انتقد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع “تلك النغمة المنتشرة في الشرق وحتى في لبنان عن أن لا علاقة للمسيحيين بما يحصل في الشرق فيرددون فلنبق خارج الصراع السني-الشيعي في المنطقة”، قائلاً “هذا غير صحيح، ربما هناك بعد سني-شيعي لما يحصل في الشرق، ولكن هذا الصراع له ابعاد كثيرة يجب ان نأخذها بعين الاعتبار، ونحن كمسيحيين في الشرق عندما نستسلم ولا نقوم بدور معين نفقد كل وجودنا”. وخلال غداء تكريمي برعاية راعي الأبرشية المارونية في استراليا المطران انطوان شربل طربيه، اعتبر جعجع أن “نظرية حلف الأقليات هي نظرية خاطئة”، مناشدا المسيحيين المشرقيين “اتخاذ موقف مع او ضد الأحداث التي تجرى في منطقتهم من منطلق أخلاقي ومبدئي منها”.
ودعا المسيحيين المشرقيين الى “الوقوف مع شيء محدد”، قائلاً “نحن لا نريد حماية من أحد، فلا فلان ولا علان يحمينا. لا ننتظر ديكتاتورا أو نظاما جائرا لحمايتنا، وإلا لماذا نعيش اذا لم يكن لحياتنا معنى ندعم فيها الحرية والديموقراطية وقضية حقوق الانسان وتطوره في مجتمع يراعي وجوده؟ صلب وجودنا في هذا الشرق هو لكي نحمل رسالة معينة ليست الانكفاء على الاطلاق كما حاول البعض تصويرها بأنه يجب أن ننكفىء عن هذا الصراع الدائر، بل يجب ان نكون في صلبه بأبعاده الانسانية، فإما أن نكون مع نظام ديموقراطي أو لا. لا يمكننا ان نكون مع الديموقراطية في الغرب ومع الديكتاتورية في الشرق، فحين نلتم ونتوحد حول موقفنا يصبح لدينا الحضور والوجود، وبالطبع صاحب الموقف سيكون عليه تكلفة كبيرة ولكنها ستكون بهدف الوجود والاستمرارية”.
ولفت الى ان “المسيحيين في لبنان كانوا يملكون دوما موقفا من كل شيء، لذا استمروا موجودين”. وفي موضوع النازحين السوريين، قال “منذ بداية الأزمة السورية، لامونا كثيرا على موقفنا الانساني الذي اتخذناه، والذي سنتخذه مجددا لو أعاد التاريخ نفسه، لم يكن بوسعنا إلا استقبال الناس الهاربين من العراق او من سوريا، فهذه المبادىء الانسانية يجب ألا نسمح لأحد بالتلاعب بها، ولكن الآن الوضع تغير، فقد ازداد الحمل على لبنان بعد سبع سنوات من استقباله ثلث عدد سكانه تقريبا من النازحين، وعدا عن العبء الاقتصادي وتدهور البنى التحتية بدأت تظهر عوامل أمنية واجتماعية ديموغرافية وسواها، وبدأ التشنج يزداد بين الشعب اللبناني ككل من مسيحيين ومسلمين وبين النازحين، بغض النظر عما اذا كانوا معارضة أو موالاة، مع الاشارة الى انه بات هناك في سوريا مناطق آمنة ومن الضرورة ان يعود النازحون اليها لأنها ستكون بالنسبة لهم اقرب الى قراهم، وهي في الأساس أرضهم، فماذا سيستفيد النازحون من بلد كلبنان اذا انهار تحت عبء النزوح ووطأة هذه الأزمة؟ حان للحكومة ان تتخذ قرارا في شأن عودة النازحين لأنه قرار سيادي قبل أي شيء آخر، ويجب ان تقوم بالترتيبات المطلوبة لإعادتهم الى بلدهم”.
وتابع “يمكننا ان نتغنى بالديموقراطية والتعايش المسيحي-الاسلامي في لبنان بقدر ما نشاء ولكن إن لم يكن هناك وجود فعلي للدولة، كل هذا الكلام لن يكون له ترجمة فعلية على ارض الواقع، فقيام الدولة له منطق معين لا يحتمل التأويل ولا الإشراك، لا يوجد نصف دولة، إما دولة موجودة او لا دولة، وأولى مقومات قيام الدولة هو ان يكون القرار الاستراتيجي في يدها بالإضافة الى حصرية استعمال السلاح، وهذان الشرطان غير متوفرين في لبنان للأسف، فالبعض يعتقد اننا نطرح هذه الأمور انطلاقا من “ضيقة عين”، ولكن الامر ليس كذلك فالقصة هي قصة منطق، إذا اردنا دولة في لبنان يجب ان نذهب في هذا الاتجاه وإلا لن تقوم الدولة”. واشار الى ان “لبنان موجود في عين العاصفة بسبب قرارات واعمال قام بها فريق معين دون موافقة أكثرية الشعب، ومنطق الدولة يقوم بوجود قانون واحد ينطبق على الجميع ولكن للأسف حتى الآن هذا القانون غير موجود في لبنان، لذا يجب ان نضع ايدينا مع بعضنا البعض ليس ضد أحد بل انتصارا لمنطق قيام الدولة، فإما نريد دولة او لا نريد”، حسب زعمه.
وفي موضوع الانتخابات النيابية المقبلة، لفت الى ان “لبنان يتمتع بديموقراطية فعلية، فاذا قرر 51% من الشعب تغيير الطبقة السياسية حكما سوف تتغير، والأمور قابلة للتغيير جديا ولكن يجب على الناس ممارسة حقوقها في هذا التغيير. كثر يشتكون من بعض الأمور وعن حق ولكن هذا وحده لا يكفي، فالمفتاح بيد الناخبين من خلال التوجه الى صناديق الاقتراع والتصويت لمن يرونه مناسبا. لا يمكن للناخبين الاشتكاء من الفساد والمشاكل التي يعانون منها لمدة اربع سنوات ليعودوا وينتخبوا الأشخاص الذين هم سبب كل هذا الفساد، فهذا امر غير منطقي، وبالتالي يجب ان نحث كل اللبنانيين المغتربين ولا سيما هنا في اوستراليا، على التسجيل اذ بات بإمكانهم التصويت من هنا من دون تكبد عناء السفر”. هذا وأفادت “الوكالة الوطنية للاعلام” أن جعجع شارك في القداس الذي أقامه “التيار الوطني الحر” لمناسبة ذكرى 13 تشرين في كنيسة السيدة في سيدني – اوستراليا.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام