من خلال إستطلاعنا لكواليس اللمسات الأخيرة لتحضيرات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي لاحظنا أن الفريق الروسي من دبلوماسيين وعسكريين وأمنيين يعمل مع الدول الضامنة و الأطراف المختلفة كخلية نحلٍ ليلَ نهار لإنجاحه،من هنا فان قرار رئيس ما يسمى هيئة التفاوض نصر الحريري في رفضه المشاركة لن يؤثرعلى نتائج و سير المؤتمر عموماً و لا على الأهداف التي نُظِم من أجلها و ذلك للأسباب التالية:
1- نصر الحريري يمثل مجموعة المنتمين لمنصة الرياض و كونه رئيس وفد هيئة التفاوض المعارضة التي يتعامل معها مكتب المبعوث الأممي كهيئة أساسية لتمثيل المعارضات، لا يعطيه و لا يعطي المبعوث الأممي الحق بمصادرة موقف و قرار المنصات الأخرى التي يتكون منها هذا الوفد.
2- لدى منصتي موسكو و القاهرة موقف مغاير لموقف الحريري و مشاركة الممثلين لهاتين المنصتين حتمية في مؤتمر سوتشي وفقاً لنقاشات مستمرة بينهم و بين الأوساط الدبلوماسية الروسية المنظمة لمؤمر الحوار.
3- موقف نصر الحريري لا يمكن فرضه حتى على كل من زار الرياض أو إنتمى لمجموعة منصتها المعارضة فمعلومات مصادر التواصل المطلعة تفيد عن إستعدادِ عددٍ لا بأس فيه من أعضائها للمشاركة في سوتشي ما يرجح توازن عدد الأصوات داخل الوفد الواحد للمعارضات الغير موحدة.
4- رفض هيئة التفاوض المشاركة سيكون له تأثيرات جذرية في إعادة هيكلة الصيغة التمثيلية للمعارضات التي جُمِعَت قصراً و تكونت بشكل لا يلبي شمولية تمثيل المعارضات و لا مكونات الشعب السوري ما يتعارض و روح و نص قرار مجلس الأمن 2254 الذي يتغنى به المبعوث الخاص، بينما سوتشي تقدم البديل الأمثل للتمثيل.
5- رفض الحريري المشاركة يعني تمسكه و مراهنته على تبعات إجتماع باريس لدول العدوان على سوريا هذا البرنامج المعادي لتدمير الدولة السورية و تفتيت مكونات المجتمع السوري وهي بالفعل ورقة نعي لجهود و مساعي التسوية السياسية التي يقودها متعثر أممي مُسَير بقرار هيمنة أميركي.
6- مشاركة شخصيات معارضة في مؤتمر سوتشي للحوار من مكونات وفد هيئة التفاوض يعني إنهيار هذه الهيئة كممثل شرعي وحيد للمعارضة معترف به من قبل الأمم المتحدة و أمام المبعوث الأممي خياران إما الإستقالة و قطع الأمل من حلم عقد جولة مباحثات عاشرة أو الذهاب إلى سوتشي و محاولة ترميم وفده المعارض للإستمرار في مساعيه الإلتفافية على حق الشعب السوري في تقرير مصيره و حق الدولة السورية في الدفاع عن سيادتها و إستقلالها و وحدة شعبها و أراضيها و إستكمال تحريرها من الإحتلال و الإرهاب معاً. إذ يُستَبعَد عمله بإستقلالية بعيداً عن الإملاءات الأميركية.
7- التفاهمات ما بين الجانب الروسي و ممثلي الأمم المتحدة سواء في فيينا أو عبر تواصل البعثات الروسية مع مكاتب المنظمة الدولية شجعت الأمين العام للأمم المتحدة في المراهنة على إمكانية الإستفادة من هذه المحطة الواسعة لدفع و تجيير الجهود الروسية في دعم مساعي مبعوثه الخاص المتعثرة في جنيف و المصطدمة بحائط صد السيادة السورية في فيينا. هذا ما اقنع غوتيريش بإيفاد السيد دي ميستورا للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي ممثلاً عنه.
8- ليس مستغرباً تفويت متشددو الرياض وواشنطن الفرصة على وفد هيئة المفاوضات في منحِهِ شرعية أو قيمة إضافية كان ممكن لسوتشي أن توفرها و ستوفرها لمن يحضر بأوسع مشاركة ممكنة إلا أن المخطط الأميركي مستمر في محاولات تدمير سوريا و إسقاط نظامها و مؤسساتها.
9- لم يتجرأ نصر الحريري في قول حقيقة سبب عدم حضور سوتشي فهو كان قد ربط مشاركته بموجب تعليمات إجتماع قوى العدوان الدولي الخمس على سوريا، بموافقة وفد الحكومة على تشكيل لجنة صياغة دستور و ليس إصلاحات دستورية بحسب الأدبيات الروسية، ووضع شرطاً مسبقاً بتعهد روسيا في إرغام دمشق على الموافقة لبدء مفاوضات مباشرة مع وفد هيئة التفاوض دون تراجع الأخيرة عن بيانها المتضمن بندين يمسان بالسيادة و الأمن القومي السوريين معاً أعني رفض أي دور للرئيس الأسد في مستقبل سوريا و خلال مرحلة إنتقالية، و إنسحاب إيرن و قوى محور المقاومة من جبهة الدفاع عن سوريا و أمن المنطقة القومي برمتها.
10- رُبَ ضارةٍ نافعة و لعلها فرصة لإعادة تشكيل و هيكلة وفد معارضة وطنية مستقل عن قرار الهيمنة الأميركي السعودي المعادي. سوريا تبحث عن سيادتها و تجديد عهد إستقلالها و هو أمر لا يُعطى مِنَةً من أُممٍ متحدة و لا من دولِ الهيمنة المتحكمة بالمنظمة الدولية بل يُنتَزَع بتضحيات المخلصين الشرفاء و يُفرَض على قوى العدوان.
المصدر: موقع المنار