دعا العلامة الشيخ محمد حسين الحاج الى “تنفيس الإحتقان على أقل الحدود، محمّلا المسؤولية لكل المؤسسات الشرعيّة وعلى رأسها المجلس الشرعي في دار الإفتاء، والمجلس الشيعي الأعلى، كوننا بحاجة للوحدة مقابل الفتنة بين المسلمين، لان هذه الأجواء، اذا استمرت قد تؤدي بنا الى فتنة كبيرة”. كما أكد الحاج “اننا بحاجة لهذه اللقاءات واستمرارها”. وتساءل “كيف بنا ونحن نعيش في عالم نحتاج فيه الى لملمة الصفوف وجمع الكلمة؟”.
“كيف نعالج الخلاف المذهبي في لبنان والعالم الإسلامي؟” هوعنوان الندوة التي قدمها رئيس إتحاد علماء المقاومة وإمام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمود في المجمع الثقافي الجعفري بحضور عدد من الشخصيات الدينية والثقافية والإعلامية، حيث استهل الشيخ حمود كلامه بالتعليق على عنوان الندوة بالتأكيد على ان العلاج هو الطبيب والجرعة والدواء. فهل نحن أطباء؟ وهل سيقبل المريض العلاج؟، فمورد حديثنا هو الخلاف السنيّ- الشيعي. وبالعودة الى الحرب الاهلية اللبنانية، التي قسمت البلد مسيحيين ومسلمين، والتي استمرت 15 سنة توقفت بقرار دولي من الخارج، وطويت صفحة الحرب بعد ان تم شحن المسلمين ضد المسيحيين والعكس ايضا.
واليوم، نرى الحرب بين المسلمين أنفسهم، وقد ذكر احد المراجع الشيعية في العراق أنه لم يكن للموضوع المذهبيّ أي شأن يذكر قبيل العام 2003.
فالفتنة المذهبية انطلقت في لبنان بعد انتصارات المقاومة على اسرائيل في العام 2006، وما الحرب السورّية في العام 2011 الا نوعا من هجوم بقرار أميركي لان المقاومة تعتمد على سوريا بجغرافيتها وموقعها، ولان المؤامرة فشلت في اسقاط النظام تحولت الى الصراع الطائفي المذهبي.
هذا في السياسة، اما بالنسبة للنص الديني لا بد انكم اطلعتم على البيان الصادر عن اتحاد علماء المقاومة ردا على وسم المقاومة بالارهاب فقام جمع من المحتجين بشتم الصحابة، لذا نقول للشيعة اخرجوا من التاريخ وللسنّة إفهموا الواقع. فالسنيّ يعيش في عزلة المساحة والأكثرية وصلاح الدين وعمر بن الخطاب والمال والمعارك، وان الشيعة هم القرامطة والبويهيون، وأدعوهم لأن يخرجوا من البطولات، فآخر معركة قاموا بها كانت ايام جمال عبد الناصر والمقاومة الفلسطينية. اما من يقول أن تنظيم القاعدة يتحدث باسم السنّة، فأقول له ان القاعدة على تناقض تام مع مذهب السنّة.
مقابل ذلك، نشهد دعم إيران المستمر للمقاومة منذ 37 سنة، هذه الدولة المحاصرة التي تخصص جزءا رئيسا من ميزانيتها للمقاومة وتحرم شعبها من أجل دعم فلسطين. لذا نسأل: أية دولة عربية دعمت المقاومة الفلسطينية؟ وايران لا تزال مستمرة في دعمها وبمبدئية كاملة، قد يكون ذلك مرتبط بالخصوصية الشيعية ومسألة ظهور الإمام المهدي لدى الشيعة، علما ان الاتفاق الرئيس مع السنّة هو حتمية زوال اسرائيل.
وكجهات رسميّة لم يتحدث أحد من العرب عن زوال اسرائيل، من هنا نحن نحييّ الموقف الإيراني، ولكن للاسف فُقدت المناعة، فبعد انتصارات غزة 2009 و2012 و2014، كلها التي تمت بدعم ايراني واضح، ورغم كل ذلك لم نسمع عن أحد يذكر ذلك باستثناء الشيخ حازم ابو اسماعيل المرشح للرئاسة المصرية. أليس مستغربا ان كل هذه الانتصارات التي تمت بسلاح شيعي، انه عندما ينتهي عدوان غزة مباشرة في العام 2009 نسمع عن الفورة المذهبية الجديدة.
والسؤال: أليس مفترضا ان تكون نتيجة هذه الانتصارات كسرا للفورة المذهبية والحاجز المذهبي؟. وهذا كله يعني ان العقول التي تعمل على الموضوع المذهبي هي عقول محترفة. فنحن نرى علماء ومثقفين ومفكرين مهمين مبدعين ومختصين بالدراسات القرآنية لكن عندما نصل معهم الى الموضوع الشيعي فان عقلهم يصبح عقلا طفوليّا.
فالإصلاح يكون بالعلاج من خلال القرار السياسي وليس الفقهي. فلو ان أسامة بن لادن والملك السعودي أكدا بموقف ما أهمية المقاومة، لكان الصراع المذهبيّ قد توقف. وانا أقول للوهابيين ان الشيعة هم مسلمون، ويجب ان نعترف ان الشيعة قاتلوا اسرائيل بالأسلحة الإيرانية نفسها التي قاتل فيها القيادي نزار ريان السلفيّ المتعصب، في غزة، بسلاح مرّ عبر سوريا.
لذا نقول لهم اخرجوا من السقف الأميركي، فالإسلام ليس فقط هو الصلاة، وتجميل الكعبة، وشدّ الناس الى الصلاة بالقوة. بل الإسلام هو زوال اسرائيل ايضا. لذا نقول ان الاصلاح هو بالسياسة، اما بالنسبة للقرار الفقهي فاننا نقول ان الاصلاح فيه ومن خلاله يبدو أمرا أشبه مستحيل.
وختاما، نلفت الى انه لا صحة لمجموعة من الأفكار المتوفرة عند السنّة عن الشيعة، والعكس هو الصحيح، مع صعوبة إلغائها وتغييرها. فكما تسيطرعلى الشيعة فكرة المظلوميّة، هذه المظلومية وقعت على السنّة ايضا، وعلمائهم قتلوا أيضا على يد الأمراء. فليس صحيحا ان علماء السنّة هم علماء السلطان، وعلماء الشيعة هم دوما معارضة. من هنا ارى ان حلّ الخلاف المذهبيّ هو خلاف بالسياسة لا بالفقه.
المصدر: خاص