تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 29-11-2017 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها سلوك الأزمة السياسية طريق المعالجة، والمعلومات عن التوصل إلى صيغة حل وعودة مجلس الوزراء للانعقاد قريباً..
الأخبار
بدء العدّ العكسي لانعقاد مجلس الوزراء
تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “وضعت المُشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع مكوّنات الحكومة الحجر الأخير على طريق معالجة الأزمة السياسية التي افتعلتها السعودية بإجبارها الرئيس سعد الحريري على الاستقالة، إذ لم تكُن هذه المشاورات أكثر من صياغة مخرج لائق يتيح للحريري العودة إلى ممارسة عمله في الرئاسة الثالثة. وكل المعلومات تؤكّد أن العدّ العكسي لعودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد قد بدأ.
بعد أكثر من 3 أسابيع على إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته من السعودية، ومن ثمّ تريّثه، وضعت المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أول من أمس، الحجر الأخير على طريق معالجة الأزمة، والتي ستتضّح نتائجها في الأيام المُقبلة. أهمية هذه المشاورات كانت في ما أوحت به بعد يوم طويل من اللقاءات الثنائية مع القوى السياسية، حيث ظهرت كأنها تمهيد لطيّ صفحة الاستقالة، عبر تأكيد نأي لبنان بنفسه عن الصراعات الخارجية، بحيث يُصار إلى اعتمادها في الحكومة من خلال صيغة ترضي الحريري وحزب الله.
عملياً، دخلت البلاد مرحلة العدّ العكسي لعودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، وفق ما أكدت مصادر وزارية بارزة. وقد طرح هذا الواقع أسئلة حول موقف السعودية من إنهاء الأزمة، علماً بأن المشاورات تسير بالتوازي بين بُعديها الداخلي والخارجي، في ظل الحركة الدبلوماسية التي تتولاها باريس بين طهران والرياض وبيروت للمواءمة بين مواقفهم، وكلّها تحت سقف الاستقرار.
وفيما يفترض أن يتبلور مع بداية الأسبوع المقبل المسار الذي ستسلكه الأزمة، تتحدّث الأوساط السياسية بنفس إيجابي بناءً على مداولات مشاورات القصر الجمهوري. وأكدت مصادر وزارية بارزة «أننا ذاهبون إلى تسوية ترضي الجميع، ليس فيها أيّ شيء استثنائي»، لكن «ستعاد فيها صياغة الموقف الذي يؤكّد الابتعاد عن الصراعات العربية، وهو أمر منصوص عليه في البيان الوزاري». حتى الآن «ليس من جملة واضحة أو محدّدة تمّ الاتفاق عليها»، بحسب المصادر التي أكدت «النجاح في تخطّي شوط كبير من الأزمة»، مشيرة إلى أن «الرئيس عون لم يعط أي إشارة بشأن الدعوة الى جلسة حكومية، ولم يحدّد أي تاريخ لها، لكن كل المؤشرات تقول إنها ستحصل خلال أيام وليس أسابيع، مع احتمال انعقادها الأسبوع المقبل». ورأت المصادر أنه ليس من الطبيعي، ورغم كل الإيجابية التي تظهرها مكونات الحكومة، التصرف وكأن شيئاً لم يكُن، وفي هذا مصلحة للرئيس الحريري الذي يحاول في الحدّ الأدنى «الحفاظ على معنوياته وحفظ ماء وجهه أمام الداخل والخارج».
ومع أن الحريري لا يزال يلوّح باستقالته، من خلال قوله في مقابلة له مع قناة «سي نيوز» الفرنسية، أول من أمس، إنه سيستقيل «إذا لم يقبل حزب الله تغيير الوضع الحالي»، لكنه يتصرف كأنه عاد عن استقالته فعلاً، ويمضي في برنامجه، إذ تحدث أمس عن أنه أعاد فتح كل الملفات الحكومية منذ عودته إلى بيروت، و«سنواصل دراسة موازنة عام 2018 وننهيها قبل نهاية العام الحالي في حدّ أقصى»، كما أشار إلى «الإعداد لمؤتمر باريس 4 ومؤتمر روما 2 وغيرهما من الاجتماعات التي كانت مقررة سابقاً».
من جهته، يُظهر رئيس مجلس النواب نبيه برّي ارتياحاً كبيراً لسير المشاورات مع الرئيس عون، لكنه يُصرّ على إبقاء التفاصيل سرية بحسب زواره. وحين سئل أمس عن تلميح الرئيس الحريري الى احتمال حصول تعديل حكومي أجاب «بالكاد نستطيع أن نحمِل بطيخة الحكومة الحالية، فكيف بالحري الذهاب الى حكومة جديدة. لا لا لا. لم أفاتَح في الموضوع وهو ليس مطروحاً»، كذلك رجّح اجتماع مجلس الوزراء الأسبوع المقبل. وعمّا إذا كان اقتراح إجراء انتخابات نيابية مبكرة لا يزال وارداً، قال: «في الأساس كان هذا الموضوع آخر خرطوشة في يدي، في حال استقالت الحكومة ووصلنا الى تصريف أعمال. فلو بقي الحريري مُصرّاً على استقالته لكنت من أشد الداعين إلى تقريب موعد الانتخابات حتى نوفّر على البلد 7 أشهر من تصريف الأعمال، تليها بعد الانتخابات مرحلة طويلة من التأليف، ما يُعرّض الاقتصاد للانهيار». وأضاف «تقريب الانتخابات يحتاج إلى توافق عام. من جهتي أنا لا مشكلة لديّ أياً يكن القرار». وأوضح الرئيس بري أن «الوضع المالي مستقر ومطمئن»، بحسب ما أكد له حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
من جهة أخرى، قالت مصادر القوات إن «معراب تبلغت أن الحريري طلب إلى القيادات الرسمية في تيار المستقبل عدم التعرض للقوات، وهم تعهّدوا أمامنا بذلك، لكننا نريد توضيحاً رسمياً من الحريري نفسه وليس عبر قنوات».
وعشية سفره إلى روما، أمِل الرئيس عون أن يحمِل الأسبوع المقبل المزيد من الإيجابيات على الصعيد الداخلي، مؤكداً «العمل على تعزيز العلاقات المتينة التي تجمع لبنان بالدول العربية والأجنبية». وفي تصريح له أمام زواره، شدّد عون على أن «إسرائيل تُمعن في خرق القرار 1701 وتجاهل الدعوات إلى التقيد به»، مؤكداً «جاهزية القوى الأمنية اللبنانية في ملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة، عبر تنفيذ عمليات استباقية أثبتت جدواها وأحبطت مخططات للقيام بأعمال إرهابية»، فيما رأى النائب وليد جنبلاط، في تصريح له عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن «البعض يسترسل في الخلط بين النأي بالنفس والحياد»، موضحاً أن «النأي بالنفس هو عدم التدخل في شؤون الدول العربية، أما الحياد فهو نظرية عبثية يتخلى فيها لبنان عن العداء لإسرائيل فيقبل بالتوطين والاحتلال. والدستور واضح».
الجمهورية
حديث عن مَخرج قيد التوافق… ومجلس وزراء الأسبوع المقبل
وتناولت الجمهورية الشأن الداخلي وكتبت تقول “حفلت الأوساط السياسية أمس بمعلومات عن أنّ أزمة الاستقالة أوشكت النهاية وأنّ مخرجاً لها يجري إعداده وسيكون جاهزاً لدى عودةِ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من زيارته لإيطاليا التي يبدأها اليوم وتنتهي بعد غدٍ الجمعة، حيث يُدعى مجلس الوزراء إلى جلسة إثر عودته ليقرّ هذا الاتّفاق ـ المخرج. وعلى رغم التكتّم الذي يُحاط به هذا الاتفاق – المخرج علمَت «الجمهورية» أنّ موضوع «النأي بالنفس» سيُعاد صَوغُه على نحوٍ يكون ملزِماً للجميع أقلّه شفوياً بحيث يكون هناك «نأي متبادَل» عن الالتزام بالمحاور الإقليمية، ولا يكون نأياً من جانب واحد. وفي المعلومات أن ليس مطروحاً إجراءُ تعديلٍ حكومي واسع يكون في صلبِ الاتفاق الذي يتمّ إعداده، ولكن قد يحصل تعديل بناءً لرغبة بعض الأطراف المشاركين في الحكومة لجهةِ تغيير بعض وزرائهم، وفي هذا الصَدد تردَّد أنّ تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» متحمّسان لتغيير بعض وزرائهما، لكن لم يَصدر عنهما أيّ إشارات أو مواقف تشي بذلك علناً. وعلمَت «الجمهورية» أنّ موضوع التعديل الحكومي النسبي طُرِح في بعض اللقاءات وجرَت نقاشات حوله قبل انطلاق عملِ الحكومة مجدّداً. لكنّ غالبية الآراء استقرّت عند عدم اعتباره أولويةً في الوقت الراهن، خصوصاً أنّ عمر الحكومة قصير ولا ينبغي توليد انطباع لدى الناس في أنّ هناك نيّةً لتأجيل الانتخابات النيابية.
وأملَ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «في أن يحمل الأسبوع المقبل المزيد من الإيجابيات على صعيد معالجة التطوّرات السياسية، التي نشأت عن إعلان سعد الحريري استقالته وتريّثه في تقديمها بناءً على رغبة رئيس الجمهورية».
وشدّد على «ثبات الاستقرار والأمن في البلاد»، وعلى «متانة العلاقات التي تربط لبنان مع الدول العربية والأجنبية كافّة، والتي يعمل على تعزيزها وتطويرها».
برّي
ومِن جهته رئيس مجلس النواب نبيه بري قال أمام زوّاره أمس، ردّاً على سؤال حول احتمال تعديل الحكومة: «نحن بالكاد نستطيع ان نحمل بطّيخة واحدة في اليد التي هي بطيخة الحكومة، فكيف بتعديل حكومي أو بتأليف حكومة جديدة». وأضاف: «لا، لا، لا، لا للتعديل أو التغيير، ولم أُفاتح بهذا الموضوع وليس مطروحاً».
وإذ رجّح بري انعقاد مجلس الوزراء الاسبوع المقبل، علّقَ على طرح البعض الانتخابات المبكرة، فقال: «في الأساس كان هذا الموضوع آخرَ خرطوشةٍ في يدي.
فلو بقيَ الحريري مستقيلاً لكنتُ أنا مِن أشدّ المتحمّسين لتقريب موعد الانتخابات حتى نوفّر على البلد نحو ستة أشهر من تصريف الاعمال ثمّ تليها بعد الانتخابات مرحلةُ تكليف وتأليف، يعني أنّ الاقتصاد يكون قد انهارَ في هذه الحال. كما أنّ تقريب موعد الانتخابات يحتاج إلى توافقٍ عام، ومِن جهتي لا مشكلة لديّ في أيّ خيار».
وردّاً على سؤال قال بري: «الوضع المالي مطَمئن، وقد أكّد لي ذلك حاكمُ مصرف لبنان».
الحريري
في هذا الوقت، قال الحريري خلال استقباله «قوى الإنتاج في لبنان» في «بيت الوسط: «إنّ الحوار القائم سنَستكمله في الأيام المقبلة بكلّ إيجابية وانفتاح، وهو حوار جدّي لإيجاد الحلول الجدّية للحفاظ على علاقاتنا مع كلّ أصدقائنا العرب، وخصوصاً الخليج».
وأشار الى انّ هذا الحوار «يَرتكز على مبدأ النأي بالنفس، فعلاً وليس فقط قولاً». وشدّد على «أنّ مصالح اللبنانيين تقتضي أن يكون لدينا نأيٌ حقيقي بالنفس لمصلحة لبنان وجميع اللبنانيين الذين يعيشون في الخليج أو في كلّ أنحاء العالم».
وأشار الى أنّ «كلّ الأجواء التي نَسمعها هي أجواء إيجابية من كلّ القوى السياسية، ربّما نحتاج إلى مزيد من الحوار، والأسبوع المقبل يكون بداية الفرجِ بإذن الله لكلّ اللبنانيين». وقال «إذا كانت الأمور إيجابية سنواصل دراسة موازنة 2018 على أن ننهيَها قبل نهاية السنة الحالية في حدّ أقصى، إذا تمّت كلّ الأمور في موضوع النأي بالنفس على ما يُرام».
وأكّد «أنّ الانتخابات ستجري في وقتِها». وقال: «حين ننتهي من الشأن السياسي الأسبوع المقبل إنْ شاءَ الله، سيَحضر إلى لبنان مندوب من فرنسا ليبحثَ مع الوزراء والفريق الاقتصادي في التحضير لمؤتمر «باريس 4»، وكذلك هناك التزام من رئيس وزراء إيطاليا لعقدِ مؤتمر روما 2 والـISG وغيرها من الاجتماعات التي كان مقرّراً انعقادها. لكنّ كلّ هذا رهنُ التوصّل إلى نتائج حقيقية في ما يخصّ موضوع النأي بالنفس فعلاً وليس قولاً».
كلّ شيء في أوانه
وفي إطار المساعي المبذولة للخروج من مرحلة «التريّث الحكومي» إلى العمل من جديد، قالت أوساط «بيت الوسط» لـ«الجمهورية» إنّ الحريري يواصِل اتصالاته مع المراجع السياسية والحزبية ويتابع المساعي الدولية الجارية في الخارج لمساعدة لبنان على معالجة الأزمة الحالية بعيداً مِن الأضواء.
وفيما لم تؤكّد هذه الأوساط نيّة الحريري القيامَ بزيارات خارجية قبل ترميمِ الوضع الحكومي قالت: «إنّ الحديث عن لقاءات مستحيلة ومستبعَدة مع بعض الشخصيات السياسية والحزبية، وخصوصاً مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع غيرُ صحيح، لأن ليس هناك مِن باب مقفَل، وكلُّ شيء وارد في أوانِه».
عون إلى روما اليوم
وفي هذه الأجواء، يسافر رئيس الجمهورية قبل ظهر اليوم إلى روما في زيارةٍ رسمية تستمر ثلاثة أيام، تلبيةً لدعوةِ نظيره الإيطالي سيرجيو ماتاريلا الذي سيُجري معه محادثات في قصر الرئاسة الإيطالية، ثمّ يلتقي رئيس الوزراء باولو جينتيلوني ووزيرَي الدفاع والخارجية وعدداً من المسؤولين.
ومِن المقرّر أن ينضمّ إلى الوفد في روما غداً وزيرُ الخارجية جبران باسيل قادماً من جولةٍ على عدد من دولِ أميركا اللاتينية، فضلاً عن سفيرة لبنان الجديدة لدى إيطاليا ميرا الضاهر فيوليديس.
عناوين خطاب عون
ويفتتح عون عند الثانية بعد ظهر غدٍ الخميس أعمالَ مؤتمر الحوار الأوروبي – المتوسطي في روما والذي كان قد دُعيَ إلى المشاركة فيه ضيفاً، وذلك في حضور الرئيس الايطالي وعددٍ من المسؤولين في دول اوروبية ومتوسّطية ووسط حضورٍ استثنائي لكلّ مِن وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والإيراني محمد جواد ظريف.
وقد أنجَز عون الخطابَ الذي سيلقيه في هذا المؤتمر والذي سيتناول فيه ملفات تعني لبنان والدولَ الأورو- متوسطية، وسيُركّز فيه على العناوين الآتية:
ـ أوّلاً، إصرار لبنان على خوض المواجهة ضدّ الإرهاب بكلّ أشكاله وقِواه. فكما تمكّنَ مِن القضاء على قواه ومظاهِره على حدوده سيَقضي عليها في الداخل، وخصوصاً «الخلايا النائمة»، وسيدعو المشاركين في المؤتمر إلى التعاون بكلّ الوسائل لمواجهة هذه الآفة العابرة للحدود.
– ملفّ العلاقات بين لبنان ودول المتوسط وأوروبا، مشدّداً على أهمّية تعزيز كلّ أشكال التعاون وخصوصاً في الملفات التي تعني هذه الدوَل. فأوروبا تُعاني من الهجرة غير الشرعية من دول شمال افريقيا وشرق المتوسط، كذلك يعاني لبنان من أزمة النازحين السوريين على مختلف المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية بكلفةٍ عالية للغاية، ولذلك سيطالب عون الدولَ المشاركة في المؤتمر بمساعدة لبنان ومشاركتِه كِلفتَهم، كذلك بالنسبة إلى برمجةِ عودة هؤلاء النازحين إلى سوريا في ظلّ الحديث عن مشاريع السلام والمناطق الآمنة وإعمار سوريا.
– ثانياً، سيُحدّد عون موقفَ لبنان الثابت من الأزمة السوريّة، كذلك بالنسبة الى الأزمات التي تعصف بشرق المتوسط وجنوبه، وسيجدّد الدعوة إلى تغليب لغةِ العقل والمفاوضات على كلّ الوسائل العسكرية التي دمّرَت دولاً وأزالت حدوداً وشرّدت ملايين البشر في أصقاع العالم.
الراعي ينتظر
وكان عون قد التقى أمس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي العائد من روما والذي ينتظر بدوره نتائجَ المشاورات، وقد تبَلّغَ مِن رئيس الجمهورية أنّ جلسةً لمجلس الوزراء ستُعقد مطلعَ الأسبوع المقبل، وأنّه عندما سيعود ستُطرَح فيها نتائجُ المشاورات».
ولدى سؤاله هل ما زال مقتنعاً باستقالة الحريري كما سبقَ أن صرّح لدى زيارته السعودية؟ أجاب الراعي: «كلّ ذلك أصبَح في مهبّ الريح، ورئيس الجمهورية أجرى استشارات وسمعَ آراءَ كلّ الأحزاب والشخصيات. ولا لزومَ للعودة إلى الوراء، نحن ننتظر نتيجة المشاورات، وإنْ شاءَ الله يتمكّنون من إعلان شيء في هذا الموضوع الأسبوع المقبل كما يقول الرئيس. إنّ ذلك بات مِن الماضي».
وحيّا الراعي المملكة العربية السعودية، لافتاً إلى أنه سمعَ خلال زيارته لها «كلاماً رائعاً عن لبنان واللبنانيين، وكم يَعتبرالسعوديون لبنان مهمّاً وأنه يجب أن يبقى منفتحاً على جميع الناس وتبقى صداقاته مع كلّ الدول».
جنبلاط
وفي موضوع «النأي بالنفس»، شرَح النائب وليد جنبلاط الفارقَ بينه وبين الحياد، وقال: «إنّ النأي بالنفس هو عدم التدخّل في شؤون الدول العربية، وبلوغُه يفترض توافقاً داخلياً وإقليمياً، ويَبدو أنّ ملامح بدأت تَظهر في هذا المجال. أمّا الحياد فهو نظرية عبثية يتخلّى فيها لبنان عن العداء لإسرائيل، فيَقبل بالتوطين والاحتلال، والدستورُ واضح».
قزّي
أمّا الوزير السابق سجعان قزّي فتوقّفَ عند «اللغط في التعابير وتحوير الحقائق العلمية»، وقال لـ«الجمهورية»: «النأي بالنفس يكون عن موضوع معيّن، وفي ظرف معيّن، في زمن معيّن وفي مكان معيّن، بينما الحياد هو نظامٌ دستوري يفرض على الدولة التي تعتمده مِثل النمسا وسويسرا أو فنلندا وغيرها التزامَ الحياد عن كلّ القضايا في كلّ زمان وكلّ مكان.
ولكنّ هذا لا يعني أن ليس للدولة خصوصية في بيئتها تَستدعي حالات استثنائية تتعلّق بحقوق الشعوب والإنسان. فالحياد في لبنان حتى ولو كان دستوراً لا يُلغي التضامنَ الفكري والسياسي والأخلاقي مع القضية الفلسطينية».
إضراب الأساتذة
على صعيدٍ آخَر، يواصِل أساتذة التعليم الخاص إضرابَهم لليوم الثاني على التوالي نتيجة امتناعِ بعض إدارات المدارس عن الالتزام بدفعِ سلسلةِ الرتب والرواتب وفقَ ما أقرّها مجلس النواب.
وفي هذا السياق، قال وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «مثلما هناك تريُّث سياسي لكي لا ينفجرَ الوضع، نحتاج إلى تريّثٍ تربوي ليبقى حقّ كلّ تلميذ فوق أيّ اعتبار». وأضاف: «ما يزيد في الطين بلّة أنّ مشكلة الرواتب والأقساط جاءت في وضعٍ اقتصاديّ سيئ وفي أجواء سياسية ضبابية».
وفي محاولةٍ منه لاجتراحِ الحلول بين مطالبةِ الأساتذة بكلّ مستحقّاتهم وتمنُّعِ الأهالي عن تسديد أيّ زيادة على الأقساط، يلتقي حمادة ظهر اليوم وفداً من نقابة أساتذة التعليم الخاص، بعدما التقى أمس وفداً من اتّحاد المؤسسات التربوية الخاصة.
اللواء
أسبوع الفرج: مجلس الوزراء الخميس يكرّس آلية «النأي بالنفس»
الأزمة تحضر في خطاب عون المتوسّطي.. والحريري لترجمة الأقوال بالأفعال
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “غداً، عطلة المولد النبوي الشريف، وبعده يعود الرئيس ميشال عون، الذي يتوجه اليوم إلى إيطاليا في زيار رسمية، لوضع اللمسات الأخيرة، على أجندة الأسبوع المقبل، المحفوف بالآمال، على ان تكون جلسة لمجلس الوزراء (الخميس على الارجح) في بعبدا، لإصدار بيان رسمي تجاه النقاط التي أثارها الرئيس سعد الحريري في ثنايا خطاب الاستقالة، وتتعلق «بالنأي بالنفس» عن الصراعات العربية والإقليمية، فضلاً عن إعلان لبناني واضح بالتمسك بالعلاقات مع الدول العربية، وإعلان الالتزام بروح التسوية السياسية، واتفاق الطائف.
وهذا المناخ أكّد عليه الرئيس الحريري، في كلام له امام قوى الإنتاج، الذين التقاهم في بيت الوسط، مساء أمس وهو أكد ان «الحوار سيستكمل في الأيام القادمة بكل إيجابية وانفتاح، وهو جدي لإيجاد الحلول الجدية للحفاظ على علاقاتنا مع كل أصدقائنا العرب، وخصوصا الخليج. نحن نكون أقوى حين نعمل سويا، ونحترم بعضنا البعض ونراعي مصالح بعضنا البعض ونغار عليها، من أجل مصلحة لبنان بداية والمصالح العربية».
وأردف قائلاً: «الحوار القائم حاليا يرتكز على مبدأ النأي بالنفس، فعلا وليس فقط قولا، فهذه هي مصلحة لبنان، ليس لأن هذا ما أريده بل لأن لبنان بحاجة إليه، وكذلك اللبنانيون الذين يعيشون خارج لبنان، فمصالح اللبنانيين تقتضي أن يكون لدينا نأي حقيقي بالنفس لمصلحة لبنان وكل اللبنانيين الذين يعيشون في الخليج أو في كل أنحاء العالم. إن لم نعرف مصلحة لبنان العليا ونوجه سياستنا على هذا الأساس فستكون لدى لبنان مشكلة. لذلك، كل الحوار الجاري اليوم هو على هذا الأساس، وكل الأجواء التي نسمعها إيجابية، وما نحتاج إلى مزيد من الحوار، والاسبوع المقبل يكون بداية الفرج بإذن الله لكل اللبنانيين».
مخرج الحل
في هذا الوقت، أكدت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان المخرج لحل أزمة استقالة الرئيس الحريري بات شبه جاهز، لكنه ينتظر الصيغة النهائية التي ينتظرها الرئيس الحريري بدوره ليعطي رأيه فيها. وأشارت إلى ان المخرج يكمن في مضمون البيان الوزاري لحكومة «استعادة الثقة»، وقد يكون من خلال اضافات توضيحية موسعة بصيغة جديدة تتعلق بموضوعي النأي بالنفس والعلاقات بالدول العربية.
وأوضحت المصادر ان الرئيسين نبيه برّي والحريري سيقومان خلال فترة سفر الرئيس عون إلى روما اليوم والتي تستمر حتى الجمعة، باتصالات مع المعنيين في القوى السياسية لتذليل أي عقبات قد تطرأ على صياغة بنود الحل، وقد أبدى الرئيس برّي امام زواره، أمس، تفاؤله بالحل، فيما قال الرئيس الحريري، ان الحوار القائم حالياً يرتكز على مبدأ النأي بالنفس فعلاً وليس قولاً.
كتلة المستقبل
غير ان كل هذه الإشارات التي اعطاها الرئيس الحريري، عن احتمال عودته عن الاستقالة، وبالتالي إنهاء مرحلة التريث في إعلانها، لم يلمسها نواب كتلة «المستقبل» التي اجتمعت أمس برئاسته عصراً في «بيت الوسط»، ونوّهت بالموقف الذي أعلنه لجهة التريث في الاستقالة لاجراء مشاورات واتصالات على مختلف المستويات بهدف التزام جميع القوى السياسية بسياسة النأي بالنفس عن نزاعات المنطقة وحروبها، والتأكيد على الانخراط في نظام المصلحة العربية المشتركة تعزيزاً واحتراماً لعلاقات لبنان العربية، وتأكيداً والتزاماً بأحكام الدستور واتفاق الطائف».
وأوضح مصدر نيابي شارك في اجتماع الكتلة لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري ركز في حديثه مع النواب على ضرورة «برهنة النأي بالنفس فعلاً لا قولاً»، مؤكداً ان النأي بالنفس لا يكون من خلال الهجوم على الدول العربية أو التدخل في شؤونها، أو إرسال مقاتلين إليها، الا انه لم يعط معلومات عن المشاورات التي أجراها الرئيس عون في قصر بعبدا، غير انه عبر عن ارتياحه للتعاون القائم بينه وبين الرئيس عون، مؤكداً حرصه على هذه العلاقة مع رئيس الجمهورية، داعياً النواب إلى الحديث بلغة واحدة من دون «شطحات» لا في الإعلام ولا امام الناس.
ولاحظ المصدر ان الحريري بقي على تحفظه في الحديث عن «مرحلةوجوده في الرياض»، لأنه يريد ان يحتفظ بها لنفسه، مثلما كان أبلغ مراسل محطة «سي نيوز» الفرنسية أمس الأوّل، كما انه لم يقل امام الكتلة بشكل مباشر ان الأسبوع المقبل قد يكون أسبوع الفرج، طالما انه تجنّب الإشارة إلى نتائج مشاورات بعبدا.
وكشف المصدر ان موضوعي التعديل الحكومي في إطار إعادة التوازن داخل الحكومة، والانتخابات النيابية المبكرة، طرحا في اجتماع الكتلة، الا ان الحريري لم يعط شيئاً ملموساً بالنسبة للتعديل الحكومي، تاركا كل الخيارات مفتوحة، في حين انه لم يتوقف عند الانتخابات المبكرة.
وفي تقدير مصادر سياسية، ان الرئيس الحريري حين طرح فكرة «اعادة التوازن» إلى الحكومة، في مقابلته مع التلفزيون الفرنسي، أراد توجيه رسالة إيجابية إلى الخارج، علما ان زوّار الرئيس عون استبعدوا مثل هذا الاحتمال، كما ان الرئيس برّي نفى علمه بوجود رغبة باجراء تعديل وزاري، مشيرا إلى ان احدا لم يطرح معه هذا الموضوع، ونقل عنه قوله: «بالكاد ماشيين بهذه الحكومة حتى نقوم بإدخال وزراء جدد اليها».
ورجح برّي انعقاد مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، مبدياً امام زواره تفاؤله بحل أزمة استقالة الحريري، الا انه رفض الكشف عن الصيغة التي تمّ التفاهم حولها في ما خص النأي بالنفس.
مجلس الوزراء
وفي السياق، قالت مصادر وزارية لـ «اللواء» ان الرئيس عون سجل امام زواره ارتياحه لخطوة المشاورات التي أجراها مع رؤساء وممثلي الكتل النيابية، والتي ستستكمل من خلال اتصالات ولقاءات يعقدها الرئيسان برّي والحريري بشأن النقاط المختلف عليها، معرباً عن أمله في ان يحمل الأسبوع المقبل المزيد من الإيجابيات على صعيد معالجة التطورات، مؤكدا على ثبات الاستقرار والأمن في البلاد، وعلى متانة العلاقات التي تربط لبنان مع الدول العربية والأجنبية كافة. وكشفت المصادر بأن هناك توجها لأن يصدر بيان بالإجماع عن مجلس الوزراء يُؤكّد الالتزام والتأييد لما يتم الاتفاق حوله بشأن هذه النقاط.
وقالت مصادر وزارية مقربة من فريق الرئيس الحريري، ان لا مشكلة في البيان الوزاري لكن المشكلة في عدم تطبيق بنوده المتعلقة بالنأي بالنفس وحسن العلاقات مع الدول العربية وعدم التدخل في شؤون هذه الدول. والمطلوب الالتزام بهذه القضايا فعلياً. وتوقعت المصادر انعقاد الجلسة الخميس المقبل في 7ك1 المقبل.
الراعي في بعبدا
وكان البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الذي زار قصر بعبدا فور عودته من روما، نقل عن الرئيس عون ان جلسة لمجلس الوزراء ستعقد مطلع الأسبوع المقبل، تطرح فيها نتائج المشاورات.
وعلم ان الراعي نقل إلى الرئيس عون رسالة شفهية من البابا فرنسيس تضمنت ثناء على الجهود التي بذلها رئيس الجمهورية في معالجة الأزمة الأخيرة، وأكّد البابا دعمه وتشجيعه للرئيس عون في سبيل المحافظة على الاستقرار في لبنان.
وفي دردشة معه، أوضح الراعي انه ارسل تقريرا خطيا إلى رئيس الجمهورية حول نتائج زيارته المملكة وتقريرا آخر للفاتيكان. وأشار إلى انه سمع شخصيا من كل من الملك وولي العهد السعوديين تشجيعهما الحريري على العودة إلى بيروت وإعادة تعزيز استقراره السياسي.
وأوضح انه سمع منهما تطمينات حول أهمية وجود الجالية اللبنانية في المملكة ومساهمات أبنائها في نموها وازدهارها. وكشف أن زيارته إلى المملكة مرجأة منذ العام 2013، وان القائم بأعمال السفارة في بيروت وليد بخاري هو من سعى وأشرف شخصياً على ترتيباتها.
عون في روما
تجدر الإشارة إلى ان الرئيس عون سيغادر بيروت قبل ظهر اليوم متوجهاً إلى روما في زيارة رسمية تستمر ثلاثة ايام، تلبية لدعوة تلقاها من نظيره الايطالي سيرجيو ماتاريلا الذي سيجري معه محادثات في قصر الرئاسة الايطالية تتناول العلاقات اللبنانية – الايطالية وسبل تطويرها في المجالات كافة، كما سيتطرق البحث الى التطورات الاخيرة في لبنان والمنطقة. ويلتقي أيضاً رئيس الوزراء الايطالي باولو جينتيلوني وعدداً من المسؤولين الايطاليين.
ويرافق الرئيس عون وفد رسمي يضم عقيلته السيدة ناديا الشامي عون، ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وسفيرة لبنان لدى ايطاليا السيدة ميرا الضاهر فيوليديس.
ومن المقرر ان يفتتح الرئيس عون غداً الخميس مؤتمر الحوار الاوروبي- المتوسطي الذي يعقد في العاصمة الايطالية ويلقي كلمة باسم لبنان، وذلك في حضور الرئيس الايطالي وعدد من المسؤولين في دول اوروبية ومتوسطية.
ولم تستبعد مصادر مطلعة ان تحضر، في خلال زيارة عون ومشاركته في المؤتمر المتوسطي، الأزمة السياسية، إلى جانب معالجة أزمة النازحين السوريين في اللقاءات التي سيعقدها في روما، ولا سيما وانه دعي إلى حضور المؤتمر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، ووزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، ووزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، إضافة إلى ممثلين عن عدد من دول الخليج العربي والممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فديريكا موغيريني، اضافة إلى مسؤولين ايطاليين وشخصيات لبنانية وعربية.
اللجان المشتركة
وسط هذه الأجواء جاءت دعوة الرئيس برّي اللجان النيابية إلى عقد جلسة مشتركة الثلاثاء في 5 كانون الأول المقبل، إشارة ايجابية إلى تعافي لبنان من الأزمة الحكومية، والانصراف بالتالي إلى تفعيل عمل المؤسسات الدستورية باتجاه «الأجندات» التي كانت مطروحة قبل استقالة 4 تشرين الثاني، ولا سيما في ما يتعلق بثروة لبنان النفطية، خاصة وأن عروض المشاركة في مناقصات الكشف عن هذه الثروة كانت قطعت شوطا كبيرا.
وحدد برّي في الدعوة، جدول أعمال اللجان المشتركة في درس مشاريع اقتراحات تتعلق كلها بهذه الثروة، وهي: اقتراح قانون الموارد البترولية في الأراضي اللبنانية، اقتراح قانون الصندوق السيادي اللبناني، اقتراح قانون شركة البترول الوطنية اللبنانية، اقتراح القانون الرامي إلى إنشاء مديرية عامة للأصول البترولية في وزارة المالية ومشروع القانون الوارد في المرسوم رقم 2292 طلب الموافقة على ابرام اتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والوكالة الفرنسية للتنمية للمساهمة في تمويل استثمارات القطاع الخاص في مجال توفير الطاقة والطاقة المتجددة.
اضراب المعلمين
وعلى صعيد آخر، نفذ المعلمون في المدارس الخاصة امس اضرابا عن العمل احتجاجا على عدم شمولهم بزيادات الرواتب اسوة بمعلمي القطاع العام، وقالت مصادر تربوية مسؤولة انه لم يكن شاملا، حيث قاطعته مدارس مؤسسات تربوية كبرى لا سيما الاسلامية منها الشيعية والسنية والدرزية، واقتصر على بعض المدارس الكاثوليكية. لأن بعض المدارس لجأ الى تهديدالمعلمين ان اضربوا، وهناك مدارس تعهدت بدفع زيادات الرواتب لاحقا اسوة بالقطاع العام، وثمة مدارس سبق ودفعت الزيادات.
وقال وزير التربية مروان حمادة لـ«اللواء»: انه يعمل على حل للقضية يقوم مبدئياً على ضمان حقوق المعلمين في القطاع الخاص، على ان تتولى المدارس دفع الزيادات تدريجيا وخلال سنة او سنتين، وكذلك استيفاء الزيادات عل الاقساط تدريجيا لو حصلت. والمطلوب الان ان يتنازل كل طرف للاخر حتى لا يكون الطلاب هم ضحية الخلاف بين المعلمين وبين اصحاب المدارس ويضيع عليهم العام الدراسي.
البناء
وفد دمشق إلى جنيف للقاء دي ميستورا… لا مفاوضات مباشرة… والبقاء يتقرّر هناك
بن سلمان يفتقد كوشنر… و«إسرائيل» و«داعش» حليفان… والأمن العام يفضح الخطة
اجتماع للحكومة بعد عودة عون… والحريري يريد تغيير الجرّاح والمرعبي
صحيفة البناء كتبت تقول “لا يعني وصول الوفد السوري المفاوض برئاسة الدكتور بشار الجعفري إلى جنيف اليوم انطلاق المحادثات، كما أكدت مصادر متابعة لـ «البناء»، والمفاوضات المباشرة ليست على جدول الأعمال، والتوضيحات التي تلقتها دمشق غير كافية للانخراط في المحادثات، واللقاء الوحيد المقرّر هو مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، لشرح موقف دمشق وتحفظاتها. والباقي يتقرّر هناك على ضوء ما سيتلقاه الوفد السوري من أجوبة وردود أفعال.
إنقاذ المحادثات من الفشل الشكلي لا يعني نجاحها، فالسعي لحلّ سياسي لا يحتمل التذاكي ولا تشجيع أصحابه، واعتبار الأمور الجوهرية في الحلّ السياسي شكليات يمكن التغاضي عنها، كما قالت المصادر نفسها، فاعتماد القرار الأممي 2254 أساساً للحلّ والمحادثات الهادفة لبلوغه، يستوجبان قدراً من النزاهة يبدأ بالإقرار بأنّ عنوان القرار هو الانخراط في تسوية سقفها الدستور السوري الحالي وتغيير بنوده من ضمن الآليات الدستورية المعمول بها، عبر حكومة موحّدة تمهّد لانتخابات تشارك الأمم المتحدة بضمان أوسع مشاركة فيها ترشيحاً واقتراعاً، ليقرّر الشعب السوري ما يريده عبرها، وكلّ وضع لسقوف أخرى تتصل بحصول الموهومين على مكاسب فشلوا بنيلها في ميادين الحرب هو تخريب للعملية السياسية، والنظر للحديث عن الرئاسة السورية وموقعها في العملية السياسية، يجب أن ينطلق من هذه الزاوية، باعتباره تذاكياً وتعمية على الحقائق، وخروجاً عن القرار الأممي وشروط عملية سياسية نزيهة. فالقرار الأممي يتيح لمن يرغب بالسلطة أن ينالها عن طريق صناديق الاقتراع، وليس بجعل تسليمه الحكم شرطاً للتسوية، فهذا ما فشلت أعتى الحروب بتحقيقه، لا يمكن تخيّل التسامح مع تمرير عناوينه تحت عناوين سياسية توصف بالسخافة على أقلّ تقدير، وبتفاهة أصحابها وانعدام شعورهم بالمسؤولية في أحسن الأحوال، إنْ لم يكن هدفهم هو تخريب العملية السياسية وإطالة أمدها بلا طائل لتصير مفاوضات للمفاوضات، ودمشق لديها بدائل في حال إفلاس صيغة جنيف عجز المبعوث الأممي عن وضعها على السكة الصحيحة.
التآكل الذي يُصيب معسكر خصوم سورية، يمتدّ إلى الرياض حيث تلقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان صفعة إقصاء شريكه جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قام بتغطية خطة إقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، بعدما تثبّت إخراجه رسمياً من البيت الأبيض، ومنعه من التدخل في شؤون عمل المؤسّسات، خصوصاً وزارة الخارجية التي سجلت بشخص الوزير ريكس تيلرسون دهشتها مما جرى مع الحريري من دون امتلاكها أدنى معلومات قبل أن تكتشف أنّ كوشنر هو مَن نسّق العملية، كما نشرت «نيويورك تايمز»، وإبعاد كوشنر يصيب التحالف السعودي «الإسرائيلي» بخسارة القدرة على إعاقة التفاهمات الروسية الأميركية حول سورية من جهة، وتصعيد الخطاب الأميركي بوجه إيران، ليكون أوّل نتاج التغيير البيان الصادر عن المستشار الخاص للرئيس الأميركي كريستوف فورد في أوّل تصريح رسمي مشابه منذ أزمة المواقف الأميركية التصعيدية بوجه إيران، أنّ التدقيق بمواقف إيران وأدائها يفيدان بأنها تلتزم كامل موجباتها المنصوص عليها في التفاهم على ملفها النووي، بينما كشف تيلرسون عن تعاون متواصل بين موسكو وواشنطن لتذليل العقبات أمام التعاون في ترتيبات العملية السياسية في سورية.
«إسرائيل» التي لم تكن بعيدة عن كلّ تفاصيل المشهد من واشنطن إلى الرياض ولبنان مروراً بالقاهرة، كشفت في تقارير استخبارية نشر بعضها موقع «مائير عميت» التابع لوزارة الخارجية، نية تعزيز التحالف مع «داعش»، في مواجهة العدو المشترك، إيران وحزب الله، بينما كان الأمن العام اللبناني يفضح خطة التخريب «الإسرائيلية» التي كانت موضع إعداد بالتزامن مع الاستقالة المصنّعة للرئيس الحريري، عبر محاولة اغتيال النائبة بهية الحريري، بعدما أحال إلى القضاء المكلف بعملية الاغتيال مع تفاصيل اعترافاته والخطط التخريبية التي رافقت العملية.
بصورة معاكسة للرغبات «الإسرائيلية»، كما نجح لبنان بتخطّي خطط التخريب في مرحلة الاستقالة المصنّعة، يتقدّم بثبات للخروج من تداعياتها، حيث يتوقع دعوة الحكومة للانعقاد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد عودته من زيارة روما، حيث يتمحور المخرج من استقالة الحريري بإعلان الإجماع على الثقة بتولي رئيس الجمهورية مهمة السهر على مضمون النأي بالنفس، كما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري، فيما تحدثت مصادر مطلعة عن استعجال الحريري بعد عودة الحكومة لممارسة عملها، وإنهاء موازنة 2018، إجراء تعديل وزاري يستبدل بموجبه الوزيرين جمال الجراح ومعين المرعبي، ليحلّ مكانهما، نادر الحريري وسمير الجسر، وذلك في ضوء تقييمات مرحلة الاستقالة وما رافقها وما سبقها، وتقييم الأداء الوزاري والقدرة على الإنجاز في الملفات، وقطع الطريق على أزمات يتسبّب الوزيران المعنيّان بها.
الأمن العام أحبط مخططاً لاغتيال بهية الحريري
بالتزامن مع فكفكة لغز المؤامرة على الرئيس سعد الحريري في ليلة سعودية ظلماء، تتكشّف فصول أمنية متتالية كانت معدّة للتنفيذ لاستكمال عناصر تفجير الساحة الداخلية، وكما أن التضامن السياسي والوحدة الوطنية أجهضا المخطط السياسي الخبيث، حالت جهوزية وكفاءة الأجهزة الأمنية والتنسيق بينها دون تحقيق أعداء لبنان أهدافهم المبيتة.
فقد كشفت معلومات أمنية عن مخطط لاغتيال النائبة بهية الحريري في صيدا في اليوم التالي لإعلان إقالة الرئيس سعد الحريري، وقد تمكّن جهاز الأمن العام، من إحباط العملية وإلقاء القبض على العميل «الإسرائيلي» محمد الضابط الذي اعترف بتكليفه بعملية اغتيال النائبة بهية الحريري.
والضابط من صيدا، كان يراقب تحركات النائبة الحريري تمهيداً لتنفيذ عملية الاغتيال بتكليف من عميل «إسرائيلي» من آل الناكوزي. وأكدت مصادر مطلعة لـ «البناء» صحة المعلومات الأمنية المتداولة، ولفتت الى أن «توقيت التنفيذ كان سيتزامن مع إعلان الحريري استقالته من الرياض لاتهام حزب الله وإشعال فتنة مذهبية تنطلق من الجنوب بالتوازي مع إشعال المخيمات الفلسطينية».
كما يهدف الاغتيال، بحسب المصادر، الى «تأكيد ما ورد في بيان استقالة الحريري بأنه تعرّض لمحاولة اغتيال في بيروت وأن المرحلة الحالية تشبه العام 2005 بعد اغتيال رفيق الحريري الأمر الذي يشكل مانعاً لعودة الحريري الى لبنان ومبرراً للسعودية لاحتجازه في الرياض بحجة الحرص على أمنه، ما سيفرض على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في هذه الحالة قبول الاستقالة والدعوة الى استشارات نيابية لتكليف رئيس جديد والدخول في أزمة تأليف طويلة».
وأمن الدولة اختتم التحقيق في ملف عيتاني
في موازاة ذلك، اختتم جهاز أمن الدولة تحقيقاته في ملف زياد عيتاني بجرم التخابر والتواصل والتعامل مع أجهزة المخابرات «الإسرائيليّة» وأحال الملف الى القضاء المختصّ لإجراء المقتضى القانوني بحقّه وأودعت معه المستندات والأدلّة المضبوطة، بعد أن كان اعترف بما نُسب إليه.
وأوضحت المديرية العامة لأمن الدولة قسم الإعلام والتّوجيه والعلاقات العامّة في بيان أنه تمّ توقيف عيتاني في منطقة عين الرمّانة، و«قامت مجموعة ثانية بمداهمة منزله الكائن في محلّة فرن الشبّاك بإشراف وحضور مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة، حيث ضبطت في غرفة نومه كميّة من المخدّرات، بالإضافة إلى أربعة حواسيب إلكترونيّة، وخمسة أجهزة خلويّة، تبيّن في التحقيقات أنّه يخزّن فيها الداتا السرّية وبعد التدقيق بالاتصالات الواردة الى أجهزته الخلويّة، تبيّن أنّه كان يتلقى رسائل نصّية ومشفّرة عبر الواتساب من أرقام تبدأ بمفتاح 004 ، و 972 ».
جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل
وفيما شكّل الاتفاق الرئاسي في بعبدا بُعيد المشاورات خارطة طريق للمرحلة المقبلة، من المنتظر أن تتظهر الصيغة التوافقية حول النقاط الخلافية للخروج من الأزمة القائمة بعد عودة الرئيس عون من زيارته الى ايطاليا الجمعة المقبل.
وقد حافظ بيت الوسط أمس، على تفاؤله وأبدى ارتياحه للمسار الذي سلكته الأمور منذ عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت. ونقلت مصادر نيابية في تيار المستقبل عن الحريري ارتياحه للأجواء الإيجابية وتقديره لجهود وحكمة الرئيس ميشال عون في إدارته للأزمة المستجدّة. ونقلت المصادر لـ «البناء» قول الحريري إنه «يريد الحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي في البلد»، مشيرة الى أن «المشهد الرئاسي في بعبدا خلال المشاورات ترك ارتياحاً على كافة المستويات في البلاد»، ولفتت الى أن «ما تمّ الاتفاق عليه في مشاورات بعبدا بين الرؤساء الثلاثة تجري دراسته وتمحيصه أكثر لا سيما في النقاط موضع الخلاف والتي كانت سبب استقالته في الرياض»، مرجّحة الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل في بعبدا لترجمة الاتفاق وإعادة المجلس الى عمله المعتاد»، متحدّثة عن تعاون ومرونة يبديها حزب الله تجاه حل الأزمة.
ونفت المصادر «أي تعديل على التسوية الرئاسية، بل توضيح بعض جوانبها، كما نفت أي تعديل على البيان الوزاري أو التركيبة الوزارية المستقبلية في الحكومة».
مرونة لدى حزب الله لا تنازلات
غير أن إعلام ما تبقّى من 14 آذار سوّق أمس لتنازلات قدّمها حزب الله تحت ضغط الصدمة التي أحدثتها استقالة الحريري، الأمر الذي نفته مصادر في فريق المقاومة، وأشارت لـ «البناء» الى أن «الحزب لم يقدّم أي تنازلات. وهو في الأصل لم يخرق الثوابت الذي التزم بها في البيان الوزاري ولم يخرق خطاب القَسَم، بل عمل انطلاقاً منه في مكافحة الإرهاب استباقياً وردعياً الى جانب الجيش اللبناني في تحرير الجرود من داعش والنصرة، كما أن سلاحه لا يزال يشكّل قوة ردع لمواجهة أي عدوان «إسرائيلي» محتمل».
أما عن وجوده في سورية، تضيف المصادر: «فيندرج في مواجهة الإرهاب الذي يعلن العالم بأسره أنه أرسل جيوشه الى سورية والعراق لمواجهته، فلماذا يُنكر على حزب الله ذلك؟ فضلاً عن أن عمل الحزب في سورية ساهم ويساهم الى حدٍ كبير في إبعاد خطر الإرهاب عن لبنان ولو لم يحسم جبهات عدة على الحدود وفي الداخل السوري لما تمكّن الجيش والمقاومة من تطهير الجرود في الصيف المنصرم».
ونفت المصادر نفياً قاطعاً أي وعود قدّمها الحزب بالانسحاب من سورية، مشيرة إلى أن «وجود الحزب في سورية مرتبط بتحقيق السيادة السورية على جميع أراضيها ما يعني أنه مرتبط بالقضاء على آخر إرهابي وبانسحاب آخر جندي أميركي من الجغرافيا السورية».
ولفتت المصادر الى أن «الحزب يحاول قدر الإمكان التعاون للحفاظ على الاستقرار وعمل المؤسسات»، لكنها أوضحت أن «أي التزام من الحزب لجهة مواقفه السياسية والإعلامية من القضية اليمنية يجب أن يقابله التزام مقابل من الفريق الآخر لجهة احترام العلاقات مع سورية وعدم التعرّض الى القيادة السورية ولا التدخل في الشأن السوري، وكما حيال إيران وبالتالي لا يمكن تفسير النأي بالنفس في إطار المعايير المزدوجة».
الحريري: الأسبوع المقبل بداية الفرج
وشدّد الحريري، بعد لقائه قوى الإنتاج في لبنان على أنّ «الحوار القائم حاليّاً يرتكز على مبدأ النأي بالنفس فعلاً وليس فقط قولاً، فهذه هي مصلحة لبنان»، مركّزاً على أنّه «إن لم نعرف مصلحة لبنان العليا ونوجّه سياستنا على هذا الأساس، فستكون لدى لبنان مشكلة»، منوّهاً إلى أنّ «مصالح اللبنانيين تقتضي أن يكون لدينا نأي حقيقي بالنفس لمصلحة لبنان وكل اللبنانيين الذين يعيشون في الخليج أو في كل أنحاء العالم».
ورأى أنّ «كل الحوار الجاري اليوم هو على هذا الأساس، وكل الأجواء التي نسمعها هي أجواء إيجابية من كل القوى السياسية، ربما نحتاج إلى مزيد من الحوار، والأسبوع المقبل يكون بداية الفرج بإذن الله لكل اللبنانيين»، مؤكّداً أنّه «إذا كانت الأمور إيجابية فسنواصل دراسة موازنة العام 2018 وأن ننهيها قبل نهاية العام الحالي في حد أقصى، إذا تمّت كل الأمور في موضوع النأي بالنفس على ما يُرام»، مركّزاً على أنّ «ما يهمني هو مصلحة اللبنانيين، لا مصلحتي السياسية ولا مصلحة تياري السياسية. ما يهمنا هو مصلحة البلد والاقتصاد الوطني والاستقرار المحلي».
عون إلى روما
من جهته، أعرب الرئيس عون عن أمله في أن يحمل الاسبوع المقبل المزيد من الايجابيات على صعيد معالجة التطورات السياسية، التي نشأت عن إعلان الرئيس الحريري استقالته وتريثه في تقديمها بناء على رغبة منه. وأكد الرئيس عون على ثبات الاستقرار والأمن في البلاد، وعلى متانة العلاقات التي تربط لبنان مع الدول العربية والأجنبية كافة، والتي يعمل على تعزيزها وتطويرها. وخلال استقباله سفير بريطانيا هيوغو شورتر يرافقه الجنرال جون لوريمر المستشار الأول للدفاع لمنطقة الشرق الأوسط مع عدد من الضباط، أكد عون «جهوزية القوى الأمنية اللبنانية في ملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة، عبر تنفيذ عمليات استباقية أثبتت جدواها وأحبطت مخططات للقيام بأعمال إرهابية تسيء إلى الاستقرار والأمن في البلاد».
في سياق ذلك، يغادر رئيس الجمهورية بيروت اليوم متوجّهاً إلى روما في زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام، تلبية لدعوة تلقّاها من نظيره الإيطالي سيرجيو ماتاريلا الذي سيجري معه محادثات في قصر الرئاسة الإيطالية تتناول العلاقات اللبنانية الإيطالية وسبل تطويرها في المجالات كافة، كما سيتطرّق البحث الى التطورات الأخيرة في لبنان والمنطقة. ومن المقرر أن يفتتح الرئيس عون غداً الخميس مؤتمر الحوار الأوروبي – المتوسطي الذي يعقد في العاصمة الإيطالية، ويلقي كلمة باسم لبنان.
بري دعا إلى جلسات للجان
وفي مؤشر إضافي الى وصول الأزمة خواتيمها السعيدة، وعودة الحياة الى المؤسسات الدستورية، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري اللجان النيابية الى جلسة مشتركة تعقد في العاشرة والنصف من قبل ظهر الثلثاء في 5 كانون الاول المقبل، لدرس مشاريع اقتراحات تتعلّق كلّها بثروة لبنان النفطية.
المصدر: صحف