ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة صباح اليوم على مواضيع عديدة كان ابرزها جمود التأليف الحكومي والرئاسة الاولى بانتظار مسودة معدلة من الرئاسة الثالثة…
* الاخبار
مزاريب الدعم: مليارات لا تصل إلى مستحقيها… إصلاح النظام لا يمرّ من هنا!
تمتد شبكة «الدعم» على مساحة لبنان. أنشئت بالاستناد إلى حاجات معينة لدى شرائح محدّدة. على مرّ السنوات، أظهرت النتائج أن الدعم لا يصل إلى كل مستحقيه بل تستعمله قوى السلطة والمال كأداة للتطويع السياسي. الأكثر حاجة هم الأقل استفادة، والعكس صحيح. وبدلاً من تصحيح الخلل وربط الدعم بأهداف اقتصادية واجتماعية وزيادته، حيث يرتفع مستوى الحاجات، ظهر مطلب يتلطّى وراء الإصلاح، زاعماً أن الدعم مصدر للهدر يجب التقشّف فيه. مطلب يهدف إلى منع المحاسبة عن سارقي الدعم الذين اغتنوا من مال الشعب، وإبقاء الفقراء في مربع التطويع!
نظام الدعم في لبنان يصيب الجميع بلا استثناء. لا يميّز بين فقير محتاج، وبين ثري مكتفٍ. عملياً، الأكثر استفادة هم الأكثر ثراء. لعلّه أمر مقصود. أن يكون النظام غير مبصر إلى هذه الدرجة. أن يعمل بفئوية. أن يكون أداة للتطويع السياسي. للزبائنية. لهذه الغايات كانت الـ «مزاريب». أبرزها الدعم المعلن في الموازنة العامة للكهرباء بقيمة ثلاثة مليارات دولار. تليها القروض المصرفية المدعومة من مصرف لبنان. كذلك، هناك الدعم المقنّع عبر المجالس والصناديق والمصالح المستقلة والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة، وصولاً إلى الإعفاءات الضريبية… نظام الدعم في لبنان ممتدّ أفقياً وعامودياً. غير مربوط بالخيارات الاستراتيجية، اقتصادياً واجتماعياً. يعمل بلا رقابة. يُراد له أن يبقى أداة تمويلية لممارسات الزبائنية السياسية. إصلاح نظام كهذا أمر ضروري. ليس المطلوب وقفه كما تطرح بعض المؤسسات الدولية. لا يمكن استبدال الدعم بالتقشف. لا يمكن ضرب الطبقة الوسطى بخطوة كهذه. المعضلة الأساسية أن يصل الدعم إلى مستحقيه بلا هدر. أن يكون محفِّزاً لتحقيق غايات اقتصادية أو إفادة فئات مهمّشة.
الميسورون الأكثر استفادة
ثمة الكثير من آليات الدعم في لبنان. بعضها معلن وبعضها مستتر أو مخفي. في مشروع موازنة 2018، يمكن رصد أكثر من 3 مليارات دولار مخصصة كمساعدات وعطاءات ومساهمات. يتوزّع هذا الدعم بين خدمات وسلع مختلفة. أبرز السلع المدعومة هي الكهرباء. فاتورة الكهرباء للمشتركين تصدر على أساس سعر برميل النفط 20 دولاراً. سعر الكلفة أعلى بكثير. اليوم يبلغ سعر برميل النفط 71 دولاراً. الفرق بينهما يسدّد من الخزينة العامة على شكل تحويلات أو مساهمات من وزارة المال. في موازنة 2018 رُصد مبلغ 2100 مليار ليرة لهذه الغاية. في سنوات سابقة كانت الكلفة أعلى من 3000 مليار ليرة. مجمل ما دُفع من الخزينة على دعم تعرفة الكهرباء يتجاوز 20 مليار دولار. هنا القصّة لا تتعلق بعدد ساعات التغذية. إنما الأمر محصور بكلفة الإنتاج وسعر المبيع. دعم الكهرباء يغطّي الفرق بين الكلفة الكبيرة والتعرفة المتدنية. التعرفة موزّعة على شطور. الشطور الأدنى للاستهلاك الأقل، والشطور الأعلى للاستهلاك الأكبر. لم يوضع سقف لدعم التعرفة. الكل يستفيد بقدر وتيرة استهلاكه للكهرباء. المساكن الصغيرة للفقراء ومتوسطي الدخل هي الأقل استهلاكاً. حصّتها من الدعم هي الأدنى. قصور الميسورين والأثرياء هي الأكثر استهلاكاً للكهرباء. حصّتها من الدعم هي الأكبر. كم هي حصّة الميسورين والأثرياء من دعم تعرفة الكهرباء. يجب أن يكون هناك فرق بين من يستهلك 100 كيلواط/ساعة شهرياً وبين من يستهلك 2000 كيلواط/ساعة شهرياً.
ميزة أم تمييز؟
نموذج آخر. وزارة الصحّة تدفع سنوياً نحو 450 مليار ليرة للمستشفيات التي تستقبل المرضى على حساب الوزارة. هؤلاء هم الذين ليس لديهم أي تغطية صحية سواء من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو من تعاونية موظفي الدولة أو الأجهزة الضامنة العسكرية أو أي صندوق رسمي ضامن. الاستشفاء على حساب الوزارة مقصد لمن ليست لديه تغطية صحية. لا لبس في هذا الأمر. مثل الكهرباء تماماً. من يملك المليارات وليس مسجلاً في أي صندوق ضامن، يمكنه الاستفادة. سنوياً هناك المئات من هذه الفئة التي تستفيد من المال العام إلى جانب فئات مهمّشة وفقيرة. الفئات الميسورة لديها النفوذ للحصول على خدمات وزارة الصحة سريعاً. أما المهمشون، فيقفون في طوابير طويلة للحصول على توقيع المسؤول في الوزارة. لا يقتصر عذابهم على ذلك. بعضهم يموت على أبواب المستشفيات لـ«الفوز» بهذه الخدمة.
ومن أشكال الدعم في قطاع الاستشفاء، أنه لدى وزارة الصحة برامج صحية مختلفة مع منظمة الصحة العالمية ومع جمعيات محلية وحملات تلقيح مختلفة ووهب الأعضاء وسواها. الكلفة الإجمالية لهذا النوع من الدعم، يبلغ 18 مليار ليرة.
قيمة القروض المدعومة
منذ إقرار الدعم في 1997 حتى 2017
بلغت 20.4 مليار دولار
ومن نماذج الدعم، هي تلك المبالغ التي تدفعها الدولة اللبنانية من فاتورة ضمان المرض والأمومة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. الدولة تدفع 25% من فاتورة الاستشفاء على حساب الصندوق. في عام 2018 رصدت الدولة مبلغ 442 مليار ليرة لتغطية مساهمتها في الضمان. تتضمن هذه المساهمة المرض والأمومة عن الفاتورة الإجمالية للمضمونين وفواتير المرض للسائقين العموميين وتعويضات عائلية للسائقين، وفواتير المخاتير وعجز الضمان الاختياري. للوهلة الأولى يبدو هذا الدعم صائباً، إلا أنه في الواقع يصيب، إلى جانب أصحاب الدخل المتوسط والمحدود، أصحاب كبار الدخل المسجلين في الضمان من كبار المدراء في المصارف وشركات التأمين والشركات الكبرى.
المصارف أولاً
المسار نفسه يتكرّر في القروض المصرفية المدعومة. هي نوعان. نوع مدعوم مباشرة من الخزينة وكلفته ملحوظة في الموازنة العامة. ونوع ثان يقوم به مصرف لبنان مباشرة عبر ميزانيته. مجمل قيمة القروض المدعومة منذ إقرار الدعم في 1997 حتى 2017 بلغ 20.4 مليار دولار.
بالنسبة إلى النوع الأول، فإن الدولة لحظت في 2018 مبلغ 180 مليار ليرة لدعم قروض استثمارية زراعية وصناعية وسياحية وتكنولوجية. تدفع الدولة الفرق بين أسعار الفوائد السوقية وبين أسعار الفائدة المدعومة. المقترض يحصل على قرض بفائدة متدنية، فيما المستفيد الفعلي هو المصرف. مبالغ الدعم تتقاضاها المصارف. محفظة التسليفات التي تستفيد من دعم الدولة بلغت في نهاية 2017 نحو 7.3 مليار دولار. أما مجمل الكلفة التي سددت من الخزينة العامة في مجال هذا الدعم فهي تزيد على 1.5 مليار دولار.
النوع الثاني من دعم القروض مصدره مصرف لبنان. مجمل قيمة القروض المدعومة من البنك المركزي بلغت 13 مليار دولار. تتوزّع هذه القروض على قطاعات السياحة والصناعة والزراعة والتكنولوجيا والتعليم والسكن، والبيئة وغيرها. الدعم عبر مصرف لبنان بدأ قبل نحو عشر سنوات. آلياته مختلفة. في غالبيتها تخضع لشروط وقواعد معقّدة تقنياً. توجد آليتان: خفض الاحتياط الإلزامي، قروض مصرف لبنان للمصارف.
مجمل قيمة القروض المدعومة بواسطة خفض الاحتياط الإلزامي بلغت 7.9 مليار دولار. كان مفروضاً على المصارف أن تضع هذه المبالغ كودائع احتياطية لدى مصرف لبنان بفائدة تتراوح بين صفر و1%. أتاح لها المصرف المركزي تحرير ما يوازيها وأكثر (بين 60% و150% من قيمتها)، مقابل تسليفها في السوق بفائدة لا تتجاوز 5%. نسبة المبلغ المحرّر مرتبطة بنوع القرض. الفرق بين المبالغ المحرّرة والمبالغ الاحتياطية، أصبحت أرباحاً للمصارف لا تقلّ عن 300 مليون دولار.
أما القروض التي استفادت من الرزم التحفيزية حتى نهاية عام 2017 فقد بلغت 5.2 مليار دولار. كلفة الدعم الذي صبّ في أرباح المصارف، تزيد على 200 مليون دولار.
قروض بلا نظر
من ضمن آليتي الاحتياط الإلزامي وقروض مصرف لبنان للمصارف، استحوذت القروض السكنية على مبلغ 9.8 مليار دولار. من أصل هذا المبلغ هناك قروض مرّت عبر المؤسسة العامة للإسكان بقيمة 2.4 مليار دولار. قروض المؤسسة العامة هي القروض التي يشترط ألا تزيد عن 270 مليون ليرة للقرض الواحد، أي التي يستطيع تحمّلها محدودو الدخل. ما يعني أن محدودي الدخل هم الأقل استفادة. حصّتهم من دعم القروض السكنية تبلغ 25% كحد أقصى من مجمل القروض السكنية المدعومة. أكثر من 7 مليارات ونصف المليار دولار ذهبت لتمويل جيوب الميسورين من الطبقات المتوسطة والثرية. بعض رجال الأعمال حصل على قروض مدعومة بملايين الدولارات. بعض الشركات، اشترت أراضي وأنشات مباني عليها للأبناء والأقارب بقروض مدعومة. في الفترة الأولى من دعم مصرف لبنان لم يكن هناك سقف للقروض السكنية. لاحقاً وضع مصرف لبنان سقفاً للقروض بقيمة 800 مليون ليرة، ثم رفعه إلى 1200 مليون ليرة. المستفيدون لم يكونوا محدودي الدخل، بل الشركات الكبرى والميسورين. هناك نموذج فاقع عن هذا الأمر. في الأسابيع الأولى من السنة الجارية، حين لم تكن أزمة القروض السكنية متفجرة بعد، بيعت عشر شقق بقيمة 1.8 مليون دولار لكل منها في المبنى المنشأ مقابل فندق البريستول غرباً والمملوك من بهاء الحريري. الصفقات العشر هذه كانت مموّلة بقروض من مصرف لبنان!
جبهة الامتيازات
نموذج جديد. ثمة قسم لا بأس به من الدعم يدفع عبر وزارة الزراعة. يصنّف هذا الدعم ضمن برامج تطوير وشراء أدوات زراعية وأدوية بيطرية وشتول وأسمدة وسواها. كلفته تصل إلى 14 مليار ليرة. يستفيد من هذا الدعم صغار المزارعين وكبارهم على حدّ سواء. كبار المزارعين هم أصحاب الحصّة الأكبر. وهذا الأمر ينطبق على دعم الشمندر السكري، ودعم القمح والشعير…
حصّة المزارعين لا تقتصر على ذلك. هناك أيضاً دعم التبغ. هذا الدعم لا يمرّ عبر الخزينة العامة، بل يمرّ مباشرة من خلال ميزانية إدارة حصر التبغ والتنباك. في السنة الماضية اشترت الإدارة من المزارعين تبغاً بقيمة 88 مليار ليرة، وباعت بقيمة 37.5 مليار ليرة منه، أي أن دعم التبغ بلغ 50.5 مليار ليرة. يتوزّع هذا الدعم على أصحاب الامتيازات. هم أصحاب الرخص التي نالوها من الإدارة وعددها 457 رخصة، ثم يأتي المزارعون في الدرجة الثانية وعددهم 24 ألف مزارع. أصحاب الرخص يتحكّمون بالمزارعين ويسمحون لهم بزراعة الشتلة المدعومة مقابل مبالغ مقطوعة. يحصلون على الأموال من دون أي كلفة إضافية.
الخبز و«التعليم المجاني»
بحسب تقارير منجزة في وزارة المال فإنه بين عام 2007 و2011 سدّدت الحكومة اللبنانية دعماً للخبز العربي بقيمة 129 مليار ليرة. تغيرت آلية دعم الخبز مراراً. السبب يعود إلى تناتشها بين أصحاب الأفران وأصحاب المطاحن. هاتان الفئتان استفادتا على حساب المستهلك.
الدعم في مجال التعليم والتربية أيضاً. يرصد سنوياً في وزارة التربية مبلغ لدعم ما يسمى «مدارس مجانية». في عام 2018 رصدت الدولة 115 مليار ليرة لهذه المدارس. هي أصلاً تعمل بموجب تراخيص أو امتيازات يمكن تأجيرها. اللافت هو التهافت على تأجيرها. أمر مثير للشكوك. الكل يرغب في الغرف من الدعم. صحيح أن التلامذة مستفيدون وهم وحدهم من يستحق هذا الدعم، إلا أن تأجير التراخيص أو الامتيازات مفيد للتجار أيضاً. هم يتنعمون بأموال الفقراء.
واجهات للفساد
دعم المجتمع المدني والرياضي هو أيضاً أمر مذهل. تحصل الجميعات الرياضية والثقافية وسواها على حصّة كبيرة من الدعم. الدولة تدفع أكثر من 320 مليار ليرة لهيئات لا تتوخى الربح «جمعيات المجتمع المدني»، وعطاءات إلى جهات خاصة بقيمة 190 مليار ليرة. بعض هذه الجمعيات يستحق الحصول على الدعم نظراً إلى كونه يقدّم خدمات للمصلحة العامة، فيما بعضها الآخر ليس سوى واجهة للفساد السياسي الذي يعمل على اقتناص المال العام من خلال تأسيس جمعيات تعمل لمصالح ضيقة أو جمعيات تقوم بأعمال وهمية. يظهر هذا الأمر بوضوح في الجمعيات الرياضية والجمعيات المرؤوسة من زوجات الرؤساء والوزارء والنواب…
عام 2018 رصدت الدولة
115 مليار ليرة لدعم
«المدارس المجانية»
هذا بعض مما هو معلن عن الدعم المباشر في لبنان. هناك دعم مستتر تحصل عليه الشركات في القطاع الخاص من خلال إعفاءات ضريبية أو تسهيلات أخرى تتعلق بتأسيس الشركات وتسجيلها. وهناك دعم آخر بالمعنى نفسه، أي دعم مستتر منصوص عليه قانوناً يتعلق بمنح الشركات أفضلية التهرب الضريبي مثل انتقال ملكية العقارات عبر تحويلها إلى شركات مساهمة تنتقل الأسهم من شخص إلى آخر من دون المرور بالتسجيل المباشر والرسوم المفروضة عليه.
التهرب الضريبي صار أصلاً أحد ركائز العمل الوزاري. تسعى الدولة إلى المساواة بين من يدفع الضريبة في وقتها وبين من يتأخر. فهي مرة تصدر قرارات أو قوانين أو مراسيم لتسوية المخالفات أو للإعفاء من الغرامات… لا بل بلغت الوقاحة في هذا المجال أن تعمل الحكومة ومجلس النواب من أجل إصدار قانون يجيز إجراء تسوية على أصل الضريبة لا الغرامات فقط. وقد تحوّل هذا السلوك إلى نمط سنوي بما يجعله أقرب إلى العرف القانوني منه إلى الاستثناء المفروض بموجب ظروف موضوعية محدّدة. فعلى سبيل المثال، يصدر سنوياً إعفاء عن تسديد الغرامات المتعلقة بالبلديات والميكانيك وضريبة الدخل وضريبة الأملاك المبنية وسواها.
ومن أحد أهم أشكال الدعم المخفي، هو ذلك المال الذي تحوّله الحكومة إلى المجالس والصناديق. هناك قسم من هذه المبالغ يذهب إلى مشاريع ذات مردود سياسي انتخابي، أو ذات بعد طائفي مذهبي ومناطقي. الأنكى من ذلك، أن هذه الصناديق غير خاضعة لأي نوع من أنواع الرقابة. هي لا تخضع لديوان المحاسبة ولا يمكن إخضاع موظفيها للتفتيش المركزي ولا لمجلس الخدمة المدنية والهيئة العليا للتأديب… في بعض السنوات أنفقت هذه المجالس والصناديق على مشاريع غير معروفة أكثر من مليار دولار. وبحسب مصادر مطلعة، فإن الفجوة الأكبر موجودة في مجلسي الجنوب والهيئة العليا للإغاثة.
توتر طائفي في الجبل
السجال الاشتراكي ـــ العوني يهدّد المصالحة ويشحن الشارع
الصراع بين الحزب الاشتراكي والتيار الوطني الحر يحدث قلقاً في قرى الشوف وعاليه وتوتّراً بين سكان القرى المختلطة. معركة حصص ومغانم في الحكومة قد يدفع ثمنها أهل الجبل الذين لم يسدّدوا بعد «فواتير» حرب الجبل
يرسم الصراع بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الجمهورية ميشال عون صورةً قاتمة عن واقع الحال داخل قرى الجبل، في الشوف تحديداً، التي لم تخرج بعد من ذاكرة الحرب الأهلية اللبنانية، على رغم مرور الوقت وجهود «المصالحة».
فالسّجال على مواقع التواصل الاجتماعي بين جنبلاط وفريق من وزرائه ونوّابه، في مقابل نوّاب ووزراء من التيار الوطني الحرّ، وعمليات الطرد المتبادل في الوزارات، تنتقل سريعاً إلى القاعدة بين أهالي القرى المختلطة، من الدروز والمسيحيين، ومناصري الفريقين، حيث يسود التوتّر والقلق في أكثر من قرية وبلدة.
وبانتظار أن يأتي أحدٌ ما، ويفتتح سباق الإشكالات الشعبية التي قد تتفاقم سريعاً، لا يبدو أن الفريقين يتجهان إلى التهدئة، أو حتى ينشدانها، بل على العكس، يحاول كلّ من موقعه، بلا مسؤولية، الاستفادة من شدّ العصب الطائفي، وتسخير «غضب الجماهير» في مواجهة ضغوط الآخر السياسية في لعبة تنازع الحصص والصراع على ركام النظام اللبناني المهترئ.
وعلى الرغم من حالة التحالف القائمة بين الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية، والتناغم الكبير في الشوف بين التنظيمين، إلّا أن حالة الشحن في الساحة الدرزية في قاعدة الاشتراكي، لا تنضبط في الهيجان ضد التيار الوطني الحرّ، بل إن الشحن يزداد ضد المسيحيين، بمعزل عن انتماءاتهم السياسية. وهذه نتيجة «طبيعية»، ولا تحتاج دوماً إلى شيفرة تحريض يجيد الجنبلاطيون بثّها. ومن يبدأ سجالاً من هذا النوع، لا يتوقّع أن يبقى باستطاعته ضبطه وتوجيهه. وفي الذاكرة الحيّة الباقية من الحرب، والتي بدل معالجتها اتفق اللبنانيون على طمرها بطبقات رقيقة من «التعايش»، فإن «العدو» واحد، قواتي أو عوني لا يهمّ، طالما أن الشعور هو «الخطر على الطائفة»، وطالما أن الزعيم الأكبر، «الواعي»، بات يطلق على خصومه أوصافاً مثل «علوج» ويهدّدهم بألا يلعبوا بالنار!
على المقلب الآخر، يجلس نائبٌ متوتر دائماً مثل زياد أسود قرب شلّال جزّين و«يفقع ردّة عتابا» ضد جنبلاط، كمثل «الهوبرة» التي أطلقها القيادي في التيار الوطني الحر ناجي حايك من الدامور عشية الانتخابات النيابية. فكانت نتيجتها شد عصب درزي، أحسن الحزب الاشتراكي الاستفادة منه في صناديق الاقتراع بدل نقله إلى مواجهات في الشارع بين الدروز والمسيحيين.
على ضفّتَي التيار والاشتراكي، ثمّة من يردّد أن الجو مشحون و«الله يستر»، ويتفق الطرفان على أن الأمور واصلة إلى لحظة الاشتباك. والغريب، أن هذا التوتّر بات يظهر أيضاً على لسان قياديين من الطرفين، سبق أن كانوا في ضفة القياديين المسؤولين وليسوا من جماعة الرؤوس الحامية، بل جماعة التهدئة، مثل القيادي في التيار غسان عطا الله والقيادي في الاشتراكي ناصر زيدان.
قبل أيام، كادت لافتة في بلدة كفرنبرخ أن تحدث إشكالاً كبيراً. بعد وفاة أحد الاشتراكيين القدامى، رفعت في ساحة البلدة لافتة باسمه، ما دفع جزءاً من أهالي البلدة إلى الاعتراض، على خلفية دورٍ ما للمتوفى في الحرب الأهلية، أو كما يقول عونيون إن الأخير متورّط بقتل مواطنين مسيحيين. غير أن هذا القيادي يعدّ رمزاً عند الاشتراكيين، الذين ينفون مشاركته في أي جرائم ضد المسيحيين. وبعد التوتّر في البلدة، تدخّل جنبلاط شخصياً وطلب إزالة اللافتة، فاستجابت البلدية، لكنّ السجال على مواقع التواصل الاجتماعي حول المسألة مستمر، والشحن والتحريض مستمران أيضاً.
حمادة نفّذ طلب
الحريري بتجريد
الموظفة العونيّة
من إحدى مهماتها
الصراع بين عون وجنبلاط مفهوم في ظلّ التحوّلات في لبنان، والكباش الحاصل على حصص الطوائف في النظام المقبل على أنقاض اتفاق الطائف. لكن أن ينتقل إلى الوزارات وإلى الشارع، فهذه لعبة خطيرة، سيدفع ثمنها أهالي الشوف وحدهم، دروزاً ومسيحيين. وللعلم، فإن ما قام به الوزير مروان حمادة في وزارة التربية بحق موظّفة قريبة من التيار الوطني الحرّ، بتجريدها من إحدى وظيفتيها، حصل بناءً على طلب من الرئيس سعد الحريري، لا من جنبلاط.
غير أن أجواء النكاية مع التيار الوطني الحر دفعت بالاشتراكي إلى الدفاع باستماتة عن خطوة حمادة في العلن، فيما كان الاستياء واضحاً بين مسؤولي الاشتراكي ولدى جنبلاط من خطوة حمادة. الأمر عينه حصل أيضاً مع الوزير طارق الخطيب، الذي أعفى مدير محمية الباروك من مسؤوليته ونقله إلى مسؤولية أخرى. إذ إن الوزير جبران باسيل كان قد طلب خلال اجتماع للتيار، غداة خطوة حمادة، الرد على هذه الخطوة بالتضييق على الموظفين الاشتراكيين، لا القيام بخطوات فاقعة من هذا النوع. إلّا أن الحماسة أصابت الخطيب، زيادة عن اللزوم، لكن التيار اضطر بعدها إلى الدفاع عنه، على الرغم من استياء باسيل.
هي إذاً لعبة غير محسوبة يلعبها الطرفان تحت تأثير الحصص الحكومية، ونتيجة لصراع أكبر بين عون وجنبلاط والقوات، كواجهة للحريري في الحكومة المقبلة. وفيما تحتقن الأمور وتحتدم في الشارع، يكفي أن نرى ويرى أهل الشوف كيف يتعانق النائبان ماريو عون وفريد البستاني مع نوّاب الشوف الاشتراكيين خلال استقبال البطريرك بشارة الراعي أول من أمس في الباروك.
عرض إيراني للبنان: أدوية بـ«البلاش»!
تقلّ أسعار غالبية الأدوية المُنتجة في إيران عن أسعار الأدوية المنتجة في بقية الدول المُصنّعة بنسبة 90%، بحسب مسؤولين في وزارة الصحة الإيرانية. انخفاض كلفة انتاج الدواء يعود إلى اعتماد إيران على تصنيع الدواء الجينيريك البديل للدواء التجاري. ورغم الحصار الإقتصادي القاسي، تمكّنت الجمهورية الاسلامية من تسجيل إنجاز لافت في مجال صناعة الأدوية عموما، وصناعة بعض أدوية السرطان خصوصا. الجولة التي قام بها وفد إعلامي لبناني، الأسبوع الماضي، على مصانع الأدوية في طهران، كشفت حجم التطور الذي سجلته ايران التي تنتج نحو 96% من أدويتها، وهي قادرة على انتاج أي دواء بعد شهر واحد فقط من طرحه في السوق. يقول الإيرانيون إنهم على استعداد لنقل تقنيات تصنيع الدواء الى لبنان لخفض فاتورة الدواء فيه التي تتجاوز سنويا المليار دولار، فيما لا يبدو أن هناك تجاوبا من الجانب اللبناني في هذا الشأن. ويُعزى ذلك الى منظومة المصالح التي تحكم قطاع الأدوية، وإلى التجاذبات السياسية التي سبق أن حرمت لبنان من فرص مساعدة الإيرانيين في ملفات أُخرى. رغم ذلك، يرجّح البعض إمكانية دخول إيران الى سوق الدواء اللبناني في ظلّ الحديث عن تسلّم حزب الله وزارة الصحة في الحكومة الجديدة. فهل يستفيد لبنان من التجربة الإيرانية بمعزل عن الجهة التي ستتسلم «الصحة»؟
نحو 1,4 مليار دولار قيمة مبيعات سوق الدواء اللبناني سنوياً، بحسب تقديرات مؤشر BMI العالمي حول الأدوية والرعاية الصحية (business monitor international). والرقم مرشّح للارتفاع إلى نحو 2,21 مليار دولار عام 2021. ووفق المؤشر نفسه، فإنّ كلفة سوق الدواء في لبنان تُشكّل نحو 3,5% من مجموع الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة الأعلى في الشرق الأوسط والسابعة في العالم. أمّا السبب الرئيس لإرتفاع هذه الكلفة، فيعود في الدرجة الأولى الى «ثقافة» تفضيل الدواء التجاري الأغلى سعراً التي أرستها «منظومة» من المصالح تقودها شركات الأدوية المُسيطرة في لبنان بتواطؤ مع المسؤولين.
يُعدّ هذا المدخل ضرورياً لفهم سياق العرض الإيراني المُبطّن الذي حملته دعوة وزارة الصحة الإيرانية عدداً من الإعلاميين اللبنانيين للقيام بجولة ميدانية على مصانع الأدوية في طهران، الأسبوع الماضي. والعرض يتمحور حول استعداد إيران لنقل تقنيات إنتاج الدواء وتصنيعه إلى لبنان بهدف خفض كلفة الدواء عوضا عن الاعتماد على شركات الأدوية الكبرى ذات الأسعار الغالية الثمن. وقد لخّصه الإيرانيون بمقولة: «سنعطي لبنان صنارة، عوضا من إعطائه سمكة».
وكان لافتا أن يبدأ معاون التنمية والموارد البشرية في وزارة الصحة الإيرانية غلام رضا أصغري حديثه، أمام الوفد، بمقارنة حجم سوق الدواء اللبناني بنظيره الإيراني. ففي وقت تتجاوز كلفة الدواء في لبنان مليار دولار سنويا، لا تتجاوز كلفة الدواء في إيران (حجمها نحو 18 ضعفا حجم لبنان) 4 مليارات!
ثاني شركة لانتاج أدوية السرطان في العالم ايرانية وملفها يقبع في أدراج وزارة الصحة منذ 5 سنوات
بحسب المسؤولين الإيرانيين، فإنّ بلادهم تنتج نحو 96% من الأدوية (الـ4% التي تستوردها عبارة عن لقاحات وبعض أدوية السرطان المحددة)، ويبلغ حجم إنتاج الدواء فيها أكثر من 4 مرات من حاجة السوق المحلي، لذلك تُصدّر أدويتها إلى نحو 30 بلداً بقيمة نحو 150 مليون دولار سنويا. أمّا سعر الأدوية المُنتجة إيرانياً فيقل بنحو 90% عن سعرها في بقية الدول المصنّعة للدواء نفسه. في المقابل، يستورد لبنان نحو 90% من الأدوية التي تسوّقها شركات أجنبية كبرى، سواء بشكل مباشر أو عبر مستودعات متعاقدة لتأمين استيراد منتجاتها الأغلى ثمنا، فيما يُشكّل الدواء المُصنّع محليا نحو 10% فقط من حجم السوق (10 مصانع مسجلّة محلياً تواجه تحديات عدة أبرزها منافسة مستوردي الشركات العالمية للادوية والمنتجة للأدوية الأصلية).
يؤكّد المسؤولون الإيرانيون أنّهم تواصلوا مرات عدة مع الجانب اللبناني وعرضوا المساعدة أكثر من مرّة، إلّا أنهم لم يلقوا تجاوبا. وفيما يرى بعض العارفين أن سبب الرفض «معروف» لجهة التجاذبات السياسية في الساحة اللبنانية (سبق أن حرم لبنان من فرصة مساعدة الإيرانيين في ملف الطاقة)، تُنبئ المُعطيات بوجود عامل أساسي آخر، يتمثّل بـ«سيطرة» مستوردي الأدوية والشركات الكبرى على السوق اللبناني.
البدائل الحيوية ممنوعة في لبنان؟
ينام ملف شركة cinnagen الإيرانية المتخصصة في إنتاج أدوية البدائل الحيوية (biosimilare) في أدراج وزارة الصحة اللبنانية منذ 5 سنوات. حتى الآن، لم تردّ الوزارة على طلب الشركة، وهي ثاني أكبر شركة في العالم في إنتاج أدوية السرطان والتصلّب اللويحي، بالدخول إلى سوق الدواء اللبناني عبر تسجيل أدويتها التي تقلّ كلفتها نحو 50% عن سعر أدوية بقية الدول المُنتجة التي يتعامل معها لبنان.
بحسب مدير التسويق في الشركة شيان شيخ الإسلام، فإن وزارة الصحة أبلغت الشركة أنها لا تستطيع تحديد موعد واضح للردّ، مُشيرا إلى أن الشركة أُبلغت بعدم وجود سياسة واضحة في الوزارة تتعلّق بتسجيل هذا النوع من الأدوية، وأن الوزارة ستُبلغ الشركة ردّها متى وضعت مثل هذه السياسة.
اللافت هو ما يُشير إليه شيخ الإسلام بأنّ عدم الردّ على الشركة منذ عام 2013 حتى الآن، يعني عمليا أن وزارة الصحة اللبنانية لم تُسجّل خلال خمس سنوات مضت أي دواء من نوع الـ biosimilare! علما أنّ هذا النوع من الأدوية من شأنه أن يوفّر ملايين الدولارات على وزارة الصحة اللبنانية التي أنفقت خلال ثلاث سنوات فقط نحو 140 مليون دولار على الأدوية السرطانية التي لا تصل بشكل دوري إلى جميع المرضى.
وفي هذا الصدد، يؤكد شيخ الإسلام أن الدولة الايرانية تمكّنت خلال ست سنوات من توفير 1,8 مليار دولار من خلال إنتاج هذا النوع من الأدوية.
وفي وقت يرى كثيرون أن خلفية رفض الجانب اللبناني هذا العرض يعود الى خلفيات سياسية، يلفت المعنيون في الشركة الى أن السبب يعود إلى «ضغط تمارسه شركات متعددة الجنسيات لديها مصالح في لبنان لعرقلة دخول هذا النوع من الأدوية».
تقنيات حديثة بأكلاف أقلّ
على رغم الحصار القاسي، تمكّنت إيران من تحقيق إنجاز في صناعة الأدوية، من بينها تلك المعقّدة التي تحتاج الى تقنيات عالية وحديثة. بحسب معاون التنمية في مديرية الموارد البشرية في وزارة الصحة الإيرانية الدكتور أكبر بورنداقي فإنّ ايران «تنتج نفس الدواء بعد شهر فقط من طرحه في الأسواق».
بطبيعة الحال، تقوم السياسة الدوائية في إيران على مبدأ تصنيع المواد الأولية للأدوية المركبة. ويبرز في هذا الصدد نموذج شركة dorsa التي تقوم وحدها في منطقة الشرق الأوسط بتصنيع مادة الـnitroglycerine المهمة لعلاج الأمراض القلبية وتصلّب الشرايين، وهو ما يُعدّ، بحسب العارفين، تطورا مهما للشركة التي تنتج نحو 80 صنفا من دواء الجينيريك. واللافت أن الشركة نفسها تنتج عددا من الأدوية «المطلوبة» في لبنان والمُستخدمة بكثرة (كدواء الـ nexium لحماية المعدة مثلا) بسعر يقل بنحو 84% عن السعر التجاري.
كذلك، يبرز نموذج آخر هو شركة «توليد أرو» التي تملك فرعا يتعلّق بالطب الحديث القائم على التعديل الجيني وترميم ومعالجة الخلايا (regenerative medicine). وهذه الشركة تنتج منذ 6 اشهر فقط منتجات جديدة تستهدف مرضى السرطان والبرص وغيرها عبر استخدام تقنيات حديثة. اللافت أن أرقام الشركة تُفيد بأن نحو 86% من مرضى اللوكيميا الذين استهدفتهم الشركة تمت معالجتهم تماماً.
إيران تستقطب طلاباً لبنانيين: التدريب الفني جزء من مساعدة لبنان
في الطائرة المتوجهة إلى طهران، تكثر الوجوه الشابة التي لا تُشبه عادة وجوه «زُوّار» إيران المعتادين. شُبان يافعون مُحمّلون بحقائب تُنذر بإقامة طويلة. ثلاثة منهم تحدّثوا لـ«الأخبار»» عن تجربة لوذهم بالعاصمة الإيرانية طلباً للعلم. حسين (19 عاماً) لم يكن يتوقع أن يفتح له باب الانضمام الى كلية الهندسة الإلكترونية وهو القادم من اختصاص مهني: «في لبنان، هناك نظرة دونية لاختصاصات المهني. فرحت كثيراً بقبولي في الكلية وإعطائي فرصة التخصص هذه التي لا أعتقد أنني كنت سأنالها في بلد آخر». يستفيض حسين بالحديث عن تصنيف الجامعات الإيرانية المرتفع، مقارنة مع كثير من الدول من جهة، فيما يسترسل رفيقاه في الحديث عن الكلفة المنخفضة للتعليم في اختصاصات مهمة مقارنة مع لبنان.
لا يخفي علي (18 عاماً) صعوبة اختلاف الثقافات بين لبنان وإيران، لكنه ينظر الى إقامته هناك بنظرة عملية وعقلانية، «أطمح إلى أن أُنهي اختصاصي هنا، وأعود الى لبنان كي أعمل»، لافتاً الى أن خيار الدراسة في طهران يعد مثيراً للاهتمام لكل طالب علم. حال علي كحال رفيقه جواد (17 عاماً) الذي لا يزال يدرس اللغة حالياً، تمهيداً لدخوله العام المقبل كلية الطب في طهران. وعلى الرغم من تلهّف جواد للعودة الى لبنان، إلا أنه يُقرّ بأهمية دراسة اختصاصه في بلد كإيران لجهة الجودة والخبرة التي تمنحها الدراسة هناك.
يرى عدد من المسؤولين الإيرانيين المعنيين في وزارة الصحة الإيرانية أنّ استقطاب الطلاب اللبنانيين وإعطاءهم منحاً دراسية، سواء في مجال الطب والصحة أو في غيرهما من المجالات، هو جزء من مساعدة لبنان عبر تأهيل يد عاملة فنية. يقول هؤلاء إن أعداد الطلاب اللبنانيين تتزايد سنوياً، وهذا الأمر جزء من «استراتيجية» ترى إيران أن لبنان بحاجة إليها لجهة إعداد قوى عاملة فنية تنقل التقنيات والخبرات الى السوق اللبناني.
إيران ليست ضمن «دول المرجعية»
تُعطى الأفضلية في تسجيل الأدوية في لبنان الى الدول المُصنّفة حسب وزارة الصحة بـ«الدول المرجعية». وهي عبارة عن 18 دولة غالبا ما تكون منتجاتها من المنتجات المستوردة الأغلى مقارنة مع تلك المنتجة في بقية الدول.
لذلك، تعتبر عملية استيراد الدواء من دول غير مرجعية (عادة ما تكون ادويتها اقل كلفة) أصعب، إذ تخضع الاخيرة للجنة مصغّرة مستحدثة، اضافة الى اللجنة الفنية الاساسية، ما يؤجل عملية دراسة الملف لفترة تتراوح بين سنة وسنتين، الامر الذي يؤدي في بعض الاحيان الى عرقلة توفير الدواء البديل الاقل كلفة.
المفارقة أن وزارة الصحة كانت قد أصدرت مذكرة رقم 113 بتاريخ 8 آب عام 2016 قضت بالتوقف عن استقبال طلبات تسجيل أدوية مستوردة جديدة يكون لديها خمسة أدوية مثيلة في السوق ما يحدّ من إمكانية المنافسة المطلوبة. ورغم أن هذه المذكرة صالحة لمدة سنة، إلا أنه يتم تجديدها سنويا.
نظام التغطية الصحية شامل في إيران
تعتمد إيران نظام التغطية الصحية الشامل الذي يُغطّي بنسبة 90 الى 100% من كلفة علاج المواطن الإيراني. وتقوم وزارة الصحة الإيرانية برصد إحصاءات الموطنين عبر هيكلية دقيقة تقوم على توزيع مراكز صحية أولية في مختلف المناطق تكون خاضعة بدورها الى مراكز رئيسية. وتنفق وزارة الصحة الإيرانية نحو 250 مليون دولار لتغطية الأدوية المستعصية وأمراض السرطان.
Cosemetique حلال
تتحضّر إيران لتنظيم أول مؤتمر عالمي حول انتاج مواد تجميل «شرعية» و«حلال». وتشارك في المؤتمر عدد من الدول الإسلامية المهتمة بهذا المجال. تأتي هذه المساعي في ظل تطور لافت تسجله إيران على صعيد إنتاج مواد التجميل الخالية من المواد «غير الشرعية». يُذكر أنّ ميزانية وزارة الصحة الإيرانية تبلغ نحو 20 مليار دولار، 5 مليارات منها مخصصة لصناعة مواد تجميل وأدوات التنظيف.
سوق الدواء vs سوق السلاح
ردّا على سؤال عن إمكانية «سحب» الولايات المتحدة الهبة «الدورية» التي تُقدّمها الى وزارة الصحة اللبنانية والمُقدّرة بنحو 60 مليون دولار أميركي، في حال تسلّم حزب الله حقيبة وزارة الصحة، وعمّا إذا كانت إيران على استعداد لتقديم هذه المساعدة الى لبنان، قال أحد المسؤولين الإيرانيين إن إيران على استعداد لتقديم «مساعدات أهم تتمثّل بنقل تقنيات تصنيع الدواء وبتأهيل فنيين لبنانيين عبر فتح المجال لإعطاء منح لطلاب لبنانيين للدراسة في طهران. وعن إمكانية تحويل سوق الدواء اللبناني الى «ساحة» نزاع جديدة بين إيران وأميركا وإمكانية قطع الطريق على إيران لعدم دخول السوق اللبناني، أجاب المسؤول: «سوق الدواء يأتي بأهميته بعد سوق السلاح. وكما أننا لم نخسر في سوق السلاح، لن نخسر سوق الدواء».
أبو ظبي تستقوي بواشنطن: الحُديدة أولاً!
عاد المبعوث الدولي إلى اليمن، مارتن غريفيث، إلى صنعاء، بعدما استأنف اتصالاته السياسية في مسقط، عقب فشل مشاورات جنيف. زيارة ليس ثمة ما يدعم إمكانية اختراقها لجدار الأزمة السميك، وهو ما قد يُعوّض عنه غريفيث بنجاح في الملف الإنساني. يبقى أن أي تطور رهن موقف الرياض وأبو ظبي، فيما الأخيرة بدت واضحة في الرغبة بتأجيل المشاورات حتى تحقيق انتصار صعب المنال على جبهة الحديدة.
لم يكن ينقص المبعوث الدولي إلى اليمن، مارتن غريفيث، سوى الرسالة الإماراتية إلى مجلس الأمن الدولي، لتأكيد أنه عالق في مربّع المراوحة، ولا يقدر على إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية. لكن الرجل لا يرغب في الاعتراف بالفشل وإظهار الاستسلام، على رغم تراكم العوائق أمام تحركاته على خط الحل السياسي، إذ سارع غريفيث، عقب فشل مشاورات جنيف جراء عرقلة الرياض سفر وفد صنعاء، إلى استئناف اتصالاته السياسية من العاصمة العمانية مسقط. وبدأ غريفيث، كذلك، زيارة إلى العاصمة اليمنية صنعاء، في محاولة وصفتها مصادر سياسية يمنية لـ«الأخبار» بـ«التجميلية»، تغطية على «ما يعانيه من عدم قدرة على إحداث أي اختراق في جدار الأزمة».
وأشارت المصادر إلى أن غريفيث «يحاول رفع العتب، وعدم إظهار انعدام الأمل في المسار السياسي»، رغم انعدام الفرص الآن. وأوضحت المصادر أن غريفيث يبحث إمكانية تأمين سفر وفد صنعاء إلى جنيف مجدداً أو بعض أعضاء الوفد. وأرجعت مصادر في وفد صنعاء التفاوضي المراوحة على الخط السياسي إلى «تصلّب التحالف السعودي الإماراتي اعتماداً على الغطاء الأميركي». وبالفعل، بدت الولايات المتحدة بعد زيارة الوفد العسكري الأميركي، غير المسبوقة، قبل أيام، إلى عدن، في غير وارد دعم العملية السياسية والمسار التفاوضي، وفي الوقت نفسه لم تحرّك ساكناً أمام فشل المشاورات التي رعَتها الأمم المتحدة لمجرد أسباب لوجستية تتعلق بضمان سفر وفد صنعاء. في الوقت نفسه، أرسلت زيارة الوفد الأميركي إشارة إلى دعم استئناف معركة الحديدة. ويبدو أن غريفيث يطمع في إحداث اختراق ولو محدود من خلال التصديق على مذكرة تفاهم في الملف الإنساني، وقّعت مسودتها الأمم المتحدة مع حكومة صنعاء، وتقضي باستئناف الرحلات العلاجية للحالات الحرجة غداً الثلاثاء، عبر رحلات مبرمجة تابعة للأمم المتحدة ولمدة ستة أشهر.
ترجمت الإمارات تصعيدها ميدانياً بغارات هستيرية على مدينة الحديدة
هذه التطورات، والموقف الأميركي مدعوماً بالمراوحة الميدانية والتعثر العسكري لقوات التحالف السعودي ـــ الإماراتي، دفعت أبوظبي إلى الإعلان صراحة عن رفض المشاورات السياسية وجهود الأمم المتحدة، في رسالة بعثت بها إلى مجلس الأمن الدولي، أكدت فيها أن المسار التفاوضي لن يُفتح قبل نهاية معركة الحديدة لصالحها. وجاء في الرسالة الإماراتية أن «تحرير الحديدة أصبح أمراً ضرورياً من أجل ضمان انخراط الحوثيين ثانية في محادثات السلام». الموقف الإماراتي كان واضحاً في تظهير تعمّد «التحالف» إفشال المشاورات الأممية حتى تبدّل الموازين الميدانية، وتسمين الأوراق بأيدي الرياض وأبو ظبي. وإزاء الموقف الأميركي الممعن في دعم الحرب على اليمن وتغطية عمليات الحديدة، لم تجد أبو ظبي حرجاً في التعبير في رسالتها عن نيتها «تكثيف عملياتها العسكرية ضد الحوثيين في منطقة الحديدة، والجبهات الأخرى، وهي عمليات محسوبة بإمعان لتحقيق غرض واضح، ألا وهو بدء العملية السياسية مجدداً».
وترجمت الإمارات تصعيدها ميدانياً بغارات هستيرية على مدينة الحديدة، طالت برج إذاعة يقع غربي المدينة، ما أدى إلى مقتل حراس المنشأة إضافة إلى أحد الموظفين. مع ذلك، لا مؤشر في الميدان على إمكانية تحقيق اختراق بوجه القوات اليمنية المشتركة، من قِبَل القوات الإماراتية وميليشياتها على الأرض. وساد هدوء نسبي أمس جبهات الساحل الغربي، بعد موجة من الهجمات لم تفلح فيها القوات المهاجِمة في تثبيت تقدمها جنوب شرقي الحديدة. في الوقت نفسه، واصلت القوات اليمنية عمليات الاستنزاف بحق القوات المهاجِمة، وقامت أمس بضرب خمس آليات عسكرية في شمال شرقي مطار الحديدة، حيث تستهدف مختلف الآليات العسكرية من مدرعات وناقلات جند وعربات. ولا تزال القوات اليمنية تستفيد من قطع خطوط الإمداد في منطقتَي الفازة والجاح لإنهاك المهاجِمين وعرقلة عملهم وتعطيل الأهداف.
* الجمهورية
جمود في التأليف… وبعبدا تنتظر مسوَّدة معدَّلة من الحريري
لم تشهد عطلة نهاية الاسبوع داخلياً أي تطور إيجابي على جبهة تأليف الحكومة، ولكنها شهدت خارجياً تطورات تؤشر الى انّ الوضع الاقليمي عموماً، والسوري خصوصاً، بدأ يدخل في طور جديد من التصعيد الذي يتوقع ان تكون له انعكاساته المباشرة وغير المباشرة على لبنان أيّاً كانت نتائجه. فبين الهجوم الصاروخي الاسرائيلي على محيط مطار دمشق الدولي وبين الاستعدادات الجارية لمعركة إدلب التي تؤخرها مهلة أعطاها الروس والايرانيون لتركيا حتى توجد حلاً هادئاً للمجموعات المسلحة المتحصّنة في محافظة ادلب، تبدو احتمالات الحرب طاغية على الخيار أو الخيارات الأخرى في ظل إصرار النظام على استعادة سيادته على هذه المنطقة التي باتت المعقل الاخير للمجموعات المسلحة المعارضة له. ويرى المراقبون ان لا شيء حكومياً سيحصل في لبنان، في انتظار ما سيؤول اليه الوضع في ادلب، خصوصاً انّ ما قبل ادلب لبنانياً هو لدى بعض الافرقاء اللبنانيين والاقليميين غير ما بعدها، لأنّ ما ستؤول إليه قد تكون له انعكاساته على الخيارات السياسية الداخلية في لبنان، وكذلك على خيارات الجهات والقوى الاقليمية المتعاطية او المتدخلة في الشأن الإدلبي ومصير الأزمة السورية عموماً.
علمت «الجمهورية» انّ مشاورات التأليف الحكومي متوقفة كلياً والامور متجمّدة في النقطة التي توقفت عندها، لدى تقديم الرئيس المكلف سعد الحريري مسودته الحكومية الاخيرة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وعلى رغم من إعلان الرئيس المكلف انه سيسعى من خلال اتصالات يجريها الى مقاربة جديدة للمسودة الحكومية بناء على الملاحظات الاعتراضية التي وضعها رئيس الجمهورية عليها، فإنه لم يسجل اي اتصالات يعتد بها او يعوّل عليها في هذا الاتجاه.
عون ينتظر
وأبلغت مصادر مطبخ التأليف الى «الجمهورية» انّ رئيس الجمهورية ما زال ينتظر ما سيقدمه اليه الرئيس المكلف بناء على ملاحظاته على المسودة الاخيرة، ونقلت المصادر عن أجواء بعبدا توقعها ان يقدّم الحريري لعون مسودة معدلة في وقت ليس ببعيد، معتبرة انّ الرئيس المكلف «قادر على بلورة إيجابيات وتدوير زوايا المسودة الاخيرة، على النحو الذي يجعلها قابلة لأن تحظى بموافقة رئيس الجمهورية عليها، وبالتالي ولادة الحكومة في وقت ليس ببعيد، وقبل نهاية الشهر الجاري.
وحسب المصادر، نقلاً عن اجواء بعبدا ايضاً، فإنّ الموقف الرئاسي ما زال يشدد على التعاون مع الرئيس المكلف، وهنا الاساس في عملية تأليف الحكومة، وكذلك يشدد على اهمية الأخذ بالملاحظات الرئاسية، التي تتوخى إخراج حكومة مراعية لنتائج الانتخابات النيابية ومنسجمة معها ومترجمة لها. وإن في كل الحالات لا يجوز ان تبقى الامور عالقة، وآن الاوان لولادة الحكومة، ولكن ليس اي حكومة، بل الحكومة الموضوعية والمتوازنة.
الحريري: رويّة وهدوء
من جهتها، أكدت مصادر في تيار «المستقبل» لـ»الجمهورية» ان الحريري «يعمل برويّة وهدوء على كل الخطوط السياسية، ويعتبر أن الاجواء التي تشاع في البلد حول انسداد الافق الحكومي كلياً، مجافية للواقع تماماً، ذلك انّ الاجواء ليست مقفلة وهناك عقبات موجودة، ويَعمَل على تذليلها ولا يُعير أذنيه الى الاصوات الساعية الى التشويش». وانتقدت «أصوات البعض التي ترتفع حول تقييد الرئيس المكلف بسقف زمني لتأليف الحكومة»، وقالت: «الدستور واضح والرئيس المكلف ملتزم مندرجاته ويدرك معنى صلاحياته وحجمها، وبالتالي هو ماض في مهمته بمعزل عن كل هذه الاصوات».
بري
وبدورها، قالت أوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ»الجمهورية» انّ «تأليف الحكومة صار اكثر من ضرورة نظراً الى التحديات الخطيرة التي تتهدد البلد، وخصوصاً على مستوى تفاقم الوضع الاقتصادي، وكذلك نظراً الى التطورات الشديدة الخطورة التي تحوط لبنان، ولاسيما منها التطورات العسكرية المحتملة في الميدان السوري، وايضاً المخاطر الكبرى التي تهبّ من اسرائيل على لبنان، سواء من خلال محاولاتها الدؤوبة للسطو على النفط اللبناني ومنع لبنان من الاستفادة من ثروته، أو من خلال رياح التوطين التي تعصف بها في اتجاه لبنان».
واضافت هذه الاوساط «انّ هذه المخاطر تفرض الاستنفار الوطني، وأقل الواجب الوطني هو المسارعة الى تأليف الحكومة اليوم قبل الغد. فلبنان دخل في دائرة الخطر الشديد، واستمرار الحال على ما هي عليه سيوصلنا حتماً الى وضع لا نحسد عليه، وساعتئذ لا ينفعنا الندم».
سنّة المعارضة
وقالت مصادر سنّة المعارضة لـ»الجمهورية»: «انّ تمثيلنا في الحكومة حق ولا نقبل أن يتجاوزه اي طرف. وقد سبق لنا أن أكدنا في اكثر من مناسبة انّ الطائفة السنية اكبر من ان يصادرها أحد ولا الاستئثار بتمثيلها بذرائع واهية، فتيار «المستقبل» لا يختزل الطائفة السنية، والانتخابات النيابية أكدت حقيقة التنوع داخل الطائفة، وثمّة شريحة واسعة نمثّلها، وهي خارج تيار «المستقبل». ومن هنا فإنّ مطالبتنا بتمثيلنا في الحكومة، هي حق طبيعي، وأهم ما فيها اننا نطالب باحترام الشريحة الواسعة التي نمثلها».
وأضافت المصادر: «اننا نطالب رئيس الجمهورية بألا يقبل بتجاوزنا في تأليف الحكومة، كذلك نطالب الرئيس المكلف بعدم القفز فوق هذه الحقيقة».
«القوات»
أمّا مصادر «القوات اللبنانية» فقالت لـ«الجمهورية» ان لا جديد حكومياً باستثناء انه «لم يعد بالإمكان التحامل على الرئيس المكلف لأنه لم يقدِّم صيغته الحكومية، ولكن التحامل تواصل وهذه المرة من باب انّ الصيغة غير متوازنة، فيما المشكلة بينه وبين عون ستكون في أي صيغة لا تحجِّم «القوات» و«الإشتراكي». وعليه، من الصعوبة بمكان الوصول إلى تشكيلة في ظل استمرار سياسة التحجيم والإقصاء».
ونصحت المصادر كل من يراهن على الفصل بين الحريري من جهة والدكتور سمير جعجع والنائب السابق وليد جنبلاط من جهة أخرى، بـ«الكفّ عن رهانات لن تتحقق إلّا في إطار التمنيات». كذلك نصحت «بعدم الرهان على الوقت الذي لا يسير هذه المرة وفق ما تشتهي هذه الجهة». وأكدت «انّ الرأي العام اللبناني يدرك جيداً مكمن العقدة الفعلية، وبالتالي يتحمّل هذا الطرف مسؤولية استمرار الفراغ وكل ما ينجم منه، فالشمس شارقة والناس قاشعة المعطِّل الفعلي».
مسلسل السلبيات
الى ذلك قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ «التأخير الحاصل في تشكيل الحكومة ألقى على البلد مسلسلاً من السلبيات في كل القطاعات، فإضافة الى الشلل المريع في السلطة التنفيذية، وغياب القدرة على اتخاذ القرارات الضرورية، خصوصاً تلك الحيوية المرتبطة بقضايا الناس ومصالحهم، فإنّ العامل الاقتصادي صار أكثر من ضاغط، واستشعر خطورته جميع الشركاء في الانتاج، سواء الهيئات الاقتصادية وكذلك القطاعات العمالية على اختلافها».
وعلمت «الجمهورية» انّ هذا الوضع المتدحرج نزولاً والمتفاقم في اعبائه، دفع الى سلسلة مشاورات بين هؤلاء الشركاء، وثمة تحضيرات قد بدأت لعقد اجتماع استثنائي خلال الايام المقبلة لإطلاق ما سمّي صرخة تحذير جديدة في اتجاه المستويات السياسية على اختلافها للخروج من مناكفاتها وإخراج الحكومة من دائرة المزايدات والبحث عن المغانم والمكاسب، وتأليفها في أسرع وقت ممكن، على ان يكون في رأس أجندة عملها البحث عن المعالجات الاقتصادية، خصوصاً انّ الازمة الاقتصادية دخلت في دائرة الخطر الشديد وعلى كل المستويات.
وفي هذا الاطار لم تستبعد المصادر تصعيد التحركات سواء على صعيد الهيئات الاقتصادية، او العمال والقطاعات النقابية، وقد يأخذ ذلك شكل اعتصامات ضاغطة وصولاً الى النزول الى الشارع.
واشارت المصادر الى انّ من سلبيات التأخير في تأليف الحكومة أيضاً انّ البلد، وفي غياب الحكومة، مقبل على الدخول مجدداً في دوّامة الصرف على القاعدة الاثني عشرية إبتداء من مطلع السنة الجديدة، وذلك جرّاء عدم إقرار الموازنة العامة للدولة لسنة 2019. ومن شأن ذلك ان يفتح الباب مجدداً امام فوضى الصرف والانفاق المرئي وغير المرئي، ويعطي للعالم اشارة بالغة السوء. علماً انّ خزينة الدولة تذوب، ووارداتها في شح خانق وأرقام العجز صارت فلكية.
الراعي
الى ذلك، جدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي دعوته الى تأليف «حكومة طوارئ حيادية تبدأ ببناء الوحدة الوطنية».
وناشَد الراعي، خلال جولة له في الجبل أمس، رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، الاسراع في تأليف الحكومة. وقال: «نقول لهم من غير المسموح ان نتمادى في عدم تشكيل الحكومة، فلا يوجد مبرر لعدم تشكيلها. فلا الحصص والاحجام ولا الحسابات هي الاولوية، بل الاولوية هي لبنان والشعب، ولا يحق لكم ألا تبنوا حكومة وألا تبنوا وطناً».
ولفت الراعي الى «أنّ صرختنا مستمرة لكي يقدر اللبناني النظر الى مستقبله، فالدمعة التي رأيناها في عيون المهاجرين نحملها الى نوابنا لكي ينقلوها الى الدولة». ودعا اللبنانيين للعودة الى الوطن، مشدداً على «قوة وصبر الشعب اللبناني الذي عانى الحروب والتشدد» واعتبرها «غيمة صيف»، مشدداً على «ثقافة العيش المشترك بين جميع اللبنانيين». وقال: «انّ غيمة صيف لا تمر على السياسيين»، داعياً المسؤولين الى «أن يعيشوا مثل الشعب اللبناني ويتجاوزوا غيوم الصيف».
وقال: «الوحدة الوطنية المبنية على العيش المشترك، ليتها تعدي المسؤولين السياسيين والحزبيين والتكتلات النيابية، لأنّ شعبنا يعيش هذه الوحدة الوطنية، ولكن للأسف إنّ المسؤولين السياسيين لا يعيشونها، فمن هنا نُطلق دعاء من اجل ان تصبح الوحدة الوطنية معدية».
باسيل
وفي موقف لافت له من كندا اعتبر وزير الخارجية جبران باسيل «انّ هناك محاولات لتيئيس اللبنانيين من وطنهم ودفعهم الى الهجرة». وقال: «آخر اتهام لنا اننا نعرقل تشكيل الحكومة، فهل من المنطقي أن يعرقل أحد نفسه؟ كل شيء غير منطقي يرمونه علينا، وهناك حديث عن تفشيل العهد، وثمّة من اعتبره فاشلاً منذ البداية من دون ان يعطيه فرصة، وهم يعتبرون انهم كلما فشّلوا الحكومة، يفشّلون العهد».
واضاف: «انهم يعتبرون انه إذا لم تكن هناك حكومة سيكون الوضع أحسن، إفشال ما يسمّى بالمشروع التوافقي، اي التوافق بين اللبنانيين وكل المكونات اللبنانية، ورأينا ما أعطاه هذا التوافق في السنة الاولى وانّ اهم تلك النتائج هي الانتخابات النيابية».
وقال باسيل: «يسعون الى كسر نتائج الانتخابات لأنه بات عندنا تمثيل نيابي أصح، المطلب الحقيقي اليوم هو ان تُشكّل حكومة مثل الحكومات السابقة، وانا اقول لكم انّ ذلك يمكن ان يتمّ غداً اذا وافقنا، لكن همنا هو تشكيل حكومة تخدم البلد. وكما نجحنا في تحقيق وعودنا، سنربح هذه المرة ايضاً».
الوضع المالي دقيق
من جهة ثانية سيكون الوضع المالي المأزوم على طاولة لجنة المال والموازنة اليوم في ساحة النجمة، ليستمع اعضاء اللجنة الى شروحات تفصيلية يُفترض أن يقدمها وزير المال علي حسن خليل.
ومن خلال الارقام التي ظهرت حتى الآن، تبدو الصورة قاتمة على مستوى المالية العامة، خصوصاً لجهة تجاوز العجز في 2018 المستويات المقدرة سابقاً. إذ تبيّن انّ العجز وصل حتى آخر نيسان 2018 الى 1.91 مليار دولار، مقابل 844.73 مليون دولار في الحقبة نفسها في العام 2017.
* اللواء
أفق التأليف مسدود.. والراعي لحكومة طوارئ حيادية
لبنان يُجمِع على تقدير دور أمير الكويت.. والإشتراكي يستعد لمواجهة طويلة مع العهد
يتفق المعنيون بتأليف الحكومة، سواء الرئيس المكلف، أو رئيس الجمهورية، الشريك الدستوري بالتوقيع على المراسيم، أو حتى رئيس المجلس الحريص على رؤية الحكومة اليوم قبل الغد، على ان لا شيء وزارياً، لا في الأفق القريب، ولا حتى البعيد..
والأنكى، في لعبة تقطيع الوقت، تباين، في النظرة إلى المعيقات، أو الصعوبات، الدستورية، والعملية، والسياسية، سواء أكانت لبنانية أو خارجية، والذهاب في مسالك، لا صلة لها، لا بالدستور، ولا بالسياسة، ولا بمصالح لبنان العليا، في ضوء الاستنكار العام لحملة الافتراءات على دولة الكويت وأميرها الشيخ صباح الأحمد الصباح، والتي جاءت بإجماع على دوره في الوقوف إلى جانب لبنان، ورفض المسّ بأمير الدولة، والدولة والشعب الكويتيين.
حكومياً، لم يطرأ أي تطوّر على الموقف، وبقيت الاتصالات، ان حصلت، من قبيل رفع العتب، في ان العقد آخذة بالتكاثر، لدرجة استبعاد أي لقاء بين رئيسي الجمهورية والحكومة لم يكن مدرجاً على جدول الأعمال الأسبوع الفاصل عن نهاية دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة. (18-23 أيلول).
وقالت مصادر سياسية مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» ان أي خرق للمشهد الحكومي الجامد لم يسجل على الرغم من حراك وافكار تطرح من هنا وهناك في ظل غياب المبادرات او الوساطات التي تفعل فعلها. ولفت نائب تكتل لبنان القوي ماريو عون في تصريح ل اللواء الى انه لم يطرأ اي جديد حتى ولا على صعيد التنازلات من الافرقاء معتبرا ان هناك كلاما نسمعه حول هذه التنازلات لاسيما من قبل القوات اللبنانية لتسهيل الحلول لكن ما من شيء ملموس بعد وهذا ينطبق على ما تردد عن قبول القوات بوزارة دولة و3 حقائب اساسية وخدماتية.
وأوضح انه في ما خص الحزب الاشتراكي فإن مواقفه على حالها مشيرا الى ان معالجة التشنج تسمح بقيام اي تغيير وهو مفقود اليوم. ورأى النائب عون ان المستغرب هو عدم دخول رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله على خط معالجة العقد. واوضح ان ما من مساع تبذل لمعالجة الوضع الناشئ بين التيار والحزب الاشتراكي. ودعا في الوقت نفسه الرئيس المكلف الى تكثيف اتصالاته للوصول الى حل. وقال ان هناك حالا من الترقب لمسار الامور في الوقت الراهن على انه اعلن ان رئيس الجمهورية يواصل مساعيه للمعالجةِ.
تضامن لبناني مع الكويت
في هذا الوقت، بدا واضحاً ان التهجم على دول الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، جاء يعكس ان الخلافات السياسية أخذت طابعاً جديداً، وان عبر «تابع ومتبوع»، بحد تعبير السفير الكويتي في لبنان عبد العال القناعي، في محاولة لضرب علاقات لبنان العربية بالعمق، من جهة، وجعل مبدأ النأي بالنفس حبراً على ورق، ولو حاولت المرجعيات السياسية والدينية تدارك هذا النهج الجديد، لما له من انعكاسات خطيرة على لبنان.
ويندرج في هذا الإطار الحملة التي بدأت على الكويت واميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، من باب المواقف التي أطلقها سالم زهران عبر قناة «المنار» يوم الجمعة الماضي، والتي تطاول فيها على أمير الكويت، على خلفية زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية، مما استوجب ردوداً عنيفة سواء من قبل الكويت أو من قبل لبنان، أكدت ان التهم التي ساقها زهران تكشف عن «نوايا شريرة ومقاصد خبيثة لن تنال من العلاقات الأخوية والتاريخية بين لبنان والكويت»، على حدّ تعبير وزارة الإعلام الكويتية.
على ان ردود الفعل اللبنانية، لم تقتصر على بيانات الاستنكار والتنديد بالحملة على الكويت، ولو تنصلت منها قناة «المنار»، بل استتبعت بتحرك قضائي، بحيث كلف النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود قسم المباحث الجنائية المركزية تفريغ مضمون مقابلة زهران، تمهيداً لاجراء المقتضى القانوني، فيما تحرك السفير الكويتي القناعي في اتجاه «بيت الوسط» للقاء الرئيس المكلف سعد الحريري الذي «اعتبر كلام زهران تطاولاً على الكويت وأميرها الذي نكن له كل احترام وتقدير، ونحفظ له في قلوبنا مكانة خاصة لما له من تاريخ مشرف في الوقوف إلى جانب اللبنانيين في السراء والضراء». وأكد القناعي بدوره ان «علاقة الكويت بلبنان هي علاقة تاريخية متجذرة لا يمكن ان تتأثر بهذه الصغائر، ومعروف الهدف من ورائها».
بالتوازي، اجرى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس، اتصالا بأمير دولة الكويت الشيخ صباح، مؤكدا متانة العلاقات اللبنانية – الكويتية وتجذرها، ومنوها بمواقف الشيخ صباح الداعمة للبنان. وقال له: لا يمكن للبنانيين ان ينسوا مواقفكم الداعمة لبلدهم في كل الظروف التي مر بها.
وأكد الرئيس عون وأمير الكويت، خلال الاتصال ان لا شيء يمكن ان يؤثر على صلابة العلاقات اللبنانية – الكويتية على المستويين الرسمي والشعبي.
ومن جهته، ادان رئيس مجلس النواب نبيه بري التطاول على الكويت، وقال «لن نسمح بأن يعكر صفو علاقة تاريخية وأخوية بين بلدين جمعهما ويجمعهما فعل الخير والمحبة والثقة، ولا أن يفرقهما شيء».
وتمنت وزارة الخارجية في بيان من جميع اللبنانيين «عدم التدخل في شؤون الدول التي وقفت ودعمت لبنان في أزماته، واضعين مصلحة لبنان واللبنانيين نصب أعينهم».
كما استنكرت المس بالكويت واميرها وشعبها، قيادات سياسية وروحية وحزبية، لما للكويت من ايادٍ بيضاء على لبنان، رافضة تعكير صفو علاقات لبنان مع اشقائه العرب.
تعطيل مسار التفاهمات
سياسياً، أبلغت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة، ان الأمل في ولادة الحكومة يبدو ضعيفاً جداً، فالشروط المتبادلة بين كل الأفرقاء السياسيين إلى تصاعد مستمر، وكل فريق يتمسك بما يسميها حقوقه، وهذا يُؤكّد بما لا يقبل الشك بأن القرار بتأليف الحكومة لم يأت بعد، وقد لا يأتي في المدى المنظور.
وأوردت المصادر معلومات تفيد انّ مسار التفاهمات الداخلية معطّل، مشيرة الى نصائح وردت الى مسؤولين لبنانيين من جهات ديبلوماسية إقليمية ودولية تحثّ على ترتيب البيت اللبناني وتحصينه في هذه المرحلة بالذات، عبر حلّ للمعضلة الحكومية وفق صيغة «لا غالب ولا مغلوب»، اذ انّ الوقائع الميدانية في سوريا تَشي بتطورات قد تحدث في اي لحظة، يخشى ان تفرض إيقاعها على المشهد اللبناني الداخلي، وتبقي الملف الحكومي في المربع ذاته. وعلى هذا الأساس مطلوب من الجميع التحلّي بالحسّ الوطني، وتقديم التنازلات المطلوبة.
وكشفت المصادر الغربية عن زيارات سيقوم بها موفدون أجانب في الأيام القليلة المقبلة الى بيروت للاطلاع على الأوضاع السياسية والحكومية عن كثب، وتقديم ما يلزم من مساعدات ستكون على شاكلة ارشادات للقيادات السياسية، بغية الخروج من حالة الجمود والتعطيل القائمة.
وسيشدّد الموفدون على ضرورة التقيّد بمرتكزات التسوية الرئاسية وأبرزها النأي بالنفس عن صراعات المنطقة، والتمسّك باتفاق الطائف كما هو، وتحييد الملفات الخلافية عن طاولة الحكومة كالتطبيع مع سوريا او سلاح حزب الله، أو مشاركة الأخير في القتال الى جانب النظام في سوريا. من دون اغفال أهمية تشكيل حكومة متوازنة لا غلبة فيها لأي فريق او فئة أو جهة سياسية، خصوصاً بعدما خرجت أصوات في الفترة الأخيرة تطالب بتشكيل حكومة اللون الواحد، أي حكومة أكثرية، وهو الأمر الذي يتنافى مع صيغة لبنان التعددية والتوافقية.
وتوقعت مصادر رسمية ان يصار الى جوجلة بعض الافكار المطروحة لتعديل الصيغة الحكومية التي تقدم بها الرئيس الحريري تعديلا طفيفا، ومنها فكرة اعادة منصب نائب رئيس الحكومة الى «القوات» مع حقيبة دولة وحقيبة خدمات واحدة، على ان تبقى وزارة العدل مع رئيس الجمهورية. وثمة من طرح امكانية اسناد حقيبة الخارجية السيادية للقوات، لكن هذه الطروحات بقيت ضمن طرح الافكار التي لم تتبلور بعد الى صيغة يمكن النقاش فيها، قبل ازالة الاعتراضات مسبقا على اي مقترح او فكرة.
ورفض رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان ان يمثله أحد في الحكومة، داعياً إلى ان تتمثل الأحزاب برؤسائها.
الحريري: دعوة للتواضع
وازاء استمرار المراوحة على الصعيد الحكومي، أطلق الرئيس الحريري، نداء من مزبود، حيث تناول العشاء إلى مائدة سمير الخطيب تكريماً لسفير الإمارات في لبنان حمد الشامسي، مساء الجمعة الماضي، دعا فيه كافة الفرقاء السياسيين إلى «التواضع قليلاً»، مؤكداً بأن هؤلاء جميعاً يعرفون حجم التحديات التي يواجهها لبنان أكانت إقليمية أو أمنية أو اقتصادية أو بيئية، لافتاً النظر إلى ان «الوضع الاقتصادي بحاجة إلى عناية، ونحن لدينا فرصة تاريخية من خلال مؤتمر «سيدر» الذي أقرّ 12 مليار ونصف مليار دولار لمساعدة لبنان بمشاريع أساسية يمكن ان نقوم بها»، مشيراً إلى ان «العالم يريد مساعدتنا، فيجب علينا كلبنانيين ان نساعد انفسنا».
باسيل: الاستقواء الخارجي
وفي المقابل، كانت لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، مواقف لم تخل من التباس وتشكيك وتساؤلات في خلال افتتاحه مؤتمر الطاقة الاغترابية الإقليمي الثالث لشمال أميركا، الذي يعقد في مونتريال في كندا، لا سيما عندما ألمح إلى عنصر «الاستقواء الخارجي» في عملية تأليف الحكومة، مما طرح تساؤلات عن المقصود من الجهات أو الجهة التي تعمل لصالح الاستقواء الخارجي، عندما تحدث بأن هناك تأليف الحكومة طمعاً واعتداءً وابتعاد عن التمثيل الشعبي الصحيح، لصالح هذا الاستقواء»، و«هناك في قوانين الجنسية عراقيل وحجج وأكاذيب لتطييرها»، كاشفاً بأن «هناك في لبنان من يسعى لجعله أكثر لبنانية، وفيه من يجعله أقل لبنانية وأكثر سورية وسعودية وإيرانية وفلسطينية وأميركية واسرائيلية».
الراعي في الشوف
وجاءت مواقف باسيل الملتبسة، فيما كان الراعي الماروني بشارة الراعي يجول في الشوف وبلدات وقرى إقليم الخروب، على مدى يومين، أطلق خلالها دعوة إلى تشكيل «حكومة طوارئ حيادية»، تبدأ ببناء الوحدة الوطنية، مناشداً رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الإسراع في تشكيل الحكومة، معتبراً انه «من غير المسموح ان نتمادى في عدم تشكيل الحكومة، فلا يوجد أي مبرر لعدم تشكيلها»، مشددا بأن «لا الحصص ولا الاحجام ولا الحسابات الأولوية، بل الأولوية هي لبنان والشعب، ولا حق لكم بأن تبنوا حكومة وألا تبنوا وطناً».
وبدأ الراعي جولته أمس في بعاصير الشوف، اتيا من مطرانية بيت الدين المارونية، التي امضي ليلته فيها، ثم استكمل جولته الرعوية في الإقليم بزيارة حارة بعاصير، ومرج برجا حيث زار كنيسة مار بوسف، ثم انتقل إلى المعنية، فبرجا، وجدرا الساحلية، ثم بلدة البرجين، فالدبية، وزار في جدرا دار الأيتام الإسلامية، وسط احتفال اقامته المؤسسة للغاية، تحدث فيه البطريرك الراعي إلى جانب عمدة المؤسسة فاروق جبر والمدير العام للدار الوزير السابق الدكتور خالد قباني.
وكان الراعي، دعا في بداية الجولة التي إنطلقت من بلدة الباروك، الى «شبك الايادي لبناء هذا الوطن، إذ لا يجوز ان نرى وطننا يتداعى، فهذا وصمة عار على جبيننا جميعا، منبها إلى «أننا على شفير الهاوية في مجالات الاقتصاد والمال والهجرة والتراجع».
وسأل: «لماذا لا نفكر بحكومة طوارىء مثلا من خارج الجميع، تبني الوحدة الداخلية والمصالحة. نعم لحكومة طوارئ حيادية تجمع الشمل، فعبثا نقول حكومة وحدة وطنية ونحن متنازعون».
الاشتراكي إلى معارضة العهد
في هذا الوقت، بدا من خلال السجالات الساخنة التي دارت خلال الأسبوع الماضي، بين الحزب الاشتراكي والتيار الوطني الحر، ان مسألة تمثيل «اللقاء الديمقراطي في الحكومة، قد باتت أكثر استعصاء على الحل، من مشكلة تمثيل حزب «القوات اللبنانية»، مما يطرح سؤالا حول إمكانية ان يذهب الحزب الاشتراكي في معارضة المعهد حتى انتهاء ولايته، سواء من داخل الحكومة أو من خارجها، علما ان رئيس الحزب النائب السابق وليد جنبلاط «غرد» أمس عبر حسابه على موقع «تويتر» مصوباً سهامه على الوزير باسيل، متهماً اياه بأنه يطبق نفس نظرية صهر الرئيس الأميركي ترامب جاريد كوشنير لتثبيت هيمنته في معاقبة الفلسطينيين واقصائهم وقتلهم، داعياً إياه إلى «عدم اللعب بالنار».
وفي هذا السياق، قال امين السر العام للحزب التقدمي ظافر ناصر ل «اللواء» ردا على سؤال حول ما اذا كان الحزب يتجه لمعارضة العهد بشكل دائم: لم نبدأ بعد المعارضة، ليس هناك قرار سياسي بالمعارضة المنظمة، لكننا نواجه وحيدين سياسة الهيمنة والالغاء التي تمارس من قبل العهد، لذلك نحن لا زلنا بموقع المواجهة للدفاع عن النفس.
وعما اذا كان ممكنا الذهاب الى تسوية سياسية مع العهد؟ قال: ما هو عنوان التسوية السياسية؟ نحن بالاساس نكرر اننا من دعاة التفاهم والتعاون والشراكة، لكن عندما نجد سياسة عبثية تريد اعادة عقارب الساعة الى الوراء بالمعنى السياسي الى ما قبل اتفاق الطائف، وبالمعنى الذي يخصنا كحزب، سياسة تظن انها قادرة على تحجيمنا وعلى تحقيق مكاسب سياسية بوجهنا، هذا الامر هو مغامرة سياسية كبيرة غير محسوبة النتائج من قبل اصحابها، لذلك حذر رئيس الحزب «من اللعب بالنار»؟
واضاف: واضح جدا ان هذا الفريق السياسي مصمم على الاتجاه الذي يسير فيه ولا يعي خطورة الامر، لذلك نقول بعيدا عن الشتائم والسجالات ان هذا العهد وتياره يحاولان الهيمنة على الحياة السياسية في البلد، وهذا الامر لا يمكن ان يحصل ومستحيل ان يتحقق.وهم واهمون، ورئيس التيار(الوزير باسيل) يقول في كندا الشيء وضده حول التمثيل الحكومي، فقبل الظهر بالديمقراطية التوافقية وبعدالظهر يقول بالديموقراطية العددية فكيف ذلك، هذه المعايير لا تركب؟
ورفضت مصادر القصر الجمهوري التعليق على موقف الحزب الاشتراكي، واكتفت بالقول ان الرئيس عون لم يدخل سجالا مع احد، ولم يستعد احدا، بل قال موقفه وملاحظاته ضمن ما يمنحه الدستور.
المصدر: صحف