كعادته أعاد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الاخير الاحد في 6-3-2016 رسم المشهد العام للامور في صورتها الاقليمية وأبعادها الاستراتيجية، ووضع النقاط على حروف وكلمات التطورات الاخيرة وخلق فرصة مما يعتبره البعض “أزمة” للبنان وللمقاومة، وأوضح السيد نصر الله كيف ان محاولات إيهام الناس بأن المقاومة يتم تطويقها هو “وهن” يضاهي وهن “بيت العنكبوت” بخيوطه الهزيلة وإن كانت صورته تكاد تظهر الواقع على غير حقيقته.
فهناك من اعتقد لبرهة من الزمن ان حزب الله حشر في زاوية ضيقة او انه أحرج، نتيجة للحملة السعودية ضد المقاومة وقرارات توصيف الحزب بـ”الارهاب” وغيرها من التوصيفات المذهبية او الطائفية ، إلا ان السيد نصر الله شرح المشهد العام من منطلق العارف بكل زوايا المشهد، ولفت الى ان المقاومة ما زالت حاضرة في الساحات العربية والاسلامية رغم كل محاولات التشويه التي تطاولها منذ سنوات عبر الخطط الاميركية والاسرائيلية والاعلام التابع لبعض الانظمة “العربية”، وشدد على ان “اسرائيل” ستبقى هي العدو لكل العرب والمسلمين ولن تصبح صديقة كما يسعى البعض لجعلها.
وأعاد السيد نصر الله التأكيد ان منطلقات المقاومة لم تكن مذهبية او طائفية في يوم من الايام بل اهدافها انسانية بالدرجة الاولى وهذا ما دفعها مبكرا للدفاع عن المسلمين “السنة” في البوسنة والهرسك، وهذا السبب نفسه هو الذي دفع المقاومة لتقف وما تزال بوجه العدو الاسرائيلي في لبنان ودعم المقاومة الفلسطينية، والعامل الانساني ذاته هو الذي جعل المقاومة تواجه الارهاب التكفيري من لبنان الى سوريا فالعراق دفاعا عن الانسان كإنسان بغض النظر عن مذهبه او طائفته او عرقه او لونه.
فالارهاب الظلامي التكفيري في العراق قتل المسلم السني والمسلم الشيعي ونكّل بالمسيحيين والايزيديين وهجرهم، وكذلك فعل في سوريا دون تمييز بين انسان وانسان، وهذا الارهاب لو لم تواجهه المقاومة ومن معها من الاحرار في سوريا والعراق، كان بالتأكيد سيصل الى قصور من صنعه وموله ودعمه، ليسبي نساءهم ويهتك اعراضهم، بحسب السيد نصر الله الذي استغرب جحود أصحاب هذه القصور وسأل “.. ما هذا الجحود؟ ما هذا النكران للجميل؟ لماذا أنتم منكرون هكذا؟ لماذا أنتم قساة قلوب هكذا؟ حتى تأتوا لتدينوا المدافعين والشهداء والجرحى…”.
فهذه المقاومة الحاضرة في جميع الساحات بوجه الارهاب التكفيري للدفاع حتى عن الجاحدين والمشككين بل والمتآمرين الذي لا يريدون القبول بان السحر قد انقلب عليهم وان جماعات الارهاب التي ربوها وصنعوها ستأتي الى بيوتهم لولا التضحيات الانسانية للمقاومة وغيرها من الاحرار على امتداد هذا الوطن العربي.
فهل ستلقى كلمات السيد نصر الله الآذان الصاغية من قبل بعض الانظمة التي ضلت الطريق وراحت تحيك المؤامرات ضد الأمة ومقاومتها وشعوبها؟ هل سيعمد البعض للتصويب على كلمة الحق التي يراد بها الحق ومصلحة الامة دون أدنى وجود للمصالح الخاصة او الشخصية؟ ام سيبقى البعض يكابر ويرفض القبول بالواقع وتقبل الامور بشكل موضوعي؟
حول كل ذلك، لفت المحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الساتر الى ان “بعض الانظمة الخليجية لا سيما آل سعود طالما كانوا متآمرين على المقاومة منذ أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وحتى يومنا هذا”، واضاف “آل سعود تآمروا على الرئيس عبد الناصر في اليمن وحتى داخل مصر وايضا في حرب العام 1967″، وتابع “من يراجع تاريخ هذه العائلات يعلم كيف أسست حكمها على التواطؤ مع الاستعمار البريطاني ومن ثم مع الاميركي”، واعتبر ان “آل سعود طالما عقدوا اتفاقات مع الاستعمار هدفها الحفاظ على عروشهم والتآمر على القادة النطفي الكف”.
ولفت عبد الساتر في حديث لـ”قناة المنار”الى ان “السيد نصر الله أوضح لكل الانظمة الظالمة في الخليج أنكم طالما تآمرتم على القادة العرب والمسلمين حتى ولو كانوا من اهل السنة وهذا ما حصل مع الرئيس عبد الناصر”، وذكّر ان “هؤلاء طالما بثوا الفتنة بين المسلمين ولا فرق في ذلك بين السنة والشيعة”.
وقال عبد الساتر إن “المقاومة في لبنان جلبت للامة انتصارين كبيرين على العدو الاسرائيلي، ففي العام 2000 فرضت المقاومة على العدو الانسحاب بدون قيد او شرط تحت ضربات المجاهدين اي بالقوة بعكس ما حصل مع العرب طوال سنين”، وتابع “في العام 2006 المقاومة فرضت على العالم كله الاعتراف بالانتصار التاريخي الذي تحقق حيث كسرت إرادة الاسرائيلي وفرضت شروطها”، واشار الى انه “مع كل ذلك يرفض بعض العرب الاعتراف للمقاومة بالنصر بل ويعملون ليل نهار على تشويه صورة المقاومة لمصلحة العدو الصهيوني”.
وشدد عبد الساتر على ان “الشعوب العربية والاحزاب والفصائل الوطنية العربية خيارها هو المقاومة رغم كل الظروف التي تحيط بالمنطقة اليوم”، واوضح انه “يجب عدم التقليل من أهمية هذه المواقف المؤيدة والمناصرة للمقاومة على امتداد العالمين العربي الاسلامي في هذه المرحلة بالذات”، ودعا “للتأسيس على هذه المواقف للوصول الى الذروة في رفع الصوت العربي بوجه الانظمة الظالمة في مناصرة ودعم وتأييد المقاومة التي تواجه الارهاب وتواجه العدو الصهيوني”.
وحول آثار المواقف الخليجية بالدفع باتجاه عدوان اسرائيلي ضد المقاومة، قال عبد الساتر “قد تكون المواقف الخليجية ساهمت في دغدغت الآمال الاسرائيلية في امكانية الاعتداء على لبنان وقد يكون بعض العرب يحاولون لصق صفة الارهاب بالمقاومة كي يبررون للعدو بالاعتداء عليها وضربها”، مؤكدا ان “الاسرائيلي يعرف تماما ان اي عدوان ضد لبنان او المقاومة ستكون تداعياته كبيرة جدا عليه اولا واخيرا”.
المصدر: موقع المنار