في عام 2015، تصدّرت أمراض القلب والأوعية الدموية قائمة أكثر الأمراض فتكاً بحياة الناس في العالم أجمع. إذ تُوفّي حوالى 17.7 مليون شخصاً، أي ما يمثّل 31 في المئة من مجموع الوفيات على صعيد العالم، وفقاً لـ”منظمة الصحة العالمية”، فيما احتل لبنان المرتبة الثانية عربيّاً، لجهة الوفيات بأمراض القلب، والتي وصلت إلى ما نسبته 47% عام 2014. وتتوقّع “جمعية القلب الأميركية”، في دراسةٍ لها أن يرتفع عدد الوفيات من 17.7 مليون شخص إلى أكثر من 23.6 مليون شخص بحلول عام 2030.
يقسّم الطبيب حسين إسماعيل، الإخصّائي بأمراض القلب والشرايين، أمراض القلب الوعائية (diseases (Vascular heart إلى ثلاثة أنواع؛ الأولى هي الأمراض المتعلّقة بالشرايين والتروية، فيما الثانية هي أمراض المضخّة، والتي تشمل أمراض العضلة والصممات، أما الثالثة فأمراض كهربة القلب، وهي متوارثة تظهر مع الوقت، لكنها ــ أي بأنواعها الثلاثة، قد تلازم الفرد منذ ولادته.
وظيفة القلب
يجيب إسماعيل على سؤالٍ عن وظيفية القلب، أثناء زيارتنا لعيادته في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت. يشير في معرض شرحه، إلى أن القلب يضخّ الدم حتى يصل إلى مختلف أنحاء الجسد، لافتاً إلى أن أي “خلل في عمل القلب الكهربائي أو الميكانيكي، يمكن أن يؤدّي إلى مشكلة في الضخّ”. فـ”القلب بحاجةٍ للغذاء الذي يأخذه عبر الشرايين، وأي مشكلةٍ في هذه الشرايين تسبب مشكلة في وظيفة القلب”، وقد تكون ناجمةً إمّا عن “ضيق في النفس، وقلّة الحيل، والتعب المرافق للجهد”، وإمّا عن “ضربات قلب سريعة، أو ضرباتٍ بطئية، وكل واحدة منهما من الممكن أن تسبب تعباً أو فقدان وعي”.
وتعد “الذبحة القلبية”، أبرز الأمراض القلبية، والتي يمكن اختصارها بتضييق حاد في شرايين القلب، فتصيب الفرد بألم صدري، مع جهدٍ وضيقٍ في النفس، مع جهدٍ بحسب الفئة العمرية، وبحسب الجنس ذكراً كان أم أنثى. وعلى سبيل المثال، فإن سكّان منطقة الشرق الأوسط، يتعرّضون للذبحة القلبية قبل عشر سنواتٍ من العالم الغربي، يقول إسماعيل، مفسّراً ذلك “في العالم الغربي تصيب الذبحة القلبية الأفراد على أعتاب الخمسين، أما هنا فبعمر الأربعين، أي 10 سنين الفارق أبكر”.
وتبيّن دراسة جديدة أجراها باحثون من كلية الطب، في جامعة سيول في كوريا الجنوبية، أنّ النقص في النوم يزيد من خطر الإصابة بالذبجة القلبية، والأوعية الدموية، فضلاً عن تأثيرها السلبي على الدماغ، والصحة، والحالة النفسية للفرد.
أسباب الذبحة القلبية
للذبجة عوامل خطرة، قابلة لأن تتغيّر، وهناك عوامل غير قابلة لذلك. فالتدخين، وضغط الدم المرتفع، وارتفاع نسبة السكري، وقلّة الحركة، والفقر، قد تصنّف في الإطار القابل للتغيير، أما العمر والجنس والعوامل الوراثية، فلا يمكن السيطرة عليها، وتصنّف في الإطار غير القابل للتغيير. ويمكن الحد من الإصابة بالذبحة من خلال ممارسة الرياضة، والالتزام بنظامٍ غذائي، وبعض الأدوية لبعض الحالات المزمنة.
وقد تكون الذبحة نتيجة تصلّب الشرايين، أي ارتفاع “الكوليسترول” المتراكمة على جدران الشرايين، فتسبب ذبحةً مفاجئة. كذلك، فإن البعض، يصابون بذبحةٍ نتيجة خللٍ كهربائي مفاجئ في عمل القلب، وهنا من المستحيل إنقاذ حياة هؤلاء، إلا إذا كانوا في مكانٍ يحتوي على آلة الصدم الكهربائية بشكل مباشر.
السكتة القلبية والتوعية
يتطرّق إسماعيل في حديثه إلى التوعية، متأسّفاً لتدنّي نسبة نجاحها، وحدودها. علبة السجائر ــ مثلاً، كُتب عليها التدخين يقتل ويسبب أمراضاً سرطانية وقلبية. هذه إحدى الحملات الموجودة، وإلى جانب القانون، ما من استجابة كافية. فالمشكلة هنا أكبر من توعية، فهي “لم تعد كافيةً اليوم”، يقول الطبيب، مؤكّداً أن “المطلوب القيام بإجراءات بُنيوية، فالموضوع حسّاسٌ لهذه الدرجة، وعلينا أن نعترف بأن هناك أناساً كباراً تخطّوا مرحلة التغيير… ولا نستطيع أن نتهرّب من حقيقة أننا خسرنا المعركة، أو جزءاً منها مع جيل، شرط أن لا نخسرها مع كل الأجيال”. فالخيار الوحيد، والأنجح هنا ــ بين الخيارات المتاحة، والمتوافرة ــ أن “نعيد تثقيف المجتمع لتغيير سلوكها اليومي، خاصّةً لهذا الجيل الجديد”. إذ أن الرياضة الدورية، والطعام الصحّي ذو السكر والملح “الخفيف”، تحدث فرقاً بنتيجتها من الحملات التلفزيونية. فالإعلام في المرحلة السابقة لعب دوراً سلبيّاً في الترويج للتدخين، على سبيل المثال.
المصدر: موقع المنار