عاد جنون ما يسمى بـ”الزئبق الأحمر” إلى صعيد مصر مجددا، وراح المهووسون يبحثون عن السائل المثير وسط أعشاش الوطواط (الخفاش)، أملا في الثراء السريع الذي يتوهم الكثيرون أنه سيتحقق بالعثور على الزئبق المزعوم.
وبحسب شهود عيان، فقد راح الناس يبحثون عن أعشاش الوطواط الذي بات أملهم في الوصول إلى المادة الحمراء التي يقدر سعرها بملايين الجنيهات في أسواق الباحثين عن الكنوز الأثرية.
وربما ربط البعض بين الزئبق الأحمر والوطواط جراء انتشار أعشاشه وسط أعمدة المعابد المصرية القديمة وأسقفها في الأقصر وأسوان، وبات الزئبق الأحمر أسطورة يرى كثير من الأثرياء -وخاصة في بلدان العالم العربي- أنه يطيل العمر ويجعل من يتناوله يعيش في شباب دائم على مرّ الزمان.
وجاء انتشار ظاهرة البحث عن سائل الزئبق الأحمر في أعشاش الوطواط بصعيد مصر، بعد أشهر قليلة من شائعات ترددت عن العثور عليه في التابوت الشهير الذي عثر عليه في ضاحية سيدي جابر بمحافظة الإسكندرية في شهر يوليو/تموز.
وردّ أمين عام المجلس الأعلى للآثار المصرية مصطفى وزيري حينها على ذلك بالقول إن السائل الذي وجد بداخل التابوت ليس عصيرا للمومياوات به أكسير الحياة أو الزئبق الأحمر، بل هو “مياه صرف صحي” تسربت من بيارة الصرف الموجودة بالمنطقة عبر فجوة صغيرة في التابوت.
وحول حقيقة وجود ما يسمى بالزئبق الأحمر، قال المدير العام لمنطقة آثار الأقصر محمد يحيى عويضة، إنه مجرد خرافة، وإن قدماء المصريين لم يعرفوا هذا السائل ولم يثبت استخدامهم له، وما يسمى بالزئبق الأحمر المصري أو الفرعوني هو شيء لا وجود له، وأنه لا يوجد أي بحث أثري أو علمي يثبت استخدامهم له في عمليات التحنيط حتى اليوم، وأن الذين عملوا في حقل الحفريات والتنقيب الأثري لم يسجلوا أي حالة لظهور شيء اسمه الزئبق الأحمر المصري.
ونفى عويضة أن يكون قدماء المصريين قد عالجوا “السمية” العالية المعروفة عن الزئبق الأحمر ودرجات الإشعاع الفائقة ليصيروا بعد تناوله “أقواما خالدين”، تحت زعم أن الزئبق الأحمر يقوم بتثبيت الخلايا في الجسد ويحافظ على الشباب الدائم والصحة الخالدة، فلا يهرم الشخص ولا يشيخ ولا يمرض ولا يموت!
وأشار خبير الآثار المصرية إلى أن من بين ما يحكى من أوهام حول الزئبق الأحمر، الحديث عن قارورة بها سائل أحمر في متحف التحنيط بمدينة الأقصر، حيث يرى المهووسون بالبحث عن السائل المزعوم أن تلك القارورة تحتوي على الزئبق الأحمر الفرعوني، وأن محتوياتها قادرة على تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن نفيسة، وهي أمور من الخرافات.
أما القصة الحقيقية لتلك القارورة، فهي أن أحد الأثريين المصريين عثر على سائل ذي لون بني يميل إلى الحمرة أسفل مومياء “آمون تف نخت” قائد الجيوش المصرية خلال عصر الأسرة الـ27 في مصر القديمة، وهو من بقايا بعض المواد المستخدمة في عملية تحنيط المومياء.
المصدر: dpa