عقد النائب اللواء جميل السيد مؤتمرا صحافيا في فندق “كورال بيتش” – الجناح عرض فيه “الوضع الأمني في بعلبك الهرمل”، وقال: “ليس من أدبياتي أن أتناول مواضيع تتعلق بالجيش أو بالمؤسسات الأمنية، فأنا إبن هذه المؤسسات، وساهمنا لفترات طويلة في بنائها وتطويرها، ومن أدبياتي أن أدافع عن الجيش والمؤسسات الأمنية حتى ولو في بعض المرات ارتكبت أخطاء غير مقصودة، فجل من لا يخطىء”.
أضاف: “على مدى 6 سنوات، كانت الأولوية عند الناس مرتبطة بإزالة الارهاب من الجرود. وفي ظل هذا الإرهاب، زاد الفلتان الأمني في البقاع، لا سيما في بعلبك الهرمل، وازدادت عمليات الخطف والسلب وإطلاق النار والعديد من الحوادث. وعندما زال وجع الإرهاب، ظهر الوجع الآخر، وهو وجع الفلتان، وكان يتمنى الناس بعد زوال الارهاب أن يكون هناك اكباب رسمي لمعالجة مشكلة الفلتان الأمني في البقاع”.
وتابع: “ما أعنيه بالفلتان الأمني في البقاع، ليس أن هناك مطلوبين فيلقى القبض عليهم أو هناك مذكرات توقيف عمرها 30 عاما يجب تنفيذها، ولا أن هناك خلافات عائلية يجب إصلاحها، بل أعني شيئا واحدا بسيطا جدا أن الأمن اليومي والأحداث اليومية من “تشفيط” السيارات على رأس العين الى إطلاق النار في الهواء والسلب والخطف وسرقة السيارات، وصولا إلى التهديدات والخوات، فهذا ما أقصده”.
وأردف: “يجب معالجة الوضع الأمني كل يوم بيومه أي بما معناه، أنه عندما يحصل الحادث علينا توقيف الفاعلين بأسرع ما يمكن. وفي حال هربوا، علينا أن نطاردهم ونلقي القبض عليهم ونحيلهم على القضاء المختص. لا يطلب أهل بعلبك الهرمل من هذه الدولة، إلا أبسط متطلبات الأمن، ووضع حد للفلتان الأمني اليومي”.
وقال: “إن المطلوب مسؤولية أمنية تعالج المشاكل اليومية فقط، والتي نسميها نحن بالأمن الاجتماعي، ولا نطلب تنظيف المنطقة من أي شيء. ومع هذا كله، هذا الحد الأدنى لا أحد يعالجه. قبل الانتخابات، خلال لقاءاتنا مع الناس لم يكن هناك أي كلام، إلا عن الأمن، واتخذت مبادرة مع فعاليات المنطقة من نواب ونواب سابقين، وكنت ممن زاروا قائد الجيش العماد جوزاف عون. وعلى مدى ساعة وربع ساعة، شرحت واقع المنطقة في 26 آذار الفائت من دون إعلام، إيمانا مني بأننا نحن العسكر نتكلم بالسترة، بما معناه بعيدا عن الاعلام. وأطلعت العماد عون على وضع الأمن في المنطقة وتقصير الجيش والقوى الأمنية والقيمين على الأمن فيها، وأكدت له ضرورة جمع الأجهزة في غرفة عمليات لملاحقة الحوادث اليومية، وأنه لا يجب اعتماد خطة تطويق قرية بكاملها من أجل شخص خارج على القانون، بل محاولة توقيفه خارج القرية، لا سيما أن التقنيات والأجهزة والعناصر البشرية العسكرية موجودة، ونحن لا نطلب قطع الرؤوس عشوائيا”.
وطالب السيد “الضباط بأن يكونوا في جهوزية تامة كأمنيين لا كموظفين لأن الأمن يتطلب الرصد ليل نهار”. وقال: “لقد جرت الإنتخابات، وللناس متطلبات، منها قانون العفو والإنماء. لقد سبق أن قلنا إننا سنسعى إلى قانون عفو وتبنيناه كمرشحين لبعلبك الهرمل، ولكن على أساس مشروع رصين يضمن عدم تكرار الحوادث. أعلنا أن المنطقة تحتاج إلى إنماء، وبالطبع تحقيق هذه الأمور أبطأ من الأمن، وقانون العفو كل فريق يراه على طريقته، ولكن هذا لا يمنع تطبيق الأمن اليومي، لا سيما أن هدفنا إيجاد صيغة تريح المنطقة”.
وأضاف: “ما يجري منذ 16 أيار الفائت كأنه يحصل بكبسة زر، حيث تضاعفت الحوادث والمخالفات والمشاكل والخلافات العائلية في قلب مدينة بعلبك، ولكن للأسف لم يتحرك فورا أي من الأجهزة”. وأشار إلى أن “النائب هو من يحمل هموم الناس ويقاتل عنهم في الدولة”، وقال: “لقد زرنا فخامة الرئيس العماد ميشال عون، الذي أبدى تجاوبا وأعطى توجيهاته إلى المجلس الأعلى للدفاع أن الخلل الأمني في البقاع ممنوع. وسابقا ولاحقا، قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ودولة الرئيس نبيه بري في كل المحطات لا غطاء على أحد وليقم المعنيون بدورهم، وهذا يعني أن الجميع رفعوا الغطاء، فمن إذا يحمي المخل بالأمن؟ هو الأمن”.
وأضاف: “منذ يومين، زار نواب قائد الجيش حيث كان حاضرا مدير المخابرات، وطالبوه بضرورة فرض الأمن في المنطقة، وكان الجواب أعطونا أسماء المتورطين وأن هناك ثقافة مختلفة لدى أبناء المنطقة، كما ما قال مسؤول أمن البقاع لمحافظ بعلبك إن أهل المنطقة هكذا، ولا يتغيروا. وللأسف، هل نجلب شعبا من الخارج كسويسرا لتطبقوا عليه الأمن؟ مع العلم ان أهل المنطقة من خيرة الأوادم وعشائرها خير الناس، فإذا كان هناك عدد ضئيل ممن يخلون بالأمن، فهذه مسؤولية الدولة. إن العشائر لا تسرق ولا تنهب ولا تفرض خوات، فهي أهل حق ونصرة المظلوم. وللأسف، هناك من اتصل ببعض المخلين بالأمن لإصدار بيانات وتوجيه الشتائم الى جميل السيد والنواب، وهددوا بتحميلنا مسؤولية الدماء التي ستسيل، وإذا لم تأتوا بالانماء والعفو فلا تنفذوا خطة أمنية. فإذا تأخر الانماء والعفو، هل يتم “الزعرنة” على أهل المنطقة؟ كما طالب البعض من أصحاب اللوحات الاعلانية بأن يتم رفع لافتات التأييد لمسؤولي الأمن في المنطقة، وهذا ما يحدث، وإذا كان قائد الجيش واللواء عماد عثمان ومدير المخابرات يعلمون مصيبة كبيرة، وإن لم يعلموا فالمصيبة أكبر، والحجة فقط أن ثقافة أهل المنطقة معقدة، فللأسف هذا الجواب”.
واستغرب النائب السيد “ألا يتحرك العنفوان لهيبة الجيش بعد قيام أشخاص يرتدون لباس الجيش وينتحلون صفة المخابرات بسرقة منزل أديب اللقيس وخطف زوجته وإعادتها، فكيف لم يتحرك الجيش لتوقيف الفاعلين، مع العلم أن المنزل الذي سرق يبعد عن حاجز الجيش في دورس 150 مترا. فهل تم اتباع مبدأ طائفي تحت مسمى “شيعة يصطفلوا ببعض”؟ علما أن رئيس المخابرات في البقاع شيعي وكذلك مسؤولي التحري وأمن الدولة والأمن العام. ودائما يقال إن الفاعلين فروا إلى سوريا، وهذا كذب، لأن أماكن تواجد المطلوبين معروفة، وهناك تنسيق معهم، فهل يحصل ذلك إذا تعرض شخص يحمل الجنسية الاميركية أو الفرنسية للسرقة أو لأي حادث في بعلبك أو أي شخص ميسور أو تحل القضية بسرعة؟ ولكن عندما يتعلق الأمر بأحد أهالي بعلبك والهرمل فلا أحد يتحرك”.
وأشار إلى أن “القلعة في رأس العين أصبحت نبع إنماء، بعد التحسينات التي قامت بها البلدية بجهود رئيسها العميد اللقيس”، وقال: “في حال فرض الأمن، تؤمن آلاف فرص العمل، وكذلك الحال بالنسبة إلى منتزهات العاصي”. وتطرق إلى “حادثة سرقة صندوق النذورات من كنيسة سرعين”، لافتا إلى أن “الامر لم يستغرق ساعات حتى تم توقيف الفاعل”، متسائلا: “لماذا لا يطبق هذا الأمر على كل بعلبك الهرمل”. وأشار إلى “ما يثار عن أن هناك من يتلطى بما يسمى برعاية أمنية من قبل حزب الله”، وقال: “هذا أمر غير صحيح، لأن السيد نصر الله عندما يقول لا الغطاء على أحد، فهذا يعني ألا غطاء، فهل حاول أحد إعطاء اسم متورط مع اللجنة الأمنية لمحاسبته؟”.
ولفت إلى أن “أحد ضباط الأمن السابقين كان يوقف مطلوبين ويخلي سبيلهم مقابل مبالغ مالية”، وقال: “لاحقا، فضح هذا الأمر، ولكن للاسف بدل معاقبته تم نقله ليصبح ملحقا عسكريا في روسيا. لقد قطعنا مرحلة التقصير الامني الى مرحلة التآمر، لان هناك تآمرا على اهل المنطقة والمقاومة لترسل رسالة إلى الخارج بأن بيئة المقاومة هي من الزعران، وهذا عكس الحقيقة، فالعشائر وعائلات بعلبك الهرمل تتميز بالنخوة، والتآمر عليها واقع حتى ثبوت العكس”.
وتوقف النائب السيد عند “حديث المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، الذي قال فيه إن أي جريمة في لبنان حدها الأقصى لتوقيف المجرمين 24 ساعة، بفضل التقنيات الجديدة. فلماذا هذه التقنيات غائبة عن منطقتنا؟”.
وتطرق إلى مسألة اليمونة والعاقورة، وقال: “ما يعنينا هو حسن الجوار الدائم والمحبة، وان يسود بين البلدتين ما يسود بين كل اللبنانيين، فمنذ عشرينيات القرن الماضي كان هناك ترسيم للجرود، حيث اعتبر أهل اليمونة أنفسهم مغبونين. فهذه الجرود تضمن في أول الربيع لرعيان من الناحيتين، وكانت تشهد اشتباكات واشكالات منذ ستينات القرن الماضي، مما أوقع عددا كبيرا من القتلى من البلدتين. ومنذ عهد الرئيس كميل شمعون وما بعده، تألفت أكثر من عشر لجان وزارية لحسم هذه المسألة، وكنا في أول الربيع من كل عام نخشى وقوع أي إشكال، وتفاعلت الأمور في عهد الرئيس العماد اميل لحود، وكنت حينها مساعدا لمدير المخابرات، ثم مديرا عاما للامن العام، حينها توجهت مع العميد عازار والعميد اللقيس إلى البلدتين لطرح حل وفك التماس بالتراضي، فتم الاتفاق على تحديد منطقة عزل في خط الوسط بالجرد، وعلى ألا يقترب منها أحد. ومع الوقت، توقفت الاشكالات بالرضى بين الاهالي والبلديتين، وكل الأطراف عرفت حدودها”.
أضاف: “قبل موسم التضمين في الجرد هذا العام، قام رئيس بلدية اليمونة بمبادرة حسن نية تجاه رئيس بلدية العاقورة الجديد والذي ينتمي إلى التيار الوطني الحر، وقال له نريد أن يبقى الوفاق على غرار السنوات الماضية، فطالبه رئيس بلدية اللقلوق بالعودة الى الاتفاق القديم. وبما أنني من المعنيين وحقنا للدماء، بعد ضرب رعيان من اليمونة، طلبت عدم التحرك، وتوجهت عند فخامة الرئيس ميشال عون، الذي قال: الطرفان يهمونني كأولادي، وسنعطي تعليمات لاعادة تمركز الجيش، كما كان من قبل، ريثما يتم ايجاد حلول. وللاسف، كان هناك التباس، فعدت وزرت الرئيس عون، وطالبنا بأن يبيعوننا الدم من دون افتعال مشاكل تعود بالحال إلى ما قبل العام 1938. وللاسف، قال أحد الضباط المتقاعدين والمستشارين في القصر إن هذا الحل عمل به خلال مرحلة الوجود السوري في لبنان. وعلى قيادة الجيش ان تجمع الطرفين وتحيي الاتفاق القديم، ريثما يشكل فخامة الرئيس لجنة وزارية لرسم الواقع الطبوغرافي الجديد ويكون الحل النهائي، ونحن سنكون الى جانب الناس دوما لتحقيق الامن تحت غطاء الرئيس عون والرئيس بري والسيد نصرالله”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام