الجروح في مناطق متعددة من المخ يمكن أن تتسب في سلوكيات إجرامية. هذه خلاصة دراسة أمريكية حديثة حاولت رصد العلاقة بين الأذى الذي قد يصيب المخ وانعكاسات ذلك على بعض السلوكيات الخطيرة على غرار الإجرام.
توصلت دراسة أمريكية حديثة إلى أن الجروح في مناطق متعددة من المخ يمكن أن تتسب في سلوكيات إجرامية، وفق ما أشارت إليه الثلاثاء (19 ديسمبر/ كانون الأول 2017) دورية “بروسيدنجز” التابعة للأكاديمية الأمريكية للعلوم.
وتبين لباحثي الأعصاب تحت إشراف مايكل فوكس من مركز (BIDMC) الطبي في مدينة بوسطن في ولاية ماساتشوستس، من خلال فحص 17 مصاباً بجروح في المخ، أن جميع المناطق المصابة طالت شبكة عصبية في المخ تنشط عند اتخاذ قرارات أخلاقية. وقال فوكس: “طور مختبرنا تقنية جديدة لفهم الأعراض النفسية العصبية اعتماداً على إصابات المخ التي يتم الكشف عنها باستخدام الأشعة ورسم دوائر التحكم في المخ”.
وبنى الباحثون نتائجهم اعتماداً على أن إصابة المخ لا تؤثر فقط على المنطقة المصابة مباشرة، بل تطال مناطق أخرى أيضاً. وعثر الباحثون خلال عمليات مسح المخ على إصابات مختلفة لم تقتصر على منطقة واحدة في جميع الحالات، وقارنوا صورة المخ التي حصلوا عليها بالماسح الإلكتروني بشبكات عصبية ورد وصفها في دراسات أخرى، وهي الشبكات التي توصل إليها أخصائيو الأعصاب خلال السنوات الماضية، باستخدام أشعة تظهر أنشطة المخ خلال أدائه واجبات بعينها وأنشطته خلال حالة السُبات.
ولاحظ الفريق العلمي خلال عملية التحليل أن جميع المناطق المصابة بالمخ ذات صلة وظيفية بالمناطق التي تشارك في اتخاذ قرارات أخلاقية وافتراضات عن عمليات تتم في مخ آخرين أثناء وجودهم في حالة الإدراك. لكن هذه الإصابات لم تكن ذات صلة بمناطق تؤثر على التعاطف على سبيل المثال، وأكدوا أن نتائجهم على 23 شخصاً لم تظهر لديهم علاقة بين إصابة المخ والسلوك الإجرامي بشكل واضح تماماً. كما عثروا أيضاً لدى هؤلاء الأشخاص على توافق بين مناطق المخ المصابة و”الشبكة الأخلاقية”.
ويعتقد الباحثون أن المعلومات التي توصلوا إليها ستؤثر على التقييم القضائي للجنائيين المصابين في المخ. لكن فوكس حذر من التنبؤات التي تقوم على صور الأشعة فقط وقال: “لا نعرف قيمة التنبؤ الذي تبشر به هذه الطريقة بعد”.
وفي سياق ذي صلة، أشار الفريق المشرف على الدراسة إلى أن أمراض العته التي تصيب مناطق بعينها في المخ يمكن أن تؤدي هي الأخرى إلى سلوك إجرامي. وذكر الباحثون أيضاً حالة الأمريكي شارليز وايتمان، الذي قتل 16 شخصاً في يوم واحد عام 1966 في نيويورك وتبين أنه كان مصاباً بورم في المخ.
في المقابل، أكد الباحثون أن الصفات الوراثية أيضاً والبيئة والعوامل الاجتماعية والسمات الشخصية يمكن أن تساهم في السوك الإجرامي.
من جهة أخرى، يعتقد الخبير الألماني غيرهارد روت، الذي لم يشارك في الدراسة، أن بعض إصابات المخ لا تؤدي بالضرورة لسلوك إجرامي “ولكن احتمال حدوث ذلك يرتفع”، حسبما أوضح الباحث في جامعة بريمن الألمانية. ويشير روت أن الدراسة تثبت ما كان ينادي به من قبل بضرورة أخذ حالة المخ في عين الاعتبار عند إصدار الأحكام القضائية، موضحاً أنه وبعد هذه الدراسة لم يعد من الممكن إنكار تأثير إصابات المخ على سلوك الإنسان.
المصدر: dw.com