الغدّة الدرقية عبارة عن غدّة صغيرة على شكل فراشة تقع في الجزء الأمامي من العنق، وتفرز الهرمونات التي تنظّم أيض الجسم. لكن من المحتمل جداً أن تتعرّض لاختلالات كثيرة تمنعها من إتمام وظائفها على أكمل وجه. فما هي الإشارات التي عليكم عدم غضّ النظر عنها؟
إذا كانت الغدّة الدرقية لا تعمل بشكل طبيعي، أي إنها تنتج هرمونات كثيرة أو قليلة جداً، يعني أنّ وظائف كثيرة مهمّة في الجسم قد تتعطّل.
وفق أطباء الغدد الصماء، عندما تفرز الغدّة الدرقية كمية ضئيلة جداً من الهرمونات، وهي الحالة المعروفة بقصور الغدّة، تبطؤ وظائف عديدة في الجسم بما فيها دقات القلب والهضم. يمكن لأعراض أن تتطور تدريجاً وتشمل الشعور بالضعف والتعب، وزيادة الوزن، والكآبة، والإمساك، وصعوبة التركيز، وأوجاع المفاصل أو العضلات، وجفاف البشرة، وتساقط الشعر، ودورات شهريّة شديدة الحدّة.
لكن من جهة أخرى، قد يُفرط الجسم أحياناً في إفراز هرمونات الغدّة الدرقية، وهي الحالة المعروفة بفرط نشاط الغدّة التي تُسرّع الوظائف، ما قد يجعلكم تشعرون بالعصبية الشديدة والطبع الحادّ. كذلك قد تواجهون أعراضاً أخرى تتضمّن خسارة وزن غير متعمّدة، وتسارع دقات القلب، وألماً في الصدر، وتعرّقاً مُفرطاً، وحساسية على الحار، وضعف العضلات، وصعوبة في النوم، وإسهالاً، وعدم انتظام الدورة الشهرية أو حدوثها بخفّة.
فرط نشاط الغدّة الدرقية الشديد، خصوصاً لدى كبار السنّ، قد يسبب اضطرابات إيقاع القلب التي إذا لم تُعالج بسرعة فقد تؤدي إلى تلف كبير في عضلة القلب، واحتمال التعرّض لقصور القلب الاحتقاني.
هناك علامة أخرى على وجود أمر غير طبيعي في الغدّة الدرقية، وتحديداً إذا وجدتم أو طبيبكم أثناء الفحص الروتيني كتلة على العنق في منطقة الغدّة الدرقية. هذه النتوءات المعروفة بعقيدات الغدّة الدرقية تكون عادةً غير مؤذية، إلّا أنها أحياناً قد تُشير أو تتحوّل إلى سرطان الغدّة الدرقية. وإستناداً إلى أطباء الغدد الصماء، فإنّ هذه العقيدات قد تسبب أيضاً خللاً في الغدّة.
نحو 15 مليون أميركي يعانون اضطراب الغدّة الدرقية غير المُشخَّص بعد. وكما هو حال مختلف الأمراض، كلما رُصدت هذه المشكلة وبوشر في العلاج باكراً، زادت فرصُ القضاء عليها والنجاة منها.
الخبر الجيّد أنه يمكن إجراء فحص ذاتي للغدّة الدرقية بانتظام، من خلال حمل المرآة والتركيز على الجزء الأمامي السفلي للعنق، ثمّ إمالة الرأس قليلاً إلى الوراء بشكل يمكّن من رؤية المرآة، وشرب المياه مع مراقبة الجزء المحيط بالغدّة الدرقية أثناء البلع لرصد أيّ انتفاخات أو نتوءات غير عادية ولمس المنطقة للشعور بأيّ كتل. يُنصح بإعادة تكرار هذه الخطوات لمراقبة المكان بشكل جيّد ودقيق.
في حال الشكّ بأيّ أمر أثناء إجراء هذا الاختبار الذاتي، أو في حال معاناة الأعراض التي قد تُشير إلى اضطراب الغدّة الدرقية، لا تتردّدوا في استشارة الطبيب. غالبية اختلالات الغدّة تُشخّص بواسطة فحوص الدم والموجات فوق الصوتية. إذا كان الطبيب يشكّ في وجود سرطان الغدّة، فسيطلب أخذ خذعة للتأكد من الأمر.
في حين أنّ بعض اضطرابات الغدّة الدرقية يحدث بسبب مشكلات جينية أو المناعة الذاتية، وهي العوامل التي لا يمكن السيطرة عليها فعلاً، إلّا أنّ هناك خطوات عديدة يمكن الإستعانة بها حفاظاً على غدّة درقية صحّية، أهمّها:
• عدم التدخين: الكيماويات الموجودة في السجائر قد ترفع خطر الـ«Grave’s Disease» الذي هو عبارة عن مرض مناعي ذاتي يُصيب الغدّة الدرقية.
• إجراء فحص الغدّة الذاتي مرّة كل شهرين.
• الخضوع لفحص دم مُخصّص للـ«TSH» لمعرفة إذا كانت الغدّة الدرقية تعمل بشكل طبيعي. هذا الأمر ينطبق تحديداً في حال وجود تاريخ عائلي للمرض، أو تخطّي 60 عاماً، أو أخذ عقاقير معيّنة يُطلعكم عليها طبيبكم، أو الخضوع لعلاج إشعاعي للرأس أو العنق، أو مواجهة العلامات المرتبطة بأمراض الغدّة.
• الحفاظ على وزن صحّي، إذ تبيّن أنّ البدانة قد تسبب قصور الغدّة الدرقية بطريقة غير مباشرة. يُعتقد أنّ السبب يرجع إلى أنّ زيادة الوزن تعوق قدرة الجسم على إنتاج ما يكفيه من هرمونات الغدّة الدرقية لتلبية احتياجاته.
كذلك يجب عدم تناول مكملات الغدّة الدرقية التي تدّعي أنها تُفيدها، خصوصاً أنّ لا دلائل كافية على أنها تحافظ على صحّتها. في الواقع، يمكن لبعضها أن يُلحق الضرر أكثر مما ينفع. مكملات غذائية عديدة تحتوي مستويات عالية من اليود التي قد تؤدي إلى فرط نشاط الغدّة الدرقية. إشارة إلى أنّ قلّة اليود تُعتبر سبباً رئيساً لتضخّم الغدّة الدرقية في الدول غير المتطوّرة.
اضطرابات الغدّة الدرقية قد تجعلكم تبدون بحالة مروّعة يغمرها المرض، لكنّ غالبيتها تكون سهلة العلاج إلى حدّ ما بواسطة أطباء الغدد الصماء. قد يستدعي الأمر أخذ عقاقير لمدى الحياة، لكنه لن يمنعكم من عيش حياة صحّية وطبيعية.
المصدر: جريدة الجمهورية