تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 15-11-2017 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى الرياض، وجولة وزير الخارجية جبران باسيل الخارجية ولقاءاته في باريس في ما خص أزمة رئيس الحكومة سعد الحريري..
الأخبار
واشنطن للرياض: سياستكم هوجاء
تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “مضى 12 يوماً على احتجاز المملكة العربية السعودية حريّة رئيس الحكومة سعد الحريري، في أوقح تصرّف لم يُسجّل قبله في التاريخ السياسي، ولا يتناسب مع أي عرف دبلوماسي أو أخلاقي. غير أن السعودية، التي أرادت أن تُدخل لبنان في أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية وفتنة داخلية، تحقيقاً لمصالحها ومصالح إسرائيل، لم تنجح في الجولة الأولى من المعركة في تحقيق أي تقدّم.
وبدل ذلك، ظهرت السعودية، بنسختها «الجديدة»، نظاماً يمارس العربدة. ويمكن القول إن ما أرادته السعودية نصراً في الجولة الأولى، انقلب عليها استياءً دولياً وضغوطاً بدأت تتعاظم وقد تصل الى مجلس الأمن الدولي، ونظرة عدائية من غالبية اللبنانيين الذين تدّعي حرصها عليهم، فضلاً عن ضربها تيار المستقبل في الصميم، أقوى حلفائها على الساحة اللبنانية، وبشخص رئيسه، والاكتفاء بجوقة من المطبّلين والمزمّرين، لا يأتون على المملكة إلّا بالمزيد من الهزال.
فلا أحد في بيروت اليوم يملك تفسيراً منطقيّاً لما تفعله السعودية بالحريري، بما يضرّ بالمصلحة السعودية وبالحريري نفسه، ويظهره مكسوراً عاجزاً. وفي حين حاول السعوديون استغلال إطلالته في المقابلة التلفزيونية قبل يومين، للقول للمراجعين الدوليين إنه ليس مختطفاً كما تؤكّد الدولة اللبنانية بكلّ أركانها، ولجمهور تيار المستقبل إنه ليس محتجزاً، أتت المقابلة بمفاعيل عكسية، دولياً ومحلياً، بما دفع العديد من الدول إلى تبنّي الموقف اللبناني بالذهاب نحو المزيد من الضغوط على السعودية، لن تكون مستقبلاً في مصلحتها، وستترك آثاراً بالغة على صورتها المشوّهة أصلاً في العالم.
وبعيداً عن القراءات السياسية للحدث، أكّدت مصادر قريبة من آل الحريري لـ«الأخبار» أن العائلة تلقّت معلومات تجزم بأن الحريري سيعود في غضون 48 ساعة إلى بيروت، ليقدّم استقالته لرئيس الجمهورية ميشال عون، من دون معرفة خطوته اللاحقة، لجهة بقائه في بيروت أو العودة إلى السعودية أو سفره إلى فرنسا. ولم تحصل العائلة على أيّ تطمينات بشأن مصير زوجة الحريري وأبنائه، لجهة بقائهم في السعودية أو عودتهم معه. ولكن العائلة، كبقية المسؤولين اللبنانيين، في حالة حذر، لأن تجربة الأيام الماضية لا تشجّع على حسم مصير رئيس الحكومة المحتجز، قبل وصوله إلى بيروت.
وفي السياق عينه، يدلّ الموقف الأميركي الذي تبلور في الأيام الماضية على إخفاق سعودي كبير في تحقيق المرجوّ من خطوة «إقالة» الحريري لبنانياً. ومع أن الأميركيين هم الشركاء الأساسيون لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في انقلابه الأخير، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مستشاره جاريد كوشنير، أمضى ثلاثة أيام ولياليها «يطبخ» الانقلاب مع ابن سلمان قبل أيام من «مجزرة الأمراء» و«إقالة» الحريري، إلّا أن القلق الأميركي من التهوّر السعودي صار كبيراً، إلى درجة أن وزير الحرب السعودي على لبنان ثامر السبهان تلقّى توبيخاً حاداً من مسؤولين أميركيين خلال زيارته الأخيرة لواشنطن. وقالت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الأخبار» إن السبهان سمع التوبيخ القاسي في اجتماعين منفصلين، ومن جهتين مختلفتين في الإدارة الأميركية؛ الاجتماع الأول في وزارة الخارجية بحضور ممثّل عن وكالة الأمن القومي، والثاني في وزارة الدفاع، حيث قال الأميركيون للسبهان إن «التصرّفات السعوديّة حيال لبنان هوجاء»، مضيفين أن «هذه التصرفات تضر بمصالح الولايات المتحدة في لبنان». وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الأخبار» إن «الأميركيين الذين باركوا في البداية انقلاب ابن سلمان، عادوا ولمسوا خطورة ما جرى على مصالحهم في لبنان؛ فالموقف الحاسم للدولة اللبنانية ضد التصرف السعودي، والتضامن العارم مع الحريري، وتحوّل خطاب خصومهم وأعدائهم في لبنان (الرئيس ميشال عون والسيد حسن نصرالله) إلى خطاب مقبول على نطاق واسع، والضرر البالغ الذي أصاب الوزن السياسي لشريكهم الاول في لبنان، وإمكان تدحرج الأمور إلى حدّ تعريض الاستقرار للخطر، كلها عوامل دفعت بهم إلى التحرك لوضع حدّ لطيش حليفهم السعودي. وبعد صمت دام خمسة أيام، أصدر الأميركيون (الخارجية، ثم البيت الأبيض) بيانات واضحة تؤيد عودة الحريري بصفته شريكاً موثوقاً لهم. وبعد ذلك، بعثوا لمحمد بن سلمان برسائل عبر السبهان لوضع حدّ للخطوات الفاشلة».
وبالتوازي، بدأ الوزير جبران باسيل أمس جولة أوروبية موفداً من رئيس الجمهورية ميشال عون، بعد أن أجرى اتصالاً هاتفياً في ساعة متأخرة من ليل أول من أمس بالرئيس نبيه برّي، لتنسيق الزيارة. والتقى باسيل خلال الجولة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، ثمّ رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب، قبل أن يعقد خلوة دامت نصف ساعة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وبدا لافتاً أن موقف موغريني لاقى خطاب الرئيس ميشال عون، لجهة تشديدها على وجوب عودة الحريري إلى لبنان، برفقة عائلته! مصادر دبلوماسية أكدت لـ«الأخبار» أن الموقف الدولي من الوضع «الشاذ» للرئيس الحريري «إلى تعاظم»، و«سيتحوّل الى تحرك دولي». ولفتت إلى أن لبنان «تبلّغ من الفرنسيين والألمان أن الموقف الأوروبي واحد من هذه القضية، وهو متناغم الى حدّ كبير مع الموقف الأميركي». ووصفت لقاء باسيل ماكرون بـ«الممتاز… وستكون هناك إجراءات وخطوات عملية»، بدأت بوادرها بالإعلان عن زيارة لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان للرياض اليوم، للبحث مع ابن سلمان في الوضع اللبناني.
وأشارت المصادر الى أن لبنان «لا يزال، حتى الآن، يضع المشكلة في خانة العلاقات الثنائية مع المملكة، والتي يمكن حلّها أخوياً. ولكن، في حال لم يعد الرئيس الحريري قريباً، فإن الأمور ستخرج من هذا الاطار، وسنذهب إلى التدويل، وستكون عودة رئيس الحكومة حُكمية». وأكّدت أن «لا كلام في أي أمر قبل عودة الحريري، ولا ربط لهذه العودة بالمسائل السياسية. وهذه الأمور تُبحث في بيروت». وشدّدت المصادر على أن التحرك الدبلوماسي الذي يقوده باسيل «منسّق بالكامل مع تيار المستقبل وعائلة الحريري».
وعلمت «الأخبار» أن مستوى المواقف التي عبّرت عنها المستشارة الألمانية انجيلا ميركل خلال اتصالها بعون، كان سقفها أعلى من سقف تصريحات وزير الخارجية الألماني، لجهة دعم موقف لبنان والتأكيد على ضرورة إفراج السعودية عن الحريري.
وفيما لم يظهر أيّ جديد «إيجابي» لناحية وضع الحريري في السعودية، بدا اللقاء القصير الذي لم يتجاوز 14 دقيقة بينه وبين البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي عاد من السعودية مساء أمس، مؤشّراً سيّئاً بالنسبة إلى المراقبين على وضع رئيس الحكومة. وقالت مصادر متابعة إن الحريري لم يلتقِ حتى الآن بالسبهان ولا بوليّ العهد محمد بن سلمان، منذ احتجازه في السعودية، ما يعني، بحسب المصدر، أن السعودية لم تقرّر بعد إعطاءه «لائحة التعليمات» أو خطّة العمل السعودية الجديدة في لبنان، ليتمّ الإفراج عنه بعد ذلك.
ولا تزال مقابلة الحريري والتفاصيل التي ظهرت فيها تشغل بال المتابعين في بيروت، وبالتحديد كلام الحريري عن عائلته، إذ يقول مرجع لبناني إن «الحريري قال حين تحدّث عن عائلته إن مواقفه المستقبلية ستكون مربوطة بورقة الضغط هذه»، خصوصاً أن التواصل مع الحريري صعبٌ للغاية، وهو لم يتكلّم مع بري أو عون منذ أيام طويلة، ويؤكّد الذين يتواصلون معه أنه لا يجيب إلّا بجملٍ محدّدة. وأمس، غرّد الحريري على حسابه على تويتر قائلاً: «يا جماعة أنا بألف خير، وإن شاء الله أنا راجع هل يومين خلينا نروق، وعيلتي قاعدة ببلدها المملكة العربية السعودية، مملكة الخير».
الجمهورية
خشية من فراغ حكومي… والحريري يكرّر: عائد «بهاليومين»
وتناولت الجمهورية الشأن الداخلي وكتبت تقول “الجميع في انتظار عودة الرئيس سعد الحريري من الرياض لتنطلقَ مرحلة ما بعد العودة التي يخشى كثيرون من أن تكون أشدّ إيلاماً على الوضع اللبناني السياسي والعام من الاستقالة نفسِها سواء قُبلت، أو تمّ التراجع عنها، لأنه ما بعد الاستقالة والمصير الذي ستؤول إليه سيكون بالتأكيد غيرَ ما قبلها، ويُخشى أن تدخل البلاد معه في جمودٍ حكومي لن تزيله إلّا الانتخابات النيابية بنتائجها في حال أُجريَت في موعدها في أيار المقبل. وعلى وقع زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للسعودية وما لاقاه من حفاوةٍ واهتمام لدى القيادة السعودية غرَّد الحريري الذي زار البطريرك في مقر إقامته، إلى إنصاره قائلاً: «يا جماعة أنا بألف خير، وإن شاء الله أنا راجع هل يومين خلّينا نروق، وعيلتي قاعدة ببلدها المملكة العربية السعودية مملكة الخير».
صحيح أنّ غبار استقالة الحريري لم ينجلِ بعد، وأنّ سَيل التكهّنات والتحليلات حول أسبابها و«تشريح» مقابلته المتلفزة مستمر، لكن الأصحّ هو أنّ صورة المرحلة المقبلة تبقى داكنةً بعدما رسَم الرئيس المستقيل خريطة جديدة اشترَط تنفيذها لكي تستمر التسوية السياسية ويعود عن استقالته.
في هذا الوقت انشدّت الأنظار الى زيارة البطريرك الراعي للرياض والتي توَّجها بلقاءات مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في قصر اليمامة، ومع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وأمير الرياض فيصل بن بندر.
وأكّد الملك سلمان والراعي أهمّية دور الأديان المختلفة في نبذِ «التطرّف والإرهاب». ولفتَ البطريرك الى أنّ «خادم الحرمين الشريفين عَبّر عن حبّه الكبير للبنان وعن رغبته الكبيرة في دعمِه الدائم لوطننا وتقديره لأبناء الجالية اللبنانية الذين يعملون في السعودية وساهموا في بنائها واحترَموا قوانينها وتقاليدها، لذلك نقول إنّنا نعود إلى لبنان حاملين معنا فعلاً نشيدَ محبّة لهذا الوطن، إذ علينا أن نتعاون جميعاً، كلٌّ مِن موقعه، لإظهار وجهِ لبنان الجميل، وهذا ما نحن بأمَسّ الحاجة إليه اليوم. ونشكر الربّ على هذه النعمة».
وقال: «لا شيء يؤثّر في العلاقة اللبنانية-السعودية، وإن مرَّت ظروف معيّنة، فهي لم تؤثّر في الصداقة بين البلدين، وهذا ما سمعناه، سواء من الملك أو مِن ولي العهد أو مِن سموّ الأمير، فكلّهم يؤكّدون محبّتهم ودعمَهم للبنان».
تغريدة ولقاء
وفي ظلّ ترقّبِ وانتظار عودته، غرّد الحريري بعد زيارته الراعي في مقرّ إقامته في الرياض مؤكّداً عودته بـ«هل يومين». وإذ ظلّ ما دار في هذا اللقاء بعيداً من الإعلام، وصَف البطريرك لقاءَه بالحريري بـ«الجيّد جداً جداً»، معلِناً أنّ «الحريري سيعود في أقرب وقتٍ إلى لبنان». وأكّد اقتناعَه بالأسباب التي دفعَت الحريري إلى الاستقالة.
وكانت كلّ مِن سوريا وإيران استبَقتا عودة الحريري المرتقبة بموقفين، فقال الرئيس السوري بشّار الأسد إنّ الحريري «ليس سيّد نفسِه وهو أُقيلَ ولم يستقِل»، فيما أعلنَت إيران أنّ الحريري أعلنَ استعداده للوساطة بينها وبين السعودية، الأمر الذي نفاه مكتب الحريري، مؤكّداً أنه لم يعرض التوسّط بين أيّ بلدٍ وآخر.
كذلك ردّ «تيار المستقبل» على الأسد ببيانٍ قال فيه: «هو آخِر كائن على الكرة الأرضيّة يحقّ له التحدّث عن سيادة النفس وحرّية القرار». ودعاه إلى «الكفّ عن حشرِ أنفِه في المواضيع اللبنانية»، والتوقّف «عن بخِّ السموم في ما يَعني اللبنانيين وقضاياهم».
إتّصالات دولية
في غضون ذلك، تستمرّ الاتصالات الدولية بحثاً في تداعيات استقالة الحريري وتبعاتِها. وواصَلت فرنسا دخولها القوي على خط الأزمة اللبنانية، فبعدما زار رئيسُها ايمانويل ماكرون الرياض، التقى أمس وزير الخارجية جبران باسيل، وأعلنت الخارجية الفرنسية أنّ وزيرها جان ايف لودريان سيلتقي مساء اليوم في الرياض ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان و»سيَبحث معه في الوضع اللبناني».
وأكّد رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب «أنّ المطلوب هو أن يتمكّن الحريري من العودة بحرّية إلى بلده لتوضيح وضعِه طبقاً للدستور اللبناني»، واعتبَر أنّ «إعلان استقالته من المملكة العربية السعودية فتحَ الباب أمام مرحلة من الشكوك، لا بدّ مِن إنهائها سريعاً».
ونَقلت وكالة «آكي» الإيطالية عن مصادر أوروبية مطّلعة أنّ «ديبلوماسيي الاتحاد الموجودين في المنطقة، أي بيروت والرياض وعواصم أخرى، يقومون بتحرّكات من أجل تأمين عدم تحويل لبنان ساحةَ مواجهة جديدة بين الأطراف المتنازعة في المنطقة».
وقالت الممثّلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إنّها «تأمل وتتوقّع» عودة الحريري وعائلته إلى لبنان في الأيام المقبلة. وأكّدت أنّ الاتصالات معه «ستتواصل عبر القنوات الديبلوماسية الأوروبية».
وقالت خلال لقائها باسيل في بروكسل إنه «يتعيّن منعُ أيِّ تصعيد والحفاظُ على وحدة الأراضي اللبنانية وسيادتها»، وأكّدت استمرار دعمِ أوروبا للبنان ولسلطاته ومؤسساته الشرعية، مشدّدةً على ضرورة منعِ أيّ تدخّلٍ خارجي في شؤون البلاد، وقالت: «لا يجب أن تتأثّر الأجندة الداخلية اللبنانية بالتوتّرات الإقليمية».
إلى القاهرة
وفي ظلّ رفضِ البعض لنقلِ الأزمة إلى المحافل الدولية، تتّجه الأنظار إلى القاهرة الاحد، حيث ينعقد اجتماع طارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية بدعوة من السعودية، لمناقشة تدخّلات إيران في المنطقة.
وقالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» إنّ لبنان يستعدّ للمشاركة في هذا الاجتماع وإنّ اتصالات بوشِرَت لتنسيقِ الموقف اللبناني ليكون مترجماً للإجماع بين اللبنانيين على رفض كلّ ما يهدّد أمنَ الدول العربية واستقرارها، خصوصاً أنّ الشكوى لا تطاول أياً مِن اللبنانيين حتى اليوم، كما قالت الشكوى السعودية.
وإذا حملت الشكوى اتّهاماً لـ«حزب الله» بإطلاق الصاروخ الباليستي من داخل الاراضي اليمنية على الرياض، قالت المصادر: «لكلّ حادثٍ حديث، وإلى تلك اللحظة سيكون لنا موقف ممّا يجري بما يَحفظ وحدةَ لبنان ومصالحَه».
وكان باسيل قد قال من باريس إنه «لا يمكن ان يتّهم لبنان بإطلاق صاروخ انطلقَ من بلدٍ ما الى بلدٍ آخر، ولا علاقة لنا به. وإنْ كان هناك مشكلات مع ايران فلتتمّ معالجتُها مع ايران». واعتبر انّ الأزمة تنتهي بعودة الحريري «ولن نكون في حاجة الى بدائل اخرى، إلّا أنّ هناك مشكلات في المنطقة ما تزال قائمة، ويجب تسويتُها».
«المستقبل»
وأعلنَت كتلة «المستقبل» أنّ الأولوية في مناقشاتها واجتماعاتها هي عودة الحريري الى لبنان، وأكّدت أهمية إعادة الاحترام للدستور و«اتّفاق الطائف» والبيان الوزاري واعتماد سياسة «النأي بالنفس» والامتناع عن التدخّل في شؤون الدول العربية.
«القوّات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»: «إنّ إنقاذ التسوية السياسية يستدعي ملاقاة الرئيس الحريري في منتصفِ الطريق من أجل تطويرِ التسوية، لأنّ الاستمرار في الوضع السابق للاستقالة لم يعُد ممكناً، والتطوير المطلوب هو إخراج «حزب الله» من أزمات المنطقة ووضعُ سلاحه على طاولة حوار جدّية».
وحمّلت «كلَّ فريق سياسي لا يريد ملاقاة الحريري في منتصف الطريق مسؤولية إجهاض التسوية الجديدة، ومسؤولية إجهاض التسوية السابقة بسبب تجاوزاتِه للأسسِ والمرتكزات التي قامت عليها».
ورأت المصادر نفسُها «أنّ مسرحية حرفِ الأنظار عن جوهر الاستقالة شارفَت على الانتهاء»، وأكّدت «ضرورة الالتزام بالدستور لتحييدِ لبنان وحمايته من أتون النزاعات في المنطقة»، واعتبرَت «أنّ القوى التي ذرَفت دموع التماسيح على الحريري باتت تتمنّى بقاءَه في السعودية من أجل مواصلةِ مسرحيتها».
وقالت «إنّ محاولات ضربِ العلاقة بين «القوات» و«المستقبل» من خلال فبركةِ الإشاعات لن تُحقّق أغراضَها لا اليوم ولا في المستقبل، لأنّ ما يجمع بين الطرفين من مشروع وطني يَرتكز على خيار قيامِ الدولة الفعلية أبعدُ من أن تؤثّر فيه فبركات ومساعٍ لم تتوقّف منذ العام 2005».
«الكتائب»
وإلى ذلك، جدَّد مصدر كتائبي مسؤول موقفَ الحزب المعروف لناحية اعتبار» أنّ صفقة التسوية التي تمّ التوصّل إليها قبل نحو من سنة هي السبب في وصولِ الأمور الى ما وصلت اليه»، وقال لـ«الجمهورية»: «رفَضنا المشاركة في هذه الصفقة لأننا كنّا ندرك أنّ التخلي عن سيادة الدولة اللبنانية ومؤسساتها خلافاً للدستور والقوانين سيزجّ بلبنان في أزماتٍ ومشكلات داخلية وخارجية. وها هي الأيام تُثبت صحّة مقاربتنا للواقع.
وعليه، فإنّ إحياءَ التسوية التي سقطت باستقالة الحريري ستُبقي لبنان في دائرة الأزمات الداخلية والخارجية، وبالتالي فإنّ المطلوب هو حلّ جذريّ وبنيوي دائم يقوم على استعادة الدولة سيادتَها كاملةً وبسطِ سلطتِها على كلّ أراضيها بقواتها الشرعية حصراً».
مشاورات إعلامية واسعة
وفي إطار مشاوراته المتواصلة يلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم ممثّلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، على أن يلتقي غداً الخميس نقابات ممثّلي الوسائل الإعلامية المكتوبة. وقالت دوائر قصر بعبدا لـ«الجمهورية»: «هدفُ هذه اللقاءات هو البحث في ما يمكن اعتباره ضبط الساحة الإعلامية ووقف الفوضى الإعلامية ومواجهة ورفض بثِّ ونشرِ الإشاعات والسيناريوهات غير المنطقية والتثبّت من صحّتها قبل أيّ إجراء آخَر ومقاربة الأمور بمسؤولية أكبر يحتاجها لبنان لعبورالمرحلة بأقلّ الخسائر الممكنة».
وأضافت «إنّ عون سيتمنّى على وسائل الإعلام مقاربة القضايا المطروحة بكثيرٍ من الصدقية ضماناً للاستقرار والأمن في لبنان، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها البلاد في ظلّ الاستحقاقات التي تَعبرها المنطقة».
أمير الكويت
ومن جهةٍ ثانية أكّدت رسالة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح إلى عون دعمَ الكويت لاستقرار لبنان وسلامة أراضيه ووحدة أبنائه، وأنّها كانت وستبقى من الدولِ التي توفّر الدعمَ لتقاسمِ كلفةِ النازحين السوريين الى لبنان، وخصوصاً أنّها هي التي استضافت مؤتمرَين دوليين حتى الآن للدول والمؤسسات المانحة للبنان ودول الجوار السوري.
ورَبطت مصادر دبلوماسية بين الرسالة الكويتية وما أُشيعَ أخيراً عن أنّ الكويت هي التي ألغَت زيارةَ عون التي كانت مقرّرة في الخامس من الجاري. وأكّدت هذه المصادر لـ»الجمهورية» أنّ أمير البلاد تفهَّم الأسباب التي دفعت عون إلى إلغاء الزيارة عقبَ استقالةِ الحريري قبل 48 ساعة من موعدها. وكرّر أمير الكويت دعوةَ عون لزيارة العاصمة الكويتية في أيّ وقتٍ يرتئيه.
تطمينات إضافية
من جهةٍ ثانية، كرَّر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من لندن التطمينات التي سبقَ وأطلقَها في بيروت حول متانةِ وضعِ الليرة اللبنانية. وأشار إلى «أنّ الأزمة التي يشهدها لبنان هي أزمة سياسية لا نقدية». وذكر أنه «في الأسبوع الذي أعقبَ استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، شهدَت سوق الصرف اللبنانية عمليات تحويل طبيعية ومتوقّعة من الليرة اللبنانية إلى الدولار. غير أنّ الحجم اليومي لهذه العمليات انخفضَ تدريجاً خلال الأسبوع».
في الموازاة، شرَح سلامة مسألة الإصدار الجديد فكشَف أنّ وزارة المالية اتفقَت ومصرفَ لبنان قبل الأزمة السياسية الراهنة وقبل اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في منتصف تشرين الأوّل في واشنطن، على إجراءِ عملية تبادلٍ، بحيث تُصدر الحكومة سندات يوروبوند بقيمة 1.750 مليار دولار، يُسدّد مصرف لبنان المركزي قيمتَها عبر تحويل سندات بالليرة اللبنانية من محفظته إلى وزارة المال».
وأضاف: «في تشرين الأوّل في واشنطن أطلعنا صندوق النقد الدولي على هذه العملية. ولهذا السبب، سدّدت وزارة المال نقداً السندات المستحقّة في تشرين الأوّل من دون إصدار سندات بديلة في السوق. وبالتالي، لا إصدار يوروبوند مرتقَب ولا نيّة لإصدار جديد في نهاية السنة».
وطمأنَ إلى أنّ القطاع المصرفي اللبناني يتمتّع برَسملة جيّدة، وأنّ مصرف لبنان طوَّر نظاماً مؤاتياً لتطبيق القوانين المتعلقة بالعقوبات، «ما يُبقي لبنان منخرطاً في العولمة المالية ويضمن الإنصافَ بين اللبنانيين. وبالتالي، لن تتطلبَ أيّ قوانين عقوبات جديدة اتّخاذ تدابير إضافية، ونحن سنتقيّد بها».
اللواء
الملك سلمان لتعزيز التسامح.. والراعي يتبنّى أسباب الإستقالة
باسيل يستبق عودة الحريري «بالتحريض الدولي».. والشَلَل يضرب الحركة الإقتصادية
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “تشعب المشهد السياسي أمس في غير اتجاه، وبدا انه في سباق مع الوقت، بين عودة الرئيس سعد الحريري المتوقعة بدءاً من غد الخميس إلى نهاية الأسبوع الجاري والتي أكدها في «تغريدة» له، أعقبت اللقاء مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بطرس بشارة الراعي، الذي استقبله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمّد بن سلمان، ومحاولة فريق داخل فريق الرئاسة الأوّلى، أخذ البلد إلى مواجهة دبلوماسية مع المملكة العربية السعودية، على خلفية ما يروّج له وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، والذي بدأ جولة أوروبية، قادته من بلجيكا إلى الاليزيه حيث قابل الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون، والتلويح المتسرع، بعرض القضية امام مجلس الأمن.
بدا المشهد مفتوحاً على شلل داخلي، حكومي، وعلى شلل في الأسواق وركود في الأسواق التجارية في بيروت، ومن فرن الشباك إلى الجديدة، على الرغم من تأكيد وزير الاقتصاد ان الوضع الاقتصادي ما يزال صامداً.. وسط ترقب الشارع لما سيجري، الأمر الذي دفع بصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية بأن تتنبأ بأن الأزمة اللبنانية تمهّد لكارثة في الشرق الأوسط.. ووسط أسئلة ما تزال موضع انشغال دولي واقليمي، من ان لبنان «ليس بإمكانه حمل ثقل لا قدرة له عليه».
وعشية العودة المتوقعة للرئيس الحريري غرّد قائلاً: يا جماعة انا بألف خير وإن شاء الله انا راجع هاليومين، خلينا نروق، وعيلتي قاعدة ببلدها المملكة العربية السعودية مملكة الخير».
ولم يكن البطريرك الراعي بعيداً عن هذه الوجهة، إذا أكّد بعد لقاء الحريري انه عائد بأسرع وقت ممكن، وقال: انا مقتنع بأسباب استقالة الرئيس الحريري كل الاقتناع. والبارز أمس، كان استقبال الملك سلمان في مكتبه بقصر اليمامة في الرياض الكاردينال الراعي..
وجرى خلال الاستقبال (واس) استعراض العلاقات الأخوية بين المملكة ولبنان والتأكيد على أهمية دور مختلف الأديان والثقافات في تعزيز التسامح ونبذ العنف والتطرف والإرهاب وتحقيق الأمن والسلام لشعوب المنطقة والعالم.
وحضر الاستقبال الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمّد العيبان، ومعالي وزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير، ووزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر بن سبهان السبهان. وكان ولي العهد السعودي محمّد بن سلمان التقى البطريرك الراعي أمس.
في هذا الوقت غرّد وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد انه على «لبنان إيقاف الشريك في الحكم من نشر آلة الإرهاب في جواره الإقليمي، حزب الله».
وفي تقدير أوساط كنسية في بكركي ان «زيارة الدولة التي قام بها البطريرك الراعي فتحت صفحة جديدة من علاقات الحوار والتعاون المسيحي – الإسلامي، مشيرة إلى ان الزيارة سوف تتابع بسلسلة من المبادرات لم تشأ الكشف عنها، وإن كانت معلومات رجحت ان يكون من بينها الإعلان عن عزم المملكة ترميم كنيسة أثرية تمّ اكتشافها وتعود لنحو 900 عام، على ان تكون هدية رمزية لحوار إسلامي – مسيحي واعد يُعيد تصويب البوصلة.
وكشفت هذه الأوساط، ان الراعي سلم العاهل السعودي مذكرة تمحورت حول موضوعي حوار الحضارات والتعاون المسيحي – الإسلامي وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة ومحاورها وحروبها.
وبالنسبة إلى الوضع الداخلي، أوضح بيان صدر عن المركز الكاثوليكي للاعلام، ان الزيارة خلصت إلى دعوة ملحة لكل الأطراف اللبنانيين إلى التهدئة وتغليب منطق الحوار والتفاهم والتمسك بعودة الرئيس الحريري إلى لبنان، وهذا ما أثاره البطريرك الراعي مع المسؤولين السعوديين الذين التقاهم، معتبراً ان عودة الحريري ضرورة لاستئناف البحث مع رئيس الجمهورية ومجلس النواب وسائر القيادات في كيفية معالجة أسباب الاستقالة، وتجديد التزام المملكة بالعلاقات التاريخية القائمة مع لبنان، وتأكيدها دعم اللبنانيين من دون تفرقة، ووضع امكاناتها في سبيل مساعدة لبنان، بحسب ما جاء في البيان، الذي أشار إلى إيجابية الموقف السعودي تجاه القضايا التي طرحها الراعي، والت يتجلت بالحفاوة التي احاط بها المسؤولون السعوديون الزيارة.
اما لقاء الراعي – الحريري الذي تمّ في مقر إقامة البطريرك الماروني في قصر الضيافة، فقد استغرق قرابة نصف ساعة، وصفه الراعي بأنه كان جيداً.
ومساءً غادر الراعي الرياض بعد نزهة سياحية ثقافية، متوجهاً إلى روما، وقد توقفت طائرته في مطار بيروت لبعض الوقت، حيث نزل منها المطرانان بولس مطر وبولس عبد الساتر اللذان رافقاه في الزيارة، إضافة إلى الوفد الإعلامي، فيما تابع طريقه بعد ذلك على متن طائرة ثانية.
نفيان
في إطار متصل، نفى علي ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية، ان يكون قد وجه تهديداً للرئيس الحريري، باعتباره انه كان المسؤول الإيراني الذي التقاه قبل يوم على إعلان استقالته.
وقال ولايتي في مؤتمر صحفي يقام في إيران ان الحريري ذكر في مقابلته التلفزيونية الأخيرة انه توجه الى ولايتي بالدعوة لعدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، مضيفاً هو (أي الحريري لم يقل هكذا ابدا). وقال: نحن لم نهدد الحريري وبحثنا القضايا الراهنة في المنطقة، وقال: أراد الحريري ان يقوم بنوع من الوساطة بين إيران والسعودية.
ورد المكتب الاعلامي للرئيس الحريري على ما ادلى به ولايتي موضحا:
اولا: لم يعرض الرئيس الحريري التوسط بين اي بلد وآخر، بل عرض على ولايتي وجهة نظره بضرورة وقف تدخلات ايران في اليمن كمدخل وشرط مسبق لأي تحسين للعلاقات بينها وبين المملكة العربية السعودية.
ثانيا: كرر الرئيس الحريري بإصرار أن هذه وجهة نظر شخصية ورأي خاص به.
ثالثا: وعندما جاء جواب ولايتي انه يرى الحوار حول الأزمة اليمنية مدخلا جيدا لبدء الحوار بين ايران والمملكة، اجابه الرئيس الحريري: «لا. اليمن قبل الحوار. رأيي ان حل المشكلة في اليمن هو المدخل الوحيد قبل بدء اي حوار بينكم وبين المملكة».
المصدر: صحف