ألقى السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:
وقال:”البداية من لبنان، حيث لا يزال حديث الانتخابات هو الطاغي، فرغم اقتراب موعدها، لم تنجل بعد الصورة النهائية للوائح والتحالفات التي ستجري على أساسها، فالكل في إرباك بفعل القانون الجديد، إذ وجد الجميع أنفسهم أمام قانون لا يمكنهم من الحفاظ على مواقعهم أو كسب مواقع جديدة، إن هم أبقوا على تحالفاتهم السابقة التي عهدها اللبنانيون أو على مراعاتها في كل المناطق. ولذلك، تجد المصالح الانتخابية وكسب الأصوات هي الفيصل عندهم في تركيب اللوائح.. ولذلك أيضا، سنجد أن اللوائح تشمل كل التناقضات على المستوى السياسي أو القيمي أو مستوى الشعارات التي تطرح في مواجهة الفساد والاستئثار”، مشيرا الى أن “هذا سيجعل المواطن اللبناني أيضا في حالة إرباك عند التصويت، فالقانون الانتخابي يدعوه إلى أن ينتخب لائحة كاملة لا مجال فيها للتشطيب، فيما مبادئه وقيمه وإيمانه يدعوه إلى عدم انتخاب أناس معينين لأنهم فشلوا أو لا يعبرون عنه”.
ودعا “القوى التي تؤلف لوائحها أو تدخل مرشحيها في لوائح أخرى، إلى أن تحسن اختيار المرشحين أو اللوائح، كي لا تدفع من يؤمن بمشروعها إلى أن لا ينتخبها، لوجود أشخاص ممن هم غير مؤهلين للقيام بالمسؤولية التي يتحملونها، ولا سيما أن كثيرا من هذه التحالفات لن تستمر بعد الانتخابات”.
وأكد أنه “لا نؤيد فاسدا أو مفسدا أو مستأثرا بالمال العام أو من لديه القابلية لذلك، إننا معنيون ببلد خال من الفساد والهدر ومن المتلاعبين بمصيره ومستقبله. ونبقى في لبنان، وليس بعيدا عن الانتخابات، حيث أقر مجلس الوزراء موازنة العام 2018، وأحالها إلى المجلس النيابي، والتي تضمنت خفض موازنة الوزارات بنسبة عشرين في المئة”.
واعتبر أنه “على الرغم من هذا الإنجاز الذي يحول دون الصرف العشوائي للوزارات على أساس القانون الذي يتيح الصرف على قاعدة الإثني عشرية، ومن دون ضوابط وحساب قد يزيد من الأعباء، لكننا لا نرى أن التخفيضات التي جرت تمثل حلا، بل هي من قبيل المسكنات، فالدولة لا تزال تلحس المبرد في تعاملها مع الملفات الاقتصادية، وهي لم تلجأ فعلا إلى العلاج الجدي الحاسم في ظل الوضع القائم والارتفاع في أرقام المديونية.. والحل لن يكون إلا بسياسة اقتصادية تقوم على تفعيل الحركة الاقتصادية، ووقف كل مزاريب الهدر، وملاحقة كل مصادر الفساد في الإدارات، والتوظيف غير المقونن، والتلزيمات التي تجري بالتراضي، والأملاك البحرية المهدورة، ومزاريب النفايات والكهرباء”.
ولفت الى أنه “من المفارقة هنا أن الدولة التي تسعى إلى خفض نفقاتها، نجد فيها من يتحدث عن توظيف يتم بعيدا عن مجلس الخدمة المدنية، ومن دون رعاية موازنة، ما يرتب أعباء إضافية، ولحسابات انتخابية خاصة”.
وقال: “إننا لا نخاف، كما يتحدث الكثيرون، من وصول البلد إلى حد الانهيار، فهذا البلد سيبقى محكوما بلاءات ثلاث: لا تقسيم ولا انهيار ولا استقرار، ولكن لا نريد أن يمنع هذا الانهيار بفعل منح تقدم من هذا البلد أو ذاك، فنحن نعرف أن التقديمات لا تتم بالمجان، بل هي دائما تخضع لحسابات سياسية نأمل أن لا تكون على حساب هذا البلد وقراراته، بل من خلال سياسة اقتصادية فاعلة ينبغي أن تلحظ في برامج المرشحين، وعلى الناخبين أن يأخذوها في الاعتبار عندما يضعون أصواتهم في الصناديق، وأن لا يضعوا في صناديقهم إلا من يقدم المشروع الأفضل لمعالجة الأزمات، والخروج منها، ومواجهة القضايا الوطنية الأخرى التي ينبغي أن نضعها دائما في الميزان”.
أضاف: “نصل إلى سوريا التي دخلت أزمتها والحرب فيها وعليها العام السابع، من دون أن تلوح في الأفق العام بشائر الحل السياسي، على الرغم من تجاوز سوريا منعطفات خطيرة كان يراد من خلالها شطبها بالكامل من معادلة المنطقة، وتفتيتها وتمزيقها، بفعل التجاذبات الدولية والإقليمية على أرضها، أو بفعل التغييرات التي حدثت في الإدارة الأميركية، والتي يخشى أن تؤدي إلى زيادة الصراع في المنطقة، والتي ستكون سوريا واحدة من ساحاتها، ما يراكم المأساة الإنسانية وأعداد الضحايا والنازحين في سوريا، وهو تحد نريد للشعب السوري أن يعمل على مواجهته بشجاعة، ليضع سلامه الداخلي بعيدا عن كل هذه التجاذبات، وليحاول أن يعتبر من سنوات الحرب المتواصلة التي لم تجن للبلد إلا الخراب”.