تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 24-10-2018 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها السفر المفاجئ للرئيس سعد الحريري إلى السعودية، رغم ضغوط مساعي تأليف الحكومة الجديدة وفي الظروف الحرجة التي تعيشها الرياض..
الأخبار
برّي: حكومة أو انهيار خلال أسابيع
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “لا تقدّم في مشاورات تأليف الحكومة. وفيما غادر الرئيس سعد الحريري إلى الرياض لإظهار تأييده لمحمد بن سلمان بعد الورطة التي أوقع الأخير نفسه فيها نتيجة قرار اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، دقّ الرئيس نبيه بري ناقوس الخطر، محذراً من أن أسابيع تفصل البلاد عن انهيار اقتصادي. ولم يتضح ما إذا كان بري يستند إلى معطيات موجودة في حوزة غيره من المراجع، أو أنه يريد الحث على الإسراع في تأليف الحكومة.
غادر الرئيس سعد الحريري إلى السعودية أمس، كما لو أنه أنهى تأليف حكومته. أراد توجيه رسالة إلى حكام الرياض، يقول فيها إنه في صفهم، وهم يحاولون لملمة آثار اغتيال الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول. قصد الرئيس المكلف تأليف الحكومة المشاركة في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» في الرياض. بالتأكيد، لا مال لدى الحريري، ولا لبنان بطبيعة الحال، يهديه لابن سلمان على شكل استثمارات في السعودية. على العكس من ذلك، فإن البلاد غارقة في الديون والعجز على كل المستويات: عجز في الميزان التجاري، عجز في ميزان المدفوعات، عجز هائل في الموازنة، عجز عن تأمين الخدمات الأساسية للسكان، وعجز عن تقديم أيّ حل للمعضلات التاريخية كما عن أي خطة يثق اللبنانيون بأنها ستحسّن أحوالهم في المستقبل. لكن الحريري ترك شأن حكومته، وغادر بيروت إلى الرياض. لا همّ. فيومان لن يغيّرا شيئاً في قائمة شهور الفراغ في السلطة التنفيذية، ولا في مسلسل تراكم خسائر الاقتصاد الوطني. لكن يبدو أن «اطمئنان» الحريري لا ينسحب على جميع المسؤولين. فرئيس مجلس النواب نبيه بري، بحسب ما نقل عنه زواره أمس، يرى أن الأوضاع الاقتصادية تُنذر بانهيار سيقع في غضون أسابيع، لا أشهُر، إن لم تتألف الحكومة ولم تاتِ الأموال التي وُعِد بها لبنان في مؤتمر «باريس 4» («سيدر»). وعندما سئل بري عن «الإصلاحات» المطلوبة قبل بدء تنفيذ وعود «سيدر»، ردّ بأن مجلس النواب قادر على إقرار هذه الإصلاحات في جلسة واحدة. ولم يُعرف ما إذا كان دق بري لناقوس الخطر مبنياً على معطيات موجودة في عهدة «من بِيَدهم الأمر»، أو أنه إنذار لحثّ القوى السياسية على الإسراع بتأليف الحكومة، علماً بأن كلام رئيس المجلس ورد في جلسة مغلقة غير مخصصة مداولاتها للنشر.
وكان بري قد استقبل أمس وزير الإعلام ملحم رياشي، فعلّق رئيس المجلس على الزيارة، للإعلاميين، بالإشارة إلى أن «القوات بحسب ما نقل رياشي تتمسّك بحقيبة العدل لكن، وإن لم يكُن هناك إمكانية للتنازل عنها، فهي لن تقبل في مقابلها إلا بحقيبة وازنة». ولفت بري إلى أن «الحكومة مسكرة حالياً ولا جديد»، مؤكداً أنه «سيساعد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إذا طلب الأخير المساعدة فقط»، وأنه «لن يتدخل إذا ما طلب إليه من أي طرف آخر». وقال: «لن ألعب دور رئيسي الحكومة والجمهورية، فتأليف الحكومة هو من صلاحيتهما»، معتبراً أن «المشكلة هي في أن تأليفها لا ينحصر بين الحريري وعون، بل هناك أكثر من طرف يتدخل في عملية التأليف».
وقال رياشي بعد اللقاء: «وضعت الرئيس بري في أجواء اللقاء الأخير مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، والنقاشات مفتوحة». وتابع: «القوات اللبنانية لا تريد حقائب معينة، لكن الافتئات على القوات غير مقبول»، على حد تعبيره. وأضاف: «سنكمل بعملنا كما يلزم والحكومة مش واقفة علينا ولن تسهل القوات أكثر من ذلك»، مؤكداً أن «القوات ما رح تتحجم».
على صعيد آخر، نفى النائب وليد جنبلاط بعد ظهر أمس ما نشرته «الأخبار» في عددها الصادر أمس، عن أنه رفض استقبال الرئيس سعد الحريري في منزله، قبل أكثر من أسبوع. بدوره نفى الحريري ما نُشر، علماً بأن مصادر جنبلاط تؤكد أن الأخير رفض استقبال رئيس حكومة تصريف الأعمال مرتين، لا مرة واحدة! وتجدر الإشارة إلى أن ما نشرته «الأخبار» رفع أمس من منسوب التوتر القائم أصلاً بين الحريري وجنبلاط. وقد ألغى رئيس الحكومة موعداً كان محدداً للقاء النائب وائل بوفاعور، بحجة توجهه إلى السعودية. وتدخّل وسطاء بين الفريقين للعمل على تهدئتهما.
اللواء
التنازلات تحت «الخط الأحمر» وسباق مع بدء السنة الثالثة للعهد
الحريري غادر إلى الرياض بعد تأييد إجراءات المملكة .. ولقاء يضيِّق التباعد مع باسيل
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “عند خط، عدم القدرة على تقديم تنازلات أكثر، فهذا حال الرئيس المكلف سعد الحريري، عشية مغادرته ليلاً إلى المملكة العربية السعودية تلبية لدعوة رسمية تلقاها للمشاركة في المنتدى الاقتصادي السعودي، على الرغم من ان الاتصالات مستمرة لتأليف الحكومة مع الأطراف كافة.
وهذا حال «القوات اللبنانية»، على لسان وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي، الذي نقل إليه تطورات الاتصالات في ما خص تمثيل «القوات»، موفداً من رئيس الحزب سمير جعجع، إذ أكّد بعد اللقاء ان حزبه «لا يتمسك بحقائب معينة، وهي قدمت تسهيلات كثيرة، ولا يمكن ان تسهل أكثر».
ولم تشأ مصادر مطلعة الحديث عن مدة زيارة الرئيس الحريري إلى الرياض، لكنها ربطت استئناف المشاورات بعد عودته، انطلاقاً من حرص الرئيسين ميشال عون والحريري على إصدار مراسيم الحكومة في غضون الأيام القليلة المقبلة.. وتحديداً قبل الأربعاء المقبل، موعد نهاية الشهر، أو مناسبة مرور عامين كاملين على انتخاب الرئيس عون.
وخلافاً لاجواء أوحت بها مصادر قريبة من «التيار الوطني الحر» ان «البعض يتقصد إشاعة أجواء إيجابية، وهذا خلاف لما يطرح في اللقاءات المغلقة، حيث يتمسكون بالطروحات غير الواقعية» في إشارة إلى ما تطرحه «القوات اللبنانية» في لقاءات التفاوض.
وتكتمت المصادر القريبة من الرئيس المكلف على ما دار في اللقاء المسائي بين الرئيس الحريري والوزير جبران باسيل، الذي زار بيت الوسط قبل سفر رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى الرياض، لكنها كشفت ان نقاط التباين ضاقت جداً.. معتبرة ان لا مكان «للسنة المستقلين» على جدول أعمال الرئيس الحريري، ولا على جدول اتصالاته المتعلقة بتأليف الحكومة.
وكان الرئيس الحريري اعتبر ان الإجراءات التي اتخذتها الرياض في قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقي «تخدم مسار العدالة والكشف عن الحقيقة..»، مندداً بالحملات المغرضة ضد المملكة. وقال في بيان ان «توجهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من شأنها ان تضع الأمور في نصابها الصحيح»، مؤكداً أن «استقرار السعودية وسلامتها والتضامن معها مسألة لا يصح ان تخضع للتردد تحت أي ظرف من الظروف».
حكومة قبل الثلاثاء
ووفقاً للمعطيات الإيجابية، فإن مصادر في كتلة المستقبل توقعت ان ترأس النائب بهية الحريري، اجتماع كتلة المستقبل على اعتبار ان الحريري سيكون في الأسبوع المقبل رئيساً لحكومة كاملة الاوصاف، ولا يجوز بروتوكولياً ان يترأس اجتماعاً لكتلته النيابية.
وبحسب هذه المصادر، فإنه لم يبق من عراقيل امام تشكيل الحكومة سوى عقدة تمثيل «القوات اللبنانية»، لأنه في نظر الحريري، لا وجود لعقدة تمثيل السنة المستقلين من خارج تيّار «المستقبل»، وهو «أمر غير مدرج في جدول أعمال التأليف»، وفق تعبير الكتلة التي رأت في بيانها انه من شأن تمثيل هؤلاء ان «يضيف إلى مسلسل العقد المعروفة عقدة جديدة لا وظيفة لها سوى فرض شروط جديدة وغير مقبولة، لن يُقرّ بها الرئيس المكلف تحت أي ظرف من الظروف».
وكان الرئيس الحريري شدّد خلال حفل عشاء أقامه مساء أمس الأوّل على شرفه رئيس اتحاد رجال الأعمال للبحر المتوسط جاك صراف في دارته في الرابية أن «على جميع الأفرقاء السياسيين أن يفكروا بلبنان وبمصلحة البلد قبل أن يفكروا بالأحجام» «اذا عملنا جميعا معا سنخرج من هذه الازمة».
وقال: «أننا نمر في مرحلة دقيقة اقتصاديا وإقليميا، ونحن نبذل كل الجهود اللازمة لتشكيل الحكومة الجديدة. صحيح أننا نواجه صعوبات وتحديات كبيرة، ولكن نحن لبنانيون ولدينا الإمكانية والذكاء لأن نخرج من هذه الأزمة إذا عملنا جميعا معا، خصوصا وأننا مدعومون بنتائج مؤتمر «سيدر» ومؤتمري «روما» و«بروكسيل»، كما ان باستطاعتنا العمل على عقد مؤتمرات أخرى. لكن المهم هو ان نعي أن طريقة العمل في السابق لا يمكن أن تستمر ويجب ان تتغير».
ولفت إلى أن «الصعوبات في عمليات تشكيل الحكومة أمر طبيعي خصوصا بعد فترة الانتخابات. وبالتأكيد أن كل القوى السياسية تريد أن تتمثل بالحجم الذي نالته، لكن علينا جميعا أن نحمي لبنان وبعدها نفكر بالأحجام. المهم هو لبنان والشاب والشابة في لبنان اللذان ينتظراننا لكي نشكل هذه الحكومة».
الخلاف مع جنبلاط
وقبل ترؤسه الاجتماع الأسبوعي لكتلة «المستقبل» أكّد الحريري ان الاتصالات لتأليف الحكومة مستمرة، نافياً ان يكون قد تخلى عن حقيبة الاتصالات لاعطائها «للقوات»، بحسب ما تردّد من معلومات، متسائلاً عمّا إذا كان سيتخلى أكثر مما فعل؟ كما نفى وجود خلاف بينه وبين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، معتبراً ما نشر في بعض الصحف، من أن الأخير رفض استقباله بأنه «غير صحيح»، عازياً سبب إلغاء موعد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور الذي كان مقرراً ان يلتقيه ظهر أمس، إلى انشغاله، متوقعاً ان يلتقيه بعد عودته من الرياض.
غير ان مصادر في «بيت الوسط» كشفت ان الحريري امتعض من المقال الذي ورد في إحدى الصحف، وانه كان ينتظر توضيحاً أو رداً من جنبلاط، ولما لم يأت هذا التوضيح أو الرد، أوعز بإلغاء موعد النائب أبو فاعور. ووصفت أوساط الحريري المقال بأنه عبارة عن «ثرثرة لا مضمون ولا قيمة له»، وانه لم يطلب زيارة جنبلاط ما يُؤكّد صحة ما ورد في الصحيفة المذكورة.
ولاحقاً، غرد جنبلاط عبر حسابه على «تويتر» نافياً ان يكون قد رفض استقبال الحريري، موضحاً بأنه كان دائماً على تواصل معه هاتفياً أو عبر «الرفيق» أبو فاعور، كاشفاً بأنه حاول حتي آخر لحظة طرح بدائل للحقيبة الثانية التي هي مبدئياً ستكون من حصة «اللقاء الديمقراطي».
وكانت معلومات اشارت إلى ان جنبلاط مستاء، لأن الرئيس الحريري ترك تسمية الوزير الدرزي الثالث للرئيس عون، خلافاً للاتفاق بأن يتم الاختيار بالتفاهم بين الرؤساء الثلاثة، على الاسم الثالث من بين اللائحتين اللتين أودعتا لدى الرئيس عون من قبل جنبلاط ومن قبل النائب طلال أرسلان. وقالت مصادر نيابية لـ«اللواء» ان العقدة الدرزية لا تزال موجودة، ما دام جنبلاط وارسلان لم يعلنا قبولهما باي اسم من الأسماء الـ11 المودعة في قصر بعبدا، علماً ان هذه العملية يفترض ان تتم في اللحظات الأخيرة، عند إسقاط الأسماء على الحقائب.
الذكرى الثانية
الى ذلك، نقل زوار الرئيس ميشال عون لـ«اللواء» عنه قوله ان «لن يرضى ان تمر الذكرى الثانية لانتخابة المصادفة في نهاية هذا الشهر من دون ان تكون الحكومة العتيدة قد تشكلت، وانه قدم التسهيلات اللازمة وعمل ما عليه، وتنازل عن منصب نائب رئيس الحكومة ولا يستطيع تقديم المزيد، وهو ينتظر نتائج الاتصالات التي يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري».
واكد الرئيس عون امام زواره انه يرغب بشدة في ان تتمثل «القوات اللبنانية» في الحكومة وان لا مشكل لديه مع اي طرف، لكن المهم ان يتفقوا مع بعض. ولمس الزوار في تقدير شخصي منهم ، «ان الرئيس عون لن ينتظركثيرا مزيدا من المماطلة والتأخير في تشكيل الحكومة وانه سيحدد موقفا في نهاية المطاف مما يجري».
وقالت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون انه لا يزال عند موقفه الداعي الى تشكيل الحكومة سريعا معلنة انه ينتظر حصيلة اتصالات الحريري وما بمكن ان يقدمه على هذا الصعيد. ولفتت الى ان الرئيس عون قدم كل التسهيلات المطلوبة فوافق على منح القوات نيابة رئاسة الحكومة ولم يمانع ان يتم رفع عدد وزراء القوات الى 4.
واوضحت المصادر ان رئيس الحكومة المكلف يتابع اتصالاته لتذليل العقد على ان الاكيد ان عون لا يتدخل في صلاحياته وهو ينتظر تركيبة الحكومة منه، متى اصبحت جاهزة. ورأت ان التواصل بينهما يتم عبر موفدين مشيرة الى ان المشكلتين المتبقيتين هما حقائب «القوات» وتمثيل السنة المستقلين. واكدت ان «التيار الوطني» قدم ما طلب منه. ورأت مصادر اخرى ان ما من طرح تبلور حتى الساعة حول جعل تمثيل الوزير السني المستقل من حصة رئيس الجمهوريه مع العلم ان هذا الموضوع ليس عند الرئيس واساس حله لدى رئيس الحكومة.
واوضحت المصادر انه لم يعرف ما اذا كانت حقيبة العمل رست على «القوات» في الوقت الذي تنشط فيه الاتصالات بين الافرقاء بشأن المبادلة في الحقائب وكيفية التعويض على حقيبة خرجت من هنا واخرى من هناك. ولا تستغرب المصادر تجنب الافرقاء ان تكون حقيبة البيئة من حصتهم.
حقائب «القوات»
في هذا الوقت، نقلت «القوات» معركة الحصول على حقائب وازنة بها بدل حقيبة العدل التي ذهبت من حصة رئيس الجمهورية، إلى عين التينة، من خلال زيارة وزير الإعلام ملحم رياشي للرئيس نبيه برّي، مؤكداً له ان «القوات» لا تطالب بحقيبة معينة، ولا هي تمسكت بأخرى، ولا وضعت «فيتو» على استلام أي حزب حقيبة بعينها، بل الآخرون هم الذين عكفوا على هذه الممارسات، معلناً «رفضه الافتئات على «القوات» في حصتها أو في حجمها السياسي ووزنها الانتخابي والوزاري».
وإذ تكتم الرياشي عمّا تريد «القوات» من حقائب، لكن لا ينسب إليها ما لم تقله، اعتبر ان الحكومة ليست متوقفة عملياً، لأننا لسنا من يوقف الحكومة، وهذا ما ابلغته للرئيس برّي. وتابع: المكيول يتسع للجميع، ومن يعرقل الحكومة هو من يريد تحجيم «القوات».
ومن جهتها، أكدت أوساط الرئيس برّي استعداده للمساعدة ولابداء المشورة إذا طلب منه ذلك. لافتة إلى انه مقتنع بأن عقدة التشكيل داخلية وليست خارجية، وهو لم يقل يوماً أنها خارجية.
وعن تمثيل السنة المستقلين من خارج «المستقبل»، أوضحت هذه الأوساط انه ليس صحيحاً ان الرئيس برّي فاجأ الرئيس الحريري بالضغط في هذا الاتجاه، إذ ان موقفه واضح منذ اليوم الأوّل، بوجوب تمثيل هؤلاء، لكنه لم يقل بتوزير وزيرين بل وزير واحد يمثل سنة المعارضة. وإذ نفت علمها بزيارة الحريري إلى عين التينة، قالت انه عندما يكون للرئيس الحريري شيء يريد عرضه على الرئيس برّي، بالتأكيد سيأتي.
البناء
باريس تستضيف قمة روسية أميركية بعد عشرين يوماً… والملفات سورية وإيران
صفقة غربية تركية لمنح السعودية فرصة جديدة ترجمها خطاب أردوغان
الحريري إلى الرياض في رحلة «طي الصفحة» بدل «بق البحصة»… والحكومة بعد العودة
صحيفة البناء كتبت تقول “وقعت اللحظة الأميركية الحرجة في حضن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فوافق على طلب أميركي مباشر لقمة عاجلة تضمّه مع الرئيس الأميركي، كما وقعت اللحظة الأوروبية الأميركية الحرجة في قضية العلاقة بالسعودية بعد مقتل جمال الخاشقجي في حضن الرئيس التركي رجب أردوغان، فوافق على الصفقة التي عرضتها مديرة وكالة المخابرات الأميركية جينا هاسبل عليه، ومضمونها التراجع عن وضع السعودية في وضعية «كش ملك» في قضية الخاشقجي والامتناع عن قول كلّ ما لديه، لمنح الحكم السعودي فرصة جديدة لتقديم رواية يمكن تسويقها حول تفاصيل ما جرى في القنصلية السعودية في اسطنبول، بينما وقعت لحظة الحرج السعودي في قضية الخاشقجي بعد رواية وكالة «رويترز» عما تعرّض له الرئيس المكلف تشكيل الحكومة في لبنان سعد الحريري على يد معاون ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، سعود القحطاني المسؤول عن قتل جمال الخاشقجي، فجاءته الدعوة لزيارة الرياض، لتبرئة ساحتها مما قالته «رويترز» وضمان تطبيع العلاقة معه، فيكون طي الصفحة بديلاً لـ «بق البحصة»، فتلقفها الحريري في لحظة حرج حكومي تستدعي دعماً سعودياً للتخلص مما تسمّيه مصادر معنية بالمفاوضات لتشكيل الحكومة، بـ «الدلع القواتي» في ظلّ دعم سعودي لحصولها على ما تريد من الحكومة الجديدة.
الوضع السعودي الجديد الفاقد عناصر القوة، والواقع في عين عاصفة لا تبدو نهاياتها قريبة، شكل كما ترى مصادر دبلوماسية رفيعة المتغيّر الرئيسي الذي يعيد تشكيل المشهد الدولي والإقليمي. فمن جهة تشعر واشنطن بفقدانها الركيزة الرئيسية لمشاريعها في المنطقة التي تمثلها السعودية، سواء بعد الفشل السعودي الذريع في ترتيب البيت الفلسطيني بما يمنح صفقة القرن القائمة على تثبيت السيطرة الإسرائيلية على القدس فرصة الولادة، أو الفشل المتمادي في حرب اليمن، وقد جاءت قضية قتل جمال الخاشقجي بقرار عالي المستوى في الأسرة الحاكمة في الرياض لتنطلق معها حملة عالمية تكبر ككرة ثلج تخرج عن سيطرة واشنطن، وتفرض إيقاعاً متسارعاً، لا يحتمل الدخول في مواجهة أميركية روسية، كانت تبدو في الواجهة، وفقاً لما هو معلن من خطوات وسياسات أميركية. وجاء طلب بولتون لعقد القمة بين بوتين وترامب ترجمة للتراجع عنها، ورغبة في مواكبة العاصفة التي توشك أن تهبّ بوجه الرياض عالمياً، بتبريد خطوط التماس المحيطة بواشنطن، خصوصاً تلك التي يشكل الرهان على الدور السعودي فيها دوراً محورياً.
الخطة الأميركية الأوروبية في مواكبة الوضع في السعودية والتي تقوم على تجنيب الرياض ما يمكن من تداعيات قاتلة للتورط بارتكاب انتهاك بالغ الخطوة لمعاهدة جنيف حول حصانة المواقع الدبلوماسية وشروط التمتع بها، ترجمتها مديرة المخابرات الأميركية جينا هاسبل في زيارتها لأنقرة ومطالبتها للرئيس التركي رجب أردوغان تجنّب وضع الحكم السعودي في قفص الاتهام، والتخلي عن توجيه طلب رسمي للأمم المتحدة في فتح تحقيق دولي في قضية الخاشقجي، مقابل تطمين أردوغان لجهة الجدية في معالجة القضايا الخلافية التي تعيق العلاقات بينه وبين عواصم الغرب، اقتصادياً وسياسياً، وخصوصاً تكريسه مرجعاً إقليمياً بعد التنافس الذي كادت السعودية تفوز به على تركيا منذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد في الرياض والدعم الذي حظي به من الرئيس الأميركي، فجاء كلام أردوغان باهتاً، وتوفير الفرصة أمام الرياض لتقديم رواية قابلة للتسويق يمكن قبولها لتفادي الذهاب لتحقيق دولي يمكن أن يضع ولي العهد متهماً أول في قضية الخاشقجي، وربما يضاف معه ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وفقاً لتلميحات أردوغان عن وجود شركاء غير سعوديين في قتل الخاشقجي.
لبنانياً، جاء السفر المفاجئ للرئيس سعد الحريري إلى السعودية، رغم ضغوط مساعي تأليف الحكومة الجديدة وفي الظروف الحرجة التي تعيشها الرياض، تعبيراً عن استثمار سريع للكلام الذي نقلته وكالة «رويترز» عن دور فريق ولي العهد المكلف قتل الخاشقجي في توجيه الإهانات للحريري والتعدّي عليه بالضرب، ليقف الحريري إلى جانب السعودية في محنتها منعاً لاستغلال ما تعرّض له ضدها، بصورة تتيح له طي الصفحة مع الرياض لصالحه، واستبدال «بق البحصة» بطي الصفحة، وربما يكون الحصول على دعم بمواجهة المطالب التي ترفعها القوات اللبنانية بوجهه، بعدما خسرت القوات الراعي السعودي لملفها، سعود القحطاني المستشار الأول في الديوان الملكي والذراع اليمنى لولي العهد، والمتهم الأول في قضية الخاشقجي.
مع سفر الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى السعودية ستأخذ الاتصالات الحكومية إجازة ليومين بانتظار عودته يوم غد الخميس، علماً أنّ المؤشرات تشير إلى أن لا تقدّم يُذكر في ما خصّ حلّ العقد المتبقية المتصلة بالحقيبة التي قد تعطى للقوات بدلاً عن العدل، وبتمثيل سنة المعارضة وإنْ كان الحريري قد ابلغ كتلة المستقبل انّ الحكومة ستتألف في غضون الأيام المقبلة. وأعلن الرئيس المكلف في دردشة مع الإعلاميين أنّ «الاتصالات لتأليف الحكومة مستمرّة مع مختلف الأطراف ولم تُجمّد».
ورداً على سؤال عن تخليه عن إحدى حقائبه في إشارة إلى وزارة الاتصالات، قال: «هل أتخلّى أكثر مما فعلت؟» وأكّد أنّ «لا خلاف مع النائب السابق وليد جنبلاط وما تمّ تداوله غير صحيح». وعن إلغاء الموعد مع النائب وائل أبو فاعور، قال الحريري: «السبب هو انشغالي وقد التقي به بعد عودتي من الرياض».
وفي هذا السياق، تشير كتلة المستقبل الى أنّ تناول التمثيل العائد للرئيس المكلف بالصورة التي يجري تداولها، من قبل بعض النواب والجهات السياسية، أمر غير مدرج في جدول أعمال التأليف، ومن شأنه أن يضيف إلى مسلسل العقد المعروفة عقدة جديدة لا وظيفة لها سوى فرض شروط جديدة وغير مقبولة لن يُقرّ بها الرئيس المكلف تحت أيّ ظرفٍ من الظروف، مضيفة لن يكون من الجائز والمنطقي بعد اليوم، العمل على ابتداع أعراف جديدة تقضي بتخصيص حقائب معينة لهذه الجهة أو تلك، الأمر الذي يعيق عملية التأليف ويخالف المسؤوليات الدستورية المنوطة بالرئيس المكلف.
وبينما التقى الحريري الوزير جبران باسيل في بيت الوسط مساء أمس بعيداً عن الإعلام قبل سفره إلى السعودية، أشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أنّ الحريري يملك الحلّ لعقدة وزارة العدل المتبقية مع القوات، مشيرة الى تلميح البعض الى انّ الرئيس المكلف قد يُسند وزارة الاتصالات الى القوات بعد تعذر سحب وزارة التربية من الحزب التقدمي الاشتراكي أو الطاقة من تكتل لبنان القوي اسوة بوزارة العدل.
بالتوازي نفت مصادر تيار المستقبل لـ «البناء» صحة ما تقدّم عن إسناد الاتصالات للقوات، مشيرة الى ان الرئيس الحريري لم يدخل خلال اجتماع كتلة المستقبل في التفاصيل الدقيقة ولجأ الى منطق استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، خصوصاً إذا كانت الحاجة بحجم تأليف حكومة باتت بمثابة خشبة خلاص للبلد لتجنّب التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي قد تلحق بنا، مضيفة «لقد أبلغنا الرئيس الحريري انّ «الأمور تتطوّر إيجاباً وانشالله الفرج ما يكون بعيد»، لافتة إلى أنّ موضوع السنة المستقلين غير موجود على جدول اتصالات الرئيس المكلف المتعلقة بالتأليف. وختمت المصادر بالقول «الحكومة قريبة جداً جداً، ويجب التفاؤل بالخير».
في موازاة ذلك، ينقل زوار عين التينة لـ «البناء» أن لا شيء في الأفق يوحي بتقدّم على صعيد تأليف الحكومة، لافتة الى انّ الأمور لا تزال على حالها وليس هناك من جديد يُذكر. وأشارت المصادر إلى أنّ العقدة المسيحية أسوة بعقدة لم تحلّ بعد لا سيما انّ وزارة التربية حسمت للحزب التقدمي الاشتراكي، كذلك الأمر بالنسبة الى تمثيل سنة المعارضة. ولفت الزوار نقلاً عن بري انه يجري اتصالات بعيدة عن الإعلام لتذليل العقد التي تعترض طريق التشكيل وانه طالب منذ اليوم الأول بتمثيل السنة المستقلين بوزير واحد.
وأشارت مصادر حزب القوات لـ «البناء» إلى أنها تطالب بحقيبة بحجم وزارة العدل تتصل بحسن تمثيلها في الحكومة انطلاقاً من حجمها التمثيلي الذي افرزته نتائج الانتخابات النيابية، مشيرة الى انّ الأمور ستتوضح خلال الساعات الـ 48 المقبلة بشأن الطروحات التي قدّمتها، لافتة إلى أنّ حرصها على أفضل العلاقات مع الرئيس ميشال عون، لن يمنعها من المطالبة بحصة تراعي وزنها وحجمها وفق المواصفات التي وضعتها معراب أسوة بمطالب المكونات السياسية.
وأكد تكتل لبنان القوي أنّ «حقيبة العدل ليست المشكلة وكانت من حصة رئيس الجمهورية، وفي غياب المداورة من حقّه أن تكون لديه الوسيلة للإصلاح الفعلي». وأوضح أنّ «الطلبات الجديدة ليست في محلها وعلينا أن نواجه الاستحقاقات معاً من سيدر إلى النفايات والكهرباء والملفات التربوية»، آملة أن «تتظهّر في الأيام المقبلة الصورة الإيجابية في حكومة وحدة وطنية تمثل كل اللبنانيين».
وأعربت مصادر تكتل لبنان القوي عن تفاؤلها بقرب ولادة الحكومة مشيرة لـ «البناء» الى أنّ الآمال كبيرة بإمكانية التوصل الى حلّ للعقدة القواتية، لكن ليس على حساب التنازل عن وزارة العدل التي حسمت بأنها ستبقى مع رئيس الجمهورية، نافية أن يكون الرئيس عون قد عرض التنازل عنها للقوات في أي لقاء مع الرئيس المكلف. ولفتت الى أنه لم يعد لدينا كتكتل ما نقدّمه لتسهيل ولادة الحكومة، فالعقد عند غيرنا وبالتحديد عند القوات التي يجب أن تتواصل مع الرئيس المكلف والحزب الاشتراكي لحسم نوعية الحقيبة الثالثة بينهم.
ورجحت المصادر أن تكون وزارة العمل هي بديل عن العدل، موضحة أننا كتكتل لبنان القوي حدّدنا مطالبنا وأخذناها ولا نتدخل في حصص غيرنا ولا نضع الفيتوات ولسنا نحن من يؤلف الحكومة نيابة عن رئيسي الحكومة والجمهورية، أما بشأن عقدة توزير سنة المعارضة فلفتت المصادر العونية الى أنّ «هذه العقدة في عهدة الرئيس المكلف، أما نحن فلا مانع لدينا بتمثيلهم والرئيس عون يدعم أيضاً». وعن سفر الحريري إلى السعودية أجابت المصادر: «يروح ويرجع بالسلامة! لكن مسألة تأليف الحكومة شأن لبناني في نهاية المطاف»…
دل كول في بعبدا
من ناحية اخرى زار قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب اليونيفيل الجنرال ستيفانو دل كول Stefano Del Col رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري وجرى البحث في الوضع في الجنوب. وأكد الرئيس عون لقائد اليونيفيل ان الادّعاءات الاسرائيلية عن وجود أسلحة في محيط مطار بيروت، وفي أماكن آهلة بالسكان، قد ثبت بطلانها بعد التدقيق الذي حصل ميدانياً، وشارك فيه رؤساء البعثات الدبلوماسية في لبنان. وأشار الرئيس عون الى انّ هذه الادّعاءات تندرج في إطار الممارسات الإسرائيلية الهادفة الى إبقاء التوتر في منطقة الجنوب، في حين يلاحظ الجميع أنّ الطيران الإسرائيلي ينتهك الأجواء اللبنانية باستمرار لقصف الأراضي السورية. واعتبر الرئيس عون أنّ رفض «إسرائيل» ترسيم الحدود البحرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة يخفي نياتها المبيّتة، لأنّ حلّ الخلاف حول الحدود البرية والبحرية وإعادة ترسيمها وفقاً للأصول، يعزز الاستقرار على الحدود.
المصدر: صحف