بكل الوسائل تعمل الادارة الاميركية ومعها القيادة الصهيونية في كيان العدو الاسرائيلي ومن يقف خلفهما من الانظمة العربية، للقضاء على القضية الفلسطينية عبر استهداف جوهرها اي مدينة القدس المحتلة وتمييع حقوق الشعب الفلسطيني وفي طليعتها حق العودة، وكل الاعداء والمتآمرين يسلكون في هذا الامر مسالك عديدة لا تبدأ بوضع المخططات لجعل القدس عاصمة لكيان الاحتلال ولا تقف عند حد إضاعة الحقوق الفلسطينية مستخدمين سلاح ضرب الوحدة بين ابناء الشعب الفلسطيني ومنع اتمام المصالحة الوطنية بين الفصائل لا سيما بين حركتي حماس وفتح.
ولعل أبرز المؤشرات على هذا السعي الخبيث اميركيا واسرائيليا لبث الفتنة بين الفلسطينيين، هو ما جرى مؤخرا من استهداف لموكب رئيس حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية رامي الحمدالله خلال زيارته الى قطاع غزة الذي زاره قاصدا الاطلاع عن كثب على شؤونه والبحث في احتياجات الاهالي تمهيدا للبدء بحلها ضمن القدرات الممكنة والظروف المتاحة.
واللافت انه جرى بث الكثير من الاشاعات بعد وقوع العملية وحاول البعض صب الزيت على نار الفتنة والخلاف لإشعال الامور والدفع بالمصالحة الى نقطة اللاعودة، ما يوحي بأن كل ما يجري هو أجزاء من مسلسل معد مسبقا، وان التحريض الذي تبع التفجير لا ينفصل عن العملية نفسها التي كانت كما يبدو خطوة هامة للقضاء على كل محاولات اصلاح ذات البين فلسطينيا بين الفصائل واعادة تمتين اللحمة الوطنية والشراكة والتفرغ لمواجهة الامور الاكبر الاعقد والاخطر التي تستهدف القضية الفلسطينية في هذه المرحلة عبر ما يسمى “صفقة القرن” التي أعلن عنها اميركيا واسرائيليا وأيدتها أنظمة عربية متواطئة دون خجل او تردد في ما يخدم العدو وينهي القضية المركزية للامتين العربية والاسلامية.
إلا ان الأجهزة الامنية في قطاع غزة سرعان ما كشفت خيوط العملية وحاولت اعتقال المسؤول عن استهداف موكب الحمدالله، وهو فلسطيني يدعى أنس ابو خوصة الذي قتل بعد حصول اشتباك مع القوة التي حضرت لاعتقاله ما أدى الى استشهاد اثنين من العناصر، بالاضافة الى اعتقال اثنين من معاوني ابو خوصة في عملية أمنية غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
وبالسياق، أفادت مصادر فلسطينية عن “مشاركة أجهزة أمن مصرية في التحقيقات الخاصة باستهداف موكب الحمدالله”، وقالت إن “الجانب المصري لمس بشكل كبير تعاون الأجهزة الأمنية في غزة وحركة حماس وحرصهما على التوصل إلى الجناة الحقيقيين”، ولفتت الى ان “القاهرة تؤدي دورا كبيرا في التحقيقات للتوصل للجناة وسد الذرائع أمام محاولات إفشال المصالحة الداخلية التي ترعاها مصر”.
بدورها، أكدت حركة حماس على لسان اكثر من مسؤول فيها ان “الأجهزة الأمنية في قطاع غزة تملك أدلة دامغة حول الجهة التي تقف وراء محاولة تفجير موكب الحمدالله”، واوضحت ان “الأدلة مهنية ودقيقة بالصوت والصورة الواضحة”، وأشارت الى “أنها تحتوي على تفاصيل مهنية ولن يبقى أي شك في من يقف وراء الجريمة”، ولفتت الى ان “هناك من أراد أن يستثمر الحادثة من أجل تمرير صفقة القرن التي لن تمر”، وأكدت حماس “حرصها على تحقيق المصالحة الحقيقية وستلتزم بالاتفاقيات الموقعة”.
والواقع ان المعطيات كلها تشير الى ان هناك من اراد من وراء استهداف موكب الحمدالله “ضرب اكثر من عصفور بحجر واحد”، فهو عمل على نسف المصالحة الفلسطينية وتطييرها وافتعال مشاكل داخلية اضافية، كما انه هدف بشكل اساسي الى حرف الانظار عن قضية القدس وما يجري من مخططات للاطاحة بها لا سيما عبر ما يسمى بـ”صفقة القرن” بعد قرار ترامب ومن ثم قرار نقل السفارة الاميركية في كيان العدو من تل ابيب الى القدس المحتلة، كما هدف من استهدف موكب الحمدالله الى تشويه صورة الفصائل الفلسطينية القوية والفاعلة في قطاع غزة لا سيما وبشكل مباشر حركة حماس وباقي فصائل المقاومة، وتجييش الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي ضدها بما يخدم بشكل أكيد مصالح العدو الاسرائيلي.
ولذلك كله وخاصة بعد انكشاف المؤامرة التي كانت تستهدف قطاع غزة والقضية الفلسطينية، يصبح الحذر اشد من اي مخططات تآمرية يمكن ان تتكاثر في هذه الآونة بهدف بث الفتن من جديد بين ابناء الصف الواحد لتحقيق نفس الاهداف التي كانت منتظرة عند استهداف موكب الحمدالله، وهنا تقع المسؤولية الكبيرة على كافة الفصائل وكل اطياف الشعب الفلسطيني في ان تؤكد من جديد التحلي بدرجة عالية من الوعي والحكمة و التركيز على الاسس الحامية لقضيتهم وحقوقهم وترتيب الاولويات الداخلية وفي طليعتها تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطنية.
وفي هذا السياق، يمكن تحويل أزمة محاولة استهداف رئيس الحكومة الى فرصة ذهبية سانحة لاعادة وصل ما انقطع وإصلاح العلاقات الفلسطينية الفلسطينية والابتعاد عن كل ما يعكر صفو المصالحة، وعدم الاستماع الى المحرضين من الانظمة العربية الذين يهدفون لتمرير “صفقة القرن” خدمة للعدو الاسرائيلي وللادارة الاميركية لان في ذلك مصلحة خاصة لبعض الحكام العرب والطامحين بالوصول الى السلطة في بلدانهم بالحصول على الدعم الاميركي والصهيوني، ولذلك نرى البعض يلهث خلف مصالحه من لندن الى واشنطن مقدما كافة فروض الطاعة والولاء والاموال الطائلة لشراء السلاح والتآمر على قضايا وحقوق شعوب المنطقة وفي مقدمتها قضية وشعب فلسطين.
المصدر: موقع المنار