ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت اليوم الاثنين 4 حزيران 2018 على مواضيع عديدة، كان ابرزها اللقاء الذي جمع الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، والذي بحث التطورات المختلفة ومواجهة الفساد، كما تناولت الصحف تطورات تشكيل الحكومة.
* البناء
سورية وحلفاؤها للفوز بمعركة الجنوب… لتفكيك قاعدة التنف الأميركية وبلوغ الجيش الحدود
مرسوم التجنيس إلى الوراء در نحو الأمن العام… والمعلم: القانون 10 لإعادة تكوين سجلات
السيد نصرالله للتنسيق مع باسيل وجنبلاط… والحريري عاد بلا دعم سعودي… وأزمة «القوات» باقية
كتب المحرّر السياسي
تبدو المؤشرات في طريق الاكتمال نحو صياغة السطور الأساسية في التسوية التي سترسم مستقبل انتصار سورية وحلفائها، مع الموافقات الأميركية و»الإسرائيلية» والسعودية، على سحب المسلحين وإلغاء سياسات مناطق الأحزمة الأمنية جنوب سورية وصولاً للموافقة على تفكيك قاعدة التنف الأميركية، وانتشار الجيش السوري حتى حدود الجولان المحتلّ والحدود مع الأردن، وتقول مصادر مطلعة إنّ هذه التسوية سيصير تكرارها ممكناً شمالاً، حيث الأميركي وحده في الشمال الشرقي مع الخصوصية الكردية، وحيث أعلن الرئيس السوري بشار الأسد الاستعداد للتفاوض قبل اللجوء إلى القوة، ولا وجود هناك لمفاعيل التعطيل السعودي ولا لحضور الأمن الإسرائيلي كما هو حال الجنوب. وفي المقابل في الشمال الغربي سيكون طبيعياً تفكيك الحالة التي ترتبط بالأتراك ووجودهم مع التسويات المشابهة التي ستنهي الاحتلال الأميركي ومشروع الانفصال الكردي، بينما يجري السير بصيغة لجان سوتشي للحلّ السياسي كمدخل لحكومة موحّدة في ظلّ الرئيس السوري والجيش السوري عنواناً للسيادة والوحدة في سورية، تمهيداً لدستور جديد وانتخابات تقوم على أساسه. وسيترك للذين شنّوا الحرب على سورية أن يحتفلوا بهزيمتهم وهم يقولون لقد منعنا الإيرانيين وحزب الله من بلوغ الحدود، كأنّ هذه كانت قضية الحرب قبل ثماني سنوات على الجيش والدولة والرئيس في سورية وجاء الحلفاء للمساندة حيث يستدعي الأمر عملاً عسكرياً. سيحتفل أعداء سورية بهزيمتهم بنصر وهمي صُنع لهم كما تحتفل بعض الجماعات المسلحة بأنّ انسحابها اشترط تغيير لون الباصات واستبدالها بباصات بلون آخر.
وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي أكد أن لا تسوية في الجنوب، طالما بقيت قاعدة التنف الأميركية. وهي القاعدة التي توفر الدعم للجماعات المسلحة في الجنوب وتقطع طريق دمشق بغداد، فيما تولّى إيضاح القانون رقم عشرة وتبديد الهواجس التي أطلقت حول علاقته بملف النازحين، مؤكداً أنّ نطاق القانون محدود لجهة مهل تأكيد الملكيات بخصوصية حالة فقدان السجلات العقارية التي أتلفتها وعبثت بها الجماعات المسلحة، والإثبات متاح لكلّ صاحب حق ولأقاربه من الدرجة الرابعة إذا تعذّر عليه الحضور.
لبنانياً، تفاعلت الانتقادات المتصلة بمرسوم التجنيس، وتداخلت الكيدية السياسية وتسجيل المواقف من الذين وجدوا في القضية فرصة للنيل من رئاسة الجمهورية رغم أنّ توقيعَي وزير الداخلية ورئيس الحكومة بحكم توافر الأجهزة اللازمة للتدقيق والتحقق تحت مسؤوليتهما، يفترض أن ينالهما من النقد أضعاف ما نال رئيس الجمهورية، الذي يفترض أن توقيعه مصادقة على صحة ما تحقق من قانونيته كلّ من وزير الداخلية الذي يشرف على جهازين أمنيين، ورئيس الحكومة الذي يتبع له مباشرة جهاز أمني، لكن الطريقة التي تقدّم بها بعض مناصري رئيس الجمهورية تمسكاً بسرية المرسوم وربطه بأسباب إنسانية، لم تكن موفقة، وأتاحت للمهاجمين ربح جولة إعلامية وسياسية علّها تفيدهم في المعركة الأصلية وهي معركة تشكيل الحكومة. فكان موقف رئيس الجمهورية بإعادة المرسوم إلى الوراء والطلب من المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم التدقيق في قانونية استحقاق الأسماء الواردة في المرسوم، الذي أتاح التعتيم على الأسماء الواردة فيه موجة شائعات وجرى تداول أسماء لسوريين بُنيت عليها حملات ما لبثت أن تكشّفت عن ألاعيب إعلامية لا أساس لها.
في معركة تشكيل الحكومة التي تشكل «القوات اللبنانية» عقدتها الرئيسية، قالت مصادر متابعة إن لا جديد بعد عودة الرئيس سعد الحريري من السعودية، وأن لا دعم سعودياً مرتجىً للحريري في الضغط على «القوات». وقد كان لافتاً على هذا الصعيد ما قالته مقدّمة نشرة «أم تي في» المقرّبة من «القوات»، أنّ المعلومات تفيد بأن لا ألغام تمّ تفكيكها لا في السعودية ولا في لبنان، ما يوحي باستثمار سعودي في التفاوض الإقليمي الجاري عنوانه تأخير تشكيل الحكومة في لبنان.
بالتوازي كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يواصل ما بدأه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري من تفاهمات حول الحكومة وتكوينها ومهامها، وفي طليعتها مكافحة الفساد وآلياته، فيلتقي مع رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل ويرسل معاونيه لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في العناوين نفسها، تمهيداً للطريق أمام ما أخذه الحزب على عاتقه وبشخص أمينه العام من مسؤولية مباشرة في ملف مكافحة الفساد من جهة، وما ينتظره من مساهمة في إدارة ملف تشكيل الحكومة، بالتعاون مع حلفائه وكلّ من رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب والحكومة.
لا ريب في أن خطوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الطلب من مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم إجراء تحقيق في الأسماء الواردة في مرسوم التجنيس، بادرة وطنية بامتياز، فهو قد يكون أول رئيس يستمع إلى هواجس الناس، لكن المفارقة تكمن، بحسب مصادر مطلعة في 8 آذار لـ «البناء» أن هذا الملف المتشابك والمعقد كان من المفترض أن يمر بالأمن العام قبل توقيع المرسوم وليس بعد ذلك. وتشير المصادر إلى أن مقرّبين من الرئيس يتحمّلون مسؤولية ما ألت إليه الأمور، مستغربة كيف يلجأ هؤلاء إلى تمرير أسماء تطرح الكثير من علامات الاستفهام، وستضع الرئيس في موقع الشبهة؟ وإذا كانت قناة المنار قد تجنّبت في مقدمتها التطرق الى هذا الموضوع، فإن مقدمة الـ أن بي ان لفتت إلى الحملات المعترضة على تمريره خلسة وعلى الغموض الذي أحيط به.
وعليه، يترقب المعنيون لقاء وزير الداخلية نهاد المشنوق والمدير العام للأمن العام اليوم، ليبنى على الشيء مقتضاه، فاللواء إبراهيم سيطلب من المشنوق تزويده بلائحة الأسماء لتمحيصها تمهيداً لرفع نتائجها الى السلطة السياسية، خاصة أن هذا اللقاء كان سبقه يوم السبت اجتماع بين الرئيس عون واللواء إبراهيم جرى خلاله الاتفاق بحسب مصادر بعبدا لـ «البناء» على تولي الأمن العام التحقيق والتدقيق بكل اسم من الأسماء الواردة في المرسوم، لا سيما أن لدى الأمن العام الداتا الكاملة للسوريين الداخلين الى لبنان. وتشير المعلومات إلى أن اللواء إبراهيم سيستعين إذا استدعت الحاجة بأجهزة الدول الغربية التي تنتمي إليها الأسماء الواردة في المرسوم للتقصّي عنها، مع الإشارة إلى أن هناك اشخاصاً يحملون الجنسيات الألمانية والبريطانية والأميركية والتشيلية والفرنسية والهندية. وأشارت المعلومات إلى توجه لنشر الأسماء الواردة بالمرسوم على موقع وزارة الداخلية وليس الأمن العام.
ولا تقلّل مصادر عونية من أهمية هذا الملف، لكنها تدعو في حديث لـ«البناء» الى التوقف عند الأداء الرئاسي الذي راعى مخاوف اللبنانيين، وطلبه من الأمن العام التحقق من بعض الأسماء وإنهاء الالتباس الدائر حيال هذا المرسوم». فكل اسم يفتقد الى المعايير القانونية سيتمّ حذفه من المرسوم وإسقاط الجنسية اللبنانية عنه، جازمة أن الرئيس عون لا يناور وسيتابع الموضوع حتى النهاية، وهو طلب من كل من يملك معلومات أكيدة بشأن أي شخص مشمول بالمرسوم ولا يستحق الجنسية اللبنانية، التوجّه بمعلوماته هذه الى وزارة الداخلية، مشدّدة على أن الرئيس عون يختلف عما سبقه من رؤساء. ومن الخطأ وضعه في خانة مَن سبقه. فهو قرر إعادة النظر بالمرسوم بكليته، ووقع المرسوم بعد علمه بحذف أسماء ثمانية لم تتوفر فيهم الشروط المطلوبة. وتساءلت المصادر أين كانت الأصوات المعترضة اليوم على هذا المرسوم عند توقيع الرئيس السابق ميشال سليمان مرسوماً مماثلاً؟ لماذا لم تُسمعنا مخاوفها يومذاك؟ مشددة على أن ما يجري اليوم من حفلة هجوم منظم على العهد يأتي في سياق الهجوم القواتي المعترض على حصة العهد الوزارية.
وبينما أشارت مصادر معنية إلى أن وجود أسماء مستحقّة فإن مصدراً مطلعاً على مرسوم التجنيس أكد لـ «ام.تي.في.» أن «أحداً من الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في مرسوم التجنيس لم يحصل على هوية لبنانية أو إخراج قيد أو أي وثيقة رسمية تثبت حصوله على الجنسية اللبنانية».
وبينما تتجه أحزاب الكتائب والقوات والتقدمي الاشتراكي الى الطلب من وزارة الداخلية للحصول على نسخة من لائحة المجنسين، كان لافتاً قول البطريرك الماروني بشارة الراعي «يبقى مبدأ منح الجنسية اللبنانية رابطة الدم، لا الأرض ولا الخدمات، نظراً إلى خصوصية نظام لبنان السياسي». وسأل «أليس هذا ما تخوّف منه الرأي العام برفضه المادة 49 المضافة على موازنة هذا العام؟». مذكّراً بما أثاره مرسوم التجنيس سنة 1994 من خلل ديموغرافي في البلاد، وعدم تنفيذ ما أبطله بشأنه قرار شورى الدولة، وبسبب إهمال الملحق التصحيحي الذي قدّم في حينه، وعلى الأخص بسبب وجود أعداد من النازحين واللاجئين تفوق نصف سكان لبنان».
واستغربت مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ «البناء» صدور المرسوم بهذه الطريقة، لا سيما انه صدر بطريقة لا تراعي النص القانوني الوارد في الدستور عام 1939 على الإطلاق. وبالتالي ليس منطقياً بعد صدور المرسوم أن يطلب من الامن العام إعادة النظر في الأسماء. وحملت المصادر وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق وكل من وقع على المرسوم مسؤولية ما حصل، مشيرة الى أن الخروج من هذا المأزق يفترض إعادة النظر بالأسماء بشفافية وإعلان المسوّغات التي دفعت إلى إصدار المرسوم.
إلى ذلك من المرجح أن يتلقى وزير الخارجية جبران باسيل رسالة من وزير الخارجية السوري وليد المعلم عبر السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي رداً على رسالته بشأن القانون رقم 10. وطمان المعلم باسيل امس أن هذا القانون كان ضرورياً بعد تحرير الغوطة لتنظيم الملكيات ولإعادة الحقوق لأصحابها، لأن المجموعات الإرهابية سيطرت على مناطق الغوطة لسبع سنوات وأحرقت السجلات العقارية وتلاعبت بالملكيات الخاصة والعقارات.
وقال إن «ما أثير في لبنان حول عودة النازحين لا يعدو كونه نزاعاً تأجّج في الموسم الانتخابي»، مضيفاً بأنه «لا داعي للقلق في هذا الشأن. فنحن حريصون على إعادة النازحين الى بلدهم من كل العالم، وليس فقط من لبنان، وسنقدّم لهم كل التسهيلات».
وبانتظار ما ستؤول إليه الأمور، حملت عطلة الأسبوع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من السعودية الى لبنان وتأكيده من البيال مساء أمس، خلال حفل الإفطار المركزي الذي أقامه «تيار المستقبل» لأهالي بيروت ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة، والتوافق على فريق حكومي قادر أن يتحمّل مسؤولية مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والوطنية. وقال «أملي كبير أن تأخذ المشاورات حول الحكومة بعين الاعتبار هذه المواضيع، وحاجة البلد للإسراع بالتشكيل. الناس لا يكترثون لوزير بالزائد أو وزير بالناقص، فقد ملّوا. الناس تهمهم هيبة الدولة والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي».
وشدّدت مصادر مقرّبة من الحريري لـ «البناء» على أن الرئيس الحريري يتعاطى بطريقة إيجابية مع التأليف، لكنه لن يكون ملكاً أكثر من الملك، فإذا رأى استعداداً عند المكوّنات الأساسية لتقديم التنازلات، فإنه سيقابلها بالمثل، لكن إذا بقي كل فريق متشبثاً بمطالبته بحصص مضخّمة وحصص وزارية لم ينصّ عليها الدستور، فإنه سيتصرّف على النحو نفسه.
وكان الملف الحكومي حضر خلال اجتماع مطوّل عقد بين الأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل في حضور مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا، تمّ التطرّق فيه إلى الأوضاع السياسية المحلية والخارجية كافة، وجرى فيه تقييم للانتخابات النيابية الأخيرة ونتائجها مع أخذ كافة العبر الإيجابية والسلبية منها، إضافة إلى موضوع النازحين السوريين ومقاومة الفساد وإعطائهم الأولوية القصوى في العمل النيابي والحكومي القريب، وجرى الاتفاق على تصوّر أوّلي مشترك لموضوع محاربة الفساد وعلى كيفية اعتماد آلية مشتركة لاحقة لذلك، وكذلك بحث موضوع تأليف الحكومة وأهمية تشكيلها بالسرعة اللازمة بما يتطابق مع المعايير الميثاقية والدستورية والديمقراطية والمنسجمة مع نتائج الانتخابات الأخيرة.
كذلك حضر الملف الحكومي أيضاً خلال الزيارة التي قام المعاون السياسي للامين العام لحزب الله حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق وصفا إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط. وأشارت المعلومات الى أن اللقاء تناول ملفات عدة وكان ايجابياً. وأشارت مصار مقربة من حزب الله لـ «البناء» إلى ان زيارة الخليل وصفا الى كليمنصو تهدف الى رفع مستوى الاحتضان السياسي لجنبلاط في لحظة مفصلية على أبواب مرحلة ما بعد الانتخابات واستقطاب ما قبل تشكيل الحكومة وتأكيد النقاط المشتركة.
وتلفت المصادر إلى أن زيارة باسيل للسيد نصر الله وزيارة المسؤولين الكبيرين في حزب الله لجنبلاط مرتبطتان. وإن كانت هناك فروقات في العلاقة بين الطرفين، بيد أن خيطاً رفيعاً يجمع بين اللقاءين يتمثل بسعي حزب الله لتشكيل أكثرية تضغط على الحريري للسرعة في التشكيل، وعدم الالتفاف حول نتائج الانتخابات.
* الجمهورية
الحريري أمام مهمة صعبة وشاقة ومرسوم التجنيس يتفاعل
طاولة التأليف، ومنذ تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، معطّلة ولم تعقد بعد، وسافر الرئيس المكلّف في «رحلته السعودية»، ومنذ ذلك الحين، اكتُفي بمشاورات هاتفية ولقاءات ضيقة بين بعض القوى السياسية الكبرى، عكست مجرياتها ووقائعها انّ التأليف ليس بالسهولة التي من شأنها ان تعجّل في إبصار الحكومة النور في وقت قريب، بل هو عالق في حقل أشواك وألغام زرعتها السقوف العالية التي رفعها بعض القوى السياسية و«فجعها» على الحقائب الوزارية ومحاولاتها الاستيلاء على المساحة الأوسع في هذه الحكومة. يتزامن ذلك، مع توالي المواقف المنددة بالمرسوم، الذي منح الجنسية اللبنانية لكوكبة من المحظوظين وأصحاب رؤوس الاموال، وبرز ذلك في موقف بكركي التي هالها مثل هذا التوجّه المريب، والكتمان الذي يحيط بهذا المرسوم ويضعه في موقع الشبهة، خصوصاً انه يجري إمراره في لحظة «عتمة» وبطريقة بوليسية بعيدة عن كل الأصول.
أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنه «من تجلّيات الرحمة، الوضوح في التعاطي واحترام الرأي العام، وخصوصا ما يختص بمرسوم التجنيس الذي أثار ضجّة مبرّرة بسبب كتمان مضمونه». وسأل الراعي: «أليس هذا ما تخوّف منه الرأي العام برفضه المادة 49 المُضافة على موازنة هذا العام؟
تدقيق في الاسماء
في هذا السياق وقبل ان يهنأ المجنسون بلبنانيتهم وينظروا الى الارزة تكلل جواز سفرهم الجديد جاءهم خبر عودة التدقيق في اسمائهم، بل ابعد من تدقيق هو تحقيق. وعلمت «الجمهورية» ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم باشر بهذا التدقيق فور تفويض رئيس الجمهورية ميشال عون هذه المهمة في انتظار ان يتسلم المرسوم الذي سيطلبه من الرئاسة او من وزارة الداخلية اليوم مرفقا بلائحة الأسماء الكاملة بعدما كان الاتفاق في اجتماعه السبت مع عون في بعبدا ان ينظر ابراهيم فقط بالشكاوى على كل من لديه معلومات او شبهات حول اسم معين…
وعلمت «الجمهورية» أيضاً ان اللواء ابراهيم سيشكل لجنة من ضباط في الامن العام لإعداد ملفات كاملة حول كل اسم حدة وسيجرون كل التحقيقات والاتصالات اللازمة للتثبت من أحقية الشخص بمنحه الجنسية وما اذا كان يستأهل الجنسية وفق المعايير التي تتيح له ذلك وعند الانتهاء من المهمة يرفع ابراهيم النتائج الى رئيس الجمهورية الذي سيعود اليه إتخاذ القرار النهائي …
وقال اللواء ابراهيم لـ«الجمهورية»: سأدرس الملف بالتفصيل والأمن العام ليس بعيدا عن هذه المهمة لأنه السلطة المكلفة التثبت من الأوراق وتلقي المراجعات، وإذا كان هناك من شوائب في المرسوم فلتصحح وسيحصل على الجنسية من هو مؤهل ويستحقها. ومنذ البداية كان يجب ان يمر هذا المرسوم عبر الامن العام ليقوم بدوره على هذا الصعيد قبل ان يصدر»…
وأكد ابراهيم «ان هذه الخطوة التي اقدم عليها رئيس الجمهورية بعد صدور المرسوم هدفها تصويب الأمور في الاتجاه الصحيح وهي جدية وفيها اصرار على اخراج هذا المرسوم من التداول والتشكيك ووضعه في إطاره التقني، مؤكداً «ان كثير مما اثير حول الأسماء قد لا يكون صحيحاً».
وقالت مصادر متابعة لأزمة المرسوم لـ«الجمهورية»: «في القانون ليس هناك من مخالفة دستورية في اصدار المرسوم بل كما يبدو تنفيعية، وهؤلاء ممن دارت حولهم ملابسات وتشكيك يريدون الجنسية لحماية انفسهم وتسهيل حركة التنقل كونهم رجال اعمال ومستثمرون كبار وتعوق جنسيتهم الاصلية اعمالهم.
وقالت المصادر نفسها : «السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا يصدر هذا المرسوم في ظل حكومة تصريف اعمال. والسنا في عهد الشفافية، فكيف يدشن العهد اول طريقه بعد الانتخابات النيابية بهذا المرسوم المعيب؟ واذا لم يكن كذلك لماذا تم تهريبه ولم يُعلن؟».
وقللت المصادر من اهمية ما يثار حول المرسوم من تغيير ديموغرافي او توطين او غيره، معتبرة «ان الهدف من اعطاء الجنسية بهذا الشكل هو تنفيعات مالية وما ادراج اسماء عادية ضمن المرسوم ربما تستحق الجنسية سوى تعمية على الاسماء الكبيرة». وختمت المصادر: «اذا صح ما يحكى عن ملايين من الدولارات استفاد منها من توسطوا لاصدار المرسوم، فليأخذ القانون مجراه وليتم التحقق من صحة هذه المسألة خدمة لسلامة العهد».
مشاورات التأليف
سياسياً، ينتظر أن تدير عودة الحريري الى بيروت محرّكات تأليف الحكومة، وتضعها على سكة توليدها في صورتها الثلاثينية الموسّعة، وأن تفتح البلد اعتباراً من اليوم، على أسبوع مفعم بحيوية ونشاط يعوّضان عن الوقت الذي ضاع من دون اي حراك جدي أو مُجدٍ، على خط التأليف، منذ تكليف الحريري تشكيل الحكومة الجديدة.
مهمة صعبة
وبحسب ما تؤشّر البوصلة السياسية، يبدو انّ الرئيس المكلّف سيكون أمام مهمة صعبة وشاقة، بالنظر إلى ما تُبيّته بعض القوى السياسية من رغبات وتمنيات وطموحات، علماً انها استغلت فرصة غياب الرئيس المكلّف، في تحضير نفسها لدخول حلبة المساهمات والمقايضات، واستَبقَت مفاوضاتها معه برفع سقف مطالبها وشروطها إلى الحد الأعلى، وذلك لتحصيل أكبر قدر من المكاسب والحقائب الوزارية كمّاً ونوعاً.
عقبات
وفي هذا السياق، قال معنيون بعملية التأليف لـ«الجمهورية» انّ العقبات الماثلة في طريق الحريري، قد يكون من الصعب عليه تجاوزها بسهولة، وإحداث خروقات إيجابية في أسقف وجدران مطالب القوى السياسية، التي يصنّف بعضها بالتعجيزية، خصوصاً أنها تسعى الى تخصيصها من دون غيرها بحصة الأسد في الحكومة، سواء لجهة حجم التمثيل او لجهة الحقائب السيادية أو الحقائب المصنّفة خدماتية و«مدهنة». ويعدّد هؤلاء مجموعة من العقبات الصعبة:
• الأولى، عقبة التمثيل المسيحي، في ظل الاشتباك المحتدم على الحقائب بين التيار الوطني الحر، الذي يطالب بحصة وزارية وازنة لتكتل لبنان القوي (29 نائباً)، بمعزل عن حصة رئيس الجمهورية (3 وزراء)، وبين «القوات اللبنانية» التي تريد أن تَصرف فوزها الانتخابي في حقائب وزارية أساسية خدماتية وسيادية، زيادة عمّا كان عليه تمثيلها في حكومة الحريري السابقة، والأهم بالنسبة اليها هي الشراكة والتوازن مع التيار الوطني الحر. والسؤال هنا كيف سيوائم الحريري بين نقاط الاشتباك والاختلاف الكثيرة بين القوات والتيار، وبين الفيتوات المتبادلة بينهما على بعض الوزارات.
• الثانية، عقدة التمثيل الدرزي في ظل الاشتباك بين وليد جنبلاط وطلال ارسلان، ومطالبة الاول بالحصة الوزارية الدرزية في الحكومة (3 وزراء في حكومة من 30 وزيراً)، على اعتبار انّ الحزب التقدمي الاشتراكي فاز بـ7 من اصل المقاعد الثمانية للدروز في مجلس النواب. في مقابل إصرار ارسلان، مدعوماً بحلفاء مثل التيار الوطني الحر، على إسناد حقيبة له.
• الثالثة، عقبة التمثيل السني في الحكومة، وهي صعبة بالنسبة الى الحريري، ذلك انّ التمثيل السني لن يكون محصوراً بتيار المستقبل، خصوصاً انّ نحو 10 نواب سنّة فازوا في المقابل، وليس في الامكان تجاوزهم.
• الرابعة، عقدة الحقائب السيادية، حيث الصراع لم ينته حولها، مع انّ الاجواء المحيطة حولها تؤشّر الى حسم مسبق لهذه الحقائب، يعطي المال من حصّة حركة «أمل»، والداخلية من حصة تيار المستقبل، والخارجية من حصة التيار الوطني الحر، والدفاع من حصة رئيس الجمهورية.
• الخامسة، عقدة الوزارات المدهنة كالاتصالات، التي يبدو انها محسومة مسبقاً لرئيس الحكومة، والطاقة التي يبدو انها ستكهرب الاجواء اكثر بين التيار والقوات. اضافة الى الاشغال والشؤون الاجتماعية.
لا فيتو على «الحزب»
وبحسب مصادر مواكبة، لا توجد اي عقبة على صعيد تمثيل «حزب الله» في الحكومة، كذلك لا يوجد اي فيتو داخلي أو خارجي على مشاركة الحزب في الحكومة، على الرغم من الموقف الحاد من بعض الدول الخارجية منه، فضلاً عن انّ اي «فيتو» خارجي لا يستطيع ان يحول دون مشاركة الحزب في الحكومة. مع الاشارة هنا الى انّ هذا الامر، اضافة الى موضوع التأليف، كان محلّ بحث في اللقاء المطوّل الذي حصل مساء الجمعة الماضي بين الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله والوزير جبران باسيل في حضور مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا.
وبحسب بيان عن اللقاء، فقد «تمّ التطرّق فيه إلى كافة الأوضاع السياسية المحلية والخارجية، وجرى تقييم للانتخابات النيابية الأخيرة ونتائجها مع أخذ كافة العبر الإيجابية والسلبية منها، إضافة إلى موضوع النازحين السوريين ومقاومة الفساد وإعطائهم الأولوية القصوى في العمل النيابي والحكومي القريب، وجرى الاتفاق على تصوّر أوّلي مشترك لموضوع محاربة الفساد وعلى كيفية اعتماد آلية مشتركة لاحقة لذلك، وكذلك بحث موضوع تأليف الحكومة وأهمية تشكيلها بالسرعة اللازمة بما يتطابق مع المعايير الميثاقية والدستورية والديمقراطية والمنسجمة مع نتائج الانتخابات الأخيرة».
إستنساخ بند المقاومة
وفي هذا السياق، قال مرجع كبير لـ«الجمهورية» انه يستبعد حصول اي إشكالات في ما خصّ البيان الوزاري للحكومة الجديدة، وخصوصاً في ما يتصل بالبند المتعلّق بالمقاومة فيها. وأشار الى انّ المهم حالياً هو التعجيل في تشكيل الحكومة، وامّا البيان الوزاري فلا أعتقد انه سيخرج عن نص وجوهر البيان الوزاري لـ«حكومة استعادة الثقة»، بل قد يستنسخها حرفياً. ويذكر هنا انّ هذا البيان نصّ في هذا السياق على ما يلي: «… أمّا في الصراع مع العدو الاسرائيلي، فإننا لن نألو جهداً ولن نوفّر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من اراض لبنانية، وحماية وطننا من عدو لمّا يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية، وذلك استناداً الى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه. وتؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي وردّ اعتداءاته واسترجاع الاراضي المحتلة».
الحريري: عمل حثيث
واذا كان الحريري، الذي تواصل في الساعات الماضية مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، قد أوحى بعد عودته أمس، بعزمه على العمل الحثيث على إطلاق سريع للحكومة، الّا انه في الوقت نفسه، وبحسب مصادر قريبة منه، لا يستطيع ان يحدد المدى الذي ستستغرقه رحلة التأليف، وإن كان يتمنّاها سريعة جداً.
وفيما ينتظر في بداية رحلة التأليف أن يقوم الحريري بزيارتين الى بعبدا وعين التينة، قالت مصادر متابعة لـ«الجمهورية» انّ الحريري معني هذا الاسبوع بأن يقدّم تصوّراً أولياً لحكومته. وهنا الكرة ليست في ملعبه وحده، بل في ملعب سائر القوى السياسية التي في يدها ان تسهّل مهمة الرئيس المكلف، وفي يدها ان تصعّب هذه المهمة.
بري: لحكومة قبل العيد
يتقاطع ذلك مع تأكيد متجدّد للرئيس بري على توليد الحكومة في أسرع وقت ممكن، حيث قال: «كلما عجّلنا في تأليف الحكومة، كان ذلك أفضل للبلد، ولا شيء يمنع من أن تولد هذه الحكومة خلال الفترة الفاصلة من الآن وحتى عيد الفطر، بحيث يحلّ العيد وتُقدَّم الحكومة عيدية اللبنانيين».
واكد بري انّ «التسريع في تأليف الحكومة ضروري ومُلح، لا بل هو واجب على الجميع، إزاء الكمّ الهائل من التحديات الماثلة أمام البلد، والأزمات المتفاقمة فيه، وخصوصاً الوضع الاقتصادي الذي لا يحتمل أي تأخير أو مماطلة أو تباطؤ، بل يتطلّب مقاربات استثنائية ومعالجات مسؤولة».
ولفتت مصادر قريبة من بري الانتباه الى انه معروف عن رئيس المجلس أنه لا يقول «فول ليصير بالمكيول»، ولذلك فهو ينتظر أن يقترن كلام السياسيين بترجمة صادقة له، خصوصاً انّ «كل ما نراه ونسمعه من قبل كل الاطراف، يؤشّر إلى وجود نيّات طيّبة، ويؤكد أنّ الجميع متفقون على مطلب التعجيل في تأليف الحكومة.
لذلك، طالما انّ الجميع يعبّرون عن هذه النيات، فلا عذر لأحد في أيّ مماطلة أو تأخير، وفي عدم المبادرة إلى تغليب منطق التسهيل على منطق التعطيل». المهم الآن هو الدخول الجدي إلى حلبة التأليف، مع نصيحة ذهبية: يرددها بري «واستعينوا على قضاء حوائجهم بالكتمان»، وذلك تجنّباً لأيّ إرباك، ولأيّ سوء فهم او لأيّ تفصيل صغير على مسار التأليف ويتسبّب في تأخير أو فرملة الاندفاع إليه.
«حزب الله»
وعشية اسبوع يمكن ان يشهد إتصالات مكثفة في شأن تأليف الحكومة استقبل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في منزله في كليمنصو بعد ظهر امس الأحد وفدا من حزب الله ضم المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل ومسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا حيث جرى عرض للتطوارات من مختلف جوانبيها ولا سيما منها تلك التي تتصل بالعلاقات بين الحزبين والتطورات المحيطة بالملف الحكومي والتطورات المنطقة. وإكتفى احد المشاركين في اللقاء بالقول لـ«الجمهورية» ان البحث «تناول العلاقات بين الحزبين وهي في تطور ايجابي».
* اللواء
أسبوع اختبار النيَّات: حزب الله يستعجل التأليف
تكليف إبراهيم «تنظيف مرسوم التجنيس» والجميّل في الداخلية اليوم وبكركي تؤيِّد الاعتراض
بالتزامن مع عودة الرئيس سعد الحريري من الرياض، تحرّكت الاتصالات واللقاءات على خط معالجة عقد تأليف الحكومة العتيدة.
وكان البارز، على هذا الصعيد، أخذ حزب الله المبادرة على مستوى القيادة، إذا استقبل الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، وبحث معه لساعات معايير تأليف الحكومة من زوايا ثلاث: المناصفة بين المسلمين والمسيحيين وفي ضوء نتائج الانتخابات، لتكون الحكومة العتيدة «حكومة اوزان وأحجام لا أوهام ولا أحلام، حكومة الواقع، لا الأمر الواقع» وفقاً للمصادر الناطقة بلسان التيار الوطني الحر.
واقتضى منطق السرعة الذي اتفق عليه السيّد نصر الله والوزير باسيل، ان يزور المعاون السياسي للسيد نصر الله الحاج حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط في الحزب وفيق صفا، النائب السابق وليد جنبلاط، بحضور الوزير الأسبق غازي العريضي.
واكتفى البيان الذي صدر عن الاجتماع بالاشارة إلى أن الأجواء كانت إيجابية، واللقاء تناول ملفات عدّة.
وامتنع مصدر قريب من اللقاء عن الخوض في مضمون ما دار خلال اللقاء، لكنه لم يستبعد ان يكون البحث تناول معالجة العقدة الدرزية المتعلقة بعدم قبول جنبلاط ان يتمثل أي شخصية درزية من خارج اللقاء الديمقراطي، أو مَن يرشحه من الدروز، في ما يشبه وضع «الفيتو» على إعادة توزير النائب طلال أرسلان من ضمن الحصة العائدة للتيار الوطني الحر.
وتوقع المصدر ان تعالج هذه العقدة ضمن حلحلة شاملة، تتوضح معطياتها خلال الأسبوع الجاري، الذي يوصف بأسبوع اختبار النيّات، لجهة تسهيل التأليف وتسريعه، أو معالجة الإشكالات المتعلقة بحصة «القوات» وتمثيل سنّي من خارج تيّار «المستقبل»، حيث يشترط الرئيس سعد الحريري التعامل بالمثل لجهة ان يكون شيعي في عداد حصته.
مفاوضات التشكيل
وفي تقدير مصادر سياسية ان المفاوضات الجدية لتشكيل الحكومة، يفترض ان تبدأ اليوم، بعد عودة الرئيس المكلف الحريري من زيارته العائلية إلى المملكة العربية السعودية، بالتزامن مع تحرك اعتراضي على مرسوم بتجنيس نحو 385 اجنبياً، بينهم شخصيات سورية وفلسطينية ومن جنسيات مختلفة، اثار الكشف عنه، رغم انه لم ينشر في الجريدة الرسمية، ضجة كبيرة، وصفها البطريرك الماروني بشارة الراعي، بانها «مبررة» بسبب كتمان مضمونه وبسبب ما أثار مرسوم التجنيس الصادر في العام 1994 من خلال ديموغرافي»، مؤكداً ان «مبدأ منح الجنسية يجب ان يكون رابطة الدم لا الأرض ولا الخدمات».
الا ان الرئيس الحريري، لم يتطرق في الكلمة التي ألقاها غروب أمس، في افطار تيّار «المستقبل» في «البيال»، إلى تفاصيل تتعلق بمفاوضات تشكيل الحكومة ولا إلى مطالب الكتل النيابية، بحسب ما بات معروفاً، لكنه شدّد على ضرورة الإسراع في التشكيل، لافتاً إلى ان النّاس تريد فريق عمل حكومياً للعمل وليس للنقار السياسي، وان النّاس لا تكترث لوزير بالزائد أو وزير بالناقص، وانه «سائر على خط النّاس وعلى خطوط الوفاء».
وإذا أكّد ان الانتخابات باتت وراءنا، لفت إلى ان مصادفة شهر رمضان المبارك بعد الانتخابات مباشرة أمر مفيد للبلد، أقله لجهة التخفيف من حدة الخطاب السياسي، ومطالبة الجميع التزام التهدئة والصوم عن التصعيد.
وقال ان أمله كبير في ان تأخذ المشاورات حول الحكومة بعين الاعتبار السير بالاصلاحات المطلوبة رغم انها قد تكون موجعة، وحاجة البلد لورشة عمل حكومية وتشريعية تحدث نقلة نوعية بالأداء السياسي وتعيد الثقة بدور الدولة والمؤسسات، وأول خطوة صحيحة مطلوبة في هذا المجال، هي الإسراع بتشكيل الحكومة والتوافق على فريق حكومي قادر ان يتحمل مسؤولية مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والوطنية، املاً «ان تكون الأيام المقبلة افضل».
وإلى جانب عودة الحريري من الرياض، كانت نهاية الأسبوع، قد حفلت باحداث مهمة بعضها سينعكس على مسار تشكيل الحكومة، ولا سيما لقاء الأمين العام «لحزب الله» السيّد حسن نصر الله برئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، ليل الجمعة- السبت، والذي تبعه لقاء بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بكل من المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا في حضور النائب السابق غازي العريضي، وبعضها الآخر يفترض ايضا ان ينعكس على مسار العلاقات بين القوى السياسية لا سيما بين «التيار الحر» وبين القوات اللبنانية وحزب الكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي، الذين اعترضوا على مرسوم التجنيس الذي صدر عن رئاسة الجمهورية فجأة ومن دون مقدمات وفي ظروف غامضة اثارت بعض الالتباس حول اسبابه ونتائجه واحقية من شملهم، بخاصة بعض رجال الاعمال السوريين المقربين من السلطات السورية ومنهم من شغل مناصب رسمية، تم توزيع اسماؤهم وصورهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الاعلام، علماان القانون السوري يمنع ازدواجية الجنسية ومن يحصل على جنسية ثانية تسقط عنه جنسيته السورية.
مرسوم التجنيس
وفي حين، توقعت مصادر رسمية لـ«اللواء» ان تبرد الأجواء حول مرسوم التجنيس بعد التوضيحات التي صدرت عن رئاسة الجمهورية ودعوتها الأطراف المعترضة، والتي تملك معلومات عن المجنسين غير المستحقين إلى تقديمها إلى المديرية العامة للامن العام للتحقق منها والتدقيق فيها، اصرت الاطراف المعارضة للمرسوم على تقديم طلبات للحصول على معلومات مفصلة عن المرسوم وعن الاشخاص الذين تم تجنيسهم. ولوحت باللجوء الى الطعن بالمرسوم امام مجلس شورى الدولة.
واكدت المصادر الرسمية رفيعة المستوى انه لن يتم قبول الطعن لأن منح الجنسية هو حق دستوري حصري برئيس الجمهورية، طالما لم يشمل مطلوبين ومحكومين ومتهمين بقضايا كبرى، عدا عن انه لا يوجد متضرر شخصي من مرسوم التجنيس ليطعن به.
واوضحت المصادر انه سبق وحصل ان الغيت مراسيم منح الجنسية لعدد من الاشخاص ممن تم تجنيسهم عام 1994بعد ثبوت وجود احكام بحقهم او انهم مطلوبون بجرائم معينة.
وقالت المصادر: ان اسماء الذين اثيرت حولهم علامات استفهام ونشرت صورهم ، وردت اسماؤهم من رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية وليس من رئاسة الجمهورية.
وبحسب مصادر أخرى مطلعة، فإن التوضيح الذي صدر عن رئاسة الجمهورية، وضع قضية المرسوم في عهدة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم «لتنظيف» من الشوائب وبعض الأسماء المحسوبة على النظام السوري، وهو سيلتقي وزير الداخلية نهاد المشنوق، ربما اليوم، للاستيضاح منه عن الأسماء التي وردت في المرسوم، والجهات التي طلبت تجنيس هؤلاء، علماً ان الأمن العام لم يطلع على الأسماء قبل وضعها في مرسوم التجنيس، وانه كان يجب إحالة كل معاملات التجنيس على الامن العام الذي يملك وحده «الداتا» المتعلقة باسماء الأشخاص الأجانب الموجودين في لبنان، وبامكانه التدقيق في اللوائح الاسمية لشطب الاسماء والتي تعتبر نافرة، على غرار الذين وردت اسماؤهم لمتمولين سوريين وتبين انهم مطلوبون من جهات خارجية بتهم مختلفة، أو انهم من أركان النظام السوري أو كانوا على علاقة به.
وكشفت معلومات ان الأمن العام سيقوم بالتحقيق حول كل اسم، وبالتالي فإن توجيهات أعطيت لدى مديرية الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية بتجميد كل معاملات الاستحصال بطاقات هوية أو اخراجات قيد للمجنسين إلى حين التأكد من أحقية هؤلاء.
وقالت انه بعد التأكد والتحقق من وضعية كل اسم، فلا تستبعد دوائر رئاسة الجمهورية تحضير مرسوم جديد لسحب الجنسية من غير مستحقيها، الا ان هذا الاجراء قد يأخذ وقتاً، وإلى حينه فإن ما كان قبل المرسوم لن يكون مثل ما بعده، إذا للدولة ان تقوم على أساس كشف الفساد ومكافحته.
ومساء أمس، أوضح المكتب الإعلامي لوزير الداخلية ان اسم سامر فوز الذي طالب بسحب اسمه من جداول المشمولين بمرسوم التجنيس، لم يكن وارداً في جدول المرسوم المذكور.
الوضع الحكومي
وحول الوضع الحكومي، اكدت مصادر رسمية متابعة لـ«اللواء» ان اي اتصال بعد لم يجرِ خلال غياب الحريري بينه وبين رئيس الجمهورية، ولم تتضح اي صيغة للحكومة العتيدة، يُفترض ان تشكل عودة الرئيس المكلف تزخيما لحركة المشاورات والاتصالات اعتبارا من اليوم بعد كلمته امس خلال حفل الافطار في البيال.
وتتقاطع المعلومات حتى الان على استبعاد فكرة حكومة الاقطاب او الاربع وعشرين وزيرا طالما ان التوجه القائم هو حول تشكيل حكومة وفاق وطني او حكومة وحدة وطنية تضم كل الاطراف او ما امكن منها، إلا بعض الاطراف التي ترغب باستبعاد نفسها واللجوء الى المعارضة الديمقراطية نتيجة ملاحظاتها ومواقفها من امور كثيرة ومنها الحصص الوزارية والحقائب المطلوبة والمعايير التي تطلبها لتشكيل الحكومة عدا الخلاف المستجد حول مرسوم التجنيس، بينما يصر التيار الحر على توزيع الحصص حسب الاحجام النيابية للكتل وتصر القوات اللبنانية على تكبير حجمها وحصتها وفقا لنظرتها الى نتائج الانتخابات.
وبحسب المعلومات، فإن الوضع الحكومي، كان حاضرا بقوة في لقاء السيّد نصر الله بالوزير باسيل والذي حضره أيضاً الحاج وفيق صفا إلى جانب تقييم نتائج الانتخابات النيابية والعبر السلبية والإيجابية التي يجب أخذها بالاعتبار، اضافة الی موضوع النازحين السوريين ومقاومة الفساد واعطائهم الأولوية القصوى في العمل النيابي والحكومي، بحسب البيان الذي صدر عن اللجنة المركزية في «التيار الوطني الحر» الذي كشف عن اللقاء، وعن اتفاق جرى على تُصوّر أولي مشترك لموضوع محاربة الفساد وعلى كيفية اعتماد آلية مشتركة لاحقة لذلك.
وبالنسبة لموضوع تأليف الحكومة، أوضح البيان انه جرى بحث في أهمية تشكيل الحكومة بالسرعة اللازمة، بما ينطلق مع المعايير الميثاقية والدستورية والديمقرطية والمنسجمة مع نتائج الانتخابات.
ولم تستبعد مصادر مطلعة، أن يكون اللقاء نجح في إعادة التفاهم بين الحزب و«التيار» والذي شابة الالتباسات في أثناء الحملات الانتخابية، حيث كانت لباسيل خطابات سياسية عاصفة، الا أن النقطة الأهم ضمن محطات اللقاء، كان التركيز بين الجانبين على أهمية فتح صفحة جديدة بين «التيار» وحركة «امل» ولا سيما لجهة مطالبة التيار بحقيبة المالية او الداخلية، ما اثار إشكالية جديدة مع الرئيس نبيه برّي، الذي سبق وأعلن اصراره على المالية ووافقه «حزب الله» على الأمر نفسه.
الا ان أي مصدر سواء في التيار أو في الحزب لم يكشف عن طبيعة التفاهم أم لا على هذه النقطة، باستثناء التأكيد على ان تراعي الحكومة الجديدة تمثيل الكتل النيابية وفق احجامها، الأمر الذي قد يخلق إشكالية جديدة مع «القوات» التي تصر ان يكون تمثلها في الحكومة موازياً لتمثيل «التيار الحر».
اما بالنسبة للقاء جنبلاط – الخليل، فقد اتفق الطرفان، بحسب مصادرهما على استمرار التنسيق والتعاون، الا ان أي معلومات لم ترشح عن طبيعة المباحثات في اللقاء، وان كانت مصادر رجحت ان تكون تناولت موضوع الحصة الدرزية في الحكومة، والتي يُصرّ جنبلاط ان تكون بكاملها (3 حقائب) للقاء الديمقراطي، في حين يطالب النائب طلال أرسلان، حليف «التيار الوطني» والحزب بأن تكون له حقيبة من الحصة الدرزية.
رسالة من المعلم لباسيل
وعلى صعيد موضوع النازحين السوريين، علمت «اللواء» ان السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي سيسلم اليوم الوزير باسيل كتاباً جوابياً من نظيره السوري وليد المعلم يتعلق بالقلق اللبناني من القانون رقم 10 الذي أصدره الرئيس بشار الأسد بخصوص سحب ممتلكات النازحين إذا لم يتمكنوا من تثبيت ممتلكاتهم لعقاراتهم في سوريا، وذلك ردا على الرسالة التي كان باسيل بعثها إليه قبل أيام.
وكان الوزير المعلم أوضح في المؤتمر الصحفي الذي عقده السبت في دمشق، انه لا داعي لهذا القلق، وان السلطات في سوريا حريصة على إعادة هؤلاء النازحين، وان القانون صدر لحماية ممتلكات النازحين لا سيما في الغوطة الشرقية، وانه يحق لأي نازح أو قريب منه إلى الدرجة الرابعة تثبيت ملكياتهم بعد ان احترقت كل الدوائر العقارية في الغوطة.
* الاخبار
فساد «أوجيرو» إلى التفتيش
لا تزال قضية «أوجيرو» تتفاعل، منذ نشرت «الأخبار» تقريراً بعنوان «أوجيرو تسقط في الفساد» في 31 أيار. التقرير اعتبر إخباراً، وتحركت بناءً عليه النيابة العامة المالية كما التفتيش المركزي. فهل تنجح الهيئات الرقابية في وضع حدّ للوضع الشاذ الذي تعيشه الهيئة؟
يَمثُل رئيس مجلس إدارة «أجيرو» عماد كريدية وعضو المجلس هادي بو فرحات (اتهمه كريدية بهدر المال العام)، قبل ظهر اليوم، أمام النيابة العامة المالية للاستماع إلى إفادتيهما، في الملفات التي أثارتها «الأخبار» مؤخراً، والتي اعتبرها النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم بمثابة إخبار. وفي حال وجد أن القضية المطروحة تحتاج إلى التوسع في التحقيقات، سيطلب إذناً من وزير الاتصالات لاستجواب أي موظف يمكن أن يفيد التحقيق.
وفي الوقت نفسه، تحرك التفتيش المركزي منذ يوم الجمعة، حيث باشر المفتش المختص، المكلف بمتابعة «أوجيرو»، التحقيق بكل ما أثير من معلومات في «الأخبار»، بناءً على توجيهات رئيس التفتيش المركزي جورج عطية، على أن يرسل تقريراً بنتيجة تحقيقاته إلى المفتش العام المالي الذي يرفعه بدوره إلى رئيس التفتيش. وقد عُلم أن المفتش المالي طلب مستندات تتعلق بالعقود بالتراضي التي نفذت، وبرواتب الموظفين خلال الأشهر الأخيرة، وبملفات المياومين الذين دخلوا إلى أوجيرو منذ بداية 2017.
وفيما تردد أن اجتماعاً عقد أول من أمس السبت في الهيئة، ضمّ كريدية وعدداً من المديرين والمستشارين، وكان عنوانه البحث في كيفية مواجهة تداعيات ما تم تداوله في الإعلام، أكدت مصادر رئيس مجلس الإدارة أنه لم يحصل أي اجتماع، كما لم يحضر كريدية إلى مقر الهيئة، بل اقتصر الأمر على وجود بعض المستشارين والمديرين في المبنى من دون تنسيق مسبق، ومن دون أن يعقدوا أي اجتماع.
وكانت قد تفاعلت خلال الأيام الماضية مسألة الراتب الذي حصل عليه المدير العام خلال شهر أيار، والبالغ 112 مليون ليرة. وبالرغم من أن كريدية نفى ذلك عبر تلفزيون الجديد، إلا أنه عاد وأشار إلى أن ذلك الراتب تضمن فروقات سلسلة الرتب والرواتب (أربع درجات، منذ شهر أيلول 2017). وهذا الراتب الخيالي، معطوفاً على تراجع قيمة رواتب الموظفين عن الشهر نفسه، دفع إلى استياء عارم بين الموظفين، أدى في النهاية إلى تراجع الإدارة عن قرار حسم السلف التي أعطيت لهؤلاء في شهر أيار، بحيث أعيدت جدولة استرداد السلف، بما لا يؤثر على المدخول الشهري للموظفين. (الوكالة الوطنية للاعلام)
وكان رئيس مجلس الإدارة قد شكّل لجنة برئاسته وتضم مدير التدقيق الداخلي والمدير المالي ومدير الموارد البشرية لدراسة تطبيق السلسلة في أوجيرو، وبعد أخذ ورد مع وزارتي الاتصالات والمالية، رسا الأمر على إقرار مجلس إدارة أوجيرو إعطاء أربع درجات للموظفين، على أن يبدأ دفعها مع راتب أيار، بمفعول رجعي ابتداءً من أول أيلول 2017. ولما كانت الإدارة قد أعطت الموظفين سلفة على الراتب، بوصفها ساعات عمل إضافية (تصل إلى 70 ساعة أحياناً)، تبين عند السعي إلى حسم هذه السلفة، بعد احتساب العدد الفعلي للساعات الإضافية، أن الكثير من الموظفين لم يعمل بمقدار ما حصل عليه من ساعات إضافية (التزموا بقرار الدوام الجديد، أي من الثامنة حتى الرابعة، مع إيقاف الساعات الإضافية، إلا لمن تستدعي ظروف عمله ذلك). ولذلك، كانت النتيجة تراجع مدخول من لم يعمل ساعات إضافية فعلياً، فعلت الصرخة، وتداعت نقابة العاملين في «أوجيرو» إلى الاجتماع وسط حالة من الغليان، خاصة بعد تسريب رواتب المديرين، ولا سيما المدير العام. وبعد اللغط الذي حصل، وجه المدير العام لأوجيرو، يوم الجمعة، تنبيهاً خطياً لمدير الموارد البشرية بسام جرادي، متهماً إياه بمخالفة تعليمات المدير العام وقرار مجلس الإدارة رقم 25 / 2018، محمّلاً إياه مسؤولية اللغط الذي حصل، وضمنياً محمّلاً إياه مسؤولية تسريب رواتب المديرين، على ما أكدت مصادر مطلعة.
وفيما طلب التفتيش المركزي جداول برواتب الموظفين، فإن عقود التراضي التي تعدّ بملايين الدولارات، ستكون في صلب التدقيق الذي يجريه التفتيش.
عضو مجلس الإدارة يوقّع عقداً رضائياً مع الهيئة وابنه ينضم إلى قافلة المياومين!
أما بشأن المياومين الذين غصّت بهم الهيئة منذ ما قبل الانتخابات النيابية، فقد كان لافتاً أن كريدية لم ينكر التعاقد مع مياومين بناءً على طلب جهات سياسية ونواب، لكنه قال إن هذه التوظيفات تتم حسب الحاجة، في ظل وجود مشاكل عديدة على الشبكة، بحيث يكون الشخص المناسب في المكان المناسب. لكن هل هذا ما حصل فعلاً؟ ولماذا إذاً تم توظيف الأغلبية الساحقة من المياومين في أعمال إدارية، ومن دون أي مراقبة على أعمالهم، مع تسليم بعضهم مراكز مسؤولية، فيما الحاجة ماسة إلى فنيين؟
في ملف المستشارين، كان كريدية جازماً بأنه لا يملك أكثر من خمسة مستشارين. قد يكون ذلك صحيحاً إذا احتسب المستشارون المكلفون بمهام حصراً، لكن في الواقع فإن المستشار هو كل من وقّعت معه الهيئة عقداً استشارياً، فهل هؤلاء خمسة فقط؟ وإذا كانوا أكثر، وهم كذلك، و«الأخبار» تملك عشرة أسماء منهم، فعندها تصبح المسألة أشد خطورة: لماذا يتم توقيع عقود استشارية مع أناس لا يعملون، وبالتالي لا تحتاج إليهم الهيئة؟ ليس ذلك فقط، كيف يمكن توقيع عقد استشاري مع ابن عضو مجلس إدارة، على سبيل المثال؟ ألا يوجد تضارب مصالح في ذلك؟ قد لا تكون الإجابة مهمة، عندما يتبين أن عضو مجلس الإدارة نفسه وقّع اتفاقاً رضائياً مع الهيئة، ممثلة بمديرها العام، في 8 نيسان الماضي، بقيمة خمسة آلاف دولار أميركي. وبموجب هذا العقد، يقوم عضو مجلس الإدارة بتقديم خدمات إلى الهيئة في مجال «تخطيط ودراسة شبكة الألياف الضوئية والتجهيزات المتمّمة لها وفي مجال التنظيم الإداري والتقني…»، علماً بأنه لم يعرف عنه امتلاكه لأي خبرات فنية أو تقنية، طيلة السنوات التي قضاها في مجلس الإدارة. وحتى مع التسليم بخبرته، فإن ألف باء الاستعانة به هو الحاجة إليها؟ فهل تحتاج الهيئة إلى هذه الخبرة، في ظل وجود قطاع خاص بالألياف الضوئية يتبع لمديرية الشبكات، وفي ظل وجود مديرية للمعلوماتية؟
ملابسات مرسوم التجنيس
مرسوم التجنيس: عون يشكو التضليل والمشنوق ينفي التجميد
قرر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقف العمل بمرسوم منح الجنسية لعدد غير قليل، وأبلغ جهات سياسية عدة رغبته في وقف الاجراءات التنفيذية، ريثما يصار الى تدقيق جديد في كل الاسماء الواردة في المرسوم، من قبل المديرية العام للامن العام، وبالتعاون مع كل الجهات اللبنانية المفيدة في هذا المجال.
قرار عون الذي رددته اوساط سياسية امس، لم يصل بعد الى وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي قال لـ«الأخبار» إنه لم يسمع من الرئيس عون أي طلب في سياق تجميد تنفيذ المرسوم، مضيفاً ان اي مسؤول في وزارة الداخلية لا يمكنه وقف تنفيذ مرسوم صادر إلا بناءً على طلبه هو.
قرار الرئيس عون جاء ربطاً بالحملة التي أثيرت على المرسوم، لاحتمال ضمه أسماء شخصيات تواجه مشكلات قانونية في بلادها والعالم، أو أسماء رجال اعمال ومتمولين واحتمال ان يكون هؤلاء قد دفعوا مبالغ مالية طائلة مقابل الجنسية.
وفي المعلومات، انه قبيل أشهر من موعد الانتخابات النيابية، أثير ملف التجنيس امام رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري. وتم تقديم الامر على قاعدة ان الرئيس السابق ميشال سليمان قام بخطوة مجتزأة وربطاً بحسابات سياسية وغير سياسية، و«لا بد من تصحيح الخطأ». لكن القرار كان بتأجيل الامر الى ما بعد الانتخابات.
مافيات وصفقات
لكن، تبين ان هناك جهات، رسمية وغير رسمية، باشرت إعداد ملفات تتضمن مئات الاسماء، تم تقديمها منفردة أو على شكل عائلة، بهدف الحصول على الجنسية اللبنانية. وبحسب المصدر نفسه، تبين أيضاً وجود «مافيا» كبيرة جداً، كانت تعمل على هذا الملف، قبل إثارته مع رئيس الجمهورية، وهي ناقشت اضافة عشرات الاسماء الى ملف يحتوي أصلا على مجموعة كبيرة من مكتومي القيد أو اصحاب الجنسية قيد الدرس، ليتبين ان القصد من هذه الاسماء هو:
الحصول على مقابل مالي كبير (لا تسعيرة محددة).
إلحاح «المافيا» على كون بعض طالبي الجنسية يعيشون بعيداً عن الاضواء، إما بسبب مشاكل مالية أو قضائية (فرنسي من أصل جزائري تبين أنه مطلوب من الانتربول بجرائم احتيال وتبييض أموال وآخر لديه مشكلة في كازاخستان إلخ…). وان بعض هؤلاء تذرعوا بأنهم اصحاب ودائع بعشرات ملايين الدولارات في لبنان، ولديهم اعمال في لبنان منذ زمن بعيد، وان بعضهم أسهم في معالجة الازمة العقارية في لبنان (نموذج أقارب رئيس مجلس إدارة مصرف لبنان والمهجر (بلوم بنك) من آل الازهري)، بالاضافة الى سياسيين عرب من الذين يقولون إنهم يرتبطون بلبنان بعلاقات مصاهرة وقربى وانهم امضوا سنوات طويلة من حياتهم في لبنان (نموذج السياسي العراقي اياد علاوي وافراد عائلته).
ظهور ملفات لأشخاص سبق أن رفضت طلبات تجنيسهم في مرات سابقة، وبينهم شخصية تعيش في عكار، تبين أن بين أوراقها وثائق مزورة تتعلق باسم الام وتاريخ الميلاد، بالاضافة الى آخرين تذرعوا بأنهم متزوجون من لبنانيات منذ اكثر من عشرين سنة، ولديهم عائلة كبيرة واحفاد يحملون الجنسية اللبنانية، علماً بأن القانون اللبناني لا يزال يحرم المرأة اللبنانية من منح الجنسية لزوجها أو أولادها، فضلاً عن إشكالية أكثر من 600 عائلة من مكتومي القيد في وادي خالد في عكار (راجع تقرير الزميلة نجلا حمود في الصفحة نفسها)، وأفراد من القرى السبع، وآخرين أتلِفت سجلاتهم سابقاً.
هذه الإشكاليات استدعت تأجيل الملف إلى ما بعد السادس من أيار 2018. وبالفعل، بعد انتهاء الانتخابات النيابية، تولت رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة إعداد الملفات. في هذه الاثناء، تبين ان المديرية العامة للامن العام غير مشمولة بقرار الدرس والتدقيق، خصوصاً انها الجهة المخولة قانوناً مراجعة الملفات قبل منحها الجنسية، وتحديداً لناحية وجود شبهات امنية أو قانونية أو مسائل تضر بصورة لبنان أو بأمنه القومي. لكن الذي حصل ان الجميع سارع الى فرض المرسوم بصورة واحدة، وتم توقيعه من قبل الرئيس ميشال عون قبل أن تصبح الحكومة مستقيلة، وإحالته الى التنفيذ عبر وزارة الداخلية، مع الاتفاق على عدم نشر الملف ولا الاسماء، خصوصاَ أن القانون لا يوجب نشر المرسوم في الجريدة الرسمية.
ضغوط وتضليل
عملياً، واجه القصر الجمهوري، خلال الأيام الأربعة الماضية، حملة ضغوط غير مسبوقة، ما استدعى من عون القيام بجملة اتصالات هدفت الى إيجاد المخرج. وقد طرحت فكرة إلغاء المرسوم من اصله، وبدا عون منفتحاً على كل الاحتمالات لأنه لا يريد للمرسوم أن يوجّه ضربة الى صورة العهد ومصداقيته.
وبعد زيارات متلاحقة قام بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الى قصر بعبدا ولقائه رئيس الجمهورية، أصرّ الأخير على وجوب التدقيق «بكل تفصيل يتصل بالاسماء التي وردت في مرسوم التجنيس الاخير، سواء تلك التي لا شائبة حولها أو تلك التي تسللت إليه». ورغم تحفظه على آلية المرسوم ومآلاته، وافق إبراهيم على التفويض الرئاسي المطلق في السعي إلى تبيان كل الحقائق حول هذا الملف. وكان المخرج ببيان صادر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية «بالطلب من الذين يملكون معلومات حول الاشخاص الذين جنّسوا بموجب مرسوم التجنيس من غير استحقاق مراجعة الامن العام».
ونُقلَ عن رئيس الجمهورية قوله إنه ليس من القيادات التي تقبل أو تسمح بتوريطها، وإنه عندما تأكد من أن هناك ما يتعدى التشكيك والشبهات في مرسوم التجنيس، اضافة الى «وجود كمائن ومخاطر»، منح إبراهيم تفويضاً بالتحقيق والتدقيق وتدوين الخلاصات التي بموجبها سيتخذ رئيس الجمهورية القرار النهائي بشطب اسماء أو تثبيت أخرى.
مصادر التيار: يحاولون التغطية على سلوكهم في ما يتعلق بموضوع النزوح
وفي المعلومات، أنه بعد التفويض الرئاسي، سارع اللواء إبراهيم الى خطوات واجراءات عملانية، منعاً لمسارعة كثيرين ممن وردت اسماؤهم في المرسوم إلى الاستحصال على مستندات تؤكد حصولهم على الهوية اللبنانية وإخراج القيد اللبناني. وكلف إبراهيم فريقاً في الأمن العام بإجراء فحص تقني واستعلامي دقيق حول كل اسم ورد في المرسوم.
وفي جردة أولية، أطلع عليها رئيس الجمهورية، تبين سريعاً أن هناك محاذير تحول دون منح الجنسية لأسماء وردت في المرسوم الذي تم التوقيع عليه قبل يوم من انتهاء ولاية مجلس النواب وقبل دخول الحكومة مرحلة تصريف الاعمال.
الرئيس عون أبدى امتعاضه من الذي حصل، وتحدث قريبون منه عن عملية «تضليل» تعرض لها من قبل جهات أو اشخاص من دون تحديد هويتهم. وهو الموقف نفسه الذي نقل عن الرئيس الحريري الذي نفى علمه بوجود صفقات مالية مقابل الجنسية، وانه حاول تفادي بعض الاخطاء بعدما طلب من مساعدين له إجراء مسح سريع للاسماء الواردة في مشروع المرسوم، وانه تم العثور على مخالفات أدت الى شطب بعض الاسماء.
وأكدت مصادر رفيعة في التيار الوطني الحر أن لرئيس الجمهورية حق منح الجنسية لمستحقيها، و«غير المقبول هو التجنيس الجماعي لا الإفرادي». وشدّدت على أنه «لا يوجد أي خلل في الملفات التي قدّمها التيار». ورأت في الحملة الحالية على المرسوم «محاولة من المنتقدين للتغطية على سلوكهم في ما يتعلق بموضوع النزوح».
عملياً، بات الملف بيد اللواء إبراهيم متسلحاً بثقة رئيس الجمهورية، ودوائر بعبدا تتصرف على اساس ان المرسوم أصبح بحكم المجمد، وبالتالي، لن تمنح مديرية الاحوال الشخصية في وزارة الداخلية أي افادة أو وثيقة إثبات جنسية الا بعد الجواب النهائي الذي سيأتي من رئاسة الجمهورية.
وفي الانتظار، تطرح أسئلة من قبيل من ضلّل رئيس الجمهورية؟ ولماذا أخفيت عنه عمداً بعض المعلومات والملفات؟ ولماذا تم تزويده بمعلومات غير دقيقة وصولاً إلى «دس» أسماء غير مستحقة؟ ولماذا لم يعرض المرسوم قبل توقيعه مع المستندات التي تقدم بها طالبو الجنسية على الامن العام؟ ومن هي الجهة الادارية التي أعدّت المرسوم وجعلت الرئيس عون يوقّعه من دون مروره على الامن العام وفق الاصول؟
مرسوم مكتوم القيد
ابراهيم الأمين
كأنه أمر دُبّر في ليل!
عادة، يشار بهذا التوصيف إلى الأمر الذي يأخذ طابع المكيدة، أو العمل المسروق بعيداً عن الاضواء، أو المؤامرات التي تحاك ولا يعرف بها المنتفعون أو المتضررون إلا بعد حصولها.
هذا ما حصل في مرسوم التجنيس الاخير، الذي أُعدّ في الخفاء طيلة شهور، وتقرر تأجيل إصداره الى ما بعد الانتخابات النيابية، وتم توقيعه قبل ساعات فقط من انتقال حكومة الرئيس سعد الحريري الى مرحلة تصريف الاعمال، ليتبين بعد أيام أن العملية منجزة قبل أسابيع طويلة، وأن المرسوم جرى إعداده على مهل، بين مجموعة من العاملين والمستشارين في القصر الجمهوري والسراي الحكومي الكبير ووزارة الداخلية. هذه الجهات الثلاث توقّع على المرسوم الذي لا يحتاج نفاذه الى نشره في الجريدة الرسمية.
في السابق، وقبل اتفاق الطائف، كانت عمليات التجنيس تتم بطريقة تخصّ رئيس الجمهورية وحده، وكان قصر بعبدا يصدر المراسيم في أوقات مختلفة، وليس في نهاية الولاية الرئاسية فقط. وكان الجميع يعلم أن الجنسيات تمنح لأصدقاء الرئيس أو أصدقاء كبار المسؤولين في البلاد، وقد تم اختيارها لأسباب مختلفة، لا تتصل فقط بكون طالب الجنسية يخدم لبنان بصورة غير قابلة للخدش.
بعد اتفاق الطائف، صدر المرسوم الشهير عام 1994، وتضمن لوائح بآلاف الاسماء، وكانت غالبيتهم من المستحقين، والفقراء الذين لم يكن ممكناً لهم الحصول على جنسية في ظل النظام السابق. ولا يخفى على أحد أن السوريين خلال وجود جيشهم في لبنان، رشحوا مئات الملفات، وجرى الأخذ بتوصيتهم. كذلك ظهرت لاحقاً اعتراضات قامت في أساسها على غياب التوازن الطائفي. حيث تبين أن الغالبية الساحقة هي من المسلمين، ومن السنّة على وجه الخصوص.
في عهد الرئيس ميشال سليمان تأخر المرسوم الى الاسابيع الاخيرة من ولايته، ولا يزال كثيرون يصرّون على أن اللائحة شملت الكثيرين من المتمولين. ولم تقم القيامة يومها، ما عدا الرئيس ميشال عون وفريقه السياسي الذي انتقد منح الجنسية لغير المستحقين، بينما حرص التيار الوطني الحر، طوال الفترة السابقة على توليه السلطة، على انتقاد فكرة منح الجنسية لمن لا صلة له بلبنان، مع تركيز على الفلسطينيين والسوريين.
بالأمس، عندما شاع خبر توقيع الرئيس عون للمرسوم، جرى التداول بلوائح لا تغطي كامل الاسماء، كما جرى إدراج أسماء لم ترد في المرسوم أصلاً. لكن اتضح أن هناك قوى سياسية أعدّت نفسها لحملة تستهدف الرئيس عون على وجه الخصوص. وتقود «القوات اللبنانية» هذه الحملة مع عدد من الشخصيات المسيحية المحسوبة عليها أو على حزب الكتائب. وهي تعكس خلفية عنصرية بغيضة، تستهدف السوريين والفلسطينيين على وجه الخصوص، والمسلمين بوجه عام، وتم تكليف قناة «المر تي في» بتولي المهمة التي تناسب طبيعتها العنصرية، أو تلك التي لا تتناسب وشروطها في من يجب أن يعيش في لبنان.
تقود «القوات اللبنانية» الحملة مع عدد من الشخصيات المحسوبة عليها أو على حزب الكتائب
عملياً، جاءت هذه الحملة لتشكل عنصر ضغط على الرئيس عون بشكل خاص. لكن الانتقاد الفعلي لا يتصل بهذا الجانب ولا يمكن اعتبار كل نقد مشمولاً بنفس أهداف العنصريين. لأن المرسوم تجاهل، كما غيره، حق الألوف من مكتومي القيد أو أصحاب الجنسية قيد الدرس، وكل هؤلاء يعيشون في لبنان منذ عشرات السنين، ولهم حق في الحصول على هذه الجنسية. لكنهم فقراء، ويعيش غالبهم في الارياف البعيدة، ولا يمكنهم دفع الاموال مقابل الحصول على الجنسية، كما أن القيادات السياسية لا تهتم بهم، وهي قيادات لا تهتم باللبنانيين أصلاً.
كذلك، فإن المرسوم يصدر عن الرئيس عون، وهو المفترض أن يكون مانعاً لوصول فاسدين الى بلد يكفيه ما فيه من فساد، كما يفترض بالرئيس عون أن يفرض احترام الآليات والمعايير العلمية والمنطقية، والقائمة على أساس العدالة والمساواة. وهو أمر لم يحصل؛ فلا المرسوم شمل المستحقين فعلياً، بل شمل أسماءً بعضها قليلاً ما يزور لبنان، كما شمل مجموعة كبيرة من رجال الاعمال والمتمولين الذين لديهم ودائع كبيرة في مصارف لبنان، كذلك فإن الخطوة تمّت سراً وبعيداً عن الشفافية التي ينادي بها الرئيس عون. ثم إن مرحلة التدقيق لم تحصل وفق المتعارف عليه، حيث يجري تكليف المديرية العامة للامن العام بإدارة الملف بكامل تفاصيله، قبل وضعه على طاولة الرئيس لدرسه مرة أخيرة وتوقيعه.
اليوم، هناك فرصة لتصحيح الخلل، وأولى الخطوات تكون في نشر الملف، وترك الناس تعرض ما تعرفه عن الاسماء وتقدمه الى الأمن العام كما طلب رئيس الجمهورية، كذلك فإن حملة التشهير يمكن مقاومتها، بتحذير كل من يسيء الى الاسماء الواردة من ملاحقة قضائية تتولاها الدولة الى جانب المتضررين. ولكن الأهم هو العودة الى فتح الباب أمام المستحقين، واستقبال ملفاتهم، ودرسها بكل الوقت الذي تحتاج إليه، ومن ثم إصدار المرسوم بالطريقة المناسبة، والواضحة غير القابلة للنقد. لا أن يكون كمرسوم مكتوم القيد!
لجنة مشتركة بين «التيار» وحزب الله لملاحقة الفساد
الحراك السياسي في أكثر من اتجاه يشي بقوة دفع من أجل تسريع ولادة الحكومة العتيدة. غير أن الرغبة والتمنيات شيء والواقع شيء آخر، إلا إذا دخلت عناصر مفاجئة تختزل المواعيد، فتولد الحكومة الجديدة «مبارح قبل اليوم»، أي بعيد عيد الفطر، كما يتمنى ذلك رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي عاد أمس من زيارته السعودية، من دون أن يلتقي أحداً من المسؤولين السعوديين، بعكس ما كان قد أبلغ أكثر من مسؤول لبناني قبيل توجهه إلى هناك.
على مسافة أيام قليلة من اللقاء الذي عقده الرئيس نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، استقبل الأخير، مساء يوم الجمعة الماضي، رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل على مدى ساعتين ونصف ساعة، بحضور مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا. ووفق البيان الصادر عن اللجنة المركزية للاعلام في التيار الوطني الحر «تم التطرق في الاجتماع إلى كافة الأوضاع السياسية المحلية والخارجية، وكان تقييم للانتخابات النيابية الأخيرة ونتائجها، مع أخذ كافة العبر الإيجابية والسلبية منها، إضافة إلى موضوع النازحين السوريين ومقاومة الفساد وإعطائهم الأولوية القصوى في العمل النيابي والحكومي القريب، وتم الاتفاق على تصور أوليّ مشترك لموضوع محاربة الفساد وعلى كيفية اعتماد آلية مشتركة لاحقة لذلك، وكذلك بحث موضوع تأليف الحكومة وأهمية تشكيلها بالسرعة اللازمة بما يتطابق مع المعايير الميثاقية والدستورية والديمقراطية والمنسجمة مع نتائج الانتخابات الأخيرة».
ووصفت مصادر بارزة في التيار الوطني الحر اللقاء بأنه «إحياء لوثيقة التفاهم» بين التيار وحزب الله، وتم التفاهم خلاله على آلية مشتركة للمتابعة والتنسيق في ما يتعلق بمكافحة الفساد وعلى إعطاء موضوع النزوح السوري أولوية في المرحلة المقبلة، وأن الحزب «الى جانب التيار في هذا الأمر». ونفت أن يكون اللقاء «غسلاً للقلوب، لأننا أساساً كنا متفقين على الاختلاف خلال مرحلة الانتخابات، ولم يكن هناك أي شكوك لدى الطرفين حول مصير التفاهم الاستراتيجي». ونقلت المصادر أن الأمين العام لحزب الله «عبّر عن ارتياحه لمسار العلاقة بين التيار وحركة أمل، وأنه لمس لدى الرئيس نبيه بري في لقائهما أخيراً ارتياحه أيضاً للأمر، وردّ باسيل في المقابل بأننا إيجابيون في هذا الصدد». وفي ما يتعلق بالحكومة، أكد باسيل أن التيار مع إشراك القوات اللبنانية فيها «بما يحق لهم… لا أكثر ولا أقل».
وحسب معلومات «الأخبار»، جرت مراجعة القانون الانتخابي نفسه والتحالفات التي جرت في معظم الدوائر، ونتائج الانتخابات، وتم التوافق على عدد من النقاط التي تفيد في العلاقة الانتخابية بين الجانبين في مراحل لاحقة.
أما الملف الثاني الذي تمت مناقشته، فيتعلق بتأليف الحكومة، حيث تم التأكيد على أهمية مساعدة رئيس الحكومة المكلف في إنجاز تشكيلته في أسرع وقت ممكن. في هذا السياق، جدّد حزب الله تمسكه بالحصول على توزير ثلاثة حزبيين، أحدهم من الجنوب والثاني من مدينة بعلبك والثالث من الضاحية الجنوبية، لافتاً إلى أن موضوع الحقائب المخصّصة للشيعة متروك أمر بتّه الى رئيس المجلس النيابي، تبعاً لاتفاقه والسيد نصرالله في اجتماعهما الأخير، مع التسليم بأن تبقى وزارة المال من حصة الطائفة الشيعية، وأن تكون من ضمن حصة بري.
وفُهمَ أن التيار الوطني الحر يريد أن تتمثل القوى السياسية كافة بحسب حجمها الحقيقي ومن دون أيّ مبالغات، مع التأكيد على رغبة التيار في إسناد منصب نائب رئيس الحكومة الى الرئيس عصام فارس كمرشح أول. وكان اللافت للانتباه ما أكده باسيل، خلال اللقاء، بأن التيار الحر يدرس جدياً خيار الفصل بين النيابة والوزارة، وفي حال تقرر ذلك، سوف يتفرغ الوزير باسيل لمهامه في رئاسة حزب التيار الحر، بينما تسند الحقائب الى آخرين من خارج التكتل النيابي، علماً بأن البعض يناقش فرضية أن لا يشمل فصل الوزارة عن النيابة رؤساء الكتل، فكما يتمثل الحريري رغم قراره عدم توزير أيّ من نوابه، يمكن للآخرين فعل ذلك، وأن يتم توزير جبران باسيل وحده من التكتل بصفته رئيساً للتيار.
ولوحظ أن باسيل لم يتطرق خلال الاجتماع نهائياً الى ضرورة إسناد المالية الى وزير غير شيعي، لكنه دعا إلى التفكير في اقتراح أن يتم إسناد الحقائب السيادية الاربع (الخارجية والداخلية والدفاع والمالية) الى وزراء من طوائف أقلوية بدل إسنادها الى الطوائف الكبيرة (السنّة والشيعة والموارنة والأرثوذكس). وأكد باسيل قرار تكتل لبنان القوي بتوزير النائب طلال أرسلان، ولو من حصة التكتل نفسه!
كذلك عرض باسيل أمام نصرالله للمناخات الإيجابية الجديدة في العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، وهي مناخات انسحبت أيضاً على صعيد العلاقة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل.
التيار يدرس الفصل بين النيابة والوزارة، وفي حال تقرر ذلك، سيتفرغ باسيل لمهامه في رئاسة الحزب
وناقش نصرالله وباسيل مطولاً ملف مكافحة الفساد، حيث جدّد حزب الله تمسّكه بقرار خوض هذه المعركة وتوفير ظروف نجاحها بالتعاون مع الجميع، مع الإدراك المسبق لحجم الصعوبات التي يمكن أن تواجه هذا القرار السياسي. وأكد باسيل رغبة التيار في العمل جنباً الى جنب مع حزب الله لإنجاح معركة مكافحة الفساد، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة من التيار والحزب لبحث هذا الملف، على أن يعين التيار شخصية من عنده تتولى إدارة الملف بالتعاون مع النائب حسن فضل الله.
أما الملف الرابع، فيتعلق بالنازحين السوريين. في هذا السياق، نقل باسيل أجواء رئيس الحكومة سعد الحريري غير الراغب في التواصل الرسمي المباشر بين الحكومتين اللبنانية والسورية. وتم الاتفاق على تعزيز قنوات التواصل القائمة الآن، لكن جرى التأكيد من جديد أن دمشق تريد أن تبحث الامر بكل تفاصيله مع موفد رسمي لبناني، ويرجّح أن يعمد الرئيس ميشال عون الى تعيين اللواء عباس إبراهيم موفداً رئاسياً في كل ما يتصل بالعلاقة مع سوريا.
تجدر الإشارة الى أن الأمن العام يعمل على إنجاز عملية عودة طوعية لما بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف سوري يعيشون الآن في مخيمات في منطقة جرود عرسال الى سوريا بالتعاون مع السلطات السورية، على أن تجري العودة عبر منطقة القلمون لا عن طريق المصنع، حسب رئيس بلدية عرسال.
الخليل وجنبلاط: نقلة سياسية
إلى ذلك، استقبل النائب السابق وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو، أمس، المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، بحضور الوزير الاسبق غازي العريضي.
وإذ اكتفت أوساط حزب الله بالقول إن الزيارة عادية جداً وتخللتها جولة أفق في ملفات وطنية واقتصادية ومالية واجتماعية، فضلاً عن ملفي محاربة الفساد وأوضاع منطقة بعلبك والهرمل، قالت مصادر اشتراكية لـ«الأخبار» إن اللقاء مع أنه يأتي في سياق التواصل الدائم بين الحزبين، إلا أنه يشكل نقلة نوعية في طبيعة العلاقة بينهما، خصوصاً في ظل تفاهم الطرفين على تسمية العريضي والخليل قناة اتصال سياسية دائمة، وذلك في اتجاه تطوير العلاقة من جهة والتنسيق في العديد من الملفات الحكومية والنيابية والسياسية. وأكدت المصادر أن جنبلاط استفاض فعلاً في مقاربة ملف بعلبك والهرمل، وأكد أن هذه المنطقة أعطت لبنان وفلسطين والقضية القومية ويجب أن يكافأ هؤلاء الذين ضحّوا بكل غال ونفيس بتحمّل الدولة مسؤولياتها بإطلاق ورشة تنموية واسعة.
ولعل الاستنتاج الأبرز من خلال لقاء جنبلاط والخليل أن حزب الله يريد في المرحلة المقبلة تجميع أكبر مروحة من الحلفاء والأصدقاء، تحصيناً للأمن والاستقرار، وهو يولي العلاقة مع الحزب التقدمي الاشتراكي أهمية استثنائية في المرحلة المقبلة، بما في ذلك تفهّم بعض الحساسيات الجنبلاطية داخلياً وخارجياً.
الحريري يدعو إلى الصوم السياسي
ومن مركز البيال سابقاً، أطلّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري العائد من الرياض، غروب أمس، وارتجل بضع كلمات على الهواء، قال فيها للمشاركين في حفل الإفطار المركزي الذي أقامه تيار المستقبل على شرف أهالي بيروت: «كيفكم وكيف رمضان معكم. أنا متل ما بتعرفو كنت بالسعودية وهونيك قضيتها نوم، وقد ما كان مكسور عليي نوم، نمت كل الوقت وهلق راجع بحيوية».
ومن الارتجال، انتقل الحريري إلى كلمة مكتوبة، قال فيها إن مصادفة شهر رمضان بعد الانتخابات النيابية مباشرة، «أمر مفيد للبلد، على الأقل لجهة التخفيف من حدة الخطاب السياسي ومطالبة الجميع بالتزام التهدئة والصوم عن التصعيد».
وإذ أكد أن الانتخابات «باتت وراءنا»، رأى أن الانتخابات «فرصة جدية، لورشة عمل حكومية وتشريعية، تحدث نقلة نوعية في الأداء السياسي، وتعيد الثقة بدور الدولة والمؤسسات، وأول خطوة صحيحة مطلوبة في هذا المجال، هي الإسراع في تشكيل الحكومة، والتوافق على فريق حكومي قادر على أن يتحمل مسؤولية مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والوطنية».
وشدد على أولوية الاستقرار وحماية البلد، وقال «بدون استقرار، ليس هناك اقتصاد ولا ضمانات ولا أسواق تعمل ولا أناس يشعرون بالاطمئنان»، وأكد أن العالم «ينتظر من لبنان إجراءات واضحة ليتمكن من أن يساعدنا. العالم ينتظر منا إصلاحات جدية، وقرارات جريئة بوقف الهدر، ومشروعاً واضحاً بأن يكون القانون فوق الجميع وأكبر من الجميع، وليس هناك من خيار أمامنا سوى أن نسير بهذه الإصلاحات. البعض يراها خيارات موجعة، وأنا أراها خيارات لا بد منها، لأن وجع ساعة أهون على البلد والناس من وجع كل ساعة».
وأبدى الحريري أمله بأن تأخذ المشاورات حول الحكومة هذه المواضيع في الحسبان «وحاجة البلد إلى الإسراع في التشكيل، فالناس لا يكترثون لوزير بالزائد أو وزير بالناقص. الناس تهمهم هيبة الدولة والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي».
وعُلم أن الحريري فتح خطوط اتصاله، بعد عودته، من خلال مستشاره وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال غطاس خوري، في أكثر من اتجاه، وخصوصاً على خط بيت الوسط ـــ معراب. وقالت أوساط قواتية لـ«الأخبار» إن القوات اللبنانية منفتحة في التعامل مع الملف الحكومي، لكنها أكدت أن هذا الانفتاح لن يكون على حساب عدد من الثوابت التي حددتها القوات، سواء لجهة عدد الوزراء ونوعية الحقائب التي تطالب بها.
وعُلم أن القوات، وفضلاً عن مطالبتها بموقع نائب رئيس الحكومة، تضع نصب عينيها الحصول على حقيبتي التربية والزراعة، على أن تقبل بوزارة دولة إذا تمت تلبية مطالبها الأخرى. ووضعت القوات اللبنانية سقفاً سياسياً لا يمكن تجاوزه في التعامل مع ملف التأليف، قوامه عدم دخول الحكومة الجديدة إذا أعطيت أقل من أربعة مقاعد وزارية.
المصدر: صحف