بمناسبة انتهاء مهامه الدبلوماسية في لبنان، أقام تجمع العلماء المسلمين حفلاً وداعياً لسعادة سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحاج محمد فتحعلي، بحضور القائم بالأعمال السيد أحمد الحسيني وأركان السفارة وحشد من العلماء.
بداية الحفل تكلم رئيس مجلس الأمناء في التجمع الشيخ أحمد الزين مرحباً بسعادة السفير والحضور قائلاً: نتوجه إلى الله تبارك وتعالى بالحمد والشكر والثناء. من هنا من تجمع العلماء المسلمين وبحضور وتكريم سعادة السفير محمد فتحعلي سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية نتوجه إلى سيدنا ومولانا رسول الله (ص) مؤكدين سيرنا على نهجه وعلى خطاه وإتباعه. الصلاة والسلام عليك يا سيدنا يا رسول الله.
يسعدنا ويشرفنا وبحضور سعادة السفير أن نتوجه إلى طهران، إلى الإمام القائد سماحة السيد الخامنائي حفظه الله بأعز تحية وأسمى سلام، السلام عليك يا قائد الأمة السيد الخامنائي (حفظه الله ورعاه)، وإلى الشعب الإيراني العظيم، لا من باب الالتفات من الناحية القومية والوطنية والحزبية، وإنما نحن في تجمع العلماء المسلمين حينما نتوجه إلى السيد القائد في الجمهورية الإسلامية الإيرانية نؤكد بذلك التزامنا بالإسلام، بالحكم الشرعي وما يدعو إليه لوحدة إسلامية إنسانية، إلتزاماً كاملاً بالقضية الفلسطينية التي ترفع لوائها الجمهورية الإسلامية الإيرانية بصورة دائمة.
نحن يشرفنا أن نحتفي بسعادة السفير، موجهين التحية إلى الشعب الفلسطيني العظيم وبخاصة قضية القدس والمسجد الأقصى، معلنين إلتزامنا الكامل بالقضية الفلسطينية خلف القائد السيد الخامنائي ومن قبله الإمام الخميني، ونحن بذلك معشر العلماء من السنة والشيعة ننطلق بهذا من الحكم الشرعي وإلتزامنا بكتاب الله وهدي رسول الله وبالشرع والدولة الإسلامية.
وأعود وأكرر ترحيبي واحترامي للسيد السفير من خلال تجمع العلماء المسلمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ثم ألقى رئيس الهيئة الإدارية الدكتور حسان عبد الله كلمة التجمع قائلاً: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتَجبين..
أيها الأحبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
كيف سأطلقُ الكلمات من أسر القلب الذي يكنُّ كل هذا الحب لسعادتكم؟.. إن حضوركَ بيننا بحدِّ ذاته تكريمٌ لنا.. وغيابُكَ عنا هو تمثيلٌ لنا حيثُ حللت.. بوركت أخاً عزيزاً ولن نقول وداعاً بل نستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.
أيها العزيز..
من أين آتي بالكلمات؟.. وكيف لي أن أصفَ ما يريدهُ هذا القلب من مفرداتٍ عصيَّةٍ على الفهم.. أيُّ فضاءٍ سيسَعُ الكلماتِ اليومَ لتَعْبُرَ إلى وصفكَ الجميل.. وأيةُ قطراتٍ من ندى الكلماتِ ستَليقُ بشلالاتِ النورِ التي تحتفلُ الآن وهي ترقُبُ إيرانَ الإسلام وهي تشقُّ طريقنا نحو القدسِ.. لتُطلِقَ أنوار السيد القائدِ المفدّى في ساحةِ أيامنا..
سعادة السفير..
يا أيها الوافدُ من فيض النور الإلهي المرسلِ عبر الإمام الخامنائي.. يا أيها السفير المؤتمن على ممالكِ الزهر ومُهج الأرواحِ وغرسِ أشجار الوحدةِ الإسلامية الوارفةِ الظلال.. يا أيها المتواضعُ الذي تصغُرُ دونهُ كبرياتُ المكارم.. السلام عليكَ منا من صرح هذا التجمُّعِ المولود على يدي الإمام الخميني العظيم..
أحاولُ ترتيب المفردات التي تترادفُ كأسراب السنونواتِ في مواسمِ الرحيل.. ولكن لا أصل إلى سقف الشكرِ الذي يليقُ بكم.. أعيدُ تردادَ صدى الكلمات التي يُطلقُها نبضُ القلبِ المفعم بالمودةِ والتقدير.. أرتِّبُ ما تيسر من الكلِم.. ثمَّ أعود إلى حيثُ تُهتُ.. فعلاً أمرُ الوداعِ مريبٌ وقاطعٌ لشهية الكلمات.. تُرى هل يأتي اليومُ الذي تولدُ فيه أبجدياتٌ من الوجد؟.. أرتِّبها لتليقَ بمن هو حاضرٌ دائماً بيننا؟..
أيها العزيز: اغتنمُ فرصةَ حفلِ الوداعِ هذا لأعلنَ باسم تجمعِ العلماءِ المسلمين الموقفَ التالي:
نحنُ على يقينٍ تامٍ أنَّ الجمهوريةَ الإسلاميةَ الإيرانيةَ هي رأسُ محورِ المقاومةِ والإمامُ آيةُ الله العظمى السيدُ عليُّ الخامنائيُّ مُدَّ ظلُهُ هو قائدُ هذا المحورِ في مواجهةِ محورِ الشر الصهيو/أمريكي ونعتقدُ جازمينَ أن النصرَ سيكون حليفاً له وعلى يديهِ سوف تتحررُ فلسطينُ وكلُّ محاولاتِ محورِ الشرِّ ستبؤ بالفشلِ الذريعِ والأيامُ المقبلةُ ستنقُلنا من انتصارٍ إلى آخرَ حتى موعدِ النصرِ النهائيِّ بقيادةِ إمامِ العصرِ والزمانِ عجلَّ الله تعالى فرجَهُ الشريفُ
إن انتماءَنا إلى هذا الخطِّ وهذا النهجِ ليس انتماءً سياسياً أو فكرياً فحسبُ بل هو دينٌ نتعبّدُ للهِ تعالى من خلالِهِ ونلقاهُ متمسكينَ بهِ معتقدينَ أن سبيلَ نجاتِنا يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنون.
وعبركَ أيها الأخُ العزيزُ والصديقُ الوفيُّ نقول لسماحةِ الإمامِ آية الله العظمى السيدِ علي الخامنائي مُدَّ ظلُهُ الوارفُ نحنُ طوعُ أمرِكَ لو خضْتَ البحرَ لخضناهُ معك فانتَ قائدُنا ومولانا ودليلُنا إلى سبيلِ الرَّشَادِ.
أيها العزيز: للكلمات قدرةٌ على إثارةِ الانفعالاتِ القويةِ وتفجيرِ شحنةٍ كهربائية ربما يتمكن العلم ذات يومٍ من قياسِ طاقتِها، ولهذا فإننا نتجنّبُ بعضَ الكلماتِ، ونلتفُّ على بعضِها بمختَلَفِ الوسائلِ، ونحاذرُ الاقترابَ من بعضِها الآخر، وأحياناً نستدعي كلَّ ما في أنفسِنا من شجاعةٍ لكي ننطُقَ بكلمة. ولذلك كان القدماءُ من مختلَفِ الحضاراتِ يؤمنونَ بقدرةِ الكهنةِ على طردِ الأرواحِ الشريرةِ بنطقِ كلماتٍ محددةٍ بنبرةٍ وإيقاعٍ معلومَيْنِ، ويثقونَ أن للكلماتِ القدرةَ على سحقِ الخصومِ والأعداءِ. إذن كيف آتي بكلماتٍ تصفُ مناقِبكَ وأنا الذي خانتني الكلماتُ وشاغلتني عن نفسي بما لا أستطيعُ أن أصِلَ إليهِ من وصف؟.. لذلكَ لن أطيلَ.. وليس لديَّ رصيدٌ يكفي من أبجدياتٍ هي زادي الذي أقتاتُهُ في مناسباتٍ مماثلة. اعذُرْني أيها العزيزُ.. لن أضيفَ جديداً إن قلتُ: أنتَ حاضرٌ في كل ميادينِ الوحدةِ الإسلاميةِ.. فألفُ ألفِ تحيةٍ وسلامٍ لشخصك الكريم.. وشكراً لك.
بعدها قدم الشيخ الدكتور حسان عبد الله درعاً تكريمياً لسعادة السفير.
وفي نهاية الحفل ألقى سعادة السفير الحاج محمد فتحعلي كلمة جاء فيها:
العلماء الأجلاء… أيها الحضور الكريم…السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
يغمرني شعور بالفخر والاعتزاز وأنا أقف بينكم، نخبة من علمائنا المسلمين الأجلاء، سنة وشيعة شكلوا علامة مضيئة ولامعة في سماء الأمة المكفهرة تفرقةً وظلاماً وتكفير، فتحملوا مع كافة المخلصين من أبناء هذه الأمة واجب الدعوة قولاً وفعلاً في سبيل وحدة المسلمين لأنه بوحدتهم وفقط بوحدتهم خلاصهم وعزتهم وكرامتهم وانتصارهم.
أهل علمٍ وإيمان، وجهادٍ ووفاء لمقاومة أعزت الأمة بعظيم جهادها ورفعت رأس لبنان والأمة الإسلامية عالياً عندما أبت إلا أن تظل عاصية على المحتل الغاصب تختزن غضبها وكل قرى عاملة ثورة ومقاومة أثمرت تحريراً مظفراً في أيار عام 2000 ونصراً إلهياً مباركاً في تموز عام 2006، ونصراً مؤزراً على الحاقدين الإرهابيين التكفيريين الذين ارتكبوا أبشع المجازر باسم الإسلام والدين.
وطن كهذا الوطن وشعب كهذا الشعب كيف للمرء أن لا يحبه ويحترمه ويحني الهامات إجلالاً لعظمة انتصاره، شعب أضحى للكرامة والعزة عنوان وللوعد والصدق والشرف ميزان.
لذا فإنني أعتز بأدائي لمهامي الدبلوماسي في هذا الوطن العزيز الذي نكن له في الجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادةً وشعباً كل معاني الحب والتقدير والإعتزاز.
أيها الأخوة الأعزاء:
أعذروني إن بدت كلماتي عاطفية بعض الشيء، فلحظات الوداع تفرض لغة خاصة وجدانية نابعة من القلب والوجدان بعيداً عن الدبلوماسية والرسميات، وهي تبقى عاجزة عن الوصف والتعبير لما يكنه قلبي من محبة لهذا البلد الشقيق وشعبه ومقاومته.
سنوات أربع قضيتها بينكم وتركت في نفسي أبلغ وأعظم العبر والذكريات التي ستشكل لي على الدوام محطة أستضيء بها في حياتي، فذكرياتي عن لبنان ليست عن جماله الطبيعي وآثاره التاريخية كما يتغنى بها البعض، لكنها ذكريات وانطباعات حية تنبض بالحياة والحب والعرفان لهذا الشعب الطيب في لبنان المجاهد المقاوم والصابر المضحي.
أيها الأعزاء؛ إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وفي ظل القيادة الحكيمة للسيد القائد الإمام الخامنائي دام ظله وحكومة وفخامة الرئيس الشيخ حسن روحاني ستبقى على الدوام إلى جانبكم في السراء والضراء لإجهاض كافة المؤامرات التي تحاك ضد الأمة الإسلامية في أية بقعة من هذا العالم إلتزاماً بالتكليف الشرعي والواجب الإسلامي الذي تعلمناه من إمامنا الحبيب العبد الصالح لله تعالى الإمام الخميني (رض)، أن نهتم بقضايا المسلمين.
أخيراً، أترك لبنان ورسالتنا إليه أن وحدتكم هي سر انتصاركم، وتنوعكم الطائفي مصدر غنى وتنوع وحضارة ليكون لبنان عنواناً دائماً للحضارة والمقاومة والتطور والإزدهار.
لكم كل شكري وتقديري ودعائي للعلي القدير أن يحفظكم ويسدد خطاكم، إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: انترنت