حتى سبعينيات القرن الماضي لم يكن العلماء يعرفون أي شيء تقريبا عن تأثير النوم على الدماغ، وكان ينظر إليه ببساطة على أنه وقت للراحة عندما يقل نشاط الدماغ ويكون الشخص أقرب إلى كونه فاقدا للوعي.
ولكن مع ظهور التصوير بالرنين المغناطيسي في عام 1977 تغير الفهم العلمي للنوم، وفي وقت لاحق جعلت تكنولوجيا النوم -بما وفرته من ساعات التفكير في النوم وتطبيقات الهواتف الذكية ووسائد تتبع النوم- أبحاث النوم أكثر إثارة من أي وقت مضى، ومع هذه الثروة من الأبحاث العلمية الجديدة في متناول أيدينا رسم العلماء صورة واضحة لما يحدث لأجسامنا عندما نمر بليلة نوم سيئة.
فالاستيقاظ صباحا بعد ليلة سابقة مشحونة بالمنغصات مثل عدم ملائمة حرارة الغرفة أو أن طفلك الصغير أبقاك ساهرا طوال الليل أو أنك خلدت إلى النوم في ساعة متأخرة وما إلى ذلك من منغصات الليل يجعل يومك كئيبا.
ومع هذه الحالة فإن أوضح تأثير سيكون على الدماغ، حيث ستكون وطأة نوم الليل السيئ شديدة على قشرة الدماغ الأمامية، مما يضر بتركيزك وذاكرتك ولن تكون قادرا على التركيز على المهام، وسيصعب تذكر الحقائق والأرقام والأسماء، ومن المحتمل أن يجعلك ذلك عبوسا سريع الغضب أو يصيبك بمعاناة نفسية كما يقول العلماء، وبعبارة أخرى قد تكون ساعات النوم الثماني المتصلة التي تنقطع مرات عدة أكثر ضررا على مزاجك من النوم ست ساعات متصلة.
ولعل الأكثر غموضا في الآثار القصيرة المدى بعد نوم ليل سيئ هو الإفراط في الأكل، مما يسبب زيادة في الوزن، والسبب في ذلك كما كشفت دراسة حديثة لجمعية القلب الأميركية هو أن الناس الذين يقل نومهم بنسبة الثلث من الوقت المعتاد استهلكوا خمسمئة سعر حراري أكثر من المتوسط في اليوم التالي.
أما على المدى الطويل فإن نقص النوم المتواصل قد يودي بحياة الشخص، وتقول أستاذة الطب النفسي السريري فيكي كولبين إن نقص النوم مرتبط بسبعة أسباب من الأسباب الرئيسية الـ15 للوفاة، بما في ذلك أمراض القلب والسرطان والسكتة الدماغية والسكري والتسمم الدموي وارتفاع ضغط الدم.
والحل الواضح لقلة النوم لتجنب هذه الفواجع -كما يقول الباحثون- هو الحصول على المزيد منه والإقلال من تناول الكافيين والمخدرات الأخرى التي تجعلك تشعر بانتباه أكثر لساعات عدة ثم توقعك في مصيدة الإدمان عليها وتزيد مشكلتك سوءا.
وتنصح الأستاذة كولبين الشخص الذي يصارع للحصول على قسط كاف من النوم بالذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت طوال الأسبوع ليعتاد الجسم على هذا الروتين الثابت ليلا، كما توصي أيضا بالابتعاد عن الهواتف الذكية ليلا ومحاولة استخدام غرفة النوم للنوم والمعاشرة فقط، والأهم من ذلك هو أخذ النوم على محمل الجد لأن الكثير من الليالي المتأخرة يمكن أن تسبب للشخص أكثر من مجرد مزاج سيئ وصداع.
المصدر: ديلي تلغراف