سواء كانت الأوجاع في الظهر أو الرأس أو المفاصل، فإن ملايين الأشخاص حول العالم يعانون من آلام مزمنة، لا تخفف منها إلا المسكّنات المشتقة من الأفيون، التي تمنع محفزات الألم من خلال التصاق هذه المواد في جسم الإنسان بما يعرف بمستقبلات مشتقات المورفين. من بين هذه المستقبلات ما يعرف بمستقبل “أم او بي” تستهدف الكثير من المواد الفعالة المسكنة للألم مثل مادة فينتانيل أو مادة أوكسيكودون هذا المستقبل الذي له تأثير شديد فعالية على تسكين الألم.
وتعد المسكّنات الأفيونية من أقوى المسكنات والمخدِرات فعالية، إذ تحتوي الأفيونات وأشباه الأفيونات على مادة الأفيون أو المواد المشتقة منها والتي تستخرج من نبات الخشخاش. ويضم تعبير الأفيونات الأكثر شمولاً مواد لها تأثير شبيه بتأثير المورفين.
ولكن المشكلة هي أن علاج الآلام بهذه المسكنات يجلب معه الكثير من الآثار الجانبية، كشلل الجهاز التنفسي واضطرابات في القلب والدورة الدموية و التعود والحكة، إضافة إلى أن العلاج غير المتخصص بهذه المستحضرات يجعل المريض يدمنها. كما أنها تؤدي – على عكس المنتظر منها – إلى تقوية ذاكرة الألم بدلاً من إخمادها، بحسب ما جاء في المجلة العلمية لموقع scinexx الألماني.
ووجد الفريق البحثي ضالته المنشودة في مادة أيه تي – 121 واختبروها في البداية خلال تجارب على الحيوانات ثم على قردة المكاك الريسوسي. وبرهن الباحثون خلال الدراسة على أن هذه المادة آمنة ولا تصيب بالإدمان، ومع ذلك فعالة في تسكين الألم، حسبما أوضح ماي شوان كو، وهو أحد المشاركين في الدراسة. ووجد الباحثون أن هذه المادة الفعالة لها نفس تأثير المورفين، عندما تعطي بجرعة أقل مئة مرة منه.
كما لم تظهر خلال التجارب على الحيوانات بعض الآثار الجانبية المعروفة عن الأفيون، إضافة إلى أن خطر الإدمان على هذه المادة كان ضئيلاً على ما يبدو. واختبر الباحثون أيضاً، ما إذا كانت القردة تلجأ لتعاطي هذه المادة بإفراط عندما تتاح لها الفرصة لذلك. ولكنها لم تفعل. كما وجد الباحثون أن سرعة التعود المعروفة بالنسبة لعقاقير أخرى لم تحدث مع هذه المادة.
وهناك تأثير إيجابي آخر لمادة أيه تي – 121 حيث إنها تحد من تأثير مادة أوكسيكودون المخدرة، وبذلك فإن هذه المادة الفعالة ربما كانت صالحة أيضاً لعلاج الإدمان على المسكنات. ولأن هناك أوجه تشابه وثيق نسبياً بين الإنسان وقردة المكاك الريسوسي، فإن الباحثين يعتقدون بأن لهذه المادة تأثير جيد نسبياً لدى الإنسان أيضاً. وهذا هو ما ينتظر أن تظهره التجارب الميدانية على مادة أيه تي – 121.
يُذكر أن انتشار تعاطي المسكّنات الأفيونية تسبب فيما يمكن تسميته بـ “وباء الأفيون” الذي أصاب أعداداً لا حصر لها من الأشخاص، خصوصاً في الولايات المتحدة، بالإدمان وأدى لوفاة عشرات الآلاف بسبب تعاطي جرعة زائدة من الأفيون.
المصدر: dw.com