تطرق السيد علي فضل الله الى الانتخابات النيابية المرتقبة في لبنان، قائلاً “بدأت القوى السياسية فيه تستعد لإعداد لوائحها ومرشحيها للانتخابات النيابية القادمة، حيث الهاجس لكل فريق سياسي هو كيفية الحفاظ على المكتسبات السياسية التي وصل إليها على الأقل، أو تقليل الخسائر منها في ظل القانون الجديد، ليكون فاعلا في خياراته وفي الاستحقاقات التي تنتظر البلد. ونحن في هذا المجال، دعونا ونعيد دعوة القوى السياسية التي تملك حضورا شعبيا، ويتطلع الناس إليها لاتخاذ خيارهم الانتخابي، إلى أن يكونوا أمناء على هذه الثقة التي أعطيت لهم، بأن يحسنوا اختيار مرشحيهم للانتخابات، وأن يعبروا في ذلك عن إرادة جمهورهم الذي أعطاهم قياده، بعد أن أصبح واضحا أن الاختيار سيتم على أساس لوائح كاملة، لا حرية فيها للمواطنين بأن يأخذوا أسماء من هذه اللائحة وأخرى من تلك اللائحة”.
وفي خطبة الجمعة التي القاها في مسجدي الامامين الحسنين (ع)، شدد السيد فضل الله على أن “اللبنانيين يتطلعون إلى أن يكون الاختيار للأمناء، نظيفي الكف، الذين يشهد لهم تاريخهم بذلك، القادرين على القيام بالمسؤولية التي تسند إليهم، فمن يتسلم موقعا نيابيا، لا بد من أن يمتلك المقومات الأساسية للعمل الذي يقوم به المجلس النيابي، وهو التشريع، والوعي السياسي، والمواصفات الشخصية من الحنكة والحكمة في التعامل مع ما يطرح في اللجان أو في الندوات البرلمانية أو في الواقع العام، وأن يكونوا معبرين عن إرادة المواطنين الذين يمثلونهم. ونحن هنا، لا نحتاج إلى التذكير بأن الذين يدخلون إلى المجلس النيابي لا يمثلون فقط الجهات السياسية التي أمنت وصولهم إليه، بل عليهم أن يعبروا عن مصالح كل المواطنين، وبكل تنوعاتهم، حتى الذين لم ينتخبوهم”.
وأضاف “لقد اعتدنا أن نرى النائب يشارك في الأفراح والأحزان أو يطل على الوسائل الإعلامية ليبدي للناس أفضل ما عنده من حديث. إن دور النائب يتعدى ذلك، فوظيفته الأساس أن يكون حاضرا في اللجان النيابية، حيث تمرر المشاريع والصفقات والقرارات التي قد يكون بعضها على حساب الوطن والمواطن ومستقبله. وهنا، نستذكر حديثا لرسول الله حين جاء إليه قوم، وراحوا يثنون على رجل، فقال لهم: “كيف عقله؟”، فقالوا: “يا رسول الله، نخبرك عن اجتهاده في العبادة وأصناف الخير، وتسألنا عن عقله”، فقال: “إن الأحمق (الجاهل) العابد يصيب بجهله أعظم من فجور الفاجر”.
وأكد أن “على القوى السياسية أن تأخذ بعين الاعتبار أن الناس أصبحوا أكثر وعيا وقدرة على التمييز، وهم وإن رضخوا للأمر الواقع، لأن مصالحهم عند زعماء طوائفهم ومن يملكون مواقع المسؤولية الآن.. إلا أنهم لن يكونوا كذلك أبدا ودائما”. وتابع “ليس بعيدا عن هذا الاستحقاق انعقاد مجلس الوزراء، وفي اجتماعات متتالية، لإنضاج موازنة العام 2018 قبل المؤتمر الدولي الذي يعقد في باريس لمساعدة لبنان، حيث تشترط الدول المانحة أن تكون هناك موازنة تحدد سقف الإنفاق. ومع الأسف والأسى أن يكون الدافع إلى الإسراع في دراسة الموازنة وإقرارها خارجيا، بدلا من أن يكون أساسا في عمل الحكومة، ليكون الصرف بناء على خطة متكاملة للموازنة. إننا، وككل المواطنين، نتطلع إلى موازنة لا تكون على حساب الفقراء والمؤسسات الاجتماعية، بحجة خفض الإنفاق، موازنة لا تلقي ضرائب جديدة على كاهل اللبنانيين، الذين لم يعد لديهم القدرة على تحملها بعد الضرائب الماضية التي لم يهضموها بعد، وإن كان البعض يعدنا بضرائب جديدة لم توضع بعد على الطاولة، فإذا كان لا بد منها، فلتمول هذه الضرائب من جيوب الفساد والهدر والاستئثار بالمال العام، بدلا من جيوب المواطنين، وعلى حساب حاجاتهم الأساسية”.
وقال “نبقى في لبنان، لنشير إلى قصة إنسانية، هي قضية المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان، التي لا يبدو أن هناك اتجاها لحلها، رغم كل الآثار السلبية التي تنتج من إضرابهم. إننا نستغرب أن تبقى هذه القضية بعيدة عن المعالجة تحت حجج واهية، ونتطلع إلى إنصاف هؤلاء والرأفة بهم، إضافة إلى الكثير من القضايا الأخرى العالقة التي ينبغي معالجتها”.
وختم السيد بالتأكيد على ضرورة حل الأزمة الإنسانية في سورية، “ووقف ما يتعرض له المدنيون في الغوطة أو غيرها، أن يفرغوا جل اهتمامهم في الوصول إلى حل سياسي ينهي المأساة التي يعانيها الإنسان في سوريا، وأن لا يكونوا عقبة في وجه الحل لحسابات هي ليست في مصلحة الشعب السوري، بعدما كان الأمل قد بدا قريبا في جولات الحوار الأخيرة. إننا مع كل ما يرفع معاناة المدنيين في هذا البلد العزيز، ولكننا لسنا مع استغلال الجانب الإنساني لتصفية حسابات دولية أو إقليمية، أو العمل على بعد إنساني في قضية وإغفاله في قضية أخرى”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام