نص خطبة الجمعة لسماحة الشيخ علي دعموش 16-3-2018:
مع إطلال شهر رجب الحرام ، لا بد من الحديث عن فضل وعظمة هذا الشهر المبارك ، وأهمية العبادة والأعمال المستحبة فيه ، من أجل الاستفادة من عطاءاته والمعاني الروحية التي يحملها .
يتحدث الشيخ الطوسي عن أهمية رجب فيقول: وهو شهر عظيم البركة كانت الجاهلية تعظمه وجاء الاسلام بتعظيمه وهو الشهر الأصم، سُميّ بذلك لأن العرب لم تكن تغير فيه ولا ترى الحرب وسفك الدماء.. فكان لا يسمع حركة السلاح ولا صهيل الخيل، أي لأنه لا يسمع فيه ما يسمع عادة في الحروب سمي بالأصم، ويسمى أيضا بالشهر الأصب لأن الله يصب فيه الرحمة على عباده صباً.
– لقد ورد في الأحاديث المروية عن رسول الله وأئمة أهل البيت (ع) : ان رجب شهر الله العظيم وانه لا يقاربه شهر من الشهور ، حرمة وفضلا ، وانه موسم الدعاء والاستغفار والتوبة ، وهو شهر أمير المؤمنين (ع) ، حيث ولد في اليوم الثالث عشر منه ، كما هو شهر الرسالة حيث بُعث رسول الله (ص) بالإسلام في السابع والعشرين منه .
ولذلك فإن مكانة هذا الشهر وعظمته تستمد من هذه الوقائع والمناسبات العظيمة التي جرت فيه لا سيما مبعث النبي الأعظم محمد (ص).
يقول السيد ابن طاووس في سبب اهمية هذا الشهر: لاشتماله على وقت ارسال الله جل جلاله رسوله محمدا صلوات الله عليه الى عباده وإغاثة أهل بلاده بهدايته وإرشاده ولأجل حرماته التي يأتي ذكرها في روايات بركاته وخيراته.
ولذلك لا بد أن يتوجه الإنسان المؤمن بعقله وقلبه الى أعمال هذا الشهر وانتهاز الفرصة التي يوفرها للتقرب الى الله وطاعته والإجتهاد في ذكره وعبادته.
– أكدت الروايات على أهمية الدعاء والاستغفار والتوبة في شهر رجب ، فقد ورد عن النبي (ص) : أنه قال :”إنَّ الله تعالى نَصَبَ في السماء السابعة مَلكاً يُقال له (الداعي) فإذا دخل شهر رجب ينادي ذلك الملك كل ليلةٍ منه إلى الصباح : طوبى للذاكرين ، طوبى للطائعين ، يقول الله تعالى : أنا جليس من جالسني ، ومطيع من أطاعني ، وغافر من استغفرني الشهر شهري والعبد عبدي والرحمة رحمتي ، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته ، ومن سألني أعطيته ، ومن استهداني هديته ، وجعلت هذا الشهر حبلاً بيني وبين عبادي فمن اعتصم به وصل إلي ” .
وعن الإمام الصادق (ع) قال: قال رسول الله (ص) : ” رجب شهر الاستغفار لأمتي ، فاكثروا فيه الاستغفار فانه غفور رحيم ، ويسمى الرجب الأصب لأن الرحمة على أمتي تصب صبا فيه فاستكثروا من قول (استغفر الله وأسأله التوبة ) “.
– كما أكدت الروايات على عظيم أجر الصيام فيه ، فقد ورد عن رسول الله ،أنه قال : من صام رجب كله استوجب على الله ثلاثة أشياء ؛ مغفرة لجميع ما سلف من ذنوبه ، وعصمة فيما بقي من عمره ، وأمانا من العطش يوم الفزع الأكبر ” فقام شيخ ضعيف فقال يا رسول الله : إني عاجز عن صيامه كله ، فقال رسول الله (ص) :” صم أول يوم منه فان الحسنة بعشر أمثالها ، وأوسط يوم منه ، ،وآخر يوم منه ، فانك تعطى ثواب صيامه كله “.
وعن الإمام الكاظم (ع) انه قال : ” رجب نهر في الجنة اشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ، من صام يوما من رجب سقاه الله من ذلك النهر .” (فضائل الأشهر الثلاثة ص23 ح 10 ).
وعن أبي حمزة البطائني احد أصحاب الإمام الصادق (ع) قال : دخلنا على الإمام الصادق في رجب وقد بقيت منه أيام فلما نظر إلي قال لي : يا سالم هل صمت في هذا الشهر شيئا ؟ قلت لا والله يا بن رسول .فقال لي :” لقد فاتك من الثواب ما لا يعلم مبلغه (أي حده وحجمه ) إلا الله عز وجل ، إن هذا الشهر قد فضله الله وعظم حرمته وأوجب للصائمين فيه كرامته . قال ، قلت له يا بن رسول الله ، فان صمت مما بقي شيئا هل أنال فوزا ببعض ثواب الصائمين ؟ قال:” يا سالم من صام يوما من آخر هذا الشهر كان ذلك أمانا من شدة سكرات الموت وأمانا له من هول المطلع وعذاب القبر ومن صام يومين من آخر هذا الشهر كلن له بذلك جواز على الصراط ومن صام ثلاثة أيام من آخر هذا الشهر أمن من الفزع الأكبر من أهواله وشدائده وأعطي براءة من النار .(فضائل الأشهر الثلاثة ص18ح3).
– من الأعمال الهامة في هذا الشهر أيضا القيام بالأذكار والأدعية الواردة في خصوصه التي منها :
أولا: الدعاء في الصباح والمساء ،وبعد كل صلاة بالدعاء المشهور الذي أوله : يا من أرجوه لكل خير وآمن سخطه عند كل شر . . . (وهو موجود في كتب الأدعية ).
ثانيا: القول في تمام الشهر كله ألف مرة ( استغفر الله ذا الجلال والإكرام من جميع الذنوب والآثام ) أي في كل يوم ثلاثين مرة تقريبا .
ثالثا: القول في تمام الشهر كله ، ألف مرة : ” لا اله إلا الله ” ، أي في كل يوم ثلاثين مرة تقريبا.
رابعا: إحياء ليلة الرغائب وهي ليلة الجمعة الأولى من شهر رجب ، بالعبادة والدعاء.
خامسا: أن نذكر على امتداد هذا الشهر حال السجود ؛ ” اللهم عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك “.
هذه الأعمال تمدنا بالروحانية وتعمق الإمان والإلتزام في نفوسنا وهو ما نحتاجه دائما لنقوى على طاعة الله ولنقوى أيضا على تمل مسؤولياتنا ومواجهة التحديات والإستحقاقات المختلفة.
الانتخابات النيابية في هذه الدورة لها أهمية سياسية كبيرة ويجب التعاطي معها بروح المسؤولية الوطنية وأهميتها من جهتين:
اولا: هذه الدورة ستجري على أساس قانون انتخابي جديد يعتمد النسبية وهو قانون يمنح فرصا حقيقية لمن لديه تمثيل شعبي حقيقي في الوصول الى البرلمان وهذا القانون صحيح انه لا يعتمد النسبية الكاملة إلا أنه بداية جيدة للإصلاح السياسي والإنتخابي في لبنان وللوصول الى قانون نسبي شاملٍ قائمٍ على اساس لبنان دائرة واحدة.
هذه الانتخابات حسب هذا القانون، تعتمد بشكل اساسي على المشاركة الشعبية والحضورالشعبي الكثيف في الانتخابات، كل صوت له تأثير، لا أحد يقول أن لا دور له وان صوته لن يقدم ولن يؤخر، كل صوت له تأثير ولذلك الحضور الشعبي الكثيف والفاعل مطلوب لأنه يحمي خياراتنا ويحبط مساعي الأعداء الذين يعملون ليل نهار وبكل الأساليب والوسائل لكي لا تكون هناك مشاركة شعبية واسعة خصوصا في بيئة حزب الله وفي المناطق التي يشكل فيها حزب الله حضورا شعبيا لإظهار تراجع شعبية حزب الله وحلفائه.
ثانيا: أن هذه الانتخابات واكثر من اي استحقاق سابق تتدخل فيها جهات وقوى وسفارات ودول وفي مقدمها أميركا والسعودية ومن ورائهم إسرائيل، من اجل التأثير على المقاومة و شعبيتها وحجم حضورها وحضور حلفائها في المجلس النيابي القادم .
ولذلك الحملة السياسية والاعلامية التي يتعرض لها حزب الله هذه الأيام، والتصويب على نوابه دون غيرهم ليس عفوياً، وإنّما هو نتيجة عمل مخطط ومنسق تديره هذه الجهات والقوى والسفارات والدول لتشويه صورة حزب الله وتقديم نوابه أمام الرأي العام اللبناني على أنهم نواب غير منتجين ولم يقدموا شيئاً لشعبهم.
نواب حزب الله على مدى السنوات الماضية كانوا أكثر حضوراً بين الناس وأكثر قربا من هموم الناس وقضاياهم وحاجاتهم ، وقاموا بكل ما يستطيعون تجاه أهلهم ومجتمعهم، وكان لديهم حضور فاعل وقوي في كل الجلسات التشريعية التي عقدها البرلمان وحملوا همّ المواطنين.
وإذا قارنا حجم ما قدمه نوابنا بحجم ما قدمه الآخرون سنجد أنّ نوابنا كانوا أكثر إنتاجاً ومتابعة للقضايا المعيشية والانمائية والحياتية للناس.
التصويب على نوابنا دون الآخرين هدفه النيل من سمعة حزب الله وإضعاف حزب الله وضرب ثقة الناس بالمقاومة، وهذا اصبح واضحا وشعبنا يعي ذلك تماما ولن يتأثر بكل محاولات التضليل بل سيبقى موقفه ثابتا وراسخا الى جانب المقاومة وخياراتها.
من يهمه مصلحة البلد فليركز على مواقع الفساد في البلد وعلى التركيبة الفاسدة، لا على من عرف بالنزاهة ونظافة الكف والصدق مع الناس وقدم تجربة صادقة في العمل السياسي.
من كان حريصاً على البلد عليه أن يتوجه بالنقد إلى الذين قصّروا في واجباتهم تجاه لبنان واللبنانيين بدلاً من التصويب على من ساهم في حماية لبنان واللبنانيين.
التضليل والتشويش والتحريض لن يجدي نفعاً؛ لأنّ الناس تملك من الوعي ما يجعلها تميز تماماَ بين من يعمل لمصلحة لبنان ويحمل همّ المواطنين وقضاياهم ومشاكلهم ويمثلهم تمثيلا حقيقياً، وبين من يريد أن يصل إلى البرلمان للحصول على امتيازات ومكاسب خاصة.
المصدر: بريد الموقع