أكد السيد علي فضل الله، في ظل مرور عام على استلام العماد ميشال عون رئاسة الجمهورية، أنه “من حق اللبنانيين أن يطلعوا على ما حصل خلال هذه السنة من إنجازات، وإذا كان من عراقيل أو إخفاقات، فلا بدَّ من إطلاع الرأي العام عليها، ومن واجب المسؤول أن يقدم حسابه للناس”، مشيراً الى أنه “نحن هنا، لا نريد أن نقيم العهد في سنة واحدة، وخصوصا بعد أن اصطدم بالكثير من الملفات الشائكة والمعقدة، ولكن من حق اللبنانيين أن يتوقَّفوا عندما يستمعون إلى من هو في أعلى موقع في الدولة في حديثه عن واقع البلد وتقييمه لأسباب إخفاق المرحلة السابقة، عند مقولة إن مواجهة الفساد لم تتوفر ظروفها بعد، من دون أن يبين ما هي الظروف، ومتى تتوافر، أو عندما يقول إنَّه لا يمكن فتح معركة الفساد قبل أن تتركز أركان الدولة، وهنا أيضا من دون توضيح متى وكيف سيتم هذا التركيز، أو في قوله إن المحاصصة أمر واقع، وهي العرف المتبع حتى اليوم في نظامنا الطائفي، من دون تحديد آلية للخروج من هذا الواقع، أو عندما يترك بعض الأسئلة من دون أجوبة حاسمة”.
وفي خطبة الجمعة التي القاها من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك “هذا لا يعني أنَّنا بذلك ننفي إنجازات حصلت بعد إقرار قانون الانتخاب، أو موازنة العام 2017، وسلسلة الرتب والرواتب، أو مواجهة الإرهاب والتصدي له على الحدود الشرقية، وتأمين الحد الممكن من التوافق الداخلي والاستقرار في مرحلة التجاذبات التي تعيشها المنطقة، وهو ما مكن الحكومة من العمل. لكن على العهد، وطبعا عندما نقول العهد نقصد مؤسسات الدولة جميعا، مسؤوليات كبيرة تجاه اللبنانيين، لمعالجة المشكلات المزمنة التي تطال أبسط مقومات حياتهم، فحجم الآمال التي طرحت لا تزال أقل بكثير من حجم الوقائع على الأرض”.
وتابع “في هذا الوقت، يعيش اللبنانيون أجواء من التوتر والخوف من قادم الأيام، بفعل التغريدات التي لم نفهم خلفياتها إلى الآن، ولم نفهم غاياتها، بعد أن حملت تهديداً واضحاً للبنانيين ولحكومتهم إن لم يتخذوا موقفاً من مكون أساسي من مكونات هذا البلد، من دون أن يؤخذ بالاعتبار ما قد يسببه ذلك من اهتزاز لاستقرار البلد، رغم أن هذا الاهتزاز ليس لأحد فيه مصلحة. إن من المفترض على كل الحريصين على هذا البلد أن يأخذوا خصوصيته وتركيبته والتوازن الموجود فيه بعين الاعتبار، وإذا كان هناك خلاف مع فريق من اللبنانيين، فإنه لا يعالج بطريقة تسقط الهيكل على رؤوس الجميع، بل بالحوار البناء ومعالجة جذور الخلاف وأسبابه الحقيقية التي تتصل بالداخل اللبناني أو خارجه”.
ورأى أن “على العالم العربي أن لا ينسى الدور الذي قام به اللبنانيون على مستوى القضايا العربية والإسلامية، ويكفي في ذلك قيامهم بكف يد العدو الصهيوني، ومنعه من الاستمرار في غطرسته، ومواجهة الإرهاب الذي هدد ويهدد البلاد العربية، وتحمل مئات الألوف من النازحين. ولأجل ذلك، ينتظر اللبنانيون من العالم العربي أن يكون عونا لهم وقوة أمام كل التهديدات التي يواجهونها”. وقال “إننا في لبنان سنبقى نراهن على أركان الدولة وحرصهم على التماسك الداخلي في مواجهة أيّ توتر يهدد الساحة الداخلية، وهذا ما لمسناه في الأيام الماضية، ونأمل أن نلمسه في الأيام القادمة”. وتابع “نصل إلى الذكرى المئوية لوعد بلفور، إلى اليوم المشؤوم الذي وعد فيه وزير خارجية بريطانيا بلفور في العام 1917 الكيان الصهيوني بأن تكون فلسطين وطنا قوميا لليهود على حساب أهلها وشعبها، والهدف هو خلق كيان في هذه المنطقة يمنع تطورها ونموها، ويجعلها دائما في دائرة التوتر، لتكون حارسا لهيمنة الغرب في المنطقة. ولا يخفى على أحد مدى الآلام التي تركها هذا الوعد عند الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج. لقد كنا ننتظر من بريطانيا أن يكون موقعها منسجما مع المبادئ والقيم التي تتحدث عنها؛ قيم حقوق الإنسان وحقوق الشعوب في العيش الكريم، وأن يكون لها دور أكثر في معالجة النتائج الكارثية التي حصلت، لا أن يكون دورها الاحتفال بهذه المناسبة، فهذا الوعد، برغم تجميله، غير مقبول على المستوى الأخلاقي والإنساني. وهنا، نقدر الأصوات التي انطلقت من داخل بريطانيا وخارجها، فيما نشهد الكثير من الصمت في أكثر من بلد عربي وإسلامي”.
واعتبر أن “وعد بلفور كشف عن هشاشة كانت تعيشها الأمة العربية والإسلامية، وعدم مبالاة لدى حكامها، فهذا ما أتاح الفرصة للوعد بأن يتحقق وأن يستمر طوال هذه الفترة الطويلة من الزمن، حتى أصبح عند البعض حقيقة واقعية لا بد من التعامل معها. ونحن اليوم نخشى أن تكون الهشاشة التي كان العالم العربي والإسلامي يعيشها، ولا يزال، بفعل الفتن التي تعصف به، سبيلا لهذا الكيان، لتثبيت وجوده، وتعزيز موقعه العدواني، وإسقاط أي أمل للفلسطينيين بالعودة إلى أرضهم وتقرير مصيرهم”. وختم “سنبقى نراهن على وعي الشعب الفلسطيني ووحدته ووقوفه صفا واحدا في مواجهة غطرسة الكيان الصهيوني، وعلى وعي الشعوب العربية والإسلامية، وتنامي روح المقاومة والرفض للمشروع الصهيوني، التي تشكل الأمل الذي سيعيد فلسطين في يوم ما إلى أهلها، وهو وعد كان مفعولا”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام