على بوابات الغوطة الشرقية، مشاهدُ آثارِ المعاركِ العنيفة، التي تتناقل خطواتها المتتالية نحو العمق من الغوطة، مع اقترابٍ متوقع لحسم الأمورِ كاملةً شرقي العاصمة.. وتدلُّ الأصوات غير المضبوطة بنوع معين من صنوف الأسلحة، إلى أنّ الدخول هناك يحتاج إلى حذر شديد وسط ما تخبئه الجبهة المشتعلة من أسرار انتصارٍ يلاحق انحدارَ المسلحين نحو الهزيمة، وكأن الانتصار هنا كاسحة ألغام تكنس كل المتفجرات التي تصادفها.
فعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية مرت الأخبار المتسارعة ، حاملةً معها أسماء بلدات تهاوى مسلحوها بشكل متتالٍ أمام تقدم الجيش السوري من جهات عديدة، لتأخذ العملية العسكرية الأعقد، مسارها الصحيح نحو الخواتيم، مكللة بنجاح أكثرَ من أن يكون قياسياً لجهةِ المُدّة والإنجازات.
من جهة مطار دمشق الدولي بدأنا
المنصورية، دير سلمان، البِلالية، النشابية، مرج السلطان، بيت نايم، جسرين، كفربطنا، سقبا، حزة، وصولاً إلى عين ترما بعد قطع منطقة وادي عين ترما، وغيرها من المناطق، كلها أسماء لبلدات لا بد ان يمر عبرها من يتجه من شرق الغوطة إلى غربها مروراً بالوسط.
جميع هذه المناطق شهدت ضراوة في المعارك، ما جعل المشهد يتحدث بلُغة المباني المتأثرة بشكل كبير بسبب ما تلقته من ضربات الاشتباكات العنيفة في المزارع والأحياء السكنية، حيث حولتها المجموعات التكفيرية على مختلف تسمياتها لترسانات تتحصن فيها، وأبرزها جبهة النصرة.
قائد ميداني يقيّم الاوضاع
حتى الآن 80% حسب التقديرات هي مساحة الأراضي التي حررها الجيش العربي السوري.. قائد ميداني في الجيش السوري داخل الغوطة الشرقية يحاول ان ينسق تركيزه بين ضبط إيقاع المعركة، وبين ما يحدثنا به عن الاوضاع، يحمل يبده سلاحه الفردي، ويعلق في جعبته جهاز الاتصال الخاص به للتواصل مع وحدات الجيش السوري المنتشرة على طول الجبهة ومحيطها.
هذا الضابط لا يفوته أبداً متابعة التغير المتسارع لمعالم خارطة الغوطة الشرقية التي يحملها حيثما توجه في الميدان، ويشرح بشكل مقتضب أن المعارك لم تكن سهلة بداية العملية الى أن تم كسر الخطوط الدفاعية الرئيسة للمسلحين، ليتم بعدها التقدم يشكل دراماتيكي، ولا يهتم نهائياً لما لدى المسلحين من قوة تحصينية، تلك القوة التي يخسرها الإرهابيون بشكل تدريجي أمام تقدم الجيش السوري.
تهاوي المسلحين أمام ضربات الجيش السوري، يتيح للقائد الميداني السوري أن يقول وهو على رأس مقدمة قواته “ما هي إلا أيام معدودة وسنكون قد طهرنا كامل الغوطة الشرقية، وانجزنا المهمة”، حيث وضّح أنهم أنجزوا الجزء المتعلق بمنطقة عين ترما حيث وصل موقع قناة المنار، ليغدو الجيش على المشارف الشرقية لمنطقة جوبر التي أصبحت محاصرة بشكل شبه كامل، ليتم عزلها عن باقي مناطق المسلحين في عربين.
ما يلفت النظر أثناء سير المعارك في الغوطة الشرقية، عناصر من المجموعات المسلحة استسلمت بعد أن كانت تقاتل ضمن صفوف ما يسمى “فيلق الرحمن” و “جيش الإسلام”، وانتقلت لتقاتل ببنادقها تحت أمرة ضباط الجيش العربي السوري، وهي تعمل كدليل ميداني في بعض من المناطق التي يصلها الجيش السوري، لتسهل المهمة أكثر مما وصلت إليه.
حرستا تُسَرّع إيقاع الانتصار
ومن أهم آثار تقدم الجيش السوري، جاء إخلاء بلدة حرستا من مسلحيها، البالغ عددهم حوالي 1500 مقاتل يتبعون لما يسمى “أحرار الشام”، ومعهم قرابة 6000 من عائلاتهم، وذلك بعد استسلامهم للدولة السورية تحت وطأة تطويق حرستا بالكامل وعزلها عن دوما، فقَطع الإمداد عنها، وجعلَها جبهة مشلولة بالكامل، حيث بدأت تتوجه حافلات حكومية، تنقلهم إلى مدينة إدلب شمال البلاد.
وبهذا الإخلاء بعد استسلام مقاتلي حرستا، يغدو العمل على تطويق دوما بمسلحيها أكثر وطأة على مجموعات “جيش الإسلام” المدعومة سعودياً، ما سيسرع الحل في الغوطة الشرقية ويجعل المشهد أقرب لإعلان النصر في كامل أرجاء الغوطة الشرقية للعاصمة بعد سنوات من تلقي القذائف والتي كان أكبرها الصاروخ في منطقة كشكول والذي راح ضحيته عشرات الشهداء والجرحى.
صور من الجولة:
المصدر: موقع المنار