خلال اللقاء الخاص مع سماحة السيد حسن نصرالله ضمن برنامج “لعبة الأمم” على قناة الميادين، سأل الإعلامي سامي كليب عن دور المرأة في الحياة البرلمانية، فأجاب سماحته بما معناه، أن المرأة يُمكن أن تكون وزيرة ونوَّه بقدراتها في كافة المجالات والمراكز التي تشغلها، وعدم ملاءمة المرأة للمركز النيابي في الواقع القائم، ليس بسبب عدم كفاءتها لأن تكون نائباً في البرلمان، بل في النظرة الخاطئة لمفهوم النيابة في لبنان ودور النائب، والذي يُفترض أن يكون تشريعياً، بينما واقع الحال في أن النائب هو في احيان كثيرة مُقدِّم خدمات، ومُشارك في المناسبات..
سماحة السيد اشار الى الدور الفعلي الذي يفترض ان يُمارسه أي نائب في المجلس النيابي من منطلق المفهوم الحقيقي للنيابة والعمل التشريعي، وغالبية الطروحات التي يُقدِّمها المرشحون الحاليون لإنتخابات أيار 2018 مُقتصرة على برامج إنمائية، ولو أن بعضها “وعود عرقوبية”، لأن الناخب اللبناني تُغريه التقديمات الخدماتية القادر عليها “الزعيم الرجل”، في غياب ثقافة التشريع عن عامة الناس، علماً بأن التشريعات الشعبية كضمان الشيخوخة أو حماية المرأة من العنف الأسري، لا تقل قدرات المرأة النائب في مناقشتها وإقرارها عن قدرات الرجل، وما بين المرأة الوزيرة والمرأة النائب، قد تكون الوزيرة الحالية الدكتورة عناية عز الدين خير مثال عن كفاءة وقدرة المرأة على إدارة وزارة.
السيدات النواب الحاليات في المجلس النيابي لم تصل أيَ منهنَّ الى الندوة البرلمانية بدعمٍ من جمعيات نسائية أو ببرنامج يطرح شؤون المرأة، بل وصلنَ بِحُكم عرف الإرث السياسي الإستثنائي، وليس على قاعدة نخبوية حزبية جعلت من الوزيرة الدكتورة عز الدين نموذجاّ يجب أن يُحتذى، ورسالة إيجابية أن اختيارها ليس فقط مجرَّد جائزة ترضية للعنصر النسائي إسمها “كوتا نسائية”.
ولأنه نادراً ما تكون المرأة اللبنانية زعيمة عائلية أو مناطقية ما لم ترِث المركز لعدم توفُّر الوريث الذكر، فإن التقسيمات الحالية للدوائر الإنتخابية رغم حجمها قياساً لقانون الستين، فإن القانون الإنتخابي النسبي الذي ستُجرى بموجبه الإنتخابات النيابية قد استنهض الزعماء أبناء العائلات السياسية الى بحث تحالفاتهم لمواجهة الأحزاب، ومن دائرة الى دائرة أخرى تتمّ مقايضة ومبادلة التأييد، وهذه الزعامات هي حكرٌ على الرجال، لأن التقاليد اللبنانية ضمن كل الطوائف والمذاهب لا زالت للأسف تعتبر أن خلع عباءة الزعامة على إمرأة إهانة و “خِليِت الساحة من الرجال”.
ولأن الزعامات العائلية الذكورية تنتشر على امتداد جزء كبير من لبنان، فإن الدائرة الإنتخابية الموسَّعة وسَّعت من نفوذ العائلات عبر “تحالف البيوتات السياسية” بمواجهة “غزوة” الأحزاب ، في منافسة للعنصر العائلي الإقطاعي بمواجهة الخطاب الحزبي والبرنامج الإنتخابي الواضح. وإننا إذ نُعلن بأسف، أن عدم إقرار لبنان دائرة إنتخابية واحدة يُبقي الناخبين تحت سُلطة الإقطاع العائلي، مع كامل الإحترام لبعض القيادات ذات الإرث، لكن أي زعيم مناطقي لا يستطيع مخاطبة جماهيره بلغة التشريع بدل الوعود الخدماتية التي تنتظرها كافة المناطق دون استثناء، وبات النائب بنظر الناخب هو البديل عن الوزارات في تأمين الخدمات وبالتالي يشتري بها تأييد الناس بما هو حق طبيعي للناس!
ان الحرص يجب ان يكون على الإرتقاء بالمواطن من مستوى طلب “الخدمات غير المباشرة والشخصية”، الى الخدمة الوطنية عبر ممثِّلين للشعب من أهل الكفاءات، وبالتالي، استرداد الصفة الحقيقية للنائب التي هي التشريع ومراقبة ومُساءلة الحكومة فقط لا غير، وهذا “الحُلم” غير قابل للتحقيق ما لم يَغدُ الوطن دائرة إنتخابية واحدة مع برامج حزبية للعمل الفعلي لمرشحين من الرجال والنساء، عسى يرتقي مستوى التعاطي مع المواطن اللبناني الى احترام قدسية إنسانيته وإقرار بطاقته الصحية، وضمان شيخوخته كي لا يرتحل الى كندا وأميركا لضمان “آخرته”، أو يبقى في وطنه ويموت على الطريق أو على درج زعيم…
المصدر: خاص