يستعد التلاميذ في دول عربية عدة لإجراء امتحاناتهم الرسمية، وسط مخاوف من قطع الاتصالات والإنترنت، بعد حوادث عدة تكررت في الأعوام الماضية، ونتجت عنها خسائر عدة على أصعدة مختلفة.
في الأيام الأخيرة للثورة المصرية عام 2011، صَدمت إدارة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك العالم، إذ قطعت الإنترنت وكافة خدمات الاتصالات على الهواتف النقالة. لم يكن قطع الحكومات للاتصالات أمراً شائعاً في ذلك الحين، إلّا أنّ قطع الإنترنت أو حجب الوصول إلى تطبيقات محدّدة بات منذ ذلك الوقت من الأساليب المعتمدة لتقييد قدرة الناس على التعبير وغيرها من الأمور.
ولم تعد أخبار قطع الاتصالات والإنترنت أمراً يجذب انتباه وسائل الإعلام العالمية، علماً أنّ عام 2017 سجّل وحده 105 حوادث قطع للإنترنت، وهي حالات تتزامن عادةً مع الانتخابات، والصراع المسلّح، إضافة إلى الامتحانات الرسمية، كما شهدت عدّة دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قطعاً للإنترنت، وفق ما أوضح تقرير منظمة “تبادل الإعلام الاجتماعي” (سمكس).
وأوضحت “سمكس” أن سورية والعراق تقطعان الإنترنت خلال الامتحانات الرسمية الإعدادية والثانوية (البريفيه والبكالوريا في سورية) باستمرار منذ عام 2015، كما التحقت الجزائر بركب هاتين الدولتين عام 2016، متبوعة بموريتانيا في العام الماضي. وتبرّر هذه الدول قطع الإنترنت خلال مواعيد الامتحانات بأنّها وسيلة لمنع الغش، ولكن في حين قد يكون ذلك صحيحاً في بعض الحالات، لا يزال تسريب أسئلة الامتحانات والغش بالطرق التقليدية من الأمور الشائعة.
وكان قرار وزارة الاتصالات العراقية بقطع شبكة الإنترنت في عموم مدن البلاد مدة ساعتين يومياً حتى انتهاء الامتحانات النهائية لطلاب المراحل الثانوية والمتوسطة قد أثار استياءً عاماً في البلاد، في أغسطس/ آب الماضي، وشكاوى من تكبد شركات ومكاتب تجارية ومؤسسات خسائر مالية بسبب ذلك القرار، فضلا عن تعطيل الكثير من أعمال المواطنين اليومية.
ويتسبّب قطع الاتصالات بمشاكل أكثر جدّية، مثل منع الناس من الحصول على المعلومات، ومن التواصل مع من يحبّون، وإجراء معاملاتهم المالية على الإنترنت. وفي بعض الحالات، يصبح من الصعب أو المستحيل لبعض الناس القيام بعملهم، خصوصاً إذا كانت وظائفهم تعتمد على الإنترنت. وفي مناطق النزاع، كسورية واليمن، يحدّ قطع الإنترنت من القدرة على الوصول إلى خدمات الطوارئ، ويجعل التبليغ عن الضرر والضحايا أمراً عسيراً.
تنتج عن قطع الإنترنت أيضاً خسائر اقتصادية على نطاق واسع، فقد قدّر تقرير نشرته شركة “ديلويت” عام 2016 أثر قطع الإنترنت المؤقّت في دولة متّصلة بالإنترنت إلى حدِّ كبير بحوالي 23.6 مليون دولار أميركي لكلّ 10 ملايين شخص في اليوم الواحد. كما نشر “معهد بروكغنز” في العام نفسه دراسة خلصت إلى أنّ قطع الإنترنت في 19 بلداً، نصفها تقريباً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يكلّف الناتج المحلي الإجمالي حول العالم خسائر بحوالي 2.4 مليار دولار أميركي.
وقد أدركت لجنة النقل والمواصلات والاتصالات السلكية واللاسلكية في “المجلس الشعبي الوطني الجزائري” خطورة قطع الإنترنت، فحاولت الضغط على الحكومة كي لا تفرضه خلال الامتحانات الرسمية لهذا العام. وفي حين لم يُعرف ما إذا كانت الحكومة ستصغي إلى هذه المطالب، تبقى المحاولات الاستباقية لتفادي قطع الإنترنت مثالاً إيجابياً للناس الذين يواجهون قطع الإنترنت بمعزل عن السبب.
وفي هذا السياق، دعت “سمكس” إلى استباق الأحداث هذا العام، باختبار أساليبها الخاصّة لنشر الوعي حول حوادث قطع الإنترنت المحتملة وآثارها السلبية. ودعت إلى مراقبة حالات قطع الإنترنت في دول عدة عبر نشر تغريدات حول الآثار السلبية لهذا الأسلوب، عبر وسم “#لا_لقطع_الاتصالات” و#KeepItOn.
تجدر الإشارة إلى أن امتحانات البكالوريا في سورية تنتهي في الـ12 من يونيو/ حزيران الحالي. أما في العراق، فتبدأ امتحانات السادس الإعدادي في 21 يونيو الحالي، وتنتهي في 12 يوليو/ تموز المقبل. في الجزائر، تبدأ امتحانات البكالوريا في 3 يونيو الحالي، وتنتهي في السابع من الشهر نفسه. امتحانات البريفيه في موريتانيا تبدأ في 18 وتستمر إلى 21 يونيو الحالي، أما امتحانات البكالوريا فتبدأ من 11 يونيو الحالي، وتستمر إلى 21 منه.
المصدر: العربي الجديد