أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أبا عبد الله، وعلى الأرواح التي حلت بفنائك، عليكم مني جميعاً سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم، السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
في البداية نتوجه جميعاً بالعزاء إلى رسول الله(ص) في يوم عاشوراء،ونقول له: السلام عليك يا سيدي يا رسول الله، عظم الله لك الأجر والعزاء باستشهاد حبيبك وحفيدك وفلذة كبدك أبي عبدالله الحسين(ع)، من كنت منه وكان منك.
السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا سيدتي ومولاتي يا فاطمة الزهراء، عظم الله لكما الأجر والعزاء، باستشهاد حبيبكما وعزيزكما أبي عبدالله الحسين(ع) والعديد من أحبائكم وأعزائكم وفلذات الأكباد.
السلام عليكم يا سادتي وأئمتي، عظم الله لكم الأجر والعزاء باستشهاد حبيبكم وعزيزكم أبي عبدالله الحسين(ع).
والسلام عليك يا سيدي ومولاي وإمامنا يا صاحب الزمان، يا بن الحسن يا صاحب العزاء في هذا الزمن، عظم الله لك الأجر والعزاء باستشهاد أبيك وحبيبك وجدك أبي عبدالله الحسين(ع).
والعزاء لكل المحبين على إمتداد التاريخ، ولكم أنتم أيها المجتمعون اليوم في هذا الميدان وفي هذه الساحات.
والشكر لكم إخواني وأخواتي على هذا الحضور الكبيرطوال الليالي الماضية والأيام الماضية، واليوم من ساعات الصباح الأولى، وأنا كنت أشاهد على شاشات التلفزة الكثير من الشباب والصبايا خصوصاً، كانوا واقفين لساعات في المربعات التي ستنطلق في المسيرة، ويستمعون إلى السيرة الحسينية وقوفاً وعلى مدى ساعات.
اليوم أنتم هنا تعبرون عن مواساتكم وعزائكم وحضوركم الكبير والمخلص والوفي لسيد الشهداء أبي عبدالله الحسين(ع).
شكراً لكم وأجركم الله وسلام الله على تعبكم وسهركم ودموعكم وآهاتكم ومشيكم وجوعكم وعطشكم وجهادكم، وسلام الله على دماء شهدائكم وجرحاكم ومجاهديكم وأبطالكم، الذين يعبرون دائماً عن هذه الروح وعن هذا الموقف.
أيها الإخوة والأخوات، نحن اليوم في اليوم العاشر نلتقي مجدداً، على مدى سنوات كنا نلتقي، في هذا الميدان أو في غيره هنا في الضاحية الجنوبية.
في الحد الأدنى كنت أقف فيكم خطيباً، منذ 1992 إلى اليوم، سنوات طويلة مضت ونحن نمشي في هذا الطريق الحسيني، ومسيرتنا تكبر وحشدنا يتعاظم وإيماننا يترسخ وإرادتنا تقوى وقوتنا تشتد يوماً بعد يوم، في هذا الطريق الحسيني أنا وأنتم نشهد اليوم ونعرف اليوم أننا لم نرى في طريق سيرنا خلف أبي عبدالله الحسين(ع) إلا النصر والعزة والكرامة والحرية وصنع التحريروالسيادة، وهذا الحضور في لبنان وفي المنطقة وهذا التقدم وهذا التطور في مسيرتنا وفي حياتنا على كل صعيد.
السبب الحقيقي هو التزمنا بهذا النهج وبهذا الطريق الحسيني، وبهذه الكلمات الحسينية وبهذا الشعار الحسيني وبهذه المبادىء الحسينية، نعم نحن خلال هذه العقود عشرات السنين في مسيرتنا، التي أثبتم أنتم أنكم الأوفياء، الأوفياء بالدم والأوفياء بالمال والأوفياء بالجراح والأوفياء بالحضور ، بكل أشكال الحضور، لم يخلو منكم جبهة ولم يخلو منكم ميدان ولا ساحة ولا ساعة تحتاج إلى موقف، هذه نتاج هذا الإلتزام الحاسم والقاطع بمدرسة أبي عبدالله الحسين(ع)، التي تعلمناها في اليوم العاشر، ونرددها اليوم لنؤكد التزامنا بهذه المدرسة، كما قال أبي عبدالله الحسين(ع) ورسم لنا هذا النهج طوال التاريخ، عندما وضعه يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن بين خيارين بين السلة أو الذلة، كان يقول: ” ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ، ورسوله والمؤمنون ، وحُجور طابت، وأُنوف حمية، ونفوس أبية، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام”، منذ أن فتحنا في لبنان عيوننا على الدنيا وعلى الحياة، وتعرفنا على الحسين (ع) سرنا في هذا الطريق، ونقول له دائماً: لن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، إن مصارع كرامنا وقادتنا وشهدائنا هي دليلٌ على وفائنا وعلى التزامنا هذا.
أيها الإخوة والأخوات، هذه الحشود اليوم في الضاحية الجنوبية وفي بعلبك وفي الهرمل وفي صور وفي النبطية وفي مجدل سلم وفي بنت جبيل وفي البقاع الغربي وفي أماكن كثيرة من لبنان، في كل قرنا ومدنا، اليوم وعلى مدى الأيام والليالي الماضية، وكذلك هذه الحشود في كل أنحاء العالم، هي دليلٌ ساطع على إنتصار الحسين(ع) في مثل هذا اليوم ، في الليالي الماضية قد يغلب طابع الحزن والأسى والمأساة والمواساة، فيشتبه الموقف على بعض الناس.
في هذا اليوم كانت الصلابة وكانت الشجاعة وكانت الشهامة، وكان الإيثار وكان حب الآخرة وعشق لقاء الله سبحانه وتعالى، وكانت الصلابة الحسينية والعباسية والزينبية صلابة الكبار والصغار والرجال والنساء، في مثل هذا اليوم كان اليقين والإيمان والإحتساب والتوكل وطلب الرضا من الله سبحانه وتعالى وقبول القربان.
في هذا اليوم إنتصر الدم على السيف، وهذا الدم الذي يجري في عروقكم، وعلى مدى الأجيال، ينتصر على السيف، وفي جيلكم صنع دمكم دم الحسين الجاري في عروقكم أكبر إنتصاراتٍ على السيف الأمريكي والصهيوني والتكفيري، الذي أراد إذلال هذه الأمة وطعن هذه الأمة والسيطرة على هذه الأمة.
أيها الإخوة والأخوات أنا اليوم لن أطيل عليكم عادة يوم العاشر، الناس متعبون وتحت الشمس، وكل ما نريد التحدث عنه بالسياسة غالبيته تحدثنا به ليلاً، ولكن لأن يوم العاشر يوم تثبيت المواقف فقط، أنا وأنتم نجدد التزامنا بالمواقف التالية لنؤكدها أمام العالم في المرحلة القادمة والمقبلة وعلى مدى العام كما في كل عام.
أولاً: نجدد إلتزامنا الإيماني والعقائدي والجهادي بقضية فلسيطن وقضية القدس ووقوفنا إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم والمقاوم والمضطهدون والمحاصر، وإلتزامنا بدعمه ومساندته والوقوف إلى جانبه من أجل الحصول على حقوقه المشروعة، وخصوصاً في مواجهة صفقة القرن الظالمة، ونحيي مسيرات العودة في غزة والأعمال البطولية في الضفة، وهذا الإلتزام القاطع السياسي والشعبي لدى الفلسطينيين برفض الإستسلام والخضوع للإرادة الأمريكية ولصفقة القرن الظالمة.
ثانياً: نجدد وقوفنا إلى جانب الشعب اليمني المظلوم المعذب المقاوم والمجاهد، والذي يعيش في كل يوم منذ ما يقارب الأربع سنوات يعيش في كل يوم وعلى مدى الساعات كربلاء متواصلة، كربلاء العصر هي التي تجري الآن في اليمن بكل ما للكلمة من معنى، لأنك في معركة اليمن عند هذا الشعب المظلوم ستجد مظلومية كربلاء وغربة كربلاء وحصار كربلاء وعطش كربلاء وحصار العالم لكربلاء وتخلي الأمة عن كربلاء، وهذا هو الذي يجري اليوم في اليمن.
طبعاً المشهد الآخر من كربلاء الصلابة، والشهامة، والشجاعة، والبطولة، والصبر، والثبات، أيضاً تجده في اليمن، نحن في يوم الحسين عليه السلام نرى أنه من أوجب الواجبات على الشعوب العربية والإسلامية وعلى كل عربي ومسلم وعلى كل إنسان شريف وحر في هذا العالم أن يخرج عن صمته إزاء هذه المجزرة البشعة اليومية التي تنفذها قوى العدوان الأمريكي السعودي على الشعب اليمني، هذا الصمت يجب أن يُكسر وهذا السكوت يجب أن ينتهي، ويجب أن يتحرك كل العالم، وهذه المسؤولية مسؤولية إنسانية وأخلاقية ودينية واللهِ سيسأل الجميع عنها يوم القيامة، لأن هذا السكوت ولأن هذا الصمت يشجع هؤلاء المجرمين القتلى على مواصلة مجازرهم وعلى مواصلة توحشهم بحق الأطفال والنساء والمدنيين والبشر والحجر في هذا اليمن المظلوم وهذا اليمن العزيز والغريب.
ثالثاً: نجدد وقوفنا إلى جانب شعب البحرين المسالم، والذي تحمل بصدره وبسلميته كل الحراب وكل الطعن وكل الظلم وكل الخناجر من السلطة ومن دول الجوار، حيث يقبع الآلاف من علماءه ورموزه ورجاله وشبابه في السجون، وحيث يواجه هذا الشعب مظلومية كبيرة وعظيمة، نحن معه كنا وسنبقى إلى جانبه في خياراته، في طريقه، في إلتزامه وفي سعيه إلى الحرية والكرامة والسيادة وحقوقه المشروعة، وبقاء البحرين لشعب البحرين، وهي التي يتم تغيير هويتها من خلال تجنيسها بمن لا ينتمي لا إلى حاضرها ولا إلى تاريخها.
رابعاً: من واجبنا اليوم أن نقف إلى جانب الجمهورية الإسلامية في إيران والتي بعد أسابيع قليلة ستدخل إلى استحقاق كبير وخطير وهو بدأ تنفيذ العقوبات الأمريكية على الجمهورية الإسلامية في إيران.
وكلنا يعرف أن الإدارة الأمريكية تعمل على مدى الساعة، وتذهب إلى كل عواصم العالم لتحاصر الجمهورية الإسلامية لتمنع دول العالم من شراء النفط الإيراني، وكلنا يعرف أن الجمهورية الإسلامية إنما تعاقب من قبل أمريكا بسبب واضح وجلي جداً، لأنها أولاً تلتزم وتحرص ومتمسكة بدينها وبإسلامها وبجمهوريتها وباستقلالها وبسيادتها وبحريتها، لأن الجمهورية الإسلامية في إيران قائداً وحكومة وبرلماناً وشعباً ترفض أن تصبح عبداً عند السيد الأمريكي، وترفض أن يصادر أحد قرارها أو أن ينهب أحد ثرواتها أو أن يسرق أحد أموالها، كما يحصل مع دول أخرى في المنطقة، لأن إيران تريد أن تكون دولة مستقلة وسيدة وحرة وكريمة وعزيزة، هي تعاقب وتحاصر، ولأن إيران تقف إلى جانب شعوب المنطقة، وتساعد بقوة من خلال حضورها ومساندتها ودعمها في إسقاط مشاريع الهيمنة والإحتلال والتكفير والتسلط تعاقب وتحاسب.
الجمهورية الإسلامية يجب أن نستحضر فضلها في هذا الصراع العربي الإسرائيلي، ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني ووقوفها إلى جانب الشعب اللبناني، وببركة دعمها المتواصل استطاعت المقاومة في لبنان أن تحرر الأرض في لبنان وأن تستعيد الأسرى في لبنان وأن توجد توازن الردع مع العدو الإسرائيلي في لبنان.
الجمهورية الإسلامية كانت أول من لبى نداء الشعب العراقي عندما جاءت داعش لتجتاح كل المحافظات والمدن المقدسة في العراق، الجمهورية الإسلامية وقفت إلى جانب سورية عندما شنت الحرب الكونية عليها، الجمهورية الإسلامية في إيران الملتزمة بقضايا المظلومين والمستضعفين وخصوصا شعوب المنطقة لها حق علينا، أن نقف إلى جانبها سياسياً، وإعلامياً، وشعبياً، ومعنوياً وعلى كل صعيد في مواجهة الحصار والعقوبات والضغط وهذا أضعف الإيمان.
خامساً: في لبنان أؤكد ما أكدت عليه ليلة الأمس من الدعوة المتواصلة إلى الهدوء والحوار والتواصل وتشكيل الحكومة وتفعيل المجلس النيابي وتحمل الجميع للمسؤوليات في مواجهة كل الملفات القائمة والمطروحة.
سادساً: في الموضوع الإسرائيلي، يجب أن نبقى دائماً في دائرة الحذر.
أيها الإخوة والأخوات الإسرائيليون غاضبون، الإسرائيليون قلقون وغاضبون لأن مشروعهم في المنطقة سقط، الإسرائيليون علقوا أمال كبيرة على ما كان يجري في سورية وعلى ما كان يجري في العراق، علقوا آمال كبيرة في السابق على ما كان يجري في لبنان، ولكن كل هذه الأوهام ذهبت أدراج الرياح.
الإسرائليون يعرفون أن محور المقاومة عائد أقوى من أي زمن مضى، الإسرائليون يعرفون أن هناك دول جديدة أصبحت جزءاً من محور المقاومة، وأن شعوباً كانت خارج دائرة الصراع مع العدو الإسرائيلي أصبحت اليوم داخل دائرة الصراع مع العدو الإسرائيلي وبقوة وبفعالية وبانسجام.
الإسرائيلي غاضب والإسرائيلي قلق، ولذلك يجب أن نكون جميعاً على حذر، أنا لا أتحدث عن احتمالات هنا أو هناك، ولكن أعرف أن هذا العدو لا يجوز أن يطمئن له أحد ولا حتى أن نطمئن للتحليلات وإن كان هو – كما كنت أؤكد لكم دائماً – هو يتهيّب أي معركة في المنطقة وأي معركة خصوصاً مع لبنان وهو يعلم أن أي معركة أو حرب قد يشنها قد تكون لها تداعيات كبيرة جداً في المنطقة، هو يدرك جيداً أنه بات يملك أو باتت نقاط ضعفه مكشوفة ويعرف جيداً أيضاً نقاط القوة التي نمتلكها.
قبل أيام قليلة قال وزير الحرب الإسرائيلي بمناسبة حرب 73، قال يجب أن نفهم أنه في الشرق الأوسط حصل هناك تغييران إستراتيجيان حقيقيان:
الأول، أعداؤنا – يعني نحن وحلفاؤنا – أعداؤنا امتلكوا صواريخ دقيقة. طبعاً هذه الصواريخ هو ما زال ليس لديه حل لها، وهذا سيؤخر الحرب ويؤجل الحرب بحسب المنطق.
والأمر الثاني، هو أن الجبهة الداخلية – عندهم في داخل الكيان – أن الجبهة الداخلية تحولت إلى الجبهة الأساس في الحرب المقبلة، فإذا ما حارب الجنود في حرب 73 على الجبهة وهنا في تل أبيب جلس الناس مع القهوة والصحيفة، يعني في حرب 73 كان القتال على الجبهة، على الحدود، أما الناس في تل أبيب جالسين يرتشفون القهوة ويقرأون الصحف. يقول لهم الآن كل شيء تغير – هذه الآن جميلة جداً – الآن كل شيء تغير، نعم، الآن كل شيء تغير، هذا ما يجب أن ندركه نحن أيضاً كما يدركه العدو، العدو يعرف أن هناك متغيرات كبرى حصلت في هذه المنطقة ما كان يتوقعها وما كان يأمل أن تصل الأمور إليها.
في موضوع الصورايخ الدقيقة ومحاولاته في سوريا لقطع الطريق على هذه القدرة وعلى هذه الإمكانية، أود أن أقول له اليوم وهو يعرف ولكن أقول هذا بالإعلام ليعرفه شعبه فيحذر ويعرفه شعبنا فيثق، أقول له مهما فعلت في قطع الطريق لقد انتهى الأمر وتم الأمر وأنجز الأمر وباتت المقاومة تملك من الصورايخ الدقيقة وغير الدقيقة ومن الإمكانيات التسليحية ما إذا فرضت إسرائيل على لبنان حرباً ستواجه إسرائيل مصيراً وواقعاً لم تتوقعه في يوم من الأيام. هذا هو الواقع.
وأيضاً من الأمور التي تغيرت في جيشهم، أنا عندما خطبت في مدينة الهرمل في ذكرى التحرير الثاني تحدثت عن الواقع المعنوي والروحي والنفسي للجيش الإسرائيلي، تقريباً لم يبقَ في الكيان أحد إلى ما ردّ عليّ، رئيس الكيان، رئيس الحكومة، وزير الحرب، وزراء آخرين، نواب، صحافيين، كلهم ردّوا، بالإسم وبغير الإسم، لكن كان واضحاً أنهم يردون عليّ، لأنه أنا كنت أضيء على حقيقة مؤلمة بالنسبة لهم وبالنسبة لشعبهم وبالنسبة لمستقبلهم، وهم يعرفون أن التكنولوجيا وحدها لا تستطيع أن تحسم معركة بعد الآن، وأن العنصر البشري هو عنصر حاسم في المعركة، وهذه ما أثبتته التجارب عام 2000 و2006 ومجريات السنوات القليلة الماضية. شاهدوا هزال الإسرائيليين، بماذا خرجوا يردون عليّ؟ خرجوا مثلاً يقولون، شاهدوا نقاط ضعفهم، أنه عندما يهدد لبنان ماذا يقول؟ من قبل، قبل الـ 82 كان يهدد باجتياح بيروت، أتسمعون الآن شيء اسمه اجتياح بيروت!؟ أتسمعون!؟ من 2000 إلى اليوم، يا أخي من 2006 إلى اليوم، هل هناك يوم الإسرائيلي قال نحن سنجتاح لبنان ونصل إلى بيروت!؟ هذه انتهت، لماذا؟ لأن اجتياح لبنان والوصول إلى بيروت يحتاج إلى قوات برية، هذا لا يعمله سلاح الجو ولا يعمله الصواريخ ولا يعمله البوارج، هذا الجيش الذي يجتاح لبنان ليصل إلى بيروت لم يعد موجوداً، هو لم يعد موجوداً وفي لبنان أصبح موجوداً شيءٌ آخر، ولذلك كل الرد علينا ماذا؟ سندمر لبنان، سنمسح لبنان، يعني هو يستقوي بالنار ولا يجرؤ أن يستقوي بالعنصر البشري. هذه إسرائيل التي تدّعي أنها قوية كيف ردّت عليّ أنا؟ قامت تشتمني، فقط، هذا دليل ضعف، أو قامت تسخر مني، ولذلك العجيب أن هذا الوصف كلهم استخدموه تقريباً، أن فلان يخطب ويهددنا من ملجئه، جيد من ملجئه، وجودي أولاً في الملجأ أو في غير الملجأ – طبعاً أنا غير موجود في ملجأ – لكن وجودي في مكان ما والله سبحانه وتعالى حتى الآن مدّ في عمر هذا العبد الفقير وفي أجل هذا العبد الفقير الذي تسعون في الليل وفي النهار لقتله هو دليل على فشلكم وهو دليل على عجزكم وليس المهم أن أخطب من الملجأ أو ليس من الملجأ، المهم ما هو خارج الخطاب عندنا، وأنتم تعرفون أن ما أعده حزب الله من قوى ومن عتاد ومن إمكانات ومن صواريخ ومن أعداد هائلة من المقاتلين، المقاتلين المؤمنين أصحاب العزم، أصحاب الكفاءة، والذي تحدث عنها على كلٍ في بعض جوانبها كتاب الخوف المنتشر الآن في أميركا، أنتم تعرفون جيداً أن حزب الله ليست مسألة أن فلان من حزب الله موجود في المخبأ، المسألة أكبر من هذا بكثير. اللجوء إلى هذا التوصيف برأيي هو دليل هزالة المنطق الإسرائيلي وضعف الإعلام الإسرائيلي وهوان الحجة الإسرائيلية.
نعم أيها الأخوة والأخوات، نحن اليوم وصلنا إلى هذه النقطة الفعلية، النقطة المهمة والحساسة جداً وأننا بحق في موقع القوة وفي موقع الإنتصار وفي موقع الردع وهذا كله أخذنا معنوياته وعزمه وإرادته وعنفوانه وحماسه من أحداث هذا اليوم قبل 1380 عاماً.
اليوم نحن من موقع الجهاد والتضحيات وأيضاً من موقع الإنتصارات نجدد إنتماءنا إلى خط انتصار الدم على السيف، نجدد انتماءنا إلى أبي عبد الله الحسين عليه السلام ونقول له أيً تكن المخاطر الآتية، وأنا أقول لكم المخاطر الأضخم والأصعب والأعظم والأخطر هي التي عبرناها والمخاطر الآتية لن تكون بسوء وعظمة ما جرى علينا خلال السنوات الماضية وخلال العقود الماضية، ولكننا أيً تكن المخاطر الآتية سنواجهها بنفس العزم.
أيها الإخوة والأخوات، نحن خلال السنوات الماضية أيضاً دخلنا في امتحان، امتحان يتصل بزينب عليها السلام وبالإلتزام مع زينب عليها السلام ومنذ اليوم الأول قلنا كلنا عباسك يا زينب، كلنا عباسك يا زينب، وأثبتنا خلال كل السنوات الماضية بدماء شهدائنا وجرحانا وتضحيات مجاهدينا أننا بحق كنا عباسك يا زينب، نعم كنا عباسك يا زينب.
اليوم، للحسين ولزينب وللإسلام وللمظلومين وللمقدسات وللغرباء وفي مواجهة كل طواغيت الأرض نحن نجدد موقفنا وإلتزامنا. عندما نتوجه اليوم إلى أبي عبد الله الحسين عليه السلام، الحسين الذي جدّد نداءه بعد شهادة كل أصحابه وأهل بيته، وقف وحيداً في كربلاء، غريباً في كربلاء، أمام أجساد أحبائه وأصحابه المقطعة ونادى ذاك النداء الذي ما زال يتردد صداه وسوف يبقى يتردد صداه إلى يوم القيامة هل من ناصر ينصرني، هل من ذاب يذب عن حريم رسول الله.
نعم، نحن نقول له يا سيدنا اليوم كما في كل يوم عاشر وكل أيامنا عاشوراء وكما في كل كربلاء وكل ميادين جهادنا كربلاء، قلنا له بالدم، قلنا له بالشهادة، قلنا له بدموع الأمهات والزوجات والبنات، قلنا له بصر الأسرى وأنين الجرحى، قلنا له لبيك يا حسين.
واليوم أيضاً نقول له، يا أبا عبد الله هذه الساحات، هذه الميادين، هذه التضحيات التي لم نرَ منها إلا العزة والإنتصارات، لن نغادرها، لن نتركها لو اجتمع كل العالم علينا، والله يا أبا عبد الله لو أنا نعلم أنا نقتل، ثم نحرق، ثم ننشر في الهواء، ثم نحيا، ثم نقتل، ثم نحرق، ثم ننشر في الهواء، ما تركتك يا حسين.
السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم، جميعاً أيها الإخوة في هذا اليوم نتوجه إلى كربلاء، إلى حيث الحشود المليونية، نتوجه إلى كربلاء ونقول، السلام علي الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
عظم الله أجوركم وجعلنا وإياكم إن شاء الله من المتمسكين بنهج الحسين والمبايعين بصدق لحفيد الحسين صاحب الزمان، الممهدين له الأرض، المنتظرين في ركابه وفي جبهاته وفي ميادينه لينتهي كل طاغوت وليصبح اسم الإسلام والعدل والإنسانية والكرامة فوق كل عنوان ومنبر.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: العلاقات الاعلامية في حزب الله