قامت الإدارة المدنيّة للاحتلال الصهيوني، خلال عام 2015، بمسح هندسيّ مجدّد لمساحة 62 ألف دونم في أراضي الضّفّة الفلسطينيّة المحتلّة، في خطوة إسرائيليّة تمهيديّة لضمّ البؤر الاستيطانيّة الإسرائيليّة البعيدة عن “الكتل الاستيطانيّة” ولاستلاب المزيد من الأراضي الفلسطينيّة الخاصّة، لتضمّها لاحتياطيّ الأراضي التّابع للمستوطنات الإسرائيليّة. ووفق القانون الإسرائيليّ، من أجل استصدار تصاريح بناء في الأراضي التي أُعلنت “أراضي دولة” قبل عام 1999، يجب أن يتمّ تنفيذ مسح هندسيّ مجدّد، ما قد يشير إلى تجهيز إسرائيليّ لبناء موسّع ومكثّف في الضّفّة الغربيّة المحتلّة ونيّتها وضع يدها على المزيد من الأراضي بهدف استيطانيّ.
ويعتبر تنفيذ مسح هندسيّ لمساحة 62 ألف دونم، رقماً قياسيّاً مقارنة مع السّنوات السّابقة، فعلى سبيل المثال، نفّذت سلطات الاحتلال، عام 2014، مسحاً لأراض فلسطينيّة بمساحة 20 ألف دونم، وفي عام 2013، مسح الاحتلال 13 ألف دونم فقط.
وينفذ المسح المجدّد للأراضي في الضّفّة الغربيّة المحتلّة، طاقم “الخطّ الأزرق” الذي يعمل ضمن نطاق “الإدارة المدنيّة” لسلطات الاحتلال، إذ يتمّ معاينة وفحص وضعيّة الأراضي الفلسطينيّة التي أعلن عنها الاحتلال “أراضي دولة”، خلال القرن الماضي. وتقوم الطّواقم الإسرائيليّة بمسح رقميّ (ديغيتاليّ) للخرائط القديمة.
وأشارت صحيفة “هآرتس” الصّادرة صباح اليوم الثّلاثاء إلى أنّ هذا المسح يهدف “على ما يبدو، لحظر التماس الفلسطينيّين الذين يسكنون في خطّ النّار إلى المحكمة الإسرائيليّة العليا، ضدّ العمليّات التي تنفّذ بالقرب من بيوتهم”. ففي حال تمّ مسح أرض معيّنة، وصُنّفت على أنّها “أراضي دولة”، فحينها بإمكان سلطات الاحتلال أن تزعم أنّ بناء الفلسطينيّين على أراضيهم جاء بعد إعلان أراضيهم على أنّها أراضي دولة. أي أنّ المسح المجدّد يشكّل تمهيدًا قانونيًّا للضمّ والاستلاب للأراضي الفلسطينيّة.
ويمكن لعمليّات المسح التي نفّذتها سلطات الاحتلال، أن تشير إلى الأماكن التي تنوي “إسرائيل” بناء مستوطنات أو توسيعها. ففي مستوطنة “نوكديم”، شرقيّ بيت لحم، مسح الاحتلال أراض فلسطينيّة بمساحة 962 دونمًا، وهي المستوطنة الإسرائيليّة التي يقطنها وزير الأمن الإسرائيليّ اليمينيّ الجديد، أفيغدور ليبرمان. في مستوطنة، غيتيت، بمنطقة الأغوار في الضّفّة الغربيّة المحتلّة، نفّذت “الإدارة المدنيّة” مسحاً هندسيّاً لـ 3 دونمات. وفي منطقة قرية ترقوميا، بمحافظة الخليل، جنوبيّ الضّفّة الغربيّة، نفّذت الطّواقم مسحًا هندسيًّا لـ 43 دونمًا من الأراضي الفلسطينيّة، ليست قريبة من أيّ مستوطنة إسرائيليّة قائمة هناك، ما قد يشير إلى نيّة الاحتلال الإسرائيليّ بناء مستوطنة جديدة في المنطقة المعروفة بأحد أكثر مناطق الاحتلال الإسرائيليّ شراسةً في الاستيطان.
وعلّق باحث المستوطنات، درور أتاكس، الذي قام بتجميع وتحليل معطيات المسح الهندسيّ للأراضي الفلسطينيّة، على الخطوة الإسرائيليّة “من الهمّ أن نفهم أن جهود المسح، تكاد تكون موجّهة فقط إلى عمق الضّفّة الغربيّة وللمستوطنات الواقعة بعيدًا عن ‘الكتل الاستيطانيّة’، وأيضًا إلى حدّ بعيد، للأراضي التي أعلنتها إسرائيل سابقًا “كمناطق حرام”، إلّا أنّه على أرض الواقع، عمليًّا، من الواضح أنّ هذه الأرضي هي جزء من احتياطيّ الأراضي الذي تستخدمه إسرائيل تدريجيًّا، لتخصّصها للمستوطنات”.