شدد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي خلال احتفال تأبيني في تولين الجنوبية، على “عدم التخلي عن التزامنا بمقاومة العدو الصهيوني بعد أن اندحر عن أرضنا، وهو التزام ينطلق من ناحية ضرورة مواجهته لوصفه عدوا للأمة والإنسانية والمنطقة، ولكن نريد أن نقول لبعض اللبنانيين، إن مقاتلة العدو الصهيوني، هي في صميم المصلحة الوطنية اللبنانية، لأننا إذا لم نواجهه في نقطة من النقاط وتراجعنا إلى الوراء، فإنه سيتبعنا إلى النقطة التي تراجعنا منها، ونحن لا نتحدث عن توقعات، إنما نتحدث عما حصل بالضبط في 17/1/2017، إذ أن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة غير الشرعية وغير الميثاقية، وقعت اتفاقا لتحديد الحدود للمنطقة الاقتصادية الخالصة مع قبرص، واختار آنذاك الرئيس السنيورة أن يتراجع من النقطة 23 إلى النقطة الرقم 1 بسبب تحاشيه لمشكلة أو نزاع مع العدو كما قال، فتراجع بضعة أميال إلى الخلف، حتى لا يكون ثباته عند النقطة 23 سببا في صدام مع العدو الصهيوني”.
وقال “في العام 2010 حين وقع العدو الصهيوني اتفاق تحديد الحدود للمنطقة الاقتصادية الخالصة مع قبرص، لم يتوقف عند النقطة 23، بل تقدم إلى النقطة رقم 1 التي انسحبت إليها حكومة فؤاد السنيورة، واليوم بسبب ذلك، نكاد نفقد 860 كيلوميترا مربعا من المياه البحرية التي تمتلك مكامن النفط والغاز”.
أضاف “تعلمنا يا بعض اللبنانيين بالتجربة والخبرة، أن التراجع أمام العدو لن يفيدنا في صد أو إحباط أو نزع فتيل عدوانه، ولا بسد ذريعة عدوانه، وتعلمنا أنه لا يمكن إحباط عدوان هذا العدو إلا متى امتلكنا عوامل القوة، التي تكمن في أن نكون إلى جانب الشعب الفلسطيني في سعيه إلى تحرير أرضه. نسأل بعض اللبنانيين الذين يلتزمون بمقدمة الدستور اللبناني التي تقول لا للتوطين، هل تشرحون لنا كيف ستمنعون التوطين؟ فإذا كنتم تراهنون على التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، فالمفاوضون الفلسطينيون وعلى رأسهم كبيرهم يقول إن طريق التسوية وصل إلى حائط مسدود، فكيف ستمنعون التوطين وستعيدون الفلسطينيين إلى أرضهم؟ هل ستعيدونهم من خلال صفقة القرن التي هي محل مجموعة تفاهمات لم تعلن حتى الآن بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وبين صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟ ولكن المعروف من مجموعة التفاهمات هذه، أن لا عودة للفلسطيين، ولا تراجع إلى خط الرابع من حزيران عام 1967، ولا دولة مستقلة للفلسطينيين، وإن أقصى ما يمكن أن يقدم إليهم، هو معازل مفككة غير مترابطة في منطقة الضفة الغربية التي سيستمر فيها الاستيطان الصهيوني”.
ورأى أن “الطريق إلى منع التوطين وإعادة الحق للفلسطيين في أرضهم والعيش أحرارا في بلادهم، هو طريق مقاومة العدو الصهيوني، وبغير ذلك لا طريق إلى حماية لبنان مما يحدق به، ولا سيما في مسألة التوطين، لأن واحدة من أهم استهدافات المشروع الأميركي السعودي الصهيوني في المنطقة العربية الآن، هو توطين الفلسطينيين في مناطق شتاتهم. نعرض اليوم على اللبنانيين جدول أعمال، فإذا أرادوا تحقيق المصالح الوطنية اللبنانية، عليهم أن ينسوا خلافنا على النظرة إلى الكيان الإسرائيلي، وخلافنا حول ماهية الموقف من القضية الفلسطينية، ونتحدث لبنانيا بمنطق القومية لا بمنطق الانعزالية اللبنانية ولا غيرها، وبالتالي لا طريق سوى دعم الشعب الفلسطيني في سعيه إلى تحرير أرضه، وهذا ما كنا نفعله منذ البداية، إذ وجه سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، المجاهدين وعلى رأسهم الشهداء القادة، ولا سيما الحاج عماد مغنية، إلى ضرورة توجيه الجهد لإيصال خبرة المقاومة في لبنان إلى المقاومة الفلسطينية التي خرجت من لبنان عام 1982، وتوقفت خبرتها عند ذلك التاريخ، فكان على الشهيد غالب عوالي والشهيد علي صالح الذي استشهد من قبله، وعلى إخوانهم الذين لا نستطيع الإعلان عن أسمائهم، أن يردموا في فترة قصيرة الفجوة لدى المقاومة الفلسطينية، وكان عليهم أن يقدموا خبرتنا في المقاومة في زرع العبوات ونصب الكمائن وجميع أشكال المقاومة من عام 1982 حتى عام 2000، والحمد لله لم نتوقف عن نقل الخبرة في أي وقت من الأوقات، وحتى قتالنا مع العدو الصهيوني في عام 2006، نقلناه إلى المقاومة الفلسطينية التي اعتمدت أساليبنا حين واجهت العدو أثناء شن عدوانه على غزة في عام 2008”.
وتابع “يجب أن يعرف اللبنانيون التضحيات التي نقوم بها، وأنها تأتي بالدرجة الأولى بالنفع على اللبنانيين بمن فيهم وفي طليعتهم الانعزاليون اللبنانيون، ويجب أن يعرف العالم العربي والشباب العربي أن من طور قدرات المقاومة الفلسطينية بجميع فصائلها، هم أبناء هذه القرى الوادعة، والأسماء التي ما كان لأهلنا أن يعرفوها إلا لأن يد العدو امتدت إليها واغتالتها. نؤكد التزامنا بالدفاع عن لبنان، ندعو إلى اتخاذ إجراءات تظهر تحمل المسؤولين اللبنانيين بواجباتهم الوطنية في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة والخطرة، ولا سيما أن خطورة الوضع الاقتصادي لم تعد خافية على أحد، فنحن في وضع دقيق جدا، وتصرفات بعض المسؤولين السياسيين تزيد الوضع الاقتصادي خطورة، وقال بالأمس خبراء اقتصاديون إن الأسواق المالية ما عادت تثق بالتزامات المسؤولين اللبنانيين حين يتحدثون عن سقف أو ضبط للانفاق، وأن فقدان الأسواق المالية للثقة، أدى إلى ارتفاع قيمة التأمين على الديون من ما يقارب 6 إلى ما يقارب 10 وأعطوا دليلا على ذلك، وأن تنازع القوى اللبنانية على الحقائب الوزارية الخدماتية، لا يدل إلى أنها ستتصرف بنية ضبط الإنفاق، بل إنما تدل على نية لديها بالانفاق الذي يتخذ شكل الاستقطاب الشعبي والانتخابي”.
وقال الموسوي “ندعو إلى التهيؤ لأخذ إجراءات عاجلة، لا سيما وأن الواردات إلى الخزينة انخفضت في عام 2018 عن عام 2017 في حين أن الانفاق زاد والاستدانة زادت، ولم يعد بملك الدولة اللبنانية أن تنفق قرشا إلا إذا استدانته، وفي هذا المجال نحن ندعو إلى اتخاذ اجراءات عاجلة، لأن لبنان يحتاج إلى إعادة تأهيل لبنيته التحتية في الكهرباء والمياه ومعالجة النفايات، ولكن ليس لدى الدولة مال لإنفاقه على إعادة تأهيل البنى التحتية، وليس من سبيل إلى ذلك سوى إشراك القطاع الخاص في عملية تأهيل البنى التحتية، وهذا يتطلب وقف الاحتكار، وبالتالي أصبح واجبا أن نفكر بأن يسمح لشركات مختلطة من القطاع الخاص أن تدخل إلى قطاع الانتاج والنقل والتوزيع في قطاع الكهرباء، وصار لازما أن نأخذ إجراءات في هذا الصدد، لأن استمرار الوضع على ما هو عليه يرهق الخزينة، فضلا عن أن الدعم الذي تقدمه الخزينة للتيار الكهربائي بحجة أن هذا غال ويجب أن نخفف عن المواطن اللبناني، هو دعم يذهب إلى غير مستحقه، فأقصى ما نستخدمه في بيوتنا هو 10 أمبير، والكهرباء لدينا على أعلى التقديرات قد تصل إلى 12 ساعة من التغذية وغيرنا يأخذ 20 ساعة، فهل يصل دعم الكهرباء إلى مستحقيه؟ لذلك نرى أنه من اللازم أن يوقف الدعم الاعتباطي للكهرباء، إذ يكون الدعم فقط للناس الذي يملكون ساعات كهرباء لا تتجاوز 10 أمبير، بينما المطلوب من البقية، أن يدفعوا سعر الكيلوواط كما تنتجه مؤسسة كهرباء لبنان مع الربح عليه، وهكذا نكون وفرنا حوالى 2 مليار دولار تهدر من الموازنة”.
أضاف “نعرف أن شهية بعض المسؤولين في لبنان حين نتحدث عن ضبط الانفاق، يركضون إلى كتلة الرواتب والتقديمات الاجتماعية، ولكن لماذا لا تتجه هذه الجهود نحو القطاع المصرفي الذي حتى الآن لم يتحمل مسؤولياته الوطنية تجاه الأزمة الاقتصادية؟ فيقال إن هذه الودائع هي للمواطنين والأرباح تذهب إليهم، ولكن ألم تدفع خمسة مصارف لبنانية في العام 2017 ضريبة أرباح عن 5.5 مليار دولار ربحتهم هذه البنوك؟ كل سنة تربح هذه البنوك بين 2.5 مليار و3 مليار دولار، وكل الذي استطعنا فعله بألف طريقة وطريقة أننا تمكنا من أن نضع نسبة 7 بالمئة على أرباح المصارف وليس على أرباح المودعين، وللعلم أن المصارف الآن تدفع 16 بالمئة ضرائب، في حين أن بلد كفرنسا على سبيل المثال تدفع فيها المصارف 30 بالمئة على الأرباح، فلماذا لا يحكى بزيادة الضرائب على المصارف، ولماذا لا تقدم المصارف اللبنانية التي يقال لنا أن في داخلها أكثر من 160 مليار دولار، دين للدولة اللبنانية ب 3 مليار دولار ولكن بصفر فائدة ولآجال طويلة، على أن تخصص هذه المليارات لإنجاز ما هو مطلوب في قطاع الكهرباء”.
وتابع “كنا من أوائل الداعين إلى إصلاح في المجال الاقتصادي، ولكن علينا أن نتفق على أي اتجاه ستذهب هذه الإصلاحات، وعليه فليكن هناك ضبط الانفاق ووضع سقف له، ولكن إذا ذهبنا نحو المكتسبات التي حققها المواطن المحروم والمستضعف والفقير أو الذي ينتمي إلى الطبقة المتوسطة، فنحن بهذا نخرب كل ما نقوم به، وبالتالي الإصلاحات يجب أن تذهب نحو أماكن محددة، ولا سيما على القطاعات التي تجني الأرباح، فيكفي أن نرى كيف كانت رؤوس أموال المصارف وأرصدتها قبل أن تبدأ الحكومة اللبنانية تستدين، وكيف ارتفعت أرصدتها الآن ورؤوس أموالها ارتفاعا صاروخيا”.
وقال “دعونا في وقت سابق وندعو الآن إلى شطب الديون، اذ هناك على سبيل المثال مليار دولار أخذته الدولة اللبنانية ودفعت عليه حتى الآن 9 مليارات فوائد وحتى الآن لم ينته هذا القرض، فإلى متى سيبقى هذا القرض؟ وعليه يجب أن تكون هناك مفاوضات بين الدولة والقطاع المصرفي لشطب ديون جرى استيفاء حصولها بأضعاف أضعافها وتخفيض كلفة الدين، وليكن واضحا أن عجزنا في الموازنة سببه خدمة الدين، ولو لم يكن لدينا دين، لكان لدينا وفر في الخزينة 5 مليار دولار في السنة. بنك عودة في العام 2017 قال في تقريره في الفصل الثاني إن حجم التهرب من الضريبة في لبنان 4.2 مليار دولار، وبالتالي لو أن الدولة تجبي ضرائب كما ينبغي، لما كان هناك عجز في الموازنة، إذ عجزنا هو 5 أو 6 مليار دولار، وهناك من يقول لنا إن هناك أماكن لا تدفع فيها الكهرباء، ولكن نذكر بأن حجم التهرب من الضريبة في الكهرباء لا يبلغ 5 بالمئة من أولئك الذين لا يدفعون الفواتير، أما الحجم الأكبر من التهرب الضريبي، فهم المتهربون من ضريبة الدخل، وعليه نسأل من الذي يتهرب من هذه الضريبة، هل هم الفقراء من أصحاب المعاشات المعروفة الذين يوطنون في البنوك أو يقبضون منها”.
وأضاف الموسوي “إذا كان البعض يريد إصلاحات اقتصادية، فلتكن ولكن لتتوجه إلى مكافحة التهرب الضريبي الذي يحرم الدولة، ما يساوي عجز الموازنة وخدمة الدين، وبالتالي نريد إصلاحات اقتصادية ولكن لتتجه إلى المواقع صحيحة، لا أن نذهب ونقول إن الذي خرب البلد لإقرار سلسلة الرتب والرواتب، فهذه السلسلة حق مكتسب للموظف والعامل اللبناني من عشر سنوات، ولكن الحكومة لم تبت العمل بها، وبالتالي إذا أردتم البحث عن التوازن في الخزينة، فلتبحثوا عنه في الأماكن الذي يحصل فيها التسرب”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام