تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الإثنين 10-09-2018 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها دخول التأليف الحكومي مرة جديدة في إجازة مع مغادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم إلى ستراسبورغ، حيث يُلقي خطاباً أمام البرلمان الأوروبي يتطرّق فيه إلى ملف النازحين، كما يلتقي كبار المسؤولين الأوروبيين، ومغادرة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى لاهاي.
الأخبار :
عون: لم أقترب من الطائف
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول”دخل التأليف الحكومي في حالة «كوما»، بسبب تزامن زيارتين رئاسيتين للخارج، الأولى، لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون لستراسبورغ، حيث سيحل ضيف شرف على البرلمان الأوروبي، والثانية، لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري للاهاي لمتابعة مرافعات المحكمة الخاصة بلبنان، بدءاً من يوم غد، حيث سيدشنها الادعاء، يليه فريق المتضررين وأخيراً وكلاء الدفاع، قبل أن تنصرف هيئة المحكمة للمذاكرة في مسار قد يستغرق شهوراً”.
انشغلت الأوساط السياسية بالتراشق على خلفية ما جرى في مطار بيروت، ليل الخميس ـــــ الجمعة الفائت، فيما جاءت «الشتوة الأولى» لينكشف معها حجم الفساد المستحكم بكل مفاصل الدولة، بوزاراتها وإداراتها ومؤسساتها العامة.
وبين فضيحة المطار وفضيحة السيول، تستمر فضيحة التأليف الحكومي للشهر الرابع على التوالي. من التقى الرئيس المكلف سعد الحريري، قبيل توجهه إلى لاهاي، استنتج أن لا حراك جدياً في موضوع تأليف الحكومة وأن الاتصالات متوقفة على أكثر من «جبهة».
في القصر الجمهوري، ثمة انتظار، علماً بأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، سيكون بعد عودته من ستراسبورغ، على موعد خلال عشرة أيام مع زيارة ثانية لنيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العادية للأمم المتحدة وإلقاء خطاب باسم لبنان هناك سيتناول فيه العديد من العناوين، ولا سيما قضيتي النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين.
«كل الأمور المتصلة بتأليف الحكومة صارت واضحة ولا تحتاج الى تفسير أو تعليل»، على حد تعبير مصدر مواكب، فالصيغة المبدئية المودعة لدى رئيس الجمهورية لم تعد سراً على أحد، وأيضاً الملاحظات الرئاسية التفصيلية عليها، إلا أن تصاعد المواقف بعد تقديم الصيغة، بعنوان الصلاحيات أو غيرها، أشعر الجميع بأن الأمور اتخذت منحى يراد منه صرف الأنظار عن أولوية الأولويات وهي تأليف الحكومة، وهذا ما دفع الحريري الى إيفاد وزير الثقافة غطاس خوري الى بعبدا في نهاية الأسبوع الماضي.
يوضح المصدر المواكب أنه تم خلال اللقاء بين عون وخوري «استعراض جديد للصيغة المبدئية التي كان رئيس الجمهورية قد سجل ملاحظاته عليها أمام رئيس الحكومة المكلف، وتحديداً موضوع التوازن في الأعداد، «وطالما أن الحريري أعطى القوات اللبنانية بكتلتها المؤلفة من 15 نائباً أربع حقائب هي: الشؤون الاجتماعية والعدل والتربية والتعليم العالي والثقافة، فماذا سنقول للكتل الأخرى ذات الحجم الأكبر والتي حازت حقيبة خدماتية وحيدة مثل تكتل لبنان القوي؟ ولماذا يحوز تيار المردة حقيبة الأشغال العامة والنقل؟ وطالما اتفقنا على حكومة وحدة وطنية، لماذا حصر التمثيل الدرزي بجهة واحدة (وليد جنبلاط)، ولماذا عدم تمثيل النواب السنة خارج تيار المستقبل. وبعدما حسمت الصحة لكتلة الوفاء والمقاومة، لماذا التلميح بإمكانية سحبها من حصة حزب الله» على حد تعبير المصدر المواكب.
ويتابع المصدر «عدا عن سحب حقيبة العدلية من رئيس الجمهورية، أدخلوا الى حصتنا إضافة الى وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية وزير دولة لحقوق الإنسان، ونائب رئيس حكومة بدون حقيبة، أي برتبة وزير دولة، في حين يرفض (الرئيس المكلف) أن تكون حصة القوات ثلاث حقائب ووزير دولة».
الحريري أعطى الشؤون والعدل والتربية والثقافة للقوات وخدماتية واحدة لـ«لبنان القوي»
ويقول المصدر إن عون أبلغ خوري أن كل ما فعله أنه شرح حقه وصلاحياته «ولا تصعيد من قبلي، إنما العكس صحيح، بدليل أنني لم أرفض الصيغة المبدئية ولم أقبلها، وقلت إن المطلوب إدخال تعديلات عليها لكي تصبح أكثر توازناً وملاءمة لما سبق واتفقنا عليه لجهة تأمين العدالة في التمثيل الحكومي بما يعكس نتائج الانتخابات النيابية ويحترم إرادة الناس التي عبّرت عنها في صناديق الاقتراع، وهذا هو التسهيل بعينه، فماذا كان الجواب؟ جاء الرد عبر حملة بدأها رؤساء الحكومات السابقون عبر بيانهم الشهير الذي استحضروا فيه موضوع الصلاحيات، وكأن المطلوب تنازل رئيس الجمهورية عن صلاحياته لكي يُسحَب موضوع الصلاحيات من التداول، علماً بأن الصلاحيات واضحة ومحددة في الدستور ولا داعي للتذكير بها مجدداً»، على حد تعبير المصدر نفسه.
ويؤكد المصدر أن رئيس الجمهورية طلب من خوري أن ينقل للرئيس المكلف رغبته في تعديل الصيغة المبدئية «لكي أسهل مهمته وليس لتعقيدها، وخصوصاً أننا اتفقنا على الأعداد، والمطلوب إعادة نظر بتوزيع الحقائب بما يحقق وحدة المعيار وعدالة التمثيل».
ويشير المصدر الى أن زيارة غطاس خوري لبعبدا «أفضت إلى التفاهم على تخفيف اللهجة وتكريس الهدوء ووقف التصعيد وسحب موضوع الصلاحيات من التداول لأنه لا تفسير لطرح هذا الموضوع سوى صرف الأنظار عن أولوية تأليف الحكومة، وإذ في اليوم التالي تعود الماكينة لتشتغل من جديد، وتبث «الجوقة» جواً تصعيدياً، وصولاً الى التذكير بالطائف، وكأن أحداً طالب بوضع الطائف على مشرحة النقاش والتعديل، وهذا الأمر يطرح علامة استفهام كبرى، لن يبددها سوى اجتماع الرئيسين عون والحريري بعد عودتهما من الخارج».
جبهة قواتية ــ اشتراكية ولكن!
بعد تجربة تحالفهما خلال الانتخابات النيابية، يبحث حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي خيار تشكيل جبهة ثنائية في ما خصّ تشكيل الحكومة. وتفيد المعلومات بأنّ الحزبين يبحثان إمكانية ربط مصير الواحد منهما بمصير الثاني في الحكومة، بمعنى أنّه إذا لم تحصل «القوات» على الحصة التي «ترضيها»، تنسحب من الحكومة، على أن ينضم إليها «الاشتراكي»، والعكس صحيح. إلا أنّ بعض العقبات تقف أمام هذا الاتفاق.
أولاً، يخشى الفريقان أن يكون إخراجهما من الحكومة هو هدف رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحرّ، لذلك سيُفكران جيداً قبل منح «العهد» هذه «الهدية».
ثانياً، يخشى الفريقان من ممارسة السياسة من الضفة المعارضة.
ثالثاً، ثمة أزمة ثقة متبادلة، إذ إن القوات اللبنانية تتعامل بحذر مع موقف التقدمي الاشتراكي، وهي تعتبر أنّ النائب السابق وليد جنبلاط قد يتركها وحيدةً في لحظة ما، إذا تمكن رئيس مجلس النواب نبيه برّي من إقناعه بالمشاركة في الحكومة. كذلك فإنّ حالة الشكّ تُصيب جنبلاط في تعامله مع القوات اللبنانية.
انطلاقاً من هذه الأسباب، لا يزال الحديث عن «جبهة قواتية ـــــــ اشتراكية» في مراحله الأولى. وردّاً على سؤال، تقول مصادر معنية إنّ «السعودية والإمارات تدفعان باتجاه خيار خروج القوات والاشتراكي من الحكومة، في حال لم ينالا الحصة التي يريدان، ما يعني تعطيل البلد.
الجمهورية
مانشيت: الحكومة معطّلة بداعي السفر… وبرِّي: «بَركي بيتفقوا بَرّا»
وكتبت صحيفة الجمهورية “في الإقليم، صورة متوترة تَشي بتطورات عسكرية، والعين على «معركة إدلب» والتحضيرات المتسارعة لإشعالها. وفي الداخل، تتراكم قضايا اللبنانيين وهمومهم وديونهم، وتتكدّس الملفات الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية والمطلبية على رفّ انتظار تشكيل حكومة جديدة، لا يبدو انها قريبة المنال، فعدم التوافق الداخلي هو القاسم المشترك بين اهل السياسة، الى جانب الأسفار الرئاسية والتنقلات المتتالية من دولة الى أخرى، وكذلك انتظار البعض تطورات إقليمية يعتقد انها سترسم السياسة التي سيتّبعها لبنان في المرحلة المقبلة”.
سياسياً، مخاض التشكيل مؤجّل، وتأليف الحكومة متعثّر، والاجواء الداخلية متأثرة حتى إشعار آخر، بموجة السفر السياسي التي ضربت مختلف مفاصل الدولة الرئاسية والسياسية، وستستمر في ما يبدو حتى ما بعد نهاية الشهر الجاري.
هذا الوضع المعطّل، استدعى انتقاداً شديداً من قبل بكركي التي تشدد على الخروج منه بتأليف حكومة تتصدى لشؤون الناس. وبرز في هذا السياق الموقف القاسي الذي توجّه فيه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الى السياسيين بقوله: «إنهم – اي السياسيون – مأخوذون فقط بمناقشة الأحجام وتقاسم الحصص، وبأزمة الصلاحيات وهي من دون أساس، بعد الانتخابات النيابيّة التي كنّا نتوقّع فيها بصيص أمل بحياة أفضل، علماً أنّ واحداً وخمسين بالمئة من الشّعب اللبناني لم يشارك فيها، لفقدان الثقة، فيتبيّن اليوم أنّ شكّهم كان في محلّه».
واعتبر الراعي، في عظته خلال قداس الشهداء في سيّدة إيليج، أنّ «الدين العام يناهز التسعين مليار دولار أميركي، وبات يشلّ النمو الاقتصادي وحركة الانتاج، ويعطّل فرَص العمل، ويرمي اللبنانيين في مزيد من الفقر، ويقحم قوانا الحية الشبابية المنتجة على هجرة الوطن، ويحرم الدولة من الاستثمار في مشاريع إنمائية، فيما الهدر والانفاق غير المجدي يتزايد في المقابل».
ودعا الراعي الى «خفض الانفاق، وتخفيف العبء عن الخزينة وضبط الهدر بالتعاون مع القطاع الخاص، وزيادة الواردات، وإبعاد المصالح السياسية عن الإدارة توظيفاً وأداء».
المسودة
وفيما لا جديد نوعياً على خط التأليف، كشفت مصادر وزارية قريبة من قصر بعبدا لـ»الجمهورية» انّ البحث قد تجدّد في المسودة الحكومية الاخيرة التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعدما استلم موفد الحريري الوزير غطاس الخوري ملاحظات الرئيس عون على المسودة خلال زيارته قصر بعبدا يوم الجمعة الماضي.
وقالت المصادر: «وبالإضافة الى التفاهم على وقف السجال حول الصلاحيات الدستورية وتأكيد التزام الرئيسين بالدستور، أكد عون على ملاحظاته السابقة التي وضعها تحت عنواني العدالة والمساواة في توزيع الحقائب والحصص، وجدّد مطالبته بوزارة العدل لكي تكون من الحقائب الموضوعة بتصرّف فريقه الوزاري، بالإضافة الى ملاحظاته بشأن حصة «القوات» الرباعية على انها «فضفاضة» من بينها حقيبتان خدماتيتان أساسيتان، وخالية من وزارة دولة كما هي حال حصص الفرقاء الآخرين، وايضاً بالنسبة الى رفضه المطلق لأحادية التمثيل الدرزي».
بري
في هذه الاجواء، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره انّ الامور مقفلة بالكامل، ولا شيء استجدّ على خط التأليف على الاطلاق، وما يمكن قوله على هذا الصعيد هو: «انّ السلبية هي الحاكمة لكل وضع التأليف، فمن الواضح انّ الكل مسافرون». ثم اضاف ممازحاً: «بَركي بيتّفقوا بَرّا»!
ورداً على سؤال قال بري: «هذا الاستنفار السياسي، والذي ترافق مع حالة كريهة هي إثارة الغرائز الطائفية، أمر يثير القلق، وهذا ما يدفعنا الى ان نحذّر ونؤكّد من جديد اننا يجب ان نتعلم من التجربة، فلطالما ناديتُ بأن نقرأ في كتاب واحد، هو كتاب المواطنية، التي مع الأسف هي مفقودة اليوم. الوصول الى هذه المواطنية والشعور بها، هو السبيل الأكيد لإطفاء الأزمة والخروج منها».
منصور
وحذّر النائب البير منصور من «انّ استمرار الازمة الحكومية على ما هي عليه سيدفع بالوضع نحو الأسوأ». وقال لـ»الجمهورية»: «التشكيل يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، ولا حلّ يبدو في الافق للعقد القائمة، اذا استمرّوا على هذا المنوال في توزيع الحصص الوزارية وبقاء كل طرف متمسّكاً بموقفه».
واعتبر منصور «انّ الحل للخروج من المأزق الراهن بعد فشل الوصول الى حكومة وحدة وطنية يكمن في تأليف حكومة من الأكثرية، فالاكثرية تحكم والأقلية تعارض».
المحكمة
الى ذلك، يدخل التأليف في إجازة اضافية جرّاء مغادرة رئيس الجمهورية اليوم الى ستراسبورغ في زيارة رسمية تستمرّ 3 ايام، وكذلك مغادرة الحريري الى باريس التي سينتقل منها إلى لاهاي حتى ليل الثلثاء المقبل، حيث يشارك في جلسة المحكمة الخاصة بلبنان، والتي ستشهد تقديم مذكرة الادعاء في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث تؤكد الاجواء السابقة لانعقاد جلسة المحكمة انّ المذكرة ستتضمن اتهامات مباشرة لعناصر من الحزب باغتيال الحريري خدمة لمصلحة النظام السوري.
وقالت مصادر»المستقبل» لـ»الجمهورية»، رداً على سؤال عن تأثير قرار المحكمة وانعكاسه على المشهد اللبناني: «لا قرار للمحكمة الآن بل اختتام للمحاكمات. والقرار يمكن ان يصدر بعد أشهر، وفي كل الاحوال نحن لا نراهن على ايّ قرار بل نعمل للوصول الى تشكيلة حكومية».
وأكدت المصادر انّ «مشاورات تأليف الحكومة لن تتوقف بفِعل السفر، فالهاتف يعمل في أي مكان»، وشددت على انّ العلاقة مع رئيس الجمهورية «طبيعية، والتشاور مستمر بين الطرفين».
وذكرت مصادر «المستقبل» انّ الرئيس الحريري يرتكز أساساً في عمله على 3 مبادىء:
1 ـ تأليف حكومة وفاق وطني نظراً الى الحاجة لجلوس الكتل الاساسية في المجلس النيابي على طاولة مجلس الوزراء للتمكّن من تنفيذ برنامج الاصلاحات في مؤتمر «سيدر»، كونه خشبة الخلاص الوحيدة للبنان.
2 ـ قراره بعدم الدخول في سجالات مع احد لإدراكه بأنه في النهاية سيجمع الجميع على طاولة مجلس الوزراء ما يستوجب التعاون لمصلحة البلد، فلا طائلة إذاً من السجالات والاتهامات المتبادلة.
3 ـ إدراكه جيداً لصلاحياته، وهو يتصرف ضمنها ويعمل علناً وبعيداً من الاعلام على رغم اتهامات البعض له».
جعجع
في هذا الوقت، دعا رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع رئيس الجمهورية ميشال عون «الى المبادرة لإنقاذ عهده بيده، بدءاً من تأليف الحكومة الجديدة، فجلّ ما هو مطلوب منه ان يشهد للحق ويلجم طمع البعض وينقذ التسوية الرئاسية الكبرى المهددة في الوقت الراهن». وتوجّه إلى «الرفاق العونيين» بالقول: «مهما حصل فمن بعد «تفاهم معراب» يجب ألّا يردّنا أي شيء إلى الوراء. صحيح أنّ النبرة تعلو بين الحين والآخر إلا أننا يجب ألا ندع هذا الأمر يفرّقنا من جديد».
اللواء:
«أحد المتاريس»: جعجع متخوًِّف من «جرائم ترتكب باسم العهد»
إجازة التأليف مع عون والحريري إلى ستراسبورغ ولاهاي، والفرزلي لحكومة بلا تيّار باسيل
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول”تصرُّ القوى المعنية بتأليف الحكومة على اعتبار ان ملف التأليف ما يزال على الطاولة، على الرغم من سفر الرئيس ميشال عون إلى ستراسبورغ بصفته ضيف شرف على البرلمان الأوروبي، ملقياً كلمة لمناسبة افتتاح الدورة الأولى للعام 2018-2019، والذي سبقه إلى لاهاي الرئيس المكلف سعد الحريري، لحضور جلسات المرافعات النهائية في قضية اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري”..
ومع ذلك، لم يخلُ الأحد الثاني من أيلول من متاريس إضافية، إذ شكل قدّاس «القوات اللبنانية» متراساً قوياً، في وجه الحلحلة السياسية، عبر كلام غير مسبوق للدكتور سمير جعجع رئيس حزب «القوات»، رسم خلاله للرئيس عون، على مسمع ومرأى من ممثله إلى الاحتفال النائب إبراهيم كنعان خارطة طريق لإنقاذ عهده بيده، عبر تأليف حكومة جديدة، يشهد فيها للحق، ويلجم طمع البعض (بالاشارة إلى جبران باسيل)، وينقذ التسوية الرئاسية المهددة في الوقت الراهن.
وسرعان ما انتهز نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي فرصة اطلالته على محطة «الجديد» ليرد على جعجع معتبراً ان ثمة حملة على العهد لحمله على إجهاض نتائج الانتخابات النيابية، تمثلت بصيغة الحكومة التي حملها الرئيس المكلف الحريري إلى بعبدا ورفضها الرئيس عون، لأنه لو أقدم على توقيعها فإنه يكون تخلى عن دوره، وحكم عى صلاحياته التي نصت عليها المادة 53، وبيكون ارتكب جريمة فخامة الرئيس..
وسأل الفرزلي جعجع: هل يريد من العهد ان يجهض نتائج الانتخابات النيابية؟.
ودعا الفرزلي الرئيس الحريري إلى تشكيل حكومة أكثرية، ولو من دون تكتل لبنان القوي الذي يرأسه النائب جبران باسيل، وهو يضمن توقيع الرئيس على هذه التشكيلة.
إجازة التأليف
وعلى وقع تطوّر أمس الأحد، تغيب مشاورات تأليف الحكومة خلال اليومين المقبلين، بسبب سفر الرئيسين عون والحريري اليوم إلى الخارج، الأوّل إلى مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ تلبية لدعوة رسمية من رئيس البرلمان في زيارة تستمر ثلاثة أيام يلقي خلالها كلمة امام البرلمان الأوروبي الذي سيفتتح أعماله غداً الثلاثاء، فيما يتوجه الرئيس الحريري إلى لاهاي لحضور جلسات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، التي ستبدأ غداً جلسات مرافعات الادعاء العام والدفاع عن جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والتي تسبق إصدار الاحكام المتوقعة في الشهور الأولى من العام المقبل.
ويرافق رئيس الجمهورية في زيارته إلى ستراسبورغ عقيلته السيدة ناديا ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل ووفد رسمي، وستكون للرئيس عون لقاءات مع كبار المسؤولين الأوروبيين تتناول العلاقات بين لبنان والاتحاد الأوروبي والأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة.
وبحسب البرنامج الرسمي للزيارة، فسوف تكون للرئيس عون كلمة امام البرلمان الأوروبي عند الثانية عشرة ظهر غد الثلاثاء (الأولى من بعد الظهر بتوقيت بيروت) بعد ان يكون عقد لقاءً موسعاً مع رئيس البرلمان انطونيو طاياني في مقر البرلمان، والذي سيقيم بعد ذلك مأدبة غداء على شرف الرئيس اللبناني والوفد المرافق.
وفي برنامج الثلاثاء أيضاً زيارة إلى مقر المعهد الوطني للادارة ولقاء مديره باتريك جيرار والقيمين عليه، على ان يلتقي الرئيس عون مساءً أبناء الجالية في ستراسبوغ والمدن الأوروبية المجاورة.
اما مشاركة الرئيس الحريري في جلسات المحكمةالدولية غداً، فستكون باعتباره من أهل الضحايا، وتأكيداً على اصراره لتبيان الحقيقة في جريمة اغتيال والده، وسيحضر الحريري جلسات مرافقة الادعاء العام ومن ثم المتضررين، ولكنه لن يتابع مرافعات محامي الدفاع عن المتهمين الأربعة، لاضطراره للعودة إلى بيروت، علماً ان هذه الجلسات ستستغرق اياماً، قبل انتقال قضاة الغرفة الأولى في المحكمة إلى المذاكرة لإصدار الاحكام، وهي مهمة قد تستغرق شهوراً.
سحب ملف الصلاحيات
وقالت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان الاجواء السائدة حاليا تؤشر الى ان كل الامورالحكوميه مؤجلة الى ما بعد عودة الرئيسين عون والحريري من سفرهما وبالتالي فإن كل الامور معلقة الى حين عودتهما. ولفتت إلى أن الاتفاق على التهدئة السياسية ما زال قائما وان المواقف التي اطلقها رئيس الجمهورية في احتفال جامعة سيدة اللويزة اول من امس تصب في مواصلة المساعي لإنجاز التشكيلة الحكومية للانصراف الى معالجة عدد من الملفات، واعربت عن اعتقادها ان سحب ملف الصلاحيات من الكلام والكلام المضاد يدفع باتجاه الدفع نحو الاهتمام بالموضوع الرئيسي اي ملف تشكيل الحكومة.
الى ذلك اعلنت مصادر مطلعة ان لا معلومات عن كيفية تعاطي الرئيس المكلف مع التحفظات الرئاسية على الصيغة خصوصا ان المواقف على ضفتي «القوات اللبنانية» و«الاشتراكي» لم تتزحزح في الوقت الذي يتردد فيه ان ما بعد الخامس عشر من ايلول فرصةجديدة والا عود على بدء أو خيار آخر.
ولفت الانتباه في هذا السياق، الخطاب التهدوي للرئيس عون والذي ألقاه في الاحتفال الذي اقامته جامعة سيّدة «اللويزة» في زوق مصبح لمناسبة ذكرى تأسيسها، ومنحته للمناسبة شهادة الدكتوراه الفخرية في الانسانيات «تقديراً لمسيرته وعطاءاته الوطنية»، حيث أكّد ان «التنافس السياسي صحي، وكذلك الاختلاف في الرأي، وهما ضرورة للحياة الديمقراطية»، معرباً عن أمله مع ولادة قريبة للحكومة العتيدة، في «بدء مرحلة جديدة من العمل والانتاج الوطني الجاد للتخلص من اثقال الماضي السياسية والاقتصادية واللحاق بركب الحداثة»، محذراً من «الخلط بين الاختلاف والعداوة».
واكد عضو تكتل «لبنان القوي» الياس بوصعب لـ«اللواء» ان الاتصالات ستستأنف بين الرئيسين فور عودتهما، مع ان التواصل لم ينقطع اصلا بينهما خلال الايام القليلة الماضية عبر ممثلي الرئيسين، واتفقا على عودة الاتصالات، موضحا ان احد قنوات الاتصال كان مستشار الحريري الوزير غطاس خوري.
وقال بو صعب: ان الرئيس عون ابلغ الرئيس الحريري بملاحظاته التفصيلية رسميا على التشكيلة الحكومية التي قدمها الاسبوع الماضي وينتظر منه الان كيفية معالجة هذه الملاحظات والاجابة عن هذه الملاحظات. والامر الان متروك للرئيس الحريري ليعالج هذه الملاحظات مع سميرجعجع ووليد جنبلاط علّه يحل موضوع تمثيل «القوات» والحزب الاشتراكي.. وحتى حصول هذه المعالجة لا يمكن الحديث عن اي عامل جديد في تشكيل الحكومة.
لكن مصادر نيابية متابعة لمفاوضات تشكيل الحكومة تعتبر ان العقدة الاساسية التي تتحكم بالتشكيل اكثر من غيرها هي محاولة «التيار الحر» الحصول على 11 وزيرا وهذا امر يرفضه بشدة الرئيس الحريري، متوقعة مزيدا من التصعيد في موقف التيار بهذا الخصوص ما لم يتم التفاهم على كامل الحصص لكل الاطراف مع الرئيس المكلف.
وأدرج في هذا السياق، محاولات من جانب التيار لتحميل كلام الرئيس الحريري في احتفال السراي مساء الجمعة عن ان ثقة مجلس النواب هي التي تقرر ما إذا كانت الحكومة محترمة لنتائج الانتخابات النيابية، على غير ما تحتمل، إذ ذهب بعض نواب التيار ومحلليه إلى اعتبار هذا الموقف بمثابة دعوة مبطنة الي تخطي صلاحية رئيس الجمهورية بالتوقيع على مراسيم تشكيل الحكومة، علماً ان الرئيس الحريري أكد في الخطاب ذاته احترامه للدستور ومعرفته به، والذي ينص على وجوب توافق رئيسي الجمهورية والمكلف بالتوقيع على مراسيم الحكومة، ولم يكن يقصد مثول الحكومة امام المجلس من دون توقيع الرئيس عون، بحسب ما أكدت مصادر تيّار «المستقبل» التي حملت بدورها على أصوات في «التيار الوطني الحر» تعمل على تأخير تأليف الحكومة وعرقلته، وتصر بين ساعة وأخرى على النفخ في رماد الأزمة.
ولفتت الانتباه في السياق، مقدمة نشرة اخبار تلفزيون «المستقبل» التي حملت على بعض وجوه «التيار الحر» الذي يعمل على هذا الخط بشكل يومي، فيما نوّهت بالمنطق الذي قدمته المستشارة السياسية للرئيس عون السيدة ميراي الهاشم عون، واصفة اياه بأنه «حاول ان يبلسم جراح الأزمة المفتوحة»، وانه «يستدعي التنويه والانفتاح على التعامل معه».
وقالت ان «بين منطق السيدة ميراي عون ومنطق آخرين في التيار هناك هوّة كبيرة تحتاج لردمها ارادات كثيرة».
وكان الوزير باسيل، أعلن خلال تدشين مشروع الطاقة الشمسية في بلدة مشعلة البترونية، ان الصفقة التي قدمها الرئيس المكلف، غير عادلة»، وان عدد النواب واضح لتتألف على أساسه الحكومة، وهذا هو المعيار الذي نتحدث على أساسه، مؤكداً ان رئيس الجمهورية له الحق في ان يضع المعايير كي يوقع على تأليف حكومة، وهذا أقله، وكل من يريد المشاركة له الحق بالمطالبة ضمن معايير العدالة بعد خروجنا من الانتخابات، كاشفاً انه أبلغ منذ ثلاثة أشهر رئيس الحكومة المكلف انه ليس لديه من مانع ان يحصل أحد على وزارة إضافية، ولكن ما لا يمكنه ان يحصل هو ان تكون التركيبة بأكملها غير عادلة، لأنه لا يعود لهم تأليف الحكومة، إنما اداؤها، لأن الحكومة إذا بدأت بهذه الطريقة فكيف ستعمل لاحقاً.
جعجع: نداء إلى عون
وتضمن خطاب جعجع في قدّاس «ذكرى شهداء القوات» مجموعة رسائل في غير اتجاه داخلي واقليمي، كان أبرزها نداءه إلى رئيس الجمهورية لإنقاذ عهده بيده، مؤكداً انه ليس صحيحاً ان هناك عوامل خارجية تُعرّقل تشكيل الحكومة، أو ان هناك معادلات طائفية متعثرة، أو ان هناك حرب صلاحيات دائرة، معتبراً ان الصحيح الوحيد هو ان هناك لغطاً متمترساً بالعهد ويحاول من جهة تقليص تمثيل «القوات» وغيرها، ومن جهة ثانية وضع يده على أكبر عدد ممكن من الوزارات بشكل غير منطقي وغير واقعي وغير مقبول من أحد، وهذا كلّه بحجة «حصة الرئيس»، مشيراً إلى ان هذه التصرفات هي التي تضرب العهد وتقوم بعرقلته.
وناشد جعجع رئيس الجمهورية لانقاذ عهده، قائلا: «أنادي على الرئيس عون للمبادرة إلى إنقاذ عهده بيده، بدءًا من تأليف الحكومة الجديدة، فجل ما هو مطلوب منه ان يشهد للحق ويلجم طمع البعض وينقذ التسوية الرئاسية الكبرى المهددة فعلاً في الوقت الراهن».
وقال: «نحن عندما تكون إنجازات العهد الوطنيّة الكبرى على المحك سنكون أمامه حتى النهاية إلا أنه في المكان الذي تكون المسألة مسألة مصالح شخصيّة ضيّقة فنحن سنكون ضدّها، وفي الحال هذه لا يتلطى أحد بالعهد، فكم من الجرائم ترتكب باسمك أيها العهد».
وردّ وزير الطاقة سيزار أبي خليل على كلام جعجع، معتبراً ان بعض الميليشيات خطته عرقلت. واتهم «القوات» بأن تسعى للأسف من حصة الرئيس، وانها لا تؤتمن على الطاقة..
عودة النازحين
وللأحد الخامس، على التوالي، تتوالى دفعات عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، بطريقة طوعية، وبترتيبات مباشرة من الأمن العام اللبناني، حيث خرج مئات النازحين من لبنان عبر ثلاثة معابر.
البناء :
البصرة تُخرج العبادي من سباق رئاسة الحكومة… و«الحوثيون» يربطون أي تفاوض بفك الحصار
المعارضة التركية تدعو للحوار مع الأسد… وعمليات التمهيد الناري للمعركة تبلغ ذروتها
الحريري يخسر حرب الصلاحيات المفتعلة… ويعود للجولة المقبلة حكومياً بتنازلات
صحيفة البناء كتبت تقول”المشهد الإقليمي الذاهب إلى التصعيد يبدو مصدر قلق للحلف الذي تقوده واشنطن. فالحروب الناعمة التي يحاولون إشعالها في ساحات المواجهة تنقلب عليهم. فهذا هو الحال يمنياً مع التدخل السعودي لتحديد شروط سفر الوفد اليمني من صنعاء إلى جنيف، وقد أعلنت قيادة أنصار الله أنها لن تذهب للتفاوض في ظل الوصاية السعودية على مطار صنعاء، بينما تفشل السعودية في تحقيق أي إنجاز عسكري يجعلها تراهن على الوقت. وفي العراق تحوّلت أحداث البصرة التي أريد من خلالها محاصرة إيران وحلفائها وتحميلهم مسؤولية الخراب عبر استدراجهم لفتنة أهلية، عبر دفع جموع من المتظاهرين والملثمين لاقتحام القنصلية الإيرانية ومقار قوى الحشد الشعبي، كشفت مشغلي التخريب وهويتهم بمجرد استثناء مقار أحزاب أخرى من عمليات الحرق وتحييد القنصلية الأميركية، بينما انسحب عناصر الحشد الشعبي من مقارهم وغاب حراس القنصلية الإيرانية عن المواجهة منعاً للفتنة وكشفاً للفاعلين”.
فكانت النتيجة السياسية خروج رئيس الحكومة حيدر العبادي من السباق إلى رئاسة الحكومة الجديدة بشراكة خصومه وحلفائه، ونجاح مساعي الحشد لاجتماع تشاوري يضم الفريقين تحت عنوان السعي لرئيس حكومة توافقي، وجاء استهداف الحرس الثوري للجماعات الكردية الإيرانية المتمرّدة المنتشرة في كردستان العراق، رسالة لمنع سوء فهم المرونة في الشأن العراقي الداخلي، في أكثر من اتجاه.
في سورية حيث المعركة الحاسمة بين معارك المنطقة، بينما بدأت سورية وحلفاؤها في قوى المقاومة وروسيا وإيران عمليات التمهيد الناري لعملية التقدّم البري، حيث قام الطيران الروسي والطيران السوري ومواقع المدفعية والصواريخ باستهداف مواقع جبهة النصرة وداعش ومواقع الجماعات الإرهابية من التركستان والإيغور، في جبل الزاوية وجسر الشغور، وفي الريف الجنوبي لإدلب، بينما واصل الموقف التركي الارتباك مع العجز عن تغيير اتجاه المعارك والعجز المقابل في الانتقال للمواجهة. وكان لافتاً تقدّم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض بالإعلان عن مبادرة تقوم على مطالبة الرئيس التركي بالإسراع في فتح حوار مباشر مع الدولة السورية ورئيسها، وبدعوة الفصائل المسلحة للمعارضة السورية بإلقاء السلاح.
في لبنان لم يكن الأمر مختلفاً، حيث فشلت حرب الصلاحيات المفتعلة مع رئيس الجمهورية في خلق مناخ جدّي رسم لها طائفياً عبر حشد واستحضار عناوين طائفية لمنحها هذا الطابع. فبقي السؤال الرئيس من أين جاء الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة بعرض صيغة مبدئية لتشكيل الحكومة بدلاً من تقديم حكومته لرئيس الجمهورية، وماذا يفترض أن ينتظر من رئيس الجمهورية غير مناقشة التشكيلة عندما يقترحها ليقرر أحد أمرين، السير بالتوافق مع رئيس الجمهورية عبر إدخال تعديلات يتفقان عليها على التشكيلة، أو الاعتذار عن تشكيل الحكومة. وقد قالت مصادر متابعة لتشكيل الحكومة، إنه بعد هذه الجولة فإن الرئيس المكلف أمام أحد خيارين واضحين هما الاعتذار أو العودة للحوار مع رئيس الجمهورية، وهو حوار يبدأ من مناقشة ملاحظات رئيس الجمهورية والسعي لملاقاتها بتعديلات. وقالت المصادر إن تأكيدات الحريري التي تتخذ طابع التحدي عن رفض الاعتذار، لا يجب أخذها بصفتها تعبيراً عن نيات التصعيد، طالما أن بديل الاعتذار الوحيد هو التفاهم مع رئيس الجمهورية، أي ملاقاته في منتصف الطريق على ملاحظاته، والبحث لدى حلفاء الرئيس المكلّف عن تنازلات جديدة.
مرة جديدة يدخل التأليف الحكومي في إجازة مع مغادرة رئيس الجهورية العماد ميشال عون اليوم إلى ستراسبورغ، حيث يُلقي خطاباً أمام البرلمان الأوروبي يتطرّق فيه إلى ملف النازحين، كما يلتقي كبار المسؤولين الأوروبيين، ومغادرة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى لاهاي، حيث تنطلق المرافعات الختامية للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان غداً الثلاثاء.
وبانتظار عودة رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، فإن حرب الصلاحيات لا تزال مستعرة على خط بعبدا بيت الوسط الذي أكدت مصادره لـ»البناء» ضرورة تطبيق ما نادى به الدستور ترجمة لوثيقة الطائف بعيداً عن أية اجتهادات أو تأويلات من هنا وهناك في ما خصّ صلاحيات الرئيس المكلف، فلا أحد يضع عليه شروطاً للتأليف، ولا يمكن لبعبدا ان تدعو الرئيس المكلف للالتزام بمعاييرها عند التأليف، لأن الرئيس المكلف هو مَن يؤلف الحكومة ويرفع الصيغة الى رئيس الجمهورية الذي يتمتع بأحقية إبداء ملاحظاته على التشكيلة، وفي الوقت نفسه للرئيس المكلف الحق بالقبول أو الرفض، بمعزل عن إمكانية تعديل الصيغة الواردة اذا اتفق الطرفان.
وأكدت مصادر تكتل لبنان القوي من جهتها أن الرئيس عون لا يتجاوز صلاحياته، فهو يقوم بواجبه الوطني الذي أملاه عليه الدستور الذي أكد أن رئيس الجمهورية هو شريك في التأليف الى جانب الرئيس المكلف.
ولفتت المصادر لـ«البناء» إلى أن الحكومة لن تتشكل إلا على قاعدة المعيار الواحد تبعاً لنتائج الانتخابات النيابية والعدالة في التمثيل بعيداً عن الاحتكار، مشيرة إلى أن من واجب الرئيس المكلف سعد الحريري البدء بجولة مشاورات جديدة مع المكوّنات السياسية على قاعدة الملاحظات الجوهرية التي وضعها الرئيس عون على صيغة الحريري المبدئية، ووضع في صورة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية من أجل الإسراع في تأليف الحكومة، مع تجديد المصادر نفسها تأكيد أن رئيس الجمهورية الذي لم يرفض الصيغة بالمطلق دعا الحريري الى مراعاة الأحجام عند توزيع الحقائب الخدمية بعيداً عن الاستنسابية، في إشارة المصادر إلى أن حصة للقوات يجب أن تتضمن وزير دولة وإلا ستبقى الأمور عالقة».
وفي السياق، اعتبرت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ«البناء» أن الأزمة الحكومية تتفاقم مع لجوء الفرقاء الى فتح باب الصلاحيات، مشيرة إلى ضرورة أن يعي الجميع أن التأخر في التأليف لم يعُد في مصلحة احد على الإطلاق، فارتدادات التعطيل لن تستثني أحداً.
في المقابل وجّه رئيس حزب القوات سهامه نحو وزير الخارجية جبران باسيل متهماً إياه بطريقة غير مباشرة بالتعطيل وضرب العهد، داعياً الرئيس عون للمبادرة إلى إنقاذ عهده بيده بدءًا من تأليف الحكومة الجديدة. فجلّ ما هو مطلوب منه أن يشهد للحق ويلجم طمع البعض، وينقذ التسوية الرئاسية الكبرى المهدّدة فعلاً في الوقت الراهن». وأضاف: «اتفاق الطائف قام بتحديد الصلاحيات وجميعنا وفي طليعتنا الرئيس ميشال عون نعترف ونتمسك به، والصحيح الوحيد هو أن هناك بعض متمترس بالعهد ويحاول من جهة تقليص تمثيل القوّات، ومن جهة ثانية وضع يده على أكبر عدد ممكن من الوزارات بشكل غير منطقي».
وناشد نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الرئيس سعد الحريري أن «يشكّل حكومة أكثرية بلا تكتل لبنان القوي وليذهب بها إلى رئيس الجمهورية وسيوقّعها». وسأل الفرزلي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع: «أي عهد تتحدّث عنه؟ الذي خاض معركة تحرير الجرود من الإرهاب؟ والذي أعاد الأمن والأمان إلى البلد»؟، متوجّها إليه بالقول: «هناك خريطة في مجلس النواب عليك ان تحترمها «أنت وواقف على رِجل واحدة».
وشدّد الفرزلي على أنّ «أي تشكيلة حكومية لا تراعي نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة هدفها ضرب العهد وعلى الكبير والصغير أن يفهم ذلك». وتابع: «الرئيس نبيه برّي سأل الوزير باسيل عمّا يريده في تشكيل الحكومة، فأجابه أنّه لا يريد إلّا المعيار الواحد».
الى ذلك كان لافتاً ما أعلنه مسؤول منطقة جبل لبنان والشمال في «حزب الله» الشيخ حسين زعيتر، أمس، «أننا نواجه أكبر هجمة على الكيان اللبناني لإسقاط الرئيس القوي»، مؤكداً أن «الرئيس العماد ميشال عون لن يسقط بالرغم من كل محاولات الداخل والخارج».
من ناحية أخرى شن وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي، هجوماً على أداء الامانة العامة لمجلس الوزراء، قائلاً إنها «سابقة خطيرة أن تبادر الأمانة العامة لمجلس الوزراء الى الردّ الإعلامي على وزير في حكومة عاملة أو مستقيلة بموضوع يتعلق بالمباشر بالمال العام، في حين أن وزير العدل تطرق الى مسألة مبلغ الـ 88 مليون دولار أخذاً حرفياً عن تصريح زميله وزير الأشغال العامة والنقل بعد اجتماع السراي بموضوع تلزيمات المطار، وحبذا لو كلفت الأمانة العامة لمجلس الوزراء نفسها الاستماع الى هذا التصريح. إن الوزير في دستور الطائف حيثيته السياسية والهرمية مصونة في المادة 66 من الدستور، والأمانة العامة لمجلس الوزراء مدعوة الى تحرير مشاريع المراسيم العالقة لديها والنائمة في أدراجها والمتعلقة بحقوق حيوية للمواطنين، بدلاً من مساجلة الوزراء إعلامياً، على غرار مشاريع مراسيم تأليف اللجان القضائية، كلجان الإيجارات والاستملاكات والاعتراضات على الضرائب والرسوم وما شابه، وكأنها لم تحفظ من دستور ما بعد الطائف الا فعل الامتناع والحجب. حبذا لو نلتزم جميعاً حدود ميثاقنا الوطني ودستورنا لينتظم عمل سلطاتنا ومؤسساتنا».
إلى ذلك يقوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بزيارة رسمية الى مقرّ البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، تبدأ اليوم وتستمر ثلاثة أيام، يلقي خلالها كلمة في جلسة خاصة لافتتاح الدورة العادية للبرلمان للعام 2018-2019، ويجري خلالها لقاءات مع كبار المسؤولين الأوروبيين تتناول العلاقات بين لبنان والاتحاد الأوروبي، والأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة. وترافق الرئيس عون في الزيارة، اللبنانية الأولى السيدة ناديا عون، إضافة الى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ووفد رسمي. ويلقي الرئيس عون كلمته أمام البرلمان الأوروبي عند الثانية عشرة ظهراً بتوقيت ستراسبورغ الثالثة عشرة بتوقيت بيروت ، بعد أن يكون عقد لقاء موسعاً مع رئيس البرلمان الأوروبي انطونيو طاجاني في مقر البرلمان يحضره الى الرئيس عون أعضاء الوفد المرافق، الى جانب عدد من نواب الرئيس طاجاني والمسؤولين في مكتب رئاسة البرلمان.
ويقيم الرئيس طاجاني للرئيس عون مأدبة غداء على شرفه واللبنانية الاولى والوفد المرافق، بعد كلمة رئيس الجمهورية يحضرها رؤساء الكتل البرلمانية في البرلمان وعدد من النواب فيه. ويلتقي رئيس الجمهورية للمناسبة عددا من كبار المسؤولين الأوروبيين. كما يلتقي الرئيس عون مساء الثلثاء ابناء الجالية اللبنانية في ستراسبورغ والمدن الأوروبية المجاورة.
المصدر: صحف