أطلقت بعد ظهر اليوم في السراي الحكومي، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، خطة لبنان للاستجابة لأزمة النازحين السوريين لعام 2018، بمشاركة وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الانسانية في لبنان فيليب لازاريني، وحضور وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي وسفراء عرب وأجانب وممثلين عن المنطمات الدولية والمنظمات غير الحكومية. وتسعى الحكومة وشركاؤها المحليون والدوليون إلى الحصول من خلال هذه الخطة على تمويل لتأمين المساعدات الإنسانية الضرورية، فضلا عن الاستثمار في البنية التحتية للبنان وخدماته واقتصاده.
لازاريني
بعد النشيد الوطني، ألقى لازاريني كلمة قال فيها: “يسرني أن أكون هنا اليوم، وأن أكون جزءا من إطلاق خطة لبنان للاستجابة للأزمة لعام 2018. في حين تشارف الأزمة السورية على دخول عامها الثامن، لا يزال لبنان في طليعة البلدان التي تواجه هذه الأزمة، ولا يزال لبنان وشعبه يعانيان من الأثر الإنساني والاجتماعي والاقتصادي والأمني والسياسي العميق من جراء الأزمة. ولا تزال البلاد تستضيف أكبر عدد من اللاجئين، مقارنة بعدد السكان في العالم، مما يفرض ضغوطات كبيرة وغير مسبوقة على البنية التحتية والخدمات العامة في البلد. وقد أبدى لبنان واللبنانيون تضامنا كبيرا مع جيرانهما السوريين. وكذلك، دعم المجتمع الدولي لبنان بسخاء. في عام 2017، تلقت خطة لبنان للاستجابة للأزمة 2017 أكثر من مليار دولار، مما جعل لبنان ثاني أكثر بلد حاصل على التمويل عالميا خلال العام المنصرم، وهذه التعبئة الدولية المتضامنة مع لبنان مكنتنا من تنفيذ استجابة متعددة الأوجه تخدم كلا من اللاجئين والمجتمعات المضيفة. معا تمكنا في العام المنصرم من تأمين حصول أكثر من 1.3 مليون شخص على المياه الصالحة للشرب، وتمكن أكثر من 870.000 شخص من شراء الطعام من المتاجر والأسواق المحلية، و400.000 طفل غير لبناني تمكن من الحصول على التعليم الأساسي في المدراس الرسمية. إضافة إلى ذلك، تم ضخ أكثر من 489 مليون دولار في الاقتصاد المحلي اللبناني من خلال المساعدات النقدية”.
أضاف: “تم تحقيق الكثير، ولكن هذا لم يكن كافيا لتلبية الحاجات المتزايدة وتعميق واشتداد الضعف في جميع أنحاء البلاد، فإن الوضع يتراجع تدريجيا، مع تزايد مستمر للحاجات الإنسانية والإنمائية. وتشهد مستويات الفقر ارتفاعا، إذ 76 في المئة من الأسر السورية اللاجئة تعيش تحت خط الفقر وأكثر من 50 في المئة من الأسر السورية تعيش في فقر مدقع. ولا يجب أن ننسى أن 1.5 مليون لبناني يعيش تحت خط الفقر. هذه الأرقام ليست مجرد أرقام وإحصاءات، لكنها معاناة يومية يعيشها الناس، هذه الأرقام تمثل أشخاصا حقيقيين لهم أسماء ووجوه، وأحلام محطمة ومخاوف شديدة وكبيرة، وهم أيضا يتشاركون الأحلام والآمال مثلنا تماما. ومن بين هؤلاء رياض ديبو، وهو لاجئ سوري وأب لأربعةأطفال، قام بإضرام النار بجسده أمام مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في طرابلس قبل بضعة أسابيع، وهذا يدل على حالة اليأس التي كان يمر بها، بعدما تم استبعاده من قائمة اللاجئين المؤهلين للحصول على المساعدة. كان عمل رياض نتيجة مباشرة لمحدودية الموارد المتاحة. وفي هذه الأوقات العصيبة، تضطر الوكالات إلى اتخاذ قرارات في غاية الصعوبة لتحديد الأولويات بين أولئك الذين يحتاجون إلى مساعدة حاسمة”.
وتابع: “في خضم ازدياد الحاجات، نشهد أيضا إرهاقا متزايدا في أوساط المجتمعات المضيفة. ويتحول القلق إلى حالة من الغضب والتوتر المتزايدين بين المجتمعات، مع التنافس الملموس على الوظائف التي لا تتطلب المهارات العالية كمحرك رئيسي لهذه الظاهرة. بين عامين 2014 و2017 نسبة اللبنانيين الذين لم يبلغوا عن أي توتر داخل المجتمع انخفض من 40 إلى 2 في المئة، وما يقارب 400 بلدية أفادت بأنها تنفذ نوعا من حظر التجول على اللاجئين”.
وقال لازاريني: “ليس سرا أن الوضع في سوريا لا يزال متقلبا، وهو أمر مفهوم كليا، لكنه يثير مخاوف من أن اللاجئين لن يعودوا إلى وطنهم. كما أنني أسمع عن قلق البعض من أن المساعدات التي يؤمنها المجتمع الدولي تشجع على إقامة لاجئين لفترات أطول في البلد. هنا، اسمحوا لي أن أكون واضحا: لا يريد أي لاجىء أن يظل لاجئا، والأمم المتحدة تدعم العودة بكونها تشكل الحل الدائم للأشخاص النازحين. بيد أن العودة ينبغي أن تستند دائما إلى قرار حر وطوعي والإحاطة الكاملة بالوضع الفعلي من قبل اللاجئين أنفسهم، وينبغي أن تكون بعيدة عن أي شكل من أشكال التأثير أو الإكراه. الأزمة في سوريا لم تنته بعد. وأسفرت الغارات الجوية والقتال في جنوب إدلب وشمال حماة عن نزوح أكثر من270,000 شخص منذ منتصف كانون الأول- ديسمبر وحده. وبالقرب منا، وقبل 10 أيام فقط، توفي 15 سوريا، من بينهم نساء وأطفال، من جراء البرد على الحدود السورية – اللبنانية أثناء عبورهم الجبل. هذه المآسي الرهيبة هي تذكير لكل من يدعي أن الوضع في سوريا قد عاد إلى طبيعته الآن. ولحين تصبح الظروف مؤاتية للعودة، فإن مسؤوليتنا الجماعية هي الوقوف إلى جانب لبنان واللبنانيين وجميع اللاجئين”.
أضاف: “في هذا الصدد، أناشد الحكومة السماح باستئناف تسجيل اللاجئين، وهذا لن يمكن الحكومة والمجتمع الدولي فقط من معرفة حجم السكان وتقييم الاحتياجات، بل سيسهل تنفيذ حلول مستدامة خارج لبنان، من خلال نقل اللاجئين إلى بلد ثالث أو العودة الطوعية إلى سوريا، عندما تسمح الظروف بذلك”.
وتابع: “إن خطة لبنان للاستجابة للأزمة لعام 2018، التي نطلقها اليوم، هي خطتنا الرئيسية لدعم لبنان للتغلب على التحديات، وهي تهدف إلى مساعدة اللبنانيين الضعفاء واللاجئين السوريين والفلسطينيين. وتناشد خطة لبنان للاستجابة للأزمة الحصول على 2.68 مليار دولار أميركي وتركز على تدخلات متكاملة ومبتكرة في المجال الإنساني وتحقيق الاستقرار، وذلك من أجل تقديم المساعدة الضرورية لتأمين استمرار حياة الأسر، إضافة إلى دعم توصيل الخدمات العامة إلى كل أنحاء لبنان. لقد وصلنا إلى نقطة في الأزمة، حيث لم تعد المساعدة الإنسانية وحدها كافية لتلبية الحاجات، ويجب أن ترتبط الجهود المبذولة بالتنمية وبناء السلام. وتحقيقا لهذه الغاية، بدأنا مع البنك الدولي حوارا استراتيجيا مشتركا لمناقشة حلول مبتكرة ونهج فعال لبناء دعم طويل الأمد للمجتمعات اللبنانية المضيفة واللاجئين السوريين. ويتطلب هذا النوع من النهج تمويلا متعدد السنوات والتزامات من جانب الشركاء والمانحين. ورغم أن لبنان قد تلقى قدرا كبيرا من التمويل حتى الآن، فإن عدم القدرة على التنبؤ بالتمويل بعد عام 2018 يظل مصدر قلق بالغ. كما يساورني قلق بالغ أيضا إزاء التخفيضات التي طرأت على تمويل الأونروا التي كان لها أثر مدمر على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وإضافة إلى ذلك، فإن هذا التخفيض في التمويل يمكن أن يؤدي أيضا إلى تحديات إضافية لاستقرار لبنان والمنطقة”.
وأردف: “إن العمل على حلول طويلة الأمد لضمان استقرار لبنان، بما في ذلك حماية البلد من اهتزاز الاستقرار الإقليمي، هو في طليعة جهودنا الجماعية في ربيع هذا العام: مؤتمرCEDRE المقبل سيكون حاسما في دعم خطط الحكومة للاستثمار والإصلاح والنمو وخلق فرص عمل وتطوير البنى التحتية. وكذلك، مؤتمر بروكسل سوف يكون حاسما في دعمنا للتخفيف من آثار الأزمة السورية. اسمحوا لي قبل أن أختم أن أعرب عن تقديري لرئيس الوزراء سعد الحريري الذي شجع وأيد النهج المعتمد في خطة لبنان للاستجابة للأزمة. وأود أيضا أن أقدم جزيل الشكر إلى وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي على قيادته لتفعيل هذه الخطة ووزير الدولة لشؤون النازحين معين مرعبي للدعم الذي قدمه لخطة الاستجابة. إضافة إلى تقديري لجميع الشركاء الوطنيين والدوليين لتفانيهم والتزامهم بتطبيق خطة الاستجابة للأزمة”.
وختم لازاريني: “إن الاستقرار في لبنان ليس أمرا مفروغا منه، ومن الضروري الحفاظ عليه. ولا يزال الدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي إلى لبنان ضروريا لمنع حدوث مزيد من التدهور في أوضاع الفئات الأكثر ضعفا ومنع التوتر المتزايد الناجم عن الإرهاق الذي يعاني منه المجتمع المضيف. إن الحفاظ على استقرار لبنان يعني الحفاظ على التسامح والتنوع والاستقرار في المنطقة. اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يجب أن يتماشى الدعم الدولي مع حسن الضيافة التي أظهرها لبنان كبلد مضيف. لا يستطيع – لا بل لا يجوز – لأي بلد في العالم أن يبقى وحيدا في مواجهة تحديات كتلك التي يتصدى لها لبنان، ومن الضروري مشاركة لبنان في تحمل المسؤولية”.
بو عاصي
بعد ذلك، تم عرض فيلم وثائقي عن معاناة النازحين، ثم ألقى الوزير بو عاصي كلمة قال فيها: “على حد تعبير الفيلسوف اللبناني الكبير الأكاديمي والديبلوماسي الدكتور شارل مالك، الذي كان مسؤولا عن صياغة واعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948: “… إن مسألة حقوق الإنسان تأتي في المقام الثاني عندما تتقدمها فقط مسألة حفظ السلم والأمن…”. أنا اضفت إلى ذلك: والحفاظ على السلام والأمن يبدأ من خلال الحفاظ على كرامة الإنسان… كل إنسان، تحت أي ظرف من الظروف وفي أي وقت من الأوقات”.
أضاف: “في الواقع، هذا ما كنا نقوم به في لبنان، استجابة للأزمة السورية، كحكومة وكمانحين وكمنظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية. نحن نعمل معا للحفاظ على كرامة أولئك الذين يعانون أكثر من غيرهم من تأثير النزوح على حياتهم، للحفاظ على كرامة ضحايا هذه المأساة، من السوريين واللبنانيين على حد سواء. وكانت خطة الاستجابة للأزمات في لبنان أداة رئيسية في هذا الجهد، وهي خطة مشتركة نشطة بين حكومة لبنان وشركائها الدوليين والمحليين لمواجهة تحديات الأزمة، من خلال الجمع بين الشركاء الإنسانيين والإنمائيين، جنبا إلى جنب مع الحكومة اللبنانية والمجتمع المدني لتعزيز الاستقرار وجهود المساعدة العاجلة. وقد أدت التوعية التي قامت بها وزارة الشؤون الاجتماعية وانتشارها الجغرافي من خلال مراكز التنمية الاجتماعية التابعة لها، والبالغ عددها 228 مركزا، إلى إرساء الوزارة كمركز تنسيق أولي ومستجيب أول للسوريين المهجرين واحتياجات المجتمع المضيف في لبنان. وقد أثبتت وزارة الشؤون الاجتماعية أن لديها المعرفة والدراية والخبرة لأخذ زمام المبادرة في خطة لبنان للاستجابة لأزمة النازحين السوريين”.
وتابع: “منذ اليوم الأول في الوزارة، ركزت على استراتيجية من 3 ركائز للتعامل مع الأزمة:
1- عدم التمييز: كل من النازحين السوريين والمجتمعات اللبنانية المضيفة هم ضحايا النزاع.
وفي بداية عام 2017، وصلت التوترات بين المجتمع المضيف والنازحين إلى مستويات لم يسبق لها مثيل. ولذلك، كان هدفنا الرئيسي في العام الماضي هو تعزيز نهج أكثر إيجابية وشمولا من الاستجابة وتحسين النظرة إلى السوريين من قبل مضيفيهم اللبنانيين، السوريون هم ضحايا، وكذلك هم اللبنانيون الأكثر ضعفا. وبناء عليه، ركزت وزارة الشؤون الاجتماعية على دمج أنشطة محددة في كل مشروع للأشخاص الأكثر ضعفا من اللبنانيين، من المعوقين والنساء المعتدى عليهن والأطفال والمسنين والمدمنين. وكذلك، بناء قدرات المنظمات العاملة مع هذه المجموعات، في محاولة لإفادة كلا الطرفين، ونزع فتيل التوترات المتزايدة. ومع ذلك، نعلم أن أفضل حل للحفاظ على الاستقرار، هو عودة النازحين السوريين إلى وطنهم.
2- الشفافية والمساءلة على كل المستويات ومع كل الجهات الفاعلة:
في المرحلة السابقة، كانت الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية شبه غائبة عن المشاركة الكبيرة في تصميم المشاريع وتنفيذها داخل اللجنة. ولذلك، كان لا بد من إحداث تحول كبير من أجل تحسين الاستجابة. وقد طبقت وزارة الشؤون الاجتماعية، ومن خلال التفويض القانوني الممنوح لها وفريقها الميداني، المنهجية في عام 2017 لتوجيه الاستجابة في نهج شامل ومتكامل يستند إلى الاحتياجات. وعلى هذا النحو، عززت الوزارة التعاون والتنسيق مع المنظمات والجهات الفاعلة المحلية والوطنية والدولية لتقديم الاستجابة. وعلاوة على ذلك، قدمنا توجيهات واضحة لإنشاء هيكلية الرصد والتقييم، وهي الأولى من نوعها منذ بداية الاستجابة للأزمة في لبنان، من أجل الحصول على قدرة مستمرة لتقييم وتقدير الوضع والتعلم من الأخطاء السابقة لتحسين وضع البرامج. وإضافة إلى ذلك، واستنادا إلى مبدأ السيادة، الذي يعتبر أن الدولة هي صانع القرار النهائي داخل حدودها، بدأ التعاون الثنائي المباشر مع الحكومات والجهات المانحة الرئيسية التي تعمل في شراكة وثيقة مع الدولة اللبنانية، والتعاون الفعال والواضح. ولهذا الغرض، وضعت وزارة الشؤون الاجتماعية الشفافية الكاملة كمطلب رئيسي لكل كيان يرغب في التعاون ضمن إطار الاستجابة للأزمات، لتجنب ازدواجية الاستثمارات وضمان الإدارة الفعالة للموارد. وقد أتاح التعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ضمن توجيهاتها الواضحة والمتماسكة للأنشطة التي يجري تنفيذها ميدانيا، في إطار برنامج خطة لبنان للاستجابة لأزمة النازحين السوريين، من قبل جميع الجهات الفاعلة الوطنية والمحلية والدولية.
3 – الشراكة الاستراتيجية
وبعد إجراء تقييم موسع للاستجابة، خلصنا إلى ما يلي:
* لا بد من تحسين التنسيق في ما بين الجهات الفاعلة، المحلية والوطنية والدولية – بما في ذلك الوزارات التنفيذية والجهات المانحة والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية.
* إيلاء اهتمام أفضل للظروف والاحتياجات المحلية أمر لا بد منه.
* لا بد من تحسين القدرة المحدودة للمؤسسات اللبنانية”.
وأردف بو عاصي: “في هذا الصدد، فإن الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين وزارة الشؤون الاجتماعية والجهات المانحة وشركائنا المنفذين تحت مظلة برنامج الحد من الفقر، يمكن أن توفر استجابة فعالة ونشطة. وإضافة إلى ذلك، كان لا بد من تفعيل التعاون بين الوزارات، مما جعل وزارة الشؤون الاجتماعية وكل الوزارات التنفيذية تعمل في نهج موحد، وأدى إلى تحقيق العديد من النجاحات والإنجازات”. وقال: “استنادا إلى ما سبق ذكره، يشرفني اليوم أن أبدأ معكم جميعا، بصفتي ممثلا عن الوزارة الرئيسية المعنية بهذه الخطة بلبنان، وبتكليف من حكومة لبنان ولجنتها المشتركة بين الوزارات، بإطلاق مؤتمر خطة لبنان للاستجابة لأزمة النازحين السوريين باعتباره معلما مهما نحو المؤتمرات الدولية المقبلة في عام 2018. وستحافظ الخطة على تركيز قوي على المساعدات الإنسانية في عام 2018. وفي الوقت نفسه، ستبقى متماشية مع الالتزامات التي تم التعهد بها في مؤتمري لندن لعام 2016 وعام 2017 في بروكسل، وصولا إلى استراتيجيات التعافي والتنمية الأطول أجلا. وتتضمن النسخة المستكملة لعام 2018 من الخطة، استراتيجيات موسعة ومنقحة على نطاق واسع، استنادا إلى الإنجازات والتقييمات التي أجريت في عام 2017، والثغرات المتبقية للفترة 2018-2020”.
أضاف: “في عام 2018، تطلق الخطة نداء لتوفير مبلغ بقيمة 2.6 مليار دولار لتقديم المساعدة الإنسانية المباشرة والحماية إلى 1.9 مليون من الأفراد الأكثر تعرضا للخطر، وهو يهدف إلى تقديم الخدمات الأساسية إلى 2.2 مليون شخص متضرر، فضلا عن الاستثمار في البنية التحتية والاقتصاد والمؤسسات العامة في لبنان. واليوم، نجدد التزامنا كشركاء، ونؤيد جهود لبنان لتوفير المساعدة للفئات الأكثر ضعفا، وتخفيف العبء الهائل للأزمة على اقتصاد لبنان وخدماته، والحفاظ على استقرار لبنان. اليوم نشهد على مرحلة مفصلية، ليس فقط من خلال إطلاق خطة لبنان للاستجابة لأزمة النازحين السوريين 2018، بل من خلال الالتزامات التي قطعتها الجهات المانحة ودعم شركائنا الدوليين والمحليين، وذلك احتفاء بلبنان كبلد مضيف للنازحين السوريين. وإضافة إلى ذلك، أود أن أثني على جهود الفريق في وزارة الشؤون الاجتماعية وزملائه في الوزارات المعنية، الذين لم نكن نستطيع من دونهم أن نتوصل إلى ما توصلنا إليه حتى الآن في تولي الحكومة القيادة العامة للاستجابة، والتحرك نحو عملية أكثر استراتيجية وشفافية ونشاطا وفعالية”.
وتابع: “أعرب عن تقديري العميق لمنسق الأمم المتحدة المقيم والمنسق الإنساني في لبنان فيليب لازاريني، ليس لدعمه فحسب، بل أيضا لشراكته القيمة معنا. أخيرا وليس آخرا، أتوجه بالشكر الخاص لجميع المانحين على كل دولار قدموه من أجل الحفاظ على قدرة الحكومة اللبنانية على التعامل مع عبء الأزمة. وفي الختام، لا بد أن نثمن بصدق ونقدر ما قام به الشعب اللبناني على الكرم الذي أبداه ودعم كل محتاج، فقد كان مثالا يحتذى عن المواطن المسؤول”.
الرئيس الحريري
وفي الختام، تحدث الرئيس الحريري فقال: “أود بداية أن أعتذر عن تأخري في الحضور، فقد كنت في صدد إطلاق خطتي الخاصة للاستجابة للأزمة في لبنان، سعيا مني لحل المشكلة في البلاد، وإن شاء الله سأتمكن من حل هذه الأمور. سبع سنوات قد مضت، ولبنان يستضيف كل هؤلاء اللاجئين، وقد رأينا مثالا عن أسرة واحدة صغيرة، وأعتقد أن لبنان قد أظهر قدرا منقطع النظير من الضيافة. فهذا البلد الصغير الذي يبلغ عدد سكانه 4.5 مليون شخص قدم هذا القدر من التعاطف بشرف كبير، وهو استضاف هؤلاء النازحين وسيواصل استضافتهم، ونحن نؤمن بحقوق الإنسان وبالقيم الإنسانية وبأن قدر هؤلاء اللاجئين السوريين هو العودة إلى وطنهم عاجلا أم آجلا. كما نعتقد أن ما يحدث في سوريا هو نزاع مروع، كانت كلفته عالية جدا على سوريا ولبنان والعالم برمته، وهو يشكل معاناة وانعدام الأفق والأمل”.
أضاف: “لقد ركزت حكومتي على هذه المسألة، ما عسانا نفعل أكثر من ذلك. وقد عملنا مع السيد لازاريني والأمم المتحدة وكل السفراء والجهات المانحة وكل من عمل معنا على مر هذه السنوات السبع. وركزت حكومتي على إيجاد طرق لتحسين التعاطي مع الأزمة، وأعتقد أن السابقين قد بذلوا قصارى جهدهم، ونحن نحاول أن نفعل المزيد من خلال إطلاق هذه الخطط والبرامج، ونؤمن بضرورة خلق فرص العمل وتعزيز النمو في لبنان. نعم، لا بد من توفير المساعدة، ولكن بالنظر إلى هذا الشاب، فهو كان يفضل أن يعمل لكي يجني المال بعرق جبينه. ونحن نريد أن يعمل اللبنانيون كي يوفروا رزقهم بعرق جبينهم. ففي نهاية المطاف، أنا رئيس الوزراء اللبناني، ولا بد من خلق نمو وفرص العمل للبنانيين. وفي الوقت نفسه، نحرص على إيجاد فرص العمل الكافية لهؤلاء النازحين لكي يعملوا في هذا البلد”.
وتابع: “قد ينظر البعض إلى ما أحاول فعله، ويستخدمونه ضدي في مجال السياسة، لكني صاحب إيمان ثابت بأنه لكي نحرص على أن يعيش اللاجئون بطريقة كريمة وأن يأخذوا أولادهم إلى المدارس وأن يكون مصير هذا الجيل من السوريين أن يعود إلى سوريا لكي يعيدوا بناء بلدهم، فإنه لا بد أن نقوم بالكثير من الجهود في لبنان. وفي ضوء ما قاله وزير الشؤون الاجتماعية وما فعلته الوزارة والحكومة، أعتقد أننا نقدم فقط يد المساعدة، ولكن لا بد أن نساعد أنفسنا أيضا كلبنانيين”.
وأردف: “كذلك، قيل الكثير من الكلام عن عودة اللاجئين، فموقف حكومتي في هذا المجال في غاية الوضوح: لن يجبر أحد أيا كان على العودة، إن لم يكن يرغب في العودة. نحن نحترم القانون الدولي، ونعتبر أنه يجدر بهم أن يعودوا ما أن تتوافر الظروف المؤاتية، سنعمل مع الأمم المتحدة على هذا الغرض، فهذا هو التصرف الصائب. ينتقد أهل السياسة في لبنان أحيانا اللاجئين، ولكن دعوني أقول لكم التالي: حالنا أفضل بكثير من حال بعض البلدان التي لم تسمح أساسا بدخول هؤلاء اللاجئين إليها. على الأقل نحن فتحنا وشرعنا أبوابنا، ورأينا الخوف واليأس في عيونهم وحقيقة النزاع الحاصل في بلدهم. نحن شرعنا أبواب منازلنا وفتحنا أراضينا لهم. وها نحن نحرص على إطلاق خطة لبنان للاستجابة للأزمة بما يخدم مصلحة اللاجئين والمجتمعات المضيفة”.
وقال: “إضافة إلى ما سبق، لا بد للنزاع في سوريا أن ينتهي عما قريب، فأنا مقتنع بأن اللاجئين يريدون العودة إلى وطنهم، ولا يريدون أن يبقوا في لبنان ليتشتتوا بين لبنان وتركيا والأردن، هم تواقون للعودة إلى وطنهم، وأعتقد أن معظمنا لو قدر لنا أن نذهب في عطلة، فسرعان ما نرغب في العودة إلى وطننا. من هنا، تخيلوا وضع هؤلاء اللاجئين، هم في حالة لجوء، فلا شك في أنهم تواقون للعودة إلى وطنهم. ولذلك، دعونا لا نغوض في اعتبارات سياسية، ونقول إن اللاجئين سيبقون هنا إلى الأبد، لا لن يبقوا هنا إلى الأبد، بل سيعودون إلى وطنهم”.
وختم الرئيس الحريري: “أود أن أشكر كل الجهات المانحة، لكن الحقيقة إننا بحاجة إلى المزيد من قبل الأسرة الدولية، فنحن نقدم خدمة عامة نيابة عن الأسرة الدولية، وإلا فإن لم تقدموا المزيد إلى هؤلاء الناس فإنهم سيسعون للجوء إلى مكان آخر، ولا نريد أن نصل إلى تلك المرحلة. لا نريد أن يبدأوا بالسعي إلى أماكن أخرى. نحن نعتقد أن الأسرة الدولية تتحمل مسؤولية تجاه هؤلاء اللاجئين، ويجب أن تكون هذه المسؤولية حاضرة في كل عام حتى انتهاء النزاع. سنبقي أبوابنا مشرعة، ولكن بالطبع سوف نطلب منكم المزيد ونضغط عليكم أكثر فأكثر، خدمة لجميع اللاجئين وللمجتمعات المضيفة. وقد بلغنا عام 2018، وينبغي علينا ألا نفشل عند هذا الحد في هذا القرن. لذلك، أشكر كل الجهات المانحة، والجميع يعرف أننا قادرون على فعل ما هو أفضل وتقديم المزيد. كما أشكر الأمم المتحدة ممثلة بالسيد لازاريني ومختلف الجهات المانحة. وكذلك، أشكر الوزراء في حكومتي والسفراء الحاضرين معنا اليوم والذين قاموا بعمل ممتاز، وآمل أن نرى مزيدا من الابتسامات على وجوه هؤلاء النازحين ووجوه المجتمعات المضيفة”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام