تسارع معدل النمو في الصين وبلغ 6.9% عام 2017، في قفزة كبرى كانت متوقعة بعدما سجل السنة السابقة أسوأ اداء له منذ ربع قرن بلغ 6.7% كما أعلنت الحكومة أمس الخميس ما يشير إلى اوضاع مؤاتية اكثر للعملاق الآسيوي.
وهي المرة الأولى منذ 2010 التي يتسارع فيها النشاط في ثاني اقتصاد في العالم.
وافاد مكتب الاحصاء الوطني ان النمو الاقتصادي الصيني تمكن من مواجهة الصعوبات رغم حملة كبرى لمكافحة التلوث أدت إلى خفض بعض الأنشطة الصناعية. وهكذا كان أداء إجمالي الناتج الداخلي لدى ثاني اقتصاد عالمي عام 2017 أعلى بمعدل 0.1 نقطة مئوية من توقعات 11 محللا تم استطلاع رأيهم.
وكانت الحكومة الصينية تراهن على نمو أضعف من حوالي 6.5% لمجمل سنة 2017.
ويتم تتبع معدلات إجمالي الناتج الداخلي الصيني من كثب خصوصا لأن مساهمة الصين تمثل نحو الثلث في معدل النمو العالمي.
ويفسر تسارع هذا النمو عام 2017 بتزايد الانشطة في ورش البُنى التحتية والاستثمارات في قطاع العقارات او حتى تحسن الطلب العالمي.
كما ان الحكومة عمدت إلى تسهيل إجراءات الحصول على قروض شخصية ما أتاح تحريك الطلب لدى المستهلكين الصينيين. وواصلت مبيعات المفرق ايضا ارتفاعها خلال 2017 لتصل إلى +10.2%.
والعنصر الآخر الذي أتاح للصين تحقيق هذا النمو هو التجارة الخارجية التي تشكل حجر الزاوية في اقتصادها، والتي انتعشت بقوة في 2017، بفضل التحسن في الولايات المتحدة وأوروبا.
وبعد انهيارها في العام 2016، سجلت الصادرات الصينية ارتفاعا بنسبة 8% السنة الماضية، وتمكنت شركات التصنيع الصينية من تلبية كل طلباتها.
وقال مدير مكتب الاحصاء الوطني نينغ شيزي في بيان ان «الاقتصاد الوطني حافظ على زخم الاستقرار والنمو وتجاوز التوقعات بفضل حيويته». وأضاف «يجب ان ندرك أنه لا تزال هناك صعوبات وتحديات تواجه الاقتصاد وأن تحسين النوعية والفاعلية تبقى مهمة شاقة».
لكن هذا الانتعاش في النمو تكبحه عدة إجراءات سياسية ونقدية ومالية اتخذتها بكين في الأشهر الماضية، وبينها خفض كبير للطاقات الصناعية الهائلة وتشديد الاجراءات الهادفة إلى خفض الدين الصيني العام والخاص، الذي تجاوز 250% من اجمالي الناتج الداخلي، أو حتى فرض قيود في قطاع العقارات للحد من ارتفاع الاسعار في المدن الكبرى. لكن أحد أبرز قرارات العام 2017 كان إطلاق حملة لمكافحة تلوث الهواء في المدن. وتفرض الصين خصوصا منذ عدة أشهر على المصانع في شمال البلاد عمليات إغلاق او خفض الإنتاج.
لكن هذا التباطؤ المفروض على النشاط الصناعي لم يترك أثرا كبيرا على نمو إجمالي الناتج الداخلي حسب الأرقام التي أعلنت أمس الخميس. وبقي الإنتاج الصناعي من جانب آخر قويا في ديسمبر/كانون الاول (+6.2%) رغم هذه الحملة. وارتفع على مجمل سنة 2017 بنسبة 6.6%.
وتعزو الصين إعادة التوازن الاقتصادي إلى خدمات الاستهلاك على حساب الاستثمارات في البُنى التحتية والصادرات والصناعات الثقيلة.
وعلى المستوى العالمي، فإن سلسلة المؤشرات هذه تبقى مشجعة حيال وضع الاقتصاد الصيني. لكن مدى صدقية المعدل الرسمي لنمو إجمالي الناتج الداخلي تبقى موضع تشكيك، اذ يشتبه خبراء في الصين والخارج في حصول تلاعب على المستوى المحلي من أجل إعطاء الانطباع بأن الوضع الاقتصادي هو في أحسن أحواله.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية