في السنوات الأخيرة، كان اللبن ومشتقاته -التي تعد أحد أكثر العناصر الغذائية الأكثر اكتمالاً وتوازناً- تعاني تشويه صورة حقيقياً، أحياناً كانت الحجج أننا المخلوقات الوحيدة التي تستمر في تناول اللبن حتى بعد البلوغ، لكننا الوحيديون أيضاً الذين نلبس الثياب ونطبخ طعامنا.. إلخ.
يقول الدكتور فيديريكو أرجويلس، المتخصص بالجهاز الهضمي ورئيس المؤسسة الإسبانية للجهاز الهضمي (FEAD): “عندما يكون هناك نقص في هذا الإنزيم، لا يتم هضم اللاكتوز فيصل إلى القولون؛ مما يؤدي إلى الإسهال الإسموزي، والغازات وآلام البطن والانتفاخ”.
ويفضل في هذه الحالات ولتجنّب الأعراض المزعجة، اختيار الألبان خاليةً من اللاكتوز، تقول الدكتورة ماريا جوليا أوكون بريتون، المتخصصة بالغدد الصماء وعضو قسم التغذية في الجمعية الإسبانية للغدد الصماء والتغذية (Seen): “من الممكن أيضاً محاولة استبدال منتجات الألبان المخمّرة الأخرى مثل اللبن (الحليب الرائب)، بالحليب؛ إذ تحتوي على البكتيريا التي تزيد من نشاط اللاكتاز؛ مما يؤدي إلى تحسين القدرة على هضم اللاكتوز. كما يمكن تناول الجبن المعالَج الذي يحتوي على قدر من السكر أقل”، بحسب موقع ABC.
توفر الألبان البروتينات عالية القيمة الحيوية والدهون والكربوهيدرات (اللاكتوز والسكريات قليلة التعدد) والفيتامينات (فيتامين أ، وفيتامين ب12 وفيتامين ب2 والنياسين والبيريدوكسين، فيتامين ب1 وحمض الفوليك) والمعادن (مثل الكالسيوم والفوسفور والماغنسيوم والبوتاسيوم والزنك)، وتضيف بريتون: “لا يمكن اعتبار النظام الغذائي الذي يتم اتباعه باستبعاد الألبان ومشتقاتها متوازناً، حيث لا تستطيع الأطعمة الأخرى تلبية الاحتياجات اليومية الإجمالية لبعض العناصر المغذية. ويغطي كأسان من الحليب الاحتياجات اليومية للجسم من الكالسيوم بنسبة 60٪ ومن الزنك بنسبة 80٪، كما يوفران 90٪ من فيتامين B”.
قد يؤدي نقص الكالسيوم إلى الإصابة بالكساح أو الرخد في مرحلة الطفولة، والإصابة بهشاشة العظام عند البلوغ، ولكن زيادته تزيد خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة كما تحذر بريستون، لا يوجد حد معين في استهلاك المنتجات الخالية من اللاكتوز إذا كان من الصعب هضمها، لكن إذا لم تسِر الأمور بشكل جيد فيمكنك استشارة الطبيب، يقول الدكتور أرجويلس: “لا يُفضل تجربة حِميات غذائية حينها؛ لأن أمراضاً أخرى أكثر خطورة؛ مثل مرض التهاب الأمعاء أو سرطان القولون قد تبدأ بأعراض مشابهة”.
امتصاص الكالسيوم
الكالسيوم لا يوجد فقط في الألبان. الأطعمة الأخرى مثل الأسماك الغنية بالزيوت (السردين والأنشوجة)، والخضراوات الورقية الخضراء، والبقول أو المكسرات مثل اللوز- تحتوي أيضاً على كميات مثيرة للاهتمام. تضيف المتخصصة من “SEEN”: “بعض المواد الغذائية التي تحتوي عليها الألبان مثل الكازين واللاكتوز، أو فيتامين (د)، تسهل امتصاص الكالسيوم في الأمعاء أكثر من غيرها من الأطعمة”.
وتوصي الأدلة التي أعدتها الجمعيات الوطنية والدولية بتناول 2-4 حصص من منتجات الألبان يومياً. وتعادل الحصة الواحدة كوباً من الحليب (250 مللي)، أو كوبين من الزبادي، أو نحو 40-60 غراماً من الجبن المعالج أو 80-127 غراماً من الجبن الطازج.
السعرات الحرارية لمنتجات الألبان ليست كبيرة، إذا ما وضعنا في الاعتبار قدر ما تحتويه من الغذاء. في الحقيقة، هناك دراسات ترصد العلاقة بين المقدار الذي يتم تناوله من اللبن ومشتقاته ومخاطر السمنة ومرض السكري من الدرجة الثانية. وكما توضح الدكتورة أوكون بريتون: “تفيد بروتينات اللبن في التحكم بالوزن، وله تأثير في تقليل الشهية”.
تشير المتخصصة إلى أن تناول الألبان قليلة الدسم، فضلاً عن الزبادي منزوع أو كامل الدسم، يقلل مخاطر الإصابة بمتلازمة الأيض وأمراض القلب والأوعية الدموية. ويتطلب الأمر الاعتدال في السكريات والإضافات الأخرى التي نضيفها نحن أو تضيفها الشركات المنتجة لهذه المنتجات للتحلية ولتكون شهية أكثر.
الزبادي الطبيعي إلى جانب وجود كل خصائص اللبن فيه، فإنه يحتوي على بكتيريا مفيدة للنباتات المعوية، وهي مصدر مهم للبروتين ذات القيمة البيولوجية الكبيرة، التي توجد أيضاً في الماء (المصل) الذي يتخلص منه الكثيرون، وتوضح الدكتورة نانسي بابيو، منسقة التغذية البشرية والحِمية والمتخصصة بالسمنة واضطرابات الأكل: “ليس من المنطقي أن تدفع في هذا النوع من البروتين وتلقي في الحوض بالماء الموجود في الزبادي الذي تجده أعلى العلبة عند فتحها”، توقَّف عن تحريك علبة الزبادي قبل فتحها أو تقليبه بالملعقة، وتضيف: “اللبن والزبادي بديل طبيعي عن البروتين الاصطناعي، ويحتويان تحديداً على نوعين من البروتينات المهمة؛ مصل اللبن والكازين”.
الحليب كامل الدسم
أجريت دراسة على شرائح واسعة من السكان تناولت العلاقة بين تناول الألبان كاملة الدسم والوزن والإصابة بالأمراض، وهنا بدأت الشكوك تظهر إلى النور.
فبعض الأبحاث أشارت إلى أن من يشربون الحليب كامل الدسم يتمتعون بوزن أقل وهم كذلك أقل عرضة للإصابة بمرض السكري ، حسب ما رصدته مجلة التايم الأميركية.
فالدراسة الجديدة المنشورة في مجلة Circulation العلمية وضعها د. داريوش مظفريان وزملاؤه حينما فحصوا دم 3333 شخصاً بالغاً من المسجلين في برنامج دراسة صحة الممرضات وفي برنامج متابعة صحة العاملين في حقل الصحة، وهما برنامجان استمر العمل فيهما منذ أكثر من 15 عاماً.
وجد فريق الدراسة أن من يتناولون كميات أكبر من 3 أنواع مختلفة من منتجات الألبان كاملة الدسم يكون لديهم في المتوسط نسبة 46% أقل للتعرض للسكري خلال فترة الدراسة، مقارنة بمن تناولوا كميات أقل.
المصدر: هافينغتون بوست