إذا قرع الإنسان رأسه بقوة في جذع شجرة فإن ذلك سيكون كافيا ليسقط على الأرض فاقدا للوعي.. في حين يفعل طائر “نقار الخشب” ذلك آلاف المرات طيلة حياته، ويعيش هذا الطائر على الأرض منذ نحو 25 مليون سنة.
ويوضح بحث نُشر في دورية “بلوس وان” أن كل هذا النقر يترك آثارا فيما يبدو على دماغ نقار الخشب. إذ قال علماء إن فحصا توصل إلى تراكم بروتين يُعرف باسم “تاو” في أدمغة طيور نقار الخشب؛ وهو ما يرتبط عند البشر بحدوث تلف في الدماغ نتيجة أمراض عصبية وصدمات في الرأس. وفحص الباحثون أنسجة من دماغ نقار الخشب ونوع آخر من الطيور لا ينقر. وتبين أن البروتين “تاو” يتراكم في أنسجة دماغ نقار الخشب على عكس الطائر الآخر الذي لا ينقر.
وقال “جورج فاراه”، المشارك في هذه الدراسة: “كان من المعتقد أن نقار الخشب لا يعاني من إصابة في الدماغ.. هذا البحث يشير إلى العكس فيما يبدو”. ويحاول العلماء الآن تحديد ما إذا كان تراكم البروتين “تاو” يشير إلى حدوث تلف في الدماغ أم أنه أمر وقائي. ولدى نقار الخشب العديد من وسائل التكيف لتخفيف تأثير النقر بما في ذلك المنقار والجمجمة واللسان والمسافة بين المخ والجمجمة. وبنقره بحثا عن الطعام مثل الحشرات أو لجذب الأنثى يتعرض نقار الخشب لما يعرف باسم “قوة التسارع” (أو قوة جي)، أي أثر التسارع على الجسم. ويسبب النقر قوة تسارع تصل إلى 1400 جي، ويمكن أن يصاب الإنسان بارتجاج في المخ عند قوة تسارع تتراوح بين 60 و 100 جي.
ويساعد البروتين “تاو” على استقرار الخلايا العصبية بالدماغ، وإذا لحق ضرر بالخلايا العصبية فمن الممكن تراكم نوع من أنواع هذا البروتين مما يغير أحيانا من وظيفة الدماغ. وقال “بيتر كامينغز” -أستاذ الأمراض العصبية في “كلية الطب” بجامعة “بوسطن”- إن هناك العديد من أنواع البروتين تاو، بعضها قد يكون وقائيا. وأضاف: “إذا كان النقر يؤدي إلى زيادة تراكم (تاو) فإن دراستنا لا يمكنها تحديد الفارق بين أنواع هذا البروتين الذي يمكن أن يكون وقائيا أو مرضيا”.
المصدر: ناشيونال جيوغرافيك