استقبل الرئيس السوري بشار الأسد المشاركين في الملتقى العربي لمواجهة الحلف الأمريكي الصهيوني الرجعي العربي ودعم مقاومة الشعب الفلسطيني الذي يضم قوى واحزابا وشخصيات من دول عربية عدة.
وشدد الرئيس الأسد خلال اللقاء على أن مواجهة المشكلات التي تواجه الأمة العربية وإعادة الألق إلى الفكر القومي الذي لا يمر باحسن حالاته اليوم تتطلب العمل الجاد من اجل توضيح بعض المفاهيم التي استهدفت أمتنا من خلالها ومنها محاولات ضرب العلاقة التي تربط العروبة بالإسلام ووضع القومية العربية في موقع المواجهة مع القوميات الأخرى موضحا أن العروبة والقومية العربية هي حالة حضارية وثقافية وإنسانية جامعة ساهم فيها كل من وجد في هذه المنطقة دون استثناء فهي لا تقوم على دين أو عرق محدد وإنما أساسها اللغة والجغرافيا الواحدة والتاريخ والمصالح المشتركة.
وأكد أنه من الضروري العمل على توضيح فكرة عدم وجود أي تعارض أو تناقض بين الانتماء إلى العروبة والانتماء إلى الإسلام فكلاهما يصب باتجاه الآخر ويعززه لافتا في الوقت نفسه إلى أهمية تفنيد الطرح العرقي المناهض للتوجه القومي وخصوصا في ظل محاولات تقسيم دول المنطقة على أسس عرقية وذلك من خلال التأكيد على أن العروبة تشمل كل الأعراق والأديان والطوائف وبالتالي فإن التراث العربي والثقافة العربية هي مجموع تراث وثقافات كل الأقوام التي عاشت في هذه المنطقة عبر التاريخ القديم والحديث.
ولفت الرئيس الأسد إلى أن هناك عاملا آخر أثر على العمل القومي وهو سياسات بعض الحكومات العربية التي عملت ضد مصالح الشعب العربي عبر خدمة مشاريع خارجية وتسهيل العدوان على دول عربية أخرى الأمر الذي خلق رد فعل سلبيا لدى الكثيرين تجاه القومية والعروبة وهنا يجب عدم الخلط بين الانتماء للهوية والانتماء لنظام سياسي معين لا نرضى عن سياساته وأن نوضح لهؤلاء أن السبب الرئيسي لما نعانيه اليوم من حالات تقسيمية ابتداء بتقسيم العقول وانتهاء بتقسيم الأوطان هو غياب الشعور القومي والانتماء الجامع.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن أعداء العروبة والفكر القومي حاولوا إلصاق تهمة التخلف بهما والادعاء بأن زمنهما قد ولى في عصر تسوده العولمة وذلك بهدف جعلنا مجرد أدوات لخدمة مصالح مؤسسات مالية كبرى تقودها الولايات المتحدة.. ولا بد لمواجهة ذلك من التمسك بالهوية ودعم الانفتاح والأفكار التطويرية في إطار برنامج واضح يتوافق مع مصالح الشعوب ويراعي تطور العصر.
وأكد الرئيس الأسد أن القومية ليست فكرة نظرية وممارسة سياسية فقط بل هي انتماء اجتماعي وحضاري الأمر الذي يتطلب إطلاق حوار بناء مع الأطراف الأخرى التي لا تتبنى نفس النهج والسعي لاسترداد أولئك الذين وضعوا أنفسهم في مكان مناقض لانتمائهم الطبيعي ولمصالح وطنهم مشددا على ضرورة ألا يبقى هذا الحوار محصورا في إطار النخب والتيارات السياسية بل يجب أن يخاطب جميع شرائح المجتمع ولا سيما الأجيال الناشئة.
ولفت الرئيس الأسد إلى أن من أهم الأمور التي تقتضيها مواجهة الغزو الثقافي والفكري الذي تتعرض له الأمة العربية هو التمسك باللغة العربية التي تشكل حاملا للثقافة والعروبة باعتبارها حالة حضارية مؤكدا أن فقدان اللغة هو فقدان للارتباط وغربة عن الثقافة التي ينتمي إليها الإنسان.
وأشار الرئيس الأسد خلال اللقاء إلى أن الهدف الأساسي من الحرب التي تتعرض لها سورية منذ سبع سنوات هو إعادتها والمنطقة قرونا إلى الوراء عبر ضرب الشعور القومي والانتماء لهذه المنطقة ووضع الإنسان العربي أمام خيارين إما التخلي عن هويته والارتماء في حضن الأجنبي أو التوجه نحو الفكر المتطرف وتحويل المجتمعات العربية إلى مجتمعات متناحرة ومتصارعة.
وأكد الرئيس الأسد أن هذه الحرب بالرغم من الدمار الكبير الذي ألحقته بسورية لم تسقط إيمان الشعب السوري بحتمية الانتصار على الإرهاب بأدواته الخارجية والداخلية من خلال تضحيات الجيش السوري العقائدي والاحتضان الشعبي لهذا الجيش كما لم تسقط تمسكه بهويته وعقيدته وانتمائه القومي.
تلا ذلك حوار تناول المستجدات السياسية والميدانية وملف إعادة الإعمار في سورية بالإضافة إلى الأوضاع على الساحة العربية وآفاق تفعيل العمل العربي المشترك ودور المفكرين والقوميين العرب في تعزيز الوعي والحصانة الفكرية على المستوى الشعبي في مواجهة محاولات الغزو الثقافي عبر ترسيخ الانتماء والتمسك بالهوية الجامعة.
وتركز الحوار حول مجموعة من القضايا الساخنة على الساحة العربية أهمها كيفية تحويل الانتماء القومي الى حالة عمل مستمرة تقوم على تطوير المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بهذه القضية المحورية بما يتناسب مع طبيعة المواجهة الحاصلة ويساهم في تفكيك الفكر الهادف إلى تصفية الهوية العربية والانتماء القومي.
كما تطرق الحوار إلى أهمية العمل على الجامعات وجيل الشباب في العالم العربي الأمر الذي يشكل محورا أساسيا في عملية التوعية القومية في الحاضر والمستقبل وأهمية وجود آليات واضحة وخطط عملية لتنفيذ هذا الأمر وعدم الاكتفاء بالطروحات النظرية العامة بهدف تثبيت العمل القومي وإيجاد بعض الحلول لما تعانيه الأمة العربية من ترهل.
وأكدت المداخلات أهمية الانتصار السوري في الحرب على الإرهاب والدول التي تدعمه وأن الانتصار السوري هو انتصار عربي مشددة على أن ما طرحه الرئيس الأسد حول العمل القومي يشكل قاعدة يمكن البناء عليها من قبل المشاركين في المؤتمر للتوصل إلى صيغة واضحة يمكن نقلها والعمل عليها في بلدانهم.
كذلك شددت بعض المداخلات إلى ضرورة البناء على انتصار سورية لإعادة الألق للقومية العربية والانتماء العربي بالتركيز على الشعوب العربية رغم مواقف بعض الحكومات العربية التي وقفت ضد سورية في حربها.
المصدر: سانا