البوبدران والسوسة في ريف دير الزور ما أدى إلى استشهاد 23 مدنيا معظمهم نساء وأطفال وقصف قريتي البقعان والشعفة في عدوان أدى إلى استشهاد 40 مدنيا خلال أسبوع بينما تقوم بعض الدول الإقليمية بإصدار فتاوى تكفيرية للمجموعات الإرهابية ممن قامت بتمويلهم وتسليحهم وإقامة المعسكرات التدريبية لهم الأمر الذي يثبت أن ممارسات هذه الدول في منطقتنا وفي باقي دول العالم تؤكد أنها لم تقم في يوم من الأيام وزنا لما تنادت إليه الدول المؤسسة للمنظمة الدولية من مبادئ.
وجدد الجعفري التأكيد أن سوريا لكونها أحد مؤسسي منظمة الأمم المتحدة لا تزال تؤمن بدور هذه المنظمة الذي يحترم مبادئ الميثاق وأحكام القانون الدولي ويحترم سيادة الدول ويرفض سياسات الابتزاز التي تفرضها بعض الدول النافذة ويقوم على الحياد والنزاهة وعدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لأي دولة ويتبنى سياسة بذل المساعي الحميدة لا فرض الإملاءات والشروط والانذارات النهائية.
وأكد الجعفري أن سوريا مستمرة في العمل لتحقيق الحل السياسي عبر حوار سوري سوري وبقيادة سورية دون تدخل خارجي على أن تتصدر مكافحة الإرهاب الأولوية في كل مراحل وتطورات العملية السياسية والسعي لعودة المهجرين السوريين إلى بيوتهم وإطلاق عملية إعادة الإعمار وتحرير ما تبقى من أراضيها من الإرهابيين ومن كل قوة أجنبية محتلة وغير شرعية.
المصدر: سانا