سيكون العلماء، الجمعة، على موعد مع إنجاز من النوع “الثقيل” حينما يجتمع ممثلو أكثر من 60 دولة في فيرساي بفرنسا، للموافقة على تعريف جديد للكيلوغرام.
فمنذ القرن التاسع عشر، استند العلماء إلى تعريفهم للوحدة الأساسية للكتلة على جسم مادي وهي أسطوانة مصمتة مصنوعة من البلاتينيوم والإيريدوم موضوعة في قبو مغلق في المكتب الدولي للأوزان والمقاييس (BIPM) في سيفر بفرنسا.
وبالنسبة إلى العلماء، فإن هذه الأسطوانة المعيارية المحددة لوزن الكيلوغرام، التي يصل قطرها إلى 39 ميلمترا وارتفاعها 39 ميليمترا أيضا، قد ينقص وزنها بعد أن تخسر ذرات مع الزمن أو ربما تتحطم عن طريق الصدفة أو لأي سبب من الأسباب.
ومع تصويت يوم الجمعة ، سيعيد العلماء تعريف الكيلوغرام للقرن الواحد والعشرين من خلال ربطه بخاصية أساسية للكون، وهي قيمة صغيرة ودقيقة من الفيزياء الكمية معروفة باسم الثابت الحسابي أو “ثابت بلانك” والتي تصف أصغر وحدة ممكنة من الطاقة.
وبفضل اكتشاف ألبرت أينشتاين بارتباط الطاقة والكتلة، فإن تحديد مقدار الطاقة في هذه الوحدة بالضبط يمكن أن يسمح للعلماء بتعريف الكتلة من حيث ثابت بلانك- وهي قيمة يجب أن تصمد عبر الفضاء والوقت – بدلاً من الاعتماد على أسطوانة معدنية غير ثابتة. وإعادة التعريف هي نتيجة لسعي عالمي طوال عقود لقياس ثابت بلانك بدقة بالقدر الكافي بحيث تصمد القيمة أمام التدقيق العلمي.
وعلى الرغم من أن الكيلوغرام المحدد حديثًا لن يؤثر على الميزان الذي نستخدمه لقياس وزننا أو الأشياء التي نشتريها، إلا أنه سيكون لديه تطبيقات عملية في الأبحاث والصناعات التي تعتمد على القياس الدقيق.
وتصويت يوم الجمعة هو في الغالب شكلي، حيث يوجد توافق علمي دولي بشأنه، لكن بالنسبة إلى جون برات، أحد قادة هذا الجهد العالمي، فإن الحدث يدور حول أكثر من مجرد الرمزية، وأكبر من الأعمال التجارية وحتى ما بعد الفيزياء.
ويقول برات لصحيفة واشنطن بوست الأميركية إن إعادة التعريف تمثل شيئًا رفيعًا في هذا العصر المليء بالصراعات والعنف، عندما يبدو أن هناك القليل جدًا الذي يمكن الاتفاق عليه، “فهو اعتراف بالحقيقة الثابتة – أن الطبيعة لديها قوانين نخضع لها جميعا، وهي خطوة أخرى نحو حلم نبيل، وهو في فهمنا لقوانين الطبيعة، يمكن للعلماء المساعدة في بناء عالم أفضل”.
وطوال عقود، يحاول العلماء المختصون بعلم القياس والموازين أن يحيلوا تلك الكتلة الأسطوانية المصمتة المصنوعة من البلاتينيوم والإيريدوم المعروفة باسم “الألف الكبيرة” Le Grand K، إلى التقاعد.
ويشار إلى أن هذه “الألف الكبيرة” عبارة عن كتلة اسطوانية مصمتة تحدد وتعرف الكيلوغرام منذ 126 عاما، وهي محفوظة في قبو يحظى بحماية أمنية عالية خارج العاصمة الفرنسية باريس، وهناك نسخ أخرى منها في مدن عالمية أخرى، لكنها كلها تعتمد على الكيلوغرام الأولي الدولي.
ويعد الكيلوغرام وحدة القياس الدولية المعيارية الوحيدة التي يتم تعريفها بصورة مادية، بخلاف المتر والثانية والأمبير وباقي وحدات القياس التي يتم تحديدها على أساس ثوابت حسابية تشكل حقائق فيزيائية وليس أجسام مادية.
المصدر: سكاي نيوز