عاد سماحة العلامة السيّد علي فضل الله إلى لبنان بعد زيارته دولة غينيا، حيث التقى أبناء الجاليات، وتفقّد عدداً من المؤسّسات فيها.وقد التقى سماحته أبناء الجالية اللبنانيّة، بحضور سفير لبنان في غينيا فرح فرح، ورئيس الجالية إبراهيم طاهر، وشخصيّات، ووجّه الشّكر لهم على الجهود الّتي يبذلونها في تطوير هذا البلد الَّذي بات بمثابة بلدهم الثاني، ولا سيّما في إنشائهم للمؤسَّسات الخيريّة في أفريقيا.
وقال: “إننا عندما نبني هذه المؤسَّسات، لا نهدف إلى نشر مذهب معين أو دين معين أو الترويج لهما، كما يتحدّث البعض، بل نسعى إلى خدمة الإنسان بعيداً من لونه وطائفته ودينه”.وأشار إلى أنَّ رسالتنا كانت ولا تزال منطلقة من روح الدين وعمقه، وهو تقريب المسافات، ومد الجسور بين الناس، ومحاربة التعصّب، وتعزيز المحبّة والرحمة، لا من موقع الضعف، بل من موقع مسؤوليتنا الدينية في الانفتاح على الآخر والتواصل معه.
ورأى سماحته أنّ قيمة الحياة في تنوّعها، مشيراً إلى أنّ هناك من يعمل على تفريغ الأديان، كلّ الأديان، من قيمها وأخلاقها وأصالتها، وإذا سقطت هذه العناصر من النفوس، فإن الأديان سوف تتحوّل، كما يجري في لبنان وغيره من البلدان، إلى عصبيات وعشائر تتقاتل وتتحاقد وتتصارع على تقسيم الحصص، لافتاً إلى أن عدوى هذه الآفة وصلت إلى القيادات الدينية التي انخرطت في هذه اللعبة.
وتطرّق إلى ظاهرة التّكفير، معتبراً أنَّها لا تنطلق من عمق الدين، فهي حالة طارئة، ولكن هناك من يسعى إلى استغلالها سياسياً، لتقسيم المجتمع وتسهيل عملية تفتيته، معتبراً أنّ المنطقة العربية والإسلامية تعاني حالة استنزاف لتبديد كلّ قدراتها وإمكاناتها، وإفقادها كل عناصر القوة فيها، لحساب العدوّ الصّهيونيّ ومصانع الأسلحة.
ودعا اللبنانيين إلى عدم الانزلاق في الفتنة التي يراد لها أن تعصف بهم تحت عناوين جديدة، مؤكّداً أنَّ لبنان الذي لم يسمح للفتنة سابقاً بأن تمرّ، لن يسمح لها الآن أيضاً بالمرور، مشيراً إلى أن من واجب جميع اللبنانيين أن يكونوا حريصين على وحدة بلدهم، وأن لا ينقسموا، أو يضعفوا أي موقع من مواقع القوة فيه، مشدداً على أن الحوار هو السبيل لمواجهة المشاكل، لا أسلوب الضغط الذي لم ينفع سابقاً ولن ينفع حالياً.
وحيا روح الوحدة والإخاء التي تعيشها الجالية اللبنانية، والتي تنعكس في هذه الصورة الجامعة التي تؤكد قدرة أتباع الأديان والرسالات على التواصل والتعاون واللقاء فيما بينهم على القواسم المشتركة، مؤكّداً أن هذه الصورة هي ردّ عمليّ على كلّ محاولات التقسيم لعالمنا العربيّ والإسلاميّ إلى طوائف وشيع متنازعة.
وفي الختام، شكر سماحته الدولة الغينيّة على دورها في احتضان اللبنانيين وتأمين سبل العيش الكريم لهم، مؤكّداً أنهم سيكونون أوفياء للبلد الذي احتضنهم ولم يجعلهم غرباء فيه، وأنهم لن يكونوا من أولئك الذي جاؤوا لنهب ثرواته، بل من الذين يتشاركون مع أهله في تطويره وعمرانه.
كما شكر أبناء الجالية على دورهم في مساعدة أهلهم والعائلات الفقيرة في مواجهة الصعوبات الاقتصادية، داعياً الدولة اللبنانية إلى القيام بمسؤولياتها تجاههم.
المصدر: خاص