لماذا أثير الجدل حول وجبة الكباب “الشاورما التركي” الشهيرة في الآونة الأخيرة؟ هذا التساؤل طرح نفسه بعد أن أُجبر البرلمان الأوروبي على تكذيب ما تم الترويج له من شائعات، مفادها أن الاتحاد الأوروبي يدرس حظر “الشاورما التركي” على أراضيه.
تجدر الإشارة إلى أن لجنة البيئة، التابعة للبرلمان الأوروبي، رفضت مقترح السماح باستعمال الفوسفات كمادة تُضاف للحوم المستعملة في إعداد وجبة “الشاورما التركي”. وعموماً، سيتم التصويت على هذا القانون أواخر الشهر الحالي بحسب صحيفة El Espanol الإسبانية
يُعدّ الفوسفات مركباً ومِلحاً لحمض الفوسفوريك الذي تحتوي عليه العديد من الأطعمة، خاصة تلك الغنية بالبروتينات الحيوانية على غرار اللحوم والحليب والجبن. فضلاً عن ذلك، يعتبر الفوسفور ثاني أكثر المعادن وفرة في الجسم بعد الكالسيوم. وتؤكد الحكمة الشعبية أن الفوسفور مكون أساسي لنمو وتشكيل العظام، كما تمثل هذه المادة الضامن لحسن عمل الجهاز العصبي.
في المقابل، يحتاج جسم الإنسان إلى أن توفِّر له الأغذية التي يتناولها كميات محدودة للغاية من الفوسفور. في هذا السياق، ينصح بألا تتجاوز إمدادات هذا المعدن التي يحصل عليها الجسم 700 مليغرام في اليوم بالنسبة للبالغين. ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن النظام الغذائي الحديث يوفر نحو 3 غرامات من هذا المكون، في الوجبة الواحدة فقط.
يضطلع الفوسفات بـ3 وظائف عند إضافته إلى اللحوم. ففي مرحلة أولى، تخلِّص هذه المادة اللحم من الماء؛ وهو ما يسمح بالحفاظ على ليونته وحجمه بعد تجميده. ثانياً، يساهم الفوسفات في الحفاظ على البروتينات الموجودة في اللحوم، وهو أمر ضروري خاصةً بالنسبة للحوم المشوية. أما ثالثاً، فيحافظ الفوسفات على لون ونكهة اللحم، وهو ما يجعله شهياً أكثر بالنسبة للمستهلك. وعموماً، توجد هذه المادة في لحوم الكباب “الشاورما التركي” التي تباع خارج الاتحاد الأوروبي.
وفي خضم هذا الجدل، أكدت لجنة البيئة التابعة للبرلمان الأوروبي أنه يجب أن تشير قائمة المكونات التي توضع على المنتج إلى احتوائه على مادة متعدد الفوسفات في حال تم السماح بإضافتها. في المقابل، يتم تناول “الشاورما التركي” الطازج دون الإشارة إلى مكوناته.
ومن بين المشاكل الأخرى التي يسببها استهلاك الفوسفور، أمراض الكلى؛ نظراً إلى أنها تمثل العضو المسؤول عن معالجة الفوسفات والتخلص من الكميات الزائدة منه عن طريق البول. وفي حال كان النظام الغذائي غنياً بهذه المادة المضافة، فقد يؤدي ذلك إلى الإصابة بقصور كلوي.
أما بالنسبة للأشخاص المعرَّضين للخطر، خاصة أولئك الذين تتجاوز أعمارهم 70 سنة، فقد تسبب هذه المادة مشاكل أخطر بالنسبة لهم. وفي الإجمال، تؤدي الأنظمة الغذائية الغنية بالفوسفور إلى ظهور علامات الشيخوخة في وقت مبكر وارتفاع نسبة الوفيات المبكرة.
بشكل عام، يُمنع استعمال الفوسفات كمادة مضافة إلى اللحوم في الاتحاد الأوروبي. إلا أنه، ومع مرور الوقت، تم السماح في بعض الحالات الاستثنائية باستعمال هذه المادة وإضافتها إلى بعض المنتجات. وفي كثير من الأحيان، تمثلت الحجة وراء هذ الاستخدام في أن “هذه الأطعمة تُعدّ بطريقة تقليدية”. ومن الأطعمة التقليدية التي تضاف لها مادة الفوسفور، نذكر طبق النقانق، وطبق الهامبرغر البريطاني، والنقانق الألمانية المشهورة، فضلاً عن نقانق كيلباسا في بولندا وجمهورية التشيك، أو اللحم المشوي على الطريقة الفنلندية.
وفي دراسة حديثة أجْرتها “منظمة المستهلك الأوروبية”، تم التوصل إلى أن بعض الأطعمة “غير التقليدية” تحتوي على مادة الفوسفات، وبيّنت تصنيف وتسميات الحالات المسموح فيها باستخدام هذه المادة. وفي بعض الحالات الأخرى، انتقل الفوسفات إلى اللحوم عن طريق نقعها، الأمر الذي لم تحسمه التشريعات بعد. في الأثناء، تخطى بعض المنتجين الحظر المفروض على استعمال الفوسفات بشكل واضح.
شأنها شأن الأخبار الوهمية الأخرى في عصر مواقع التواصل الاجتماعي، تم تداول معلومات على نطاق واسع حول إمكانية حظر “الشاورما التركي”. مع ذلك، بدأت هذه القصة منذ وقت طويل عندما طالبت الصناعة الألمانية برفع الحظر على استعمال الفوسفات في عملية إعداد “دونر كباب”. ويعود اختراع هذا الطبق إلى مهاجرين أتراك؛ والذين يعتبرونه فخراً وطنياً.
في هذا السياق، كانت حجة منتجي وتجار لحوم “الشاورما التركي” الألمانيين متمثلة في أن رفع الحظر عن هذه المادة المضافة للكباب، من شأنه أن يسمح لهم بمنافسة منتجين آخرين. في المقابل، عندما رفض البرلمان الأوروبي هذا المقترح، وصفت صحيفة “بيلد” الألمانية، المختصة في نشر الفضائح، بأحد عناوينها، أن هذا الخبر “يهدد مطاعم دونر كباب، التي يمكن أن ينتهي أمرها بالإغلاق”.
المصدر: هافينغتون بوست