إلتقى نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف بالمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في سياق التحضير لإطلاق الجولة الثامنة من مباحثات جنيف السورية التي أكد اللقاء على إطلاقها في الموعد المحدد في الثامن و العشرين من نوفمبر الحالي.
و جاء في حديث نائب وزير الخارجية الروسي للصحافيين أن المبعوث الأممي يعول على متغيرات إيجابية في ضوء البيان المشترك للرئيسين الروسي والأميركي الصادر في الحادي عشر من نوفمبر الحالي، وفيه إشارة تأكيد لأهمية إنشاء مناطق خفض التصعيد لتهيئة ظروف التوصل لحل سياسي نهائي للنزاع و عدم التهاون في مكافحة الإرهاب، فقد أصدر مكتب ديميستورا بيانا بهذا الصدد فيه التأكيد على الدور المحوري لمباحثات جنيف التي سيتم التركيز خلالها على تطبيق قرار مجلس الأمن 2254.
و جاء في كلام غاتيلوف بعد لقائه للصحافيين أنه هناك سلسلة كاملة من الأحداث المرتبطة بتسوية النزاع في سوريا و إعادة إحياء مسار العملية السياسية و أشار غاتيلوف إلى أن المبعوث الأممي قيم عاليا بيان الرئيسين بوتين و وترامب المشترك، و برأي ميستورا هذا البيان يؤسس لوضع من نوع جديد في التسوية السورية.
ومن الإستحقاقات القادمة ذكر غلتيلوف لقاء الرياض الثاني المقبل، الذي دعت إليه المملكة السعودية المخصص لتوحيد المعارضة على مساحة توافقية أوسع من القائمة سابقا، بعدها سيطلق ديميستورا الجولة المقبلة من المباحثات في جنيف.
وأبلغ غاتيلوف ديميستورا نية روسيا عقد المؤتمر الوطني للحوار السوري في سوتشي واضعا المبعوث الأممي بتفاصيله مجيبا على تساؤلات ديميستورا، موضحا مقاربة روسيا لعقد هذا المؤتمر مع بداية شهر ديسمبر كانون الأول القادم، في المقابل إستمع ميستورا بإهتمام لهذه الأفكار و أبلغ نائب وزير الخارجية الروسي بأنه سيقدم تلك المقترحات لأمينه العام و على موقفه تبنى مسألة مشاركة الأمم المتحدة و فريق ميستورا في هذا المؤتمر.
و ردا على سؤال المنار حول قابلية بيان الرئيسين الروسي و الأميركي للحياة في ظل تصريحات الكرملين و تصريحات وزير الخارجية الروسي الأخيرة أجاب نائب وزير الخارجية الروسي إن “هذه الوثيقة على مستوى عالي من الأهمية و للمرة الأولى يتم التوصل لوثيقة من هذا المستوى و الاهم أنه ورد فيها إهتمام مشترك للجانبان في الإستمرار بقتال الإرهاب حتى الإنتصار النهائي عليه، و من وجهة النظر هذه يحمل الموقف المشترك إضافة هامة توحيد جهود المجتمع الدولي ليس فقط في الحرب على الإرهاب بل و في البحث عن سبل التسوية السياسية في سوريا لذلك نقيم عاليا أهمية التفاهمات التي تم التوصل إليها بين الرئيسين، و لدينا الجهوزية للتقدم في هذا الإتجاه بخطوات جدية. و إحدى هذه الخطوات الجدية نراه المؤتمر السوري للحوار الوطني في سوتشي، بهدف الوصول لمستوى لجنة دستورية و العمل بشكل جاد على صياغة الدستور المرافقة لإجراء الإنتخابات”.
و حول إنشاء منطقة خفض التصعيد الجنوبية من خارج تفاهمات أستانا ما بين روسيا ، الولايات المتحدة و الأردن رأى غاتيلوف أنه يجب النظر إلى الإيجابية الكامنة في تحقيق هذا الإتفاق من ناحية توفير سبل محاربة الإرهاب في تلك المنطقة، ما يصب في مساعي مكافحة الإرهاب بشكل عام أسوة بالمناطق الأخرى لتخفيض التصعيد. ورأى غاتيلوف أنه يجب النظر بشكل شمولي لمناطق تخفيض التصعيد ما يعطي مشهد ملائم و يهيء الظروف لإستقرار الوضع في سوريا الهادف لتحقيق التسوية السياسية المنشودة.
وحول توحيد المعارضة في وفد مفاوض واحد ما بين إجتماع الراض الثاني و مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري أكد غاتيلوف أن موقف بلاده كان دوما منذ البداية إلى جانب تأمثيل المعارضة بشكل موسع أكثر ضمن وفد واحد و إذا إستحضرنا كيفية تطور الأمور في الجولات السابقة فإننا كنا نرى أن الأمر الناقص كان من ناحية المعارضة أنها لم تكن تتسم بتمثيل موسع. أي أن المعارضة لم تكن تتمثل بكافة المجموعات المعارضة و هذا ما كان ينعكس سلبا على المباحثات. إعتقادنا كان أن السيد ميستورا عليه القيام بهذه المهمة (توحيد المعارضة في وفد واحد بتمثيل موسع بشكل أكبر) للأسف لم يتمكن السيد ديميستورا لم يتمكن لسلسة من الأسباب من تشكيل وفد معارض واحد بتمثيل موسع. الآن هذه المحاولة تقوم بها المملكة السعودية و إن توجت بالنجاح و أتت المعارضة بوفد واحد فيه تمثيل موسع فعلي أكبر من ما كان من قبل الوقت الراهن، فيمكن المراهنة على إطلاق حوار منتج ما بين وفد الحكومة و وفد المعارضات.
فبحسب غاتيلوف يأتي لقاء الرياض الثاني للمجموعات المعارضة في 22 نوفمبر الحالي و بعده الحولة الثامنة لمباحثات جنيف في ال28 من نوفمبر الحالي على أن يتم تحديد موعد المؤتمر السوري للحوار الوطني في سوتشي بناء على جملة معطيات في بدايات شهر ديسمبر كانون أول القادم.
و أمل غاتيلوف أن يتم الأخذ بالموقف الروسي المؤيد لمشاركة الكرد في العملية السياسية كقوة سياسية و عسكرية وازنة لا يمكن التوصل إلى مستقبل حل مستدام للوضع في سوريا دون مشاركتهم في العملية.
و في عودة لتفصيل شرح غاتيلوف لمفهوم روسيا من مؤتمر الحوار الوطني السوري فيه دعوة لتوحيد شرائح اوسع من مكونات المجتمع السوري و ممثلي كافة المجموعات السياسية ما يتم طرحه هو أوسع بكثير من مسار جنيف التفاوضي، و هنا تكمن قيمة لمبادرة الروسية مؤتمر يمتلك قاعدة واسعة لدى الشعب السوري فعندما تتحقق هذه الفكرة بكل تأكيد فإنها سوف تعكس بشكل بناء أكثر إهتمامات كافة شرائح المجتمع السوري بما فيهم مجموعة حميميم و محموعات أخرى لم يتم إدماجها فعليا في العملية السياسية.
و توقع غاتيلوف إستمرار المؤتمر المنشود لعدة أيام مع أنه من السابفق بحسب رأيه التكهن بالمدة التي سيحتاجها المؤتمر لإستكمال عمله و أكد نائب وزير الخارجية الروسي على أن المشاركين في لقاء الرياض القادم سيكونوا من المدعويين لمؤتمر الحوار الوطني دون إستثناء أي جهة من المشاركة في هذا المسار.
و حول صريحات تركية جاء فيها دعوة للقوات الروسية و الأميركية مغادرة سوريا لإتمام العملية السياسية أجاب غاتيلوف أن بالأمس كان لقاء مثمر للرئيسين الروسي و التركي بوتين و أردوغان و تمت مناقشة ملف التسوية السورية بدقة و من ناحيتها روسيا أبلغت أردوغان بالخطوات التي تنوي القيام بها و لم يُتى على ذكر هذا الأمر ( سحب القوات الروسية و الأميركية من سوريا) و حول سؤال عن التناقضات في تصريحات الجانب التركي أجاب غاتيلوف أن السؤال هو في هذه الحالة للجانب التركي.
و لفت غاتيلوف إلى أن روسيا لا تنوي إستبدال مسار جنيف التفاوضي الذي تستمر في دعمه بل الاعتقاد الروسي هو أن قرار مجلس الأمن 2254 ما زال يشكل أساس التسوية و على مسار جنيف أن يستمر. أما ما يتم أنجازه ضمن إطار أستانا و من خلال المؤتمر المرتقب للحوار السوري، فهي فعاليات تدعم إحداها الأخرى و تكملها و كلها تصب في إتجاه إحياء المسار السياسي.
و إستغرب غاتيلوف تصريح وزير الحرب الأميركي بأن الأمم المتحدة شرعنت وجود القوات الأميركية في سوريا و أضاف نائب الوزير الروسي أن الأمم المتحدة لا يمكنها القيام بهكذا أعمال، و سوريا هي دولة مستقلة ذات سيادة، و فقط الحكومة و السلطات السورية الشرعية يمكنها دعوة قوات مسلحة لدول أو دول أخرى إلى أراضسها و الأمم المتحدة لا تملك هذا الحق، و لا يوجد ذكر لحق تحالف الولايات المتحدة في التواجد على الأراضي السورية و لا في أي قرار من قرارات مجلس الأمن. و الحرب في مكافحة الإرهاب لا تعني إعطاء كرت أبيض لدول معينة أو تحالفات معينة على الأراضي السورية.
المصدر: موقع المنار