كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى أسبوع القائد الجهادي الكبير الشهيد مصطفى بدر الدين 20-5-2016
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيارالمنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السادة العلماء، السادة النواب، الإخوة جميعاً والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول الله عز وجل في كتابه المجيد (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمن من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا) صدق الله العلي العظيم.
أولاً: أرحّب بكم جميعاً في هذا الاحتفال التكريمي لهذا الشهيد القائد، وأشكركم على هذا الحضور الذي يعبّر عن روح المواساة والاحتضان والمساندة والدعم والتضامن والمحبة.
أتوجّه أولاً بأحر مشاعر التعازي والمواساة، وأيضاً التبريك، للوالدة الحنونة الصابرة المحتسبة الحاجة أم عدنان، إلى زوجته المؤمنة المجاهدة، إلى ابنه العزيز وبناته العزيزات، إلى إخوته وأخواته الكرام، إلى كل عائلته الشريفة، إلى كل رفاقه وأحبائه وإخوة الدرب والطريق والمقاومة.
نحن اليوم في هذا العزاء شركاء وأهل، لأن شهيدنا القائد كان ابن عائلته الصغيرة واين عائلته الكبيرة، كما تفضل قبل قليل الأخ العزيز الأخ محمد (أخ الشهيد في كلمته).
أتوجه أيضاً ـ بين يدي هذا القائد الكبير الشهيد ـ إلى كل عوائل شهدائنا الذين صبروا واحتسبوا والذين عبّروا عن افتخارهم بشهادة أبنائهم في كل هذه الساحات والميادين، وخصوصاً الشهداء الذين سقطوا في ميدان سوريا، حيث كان قائدهم هذا الشهيد الكبير العزيز.
يجب أن أتوجه بالشكر إلى كل الذين واسوا وعزوا وباركوا، سواء بالحضور المباشر أو من خلال ممثلين عنهم أو من خلال إصدار البيانات أو إرسال البرقيات أو اقامة مراسم العزاء والتبريك في لبنان والعالم.
أنا أود في هذا الحديث أو في هذه الكلمة أن أقسم كلامي إلى ثلاث نقاط كالعادة:
المقطع الأول عن شخص السيد
المقطع الثاني عن حادثة الاستشهاد وما حولها
المقطع الثالث عما بعد الاستشهاد إلى أين، إلى أين نحن ماضون وما هو موقفنا.
طبعاً، بالاصطلاح كالعادة، عندما نتحدث عن الشهداء، نحن إخواننا في حياتهم غالباً ما نستخدم أسماءهم الحركية او الجهادية، فنقول السيد ذو الفقار، الحاج رضوان، الحاج علاء، الحاج فلان، أما بعد شهادتهم نعود إلى أسمائهم الحقيقية غالباً فنقول: السيد مصطفى، الحاج عماد، لذلك أنا ساستخدم هذا الاسم: السيد مصطفى.
السيد مصطفى من أوائل رجالات هذه المقاومة منذ لحظاتها الأولى وساعاتها الأولى.
المقطع الأول تعريف بهذا القائد الجهادي الكبير، هو من أوائل رجالات هذه المقاومة، منذ لحظاتها الأولى وساعاتها الأولى، كان في مقدمة المقاتلين في مواجهة العدو الإسرائيلي في معركة خلدة مع مجموعة من الإخوة المجاهدين الذين شكّلوا النواة الأولى والمجاميع الأولى في المقاومة الاسلامية وأصبح بعضهم، وهو منهم، من خيرة قادتها لاحقاً.
قاتل السيد مصطفى وهؤلاء الإخوة كتفاً إلى كتف مع الإخوة في حركة أمل في معركة خلدة، ومع الإخوة الفلسطينيين أيضاً وأصيب بجراح بليغة تركت أثرها على جسده وفي رجله مما أثر على حركته ومشيه، وبقيت آثار هذه الجراح معه إلى الشهادة.
ولذلك أيضاً هو من أوائل الجرحى في هذه المقاومة الإسلامية، عندما نتحدث عن شريحة الجرحى. في السنوات الأولى والأشهر الأولى شارك مع بقية إخوانه القادة في تشكيل المجموعات الجهادية وتأهيلها وتدريبها وتعليمها ونقل الكفاءة إليها وتجهيزها وتسليحها وإدارتها أيضاً مما أدى في ناتج هذا الجهاد والعمل المتواصل ـ إلى جانب ما كانت تقوم به بقية فصائل المقاومة في لبنان وحركات المقاومة في لبنان ـ إلى طرد الاحتلال الإسرائيلي من الضاحية وبيروت والجبل، وصولاً إلى خط الساحل، وصولاً إلى عام 1985 إلى صيدا، صور، النبطية والتوقف عند الحزام الأمني.
في التسعينات، عام 1995 تولى السيد الشهيد السيد مصطفى المسؤولية العسكرية المركزية في حزب الله إلى منتصف العام 1999. عمل من خلال هذا الموقع القيادي والمركزي على تطوير بنية المقاومة وعمل المقاومة. والكل يذكر أنه في التسعينات، من أوائل التسعينات إلى الألفين شهد عمل المقاومة تطوراً كمّياً وكيفياً ونوعياً وخطّاً بيانياً تصاعدياً حتى انتهى إلى الانتصار الكبير عام 2000.
من أهم التحديات التي حصلت أثناء مسؤوليته العسكرية المركزية كانت المواجهة الكبرى في حرب نيسان 1996 في مواجهة العدوان الاسرائيلي الذي سمّاه الصهاينة بعناقيد الغضب، والذي حصلت فيه أيضاً مجزرة قانا حيث صمدت المقاومة وثبتت. وبفضل صمودها وثباتها وعزمها وإرادتها فشلت أهداف الاسرائيليين، وبالتحديد شيمون بيريز، من تلك الحرب، وانتهت إلى ما سمي في ذلك الحين بـ “تفاهم نيسان” الذي أسّس لمرحلة جديدة من عمل المقاومة أدّت إلى الانتصار النهائي عام ألفين.
من أهم الإنجازات أيضاً ـ أثناء تولّيه للمسؤولية العسكرية ـ كان الكمين النوعي والشهير المعروف بـ “كمين أنصارية” الذي حُكي عنه الكثير، واللبنانيون كلهم تابعوه، وكانت منذ اللحظة الأولى لاكتشاف الهدف على المستوى الفني – كما عرضنا في يوم من الأيام – إلى نهايات العملية، كانت إدارة كمين أنصارية مسؤولية مشتركة بين الشهيدين القائدين السيد مصطفى والحاج عماد.
أيضاً من التطويرات المهمة التي حصلت أثناء مسؤوليته العسكرية ما يرتبط بالإعلام الحربي والحرب النفسية، حيث كان له رؤية متقدمة ومزاج خاص وتعلّق كبير بهذا المجال.
بعد ذلك واصل عمله كجزء من قيادة العمل الجهادي في حزب الله، وكان واحداً من قيادة الحرب في مواجهة العدوان في حرب تموز 2006 التي سمّاها العدو الإسرائيلي بحرب لبنان الثانية. بعد ذلك تولى مسؤوليات عديدة بعد استشهاد الأخ الشهيد الحاج عماد، وكان من جملة إنجازاته تفكيك شبكات العملاء الإسرائيليين بعد عام 2008 إلى السنوات التي لحقت، حيث كان لأجهزة أو وحدات الأمن في حزب الله وفي المقاومة دور أساسي ومركزي في هذا المجال، وكان هناك تعاون وثيق بين أمن المقاومة والأجهزة الأمنية الرسمية التي أيضاً كان لها دور كبير ومركزي في كشف هذه الشبكات.
عندما قرّر حزب الله الدخول إلى سوريا، ولو هذا الدخول التدريجي والتصاعدي، أُوكِل إلى هذا الشهيد القائد، إلى السيد مصطفى، مسؤولية إدارة الوحدات العسكرية والأمنية لحزب الله العاملة داخل سوريا وعلى الأراضي السورية، وتحمّل هو مسؤولية إدارة وقيادة هذه الوحدات. في المرحلة من تحمله لهذه المسؤولية كان يدير العمل من لبنان، حيث كنت أمنعه ـ من موقع مسؤوليتي المباشرة عنه ـ أمنعه من الذهاب إلى سوريا حرصاً عليه وصوناً له.
ولكن لاحقاً ـ وبإصرار منه ـ كان يقول لي: لا يمكن أن أدير ساحة بهذه الأهمية، بهذه الخطورة، بهذا التحدي من لبنان. أين تكون المخاطر يجب أن نقتحم هذه المخاطر، لا عقلي ولا قلبي ولا عاطفتي تسمح لي أن أبقى هنا.
وقضى أغلب وقته خلال السنوات الماضية فيها في سورية، وتحمل المسؤوليات الجسام وفي أصعب الظروف، وببركة وجوده وقيادته ووجود بقية الإخوة من قياديي المقاومة من إخواننا الأعزاء هناك، وببركة دماء شهدائنا التي نزفت هناك، وببركة آلام جرحانا الذين أصيبوا هناك، كان لمقاومتنا شرف المساهمة، إلى جانب الجيش السوري وكل القوات الشعبية وكل الحلفاء والأصدقاء، في تحقيق الإنجازات، والإنجاز الأكبر والأهم هو منع سقوط سورية في يد التكفيريين وسادتهم الأمريكيين وعملائهم في المنطقة في مواجهة هذه الحرب الكونية المستمرة منذ سنوات.
ومن الموقع نفسه كان للقائد الشهيد السيد مصطفى الدور المركزي في مواجهة شبكات الإرهاب في لبنان، التي ضربت بالسيارات المفخخة، في تفكيك هذه الشبكات وضربها ومواجهتها على المستوى الأمني، متكاملاً أيضاً ـ لأننا نعترف بكل فضل وبكل حق وبكل جميل ـ تكاملاً مع كل الجهود الكبيرة التي بذلتها أيضاً الأجهزة الأمنية الرسمية في لبنان في تفكيك هذه الشبكات وتحصين الأمن الداخلي ومواجهة المجموعات الإرهابية ومنع السيارات المفخخة.
هذه خلاصة عن بعض الإنجازات، وليس كل الإنجازات.
بالخلاصة، نحن أمام رجل من كبار رجال المقاومة الإسلامية في لبنان، وواحد من عقولها الكبيرة ومؤسسيها الأوائل، الذين أمضوا حياتهم فيها، مقاتلاً في الميدان، وقائدا في الساحات، وشهيداً في نهاية المطاف، كما يهوى كل مقاوم وكل قائد.
السيد مصطفى معروف للجميع بشجاعته وصلابته وجرأته من جهة، ومن جهة أخرى بذكائه الحاد واحترافيته العالية وهمّته القوية ونشاطه الدؤوب الذي لا يعرف الكلل ولا الملل، ومن جهة ثالثة بالعاطفة الجيّاشة. هذا السيف البتّار كان سريع الدمعة سخي الدمعة عندما يتطلب الموقف دمعة، سخي الدم عندما يتطلب الموقف دماً، وحادّ السيف عندما يحتاج الموقف إلى سيف بتار. هنيئاً له الشهادة التي تمنّاها وسعى إليها، والتي يغبطه عليها كل رفاقه الباقين.
المقطع الثاني: عندما كنا نتناقش في فكرة الذهاب إلى سورية ـ كما ذكرت في المقطع الأول ـ أنا قلت: كان في البداية يدير الموقف من هنا، من بيروت، من الضاحية، وهو كان يصرّ على الذهاب.
في مرحلة من المراحل، أنا قبلت معه أن يذهب إلى الحدود فقط، إلى المصنع، ويستدعي الإخوة المسؤولين الذين يعملون معه بداخل سورية ويتابع معهم ثم يعود إلى بيروت وأن لا يتردد كثيراً، لكن أمام إصراره الشديد على الذهاب إلى سورية أنا مضطر للتحدث عن هذه القصة، لأنها مدخل للمقطع الثاني، أنا قلت يا سيد أنت تختلف عن بقية القادة الجهاديين، هو وبعض الإخوة لديهم هذه الملاحظة التي سأقولها: إن هناك كثراً من القادة الجهاديين، أولاً كثير منهم غير معروف، وحتى من كان معروفاً منهم لا يوجد غموض حول شخصيته، يعني لا نقول إنها شخصية إشكالية. الإشكالية ليست لدينا، إشكالية صنعها الإعلام الخارجي، فإذا ذهبت إلى سورية، وسورية ساحة حرب و”مطحنة”، وفي ذلك الوقت كنا نتحدث عن منطقة السيدة زينب التي كانت بخطر، الغوطة الغربية بيد المسلحين، والمسلحون ـ الجماعات المسلحة ـ كانوا يقطعون أحياناً طريق مطار دمشق بالنار، العاصمة مهددة، كثير من المناطق تواجه تحديات خطيرة، وكان احتمال الشهادة واضحاً، إذا استشهدت يا سيد (ذو الفقار) في سورية “بدنا نلحّق على القال والقيل مثلما حدث مع حبيبك وعزيزك الأخ الحاج عماد” لأن الحاج عماد أيضاً صنع منه الإعلام الخارجي شخصية إشكالية.لا أعرف إن كان التعبير دقيقاً، أقصد أنهم صنعوا حولها غموضاً وإشكالات واتهامات وملاحظات. عندما تكون هناك شخصية إشكالية في ميدان معين وتستشهد هذا سيفتح الباب لكثير من الكلام عند الأعداء، عند الخصوم، عند فاقدي القيم، عند المتربصين بهذه المسيرة، بهذه المقاومة، بسمعتها، بصيتها، بمعنوياتها، فلدينا هذه الملاحظة إشكال أساسي. قال يا أخي يا سيد، أنا إذا استشهدت في لبنان ذات الأمر نفس الإشكالية مطروحة، بل ربما لو قضيت شهيداً في لبنان كانت الإشكالية أكبر، ولا يجوز أن تشكّل هذه الملاحظة مانعاً لي أن أذهب إلى سورية وأن أتحمل، لأن المعركة في سورية أكبر من كل هذه الملاحظات. نحن نقدّم الشهداء في سورية، لا يجوز أن نقف أمام هذه الملاحظة. وقال ممازحاً: إلا إذا كنت تريد أن لا استشهد وأن أموت على الفراش.
في كل الأحوال مضى في طريقه، لاحظوا معي: نحن لدينا عدد كبير من الشهداء في سورية، نحترمهم ونجلّهم، من بينهم شهداء كانوا يتحملون مسؤوليات أساسية إلى جانب السيد مصطفى. من هؤلاء الشهداء مثلاً الذين استشهدوا خلال هذه الفترة، الشهيد القائد الحاج أبو محمد سلمان الحاج إبراهيم الحاج من البقاع الغربي، قضى سنوات في سورية، من القلمون إلى حلب إلى ريف دمشق، حضر في عدة جبهات، ثم عندما حصلت أحداث العراق واجتياح داعش لعدد من المحافظات العراقية ذهب إلى العراق واستشهد في العراق، لكن لم يضع أحد إشكالات ولا كتب مقالات ولا أثار شبهات، لأن الحاج أبو محمد سلمان لم يكن شخصية إشكالية وهو قائد كبير في المقاومة وصاحب تاريخ في المقاومة.
الشهيد القائد الحاج علاء، الذي استشهد قبل أسابيع أيضاً، هو قائد كبير في المقاومة ومنذ الأيام الأولى التي ذهب فيها السيد مصطفى إلى سورية، الشهيد علاء كان في سورية، من منطقة السيدة زينب، إلى الغوطة الشرقية، إلى الغوطة الغربية، إلى حلب، إلى طريق اثريا خناصر، إلى سهل الغاب، في ساحات عديدة. استشهد الشهيد القائد الحاج علاء، لا مشكلة، لا، لأنه ليس شخصية إشكالية أيضاً.
هناك عدة أمثلة، الشهيد القائد الحاج أبو محمد الإقليم في لبنان، الشهيد القائد الحاج حسان اللقيس. بعض هؤلاء الإخوة استشهد بالرصاص، بعض هؤلاء الإخوة استشهد بالقصف المدفعي والصاروخي، لكن ولا شيء، لم يثر أحد إشكالية. طبعاً يختلف موضوع الشهيد القائد الحج سمير القنطار لأنه في وضح النهار قصف الإسرائيليون بالطيران المكان الذي يتواجد فيه.
إذاً هذا أمر الذي واجهناه خلال الأسبوع الماضي، وسنبقى نقرأ ونسمع، لأن هذا بات جزءاً من الآلة العاملة ـ من العام 2005 ومن قبل 2005 ـ الآلة العاملة على المقاومة وعلى حزب الله وعلى صورته وهيبته ومعنوياته وإيمان جمهوره وأنا أعتبر هذا طبيعياً، أنتم كيف تعتبرونه، أنا اعتبر هذا طبيعي لأننا نحن نتحدث عن شخصية خاصة ومميزة وعن شهيد قائد خاص ومميز.
في هذا المقطع هناك بعض النقاط التي أريد أن أذكرها:
النقطة الأولى بالحقيقة قيمية، تعود إلى القيم، من خلال نفس المناسبة.
بالنسبة إلينا مقام الشهداء ودرجة الشهداء والشهداء، هذه المقامات والدرجات ترتبط بأولئك الذين يقتلون في سبيل الله عز وجل في مواجهة الإحتلال أو في مواجهة العدوان أو في الدفاع عن شعبهم وأهلهم وأمتهم ومقدساتهم وقيمهم ودينهم وقضاياهم المركزية وعن المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، الذين يُقتلون وهم يواجهون مشاريع الهيمنة الاستكبارية الأمريكية والإسرائيلية على بلادنا وعلى منطقتنا. هؤلاء هم الشهداء، سواء قُتلوا بيد إسرائيلية أو بيد أمريكية أو بيد تكفيرية أو بيد أي عميل يقاتل في الجبهة الأخرى. هذا من ناحية القيمة، لأن هناك بعض الناس الذين يكتبون أو يتحدثون أن هناك فرقاً بين شهداء وشهداء.
شهداء المقاومة هم شهداء المقاومة، سواء قُتلوا في جنوب لبنان أو على أرض فلسطين أو على أرض سورية أو على أرض العراق أو على أي أية أرض يقاتلون فيها في سبيل الله أعداء الله. الأمر لا يختلف لأن المعركة واحدة والعدو واحد والمشروع واحد.
إذا تحدثنا بالقيمة الدينية، نحن المسلمون جميعاً نجلّ ونعظّم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. علي بن أبي طالب عليه السلام الذي هزم يهود خيبر وفتح باب حصنها وقتل ماردها ويسّر الله على يديه الفتح، والقصة مجمع عليها بين المسلمين، عندما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): “لأعطينّ الراية غداً رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار” وأعطاها لعلي. وفتح الله على يد علي، وجاءت الأحداث والتطورات وانتهت إلى حرب النهروان بين علي بن أبي طالب والخوارج الذين خرجوا من الإسلام ومن أمة المسلمين، الذين بقروا بطون الحوامل وقتلوا صحابة النبي واعتدوا على كرامات الناس، وقاتلهم علي في النهروان، وبقي منهم بقيّة.
علي في مسجد الكوفة لم يقتله ناجٍ من يهود خيبر، وإنما قتله ناجٍ من خوارج النهروان.
هل يشكّ أحد في مقام ودرجة وعظمة شهادة علي بن أبي طالب؟
هذه أول نقطة.
في القيمة ثانياً: في الموضوع الإسرائيلي الذي أثير أيضاً خلال الأسبوع الماضي.
طبعاً للأسف الشديد أن أقول لكم أن الذي الآن سأذكره وأعلّق عليه هو ما قاله الإسرائيليون. للأسف الشديد أن أقول لكم إن عدوّنا الاسرائيلي الحاقد، الذي بيننا وبينه هناك 34 سنة من الدماء أنصفنا. ولكن المستعربين، خَدَمة أميركا وإسرائيل، الاسرائيليين أكثر من الاسرائيليين، هم الذين أثاروا هذا الكلام وكتبوه واشتغلوا عليه بوسائل الاعلام وحرضوا عليه جمهورنا ـ وما زالوا يفعلون ـ في لبنان وفي المنطقة، عندما قالوا إن حزب الله لم يتهم إسرائيل بقتل قائده الشهيد السيد مصطفى ولم يحملها المسؤولية لأنه جبن، لأنه خاف من توجيه هذا الاتهام لإسرائيل، لأن ذلك سيلزمه بالرد على هذا القتل وهذا العدوان ممّا قد يؤدي إلى تطورات هائلة في المنطقة، وحزب الله الآن غير مؤهل لمواجهة حرب نتيجة كذا وكذا وكذا من تفاهاتهم التي يذكرونها.
للأسف الشديد أن يقول هذا عرب ولبنانيون ووسائل إعلام، الإسرائيليون أنصفونا، الإسرائيليون قالوا لا، هؤلاء حزب الله صادقون، لماذا يعرفوننا صادقين؟ لأننا نحن في صراع مع العدو الإسرائيلي من 34 سنة، العدو يعرف تماماً من خلال الميدان أننا نحن ما كذبنا ولا في أي يوم ، ولا يوم قلنا إننا فجرنا عبوة ولا يوجد عبوة، أو اقتحمنا موقعاً وهو لا يوجد موقع، أو عملنا إنجازاً وهو لا يوجد إنجاز. هم يعرفون هذا الشيء، ولا يوجد مرة وعدنا وهددنا إلا ونفّذنا. تصوروا، خلال أسبوع، الإسرائيلي يعترف بصدقنا وبشجاعتنا، وهؤلاء الأعراب ـ الذين هم أشد كفراً ونفاقاً ـ يشكّكون بكل هذه الصفات التي ثبّتتها الوقائع التاريخية.
لا، المسألة ليست كذلك، نحن كنا ـ خلال 24 ساعة من استشهاد السيد مصطفى ـ معنيين أن نعرف ما الذي جرى، الاعتداء الإسرائيلي أو العمل الإسرائيلي كان واحداً من الفرضيات. نحن فحصنا جيداً، الآن واحد يقول لك نتمنى أن يكون الإسرائيلي، أنا ذكرت النقطة الأولى انتهينا مماذا نتمنى وماذا نحب، هذه قيمة الشهادة هي التي حكيتها قبل قليل، القصة ليست قصة ماذا نتمنى، نحن نريد أن نذهب للواقع. حسناً، عملنا فحصاً بمراجعة خلفية لها علاقة بالجو، لها علاقة بحركة الإسرائيليين، لها علاقة أيضاً بطبيعة ما وجدناه في ساحة الانفجار، ما عندنا مؤشر ولا معطى ولا دليل يأخذنا على الإسرائيلي. يعني تريد أن تأخذني على الإسرائيلي غصباً عني؟
الموضوع له علاقة بالصدق والحقيقة، وانتبهوا جيداً واليوم أنا أريد أن أوضح هذه النقطة، نحن لا نبرئ الإسرائيلي، نحن نقول: لا نتّهم لأنه ليس لدينا دليل اتهامي، نحن لسنا مثل غيرنا نتّهم بالسياسة، أهون شيء بالسياسة أن أقول إسرائيل وامشوا على رد الفعل وامشوا على كل التداعيات. لكن نحن لا نتهم بالسياسة، حتى عدونا لا نتهمه، حتى عدونا. أنا دائماً كنت أقول لكم: نحن نمارس حرباً نفسية، لكنها حرب نفسية مختلفة عن كل حروب العالم. في حروب العالم يدرسون بالأكاديميات وبالجامعات وبالكليات أن الخداع والكذب والتزوير هو جزء من الحرب النفسية. أما نحن، حتى في الحرب النفسية، لا نكذب، حتى في الحرب النفسية لا نكذب، وهذه حرب نفسية لا مثيل لها في التاريخ البشري، إلا في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته وأهل بيته)، وإلا هذا أمر طبيعي ويحصل. نحن حتى بالحرب النفسية لا نكذب، ولا نتهم بالسياسة.
حسناً، لما أخذتنا المعطيات عندنا إلى الجماعات الإرهابية المسلحة الموجودة في المنطقة، أنا كيف كإنسان، كحزب صادق، وكمسؤولين صادقين سأقول لعائلة الشهيد أو لجمهورنا أو للناس غير ذلك، وبالتالي عليّ أيضاً أن أتحمل تبعات هذا الاستنتاج وهذا الالتزام.
أنا اليوم أريد أن أعيد الموقف ذاته الذي حكينا عنه قبل أشهر، بسياق هذه النقطة، أولاً، عندما تكون لدينا معطيات على اتهام إسرائيل نتهمها، وتكفينا المعطيات الظنية لنتهم، يعني ليس شرط اليقين، المعطيات الظنية كما حصل في استشهاد الحاج عماد رحمة الله عليه، وأما عندما تكون الأمور واضحة كما حصل مع شهداء القنيطرة أيضاً، فالأمور واضحة.
ثانياً: تاريخنا يقول: ما قتلت إسرائيل منا أحداً في يوم من الأيام وجهّلنا الفاعل، اتوا بشاهد.
ثالثاً: تاريخنا يقول: عندما نتوعد بالرد نرد، كما حصل في القنيطرة مع شهداء القنيطرة، وما خشينا، لم نخف، وقلنا لكم بوضوح. نعم كان يمكن لعملية الرد على شهداء القنيطرة أن تؤدي إلى حرب ونحن كنا جاهزين للحرب. نحن في ذلك اليوم أخلينا معسكراتنا كلها، كان لدينا الآلاف في معسكرات التدريب، أخلينا نقاطنا العسكرية، عملنا كل إجراءاتنا، فتحنا غرف عملياتنا، كنا جاهزين أن نذهب للحرب، لأنه ما كان يحسن أن نسكت على هذا القتل في وضح النهار الذي حصل لإخواننا في القنيطرة. وعندما استشهد سمير القنطار أيضاً ورغم كل التهديد والتهويل الإسرائيلي بأنه إذا عملتم شيئاً سنقوم بردّ فعل، دخل إخواننا إلى عمق مزارع شبعا وإلى قرب الموقع العسكري الإسرائيلي وزرعوا عبوة كبيرة، كان يمكن أن تدمر موكباً، كان يمكن أن تقتل ضباطاً. الآن الله سبحانه وتعالى شاء أن (كانت) آلية مصفحة جداً ولا يصاب فيها إلا ثلاثة جرحى. هذا ما كان له علاقة بإرادتنا، هذه مشيئة الله، لكن قرارنا كان أن نرد.
الآن أريد أن أعيد، لكن تاريخنا لا يقول إننا نجبن أو نخاف أو نتراجع. عندما نظن ـ ليس عندما نعلم ـ حتى عندما نظن أن الإسرائيلي هو الذي قتلنا. قبل أشهر أنا قلت بمناسبة وهذا قرار نحن درسناه سوياً في قيادة حزب الله وفي إطار القيادة الجهادية أيضاً، من الآن فصاعداً، حذّرنا إسرائيل ـ هذا أظن في أسبوع الشهيد سمير القنطار ـ حذرنا إسرائيل من أن تمدّ يدها الآثمة لقتل أيّ من مجاهدينا، وليس أي من قادتنا، أيّ من مجاهدينا وإلا سيكون ردنا قاسياً ومباشراً، واليوم أنا أقول للإسرائيليين الذين أنصفونا وللأعراب الذين هم أشد كفرا ًونفاقاً، الذين اتهمونا، وللعالم وللعدو وللصديق في هذا اليوم، في أسبوع الشهيد القائد الجهادي الكبير السيد مصطفى بدرالدين (ذو الفقار): إذا امتدت يدكم إلى أي مجاهد من مجاهدينا ـ أيها الصهاينة ـ سيكون ردنا مباشراً وقاسياً وخارج مزارع شبعا، وبكل وضوح، وأياً تكن التبعات.
النقطة الثالثة: شهدنا أيضاً خلال الأيام القليلة الماضية، يعني منذ شهادة السيد مصطفى إلى اليوم، تعليقات وكلاماً سخيفاً وتصرفات أيضاً من بعض الجهات السياسية ومن بعض الشخصيات السياسية ومن بعض وسائل الإعلام ـ فقط أريد أن أقول جملتين ونقطع عنها ـ تعبّر عن مستوى الانحطاط الأخلاقي الذي وصل إليه البعض في هذا البلد، انحطاط أخلاقي، لا يوجد شعور إنساني، والذين لا يقيمون للمشاعر الانسانية لدى الآخرين أي قيمة والذين لا يتصرفون إلا على أساس الأحقاد والضغائن ويقدمون أنفسهم أنهم حضريون وأهل قانون ورجال دولة، أنتم رجال دولة؟! أنتم عصابات، أسوأ من العصابات. يا أخي المحكمة الدولية التافهة “تبعكم” بعد لم تحكم على الرجل ولم تدنه، وأنتم تحكمون عليه في كل يوم وتتصرفون على هذا الأساس؟ أنتم جماعة قانون؟ أنتم أولاً عندكم مشاعر أخلاقية ومشاعر إنسانية؟ على كل، طبعاً نحن كلنا بشر ونتأذى من هذه الكلمات ومن هذه التصرفات ولكن أنا أدعو جمهور المقاومة وأحباء هذا السيد الشهيد إلى تجاوز ما سمعوا وما رأوا، فقط لأن كل إناء ينضح بما فيه، الذي فيه شرف ينضح شرف، والذي فيه خسّة ينضح خسّة، والذي فيه كرامة ينضح كرامة والذي كلّه عار ينضح عار، وانتهى يكفي هكذا.
النقطة التي بعدها، في موضوع المحكمة الدولية، النقطة الرابعة بهذا المقطع الثاني: طبعاً نحن أيضاً سمعنا كلاماً هذه الأيام ومطالبات من المحكمة الدولية، أنا أيضاً هذا الموضوع تواصيت أنا وإخواني أن لا نعلق عليه ولا ندخل في سجال لسبب بسيط: نحن يا أهلنا وأناسنا ويا أحباءنا: كل شيء عندنا يتعلق بالمحكمة الدولية قلناه منذ سنوات. ملف المحكمة الدولية بالنسبة لنا غير موجود أصلاً، في دائرة النسيان، “يعني إذا بتعمل كشف على دماغنا لا تجد محل اسمه المحكمة الدولية”، وتحدثنا بما يكفي عن بطلانها وعن تزويرها وعن تسييسها وعن استخدامها كسلاح من أسلحة استهداف هذه المقاومة وقادة هذه المقاومة واغتيالهم المعنوي والجسدي، فلذلك كل ما يقال في هذا الشأن وكل ما يطلب منها أو يطلب لها في هذا الشأن لا يعنينا على الاطلاق ولا تستحق منا أي تعليق على الإطلاق، هذا أيضاً موضوع المحكمة انتهى.
النقطة الخامسة: أيضاً خلال الأيام الماضية، خلال أسبوع من الشهادة إلى اليوم، قرأنا وسمعنا تعليقات متقاربة، بعضها معادٍ ومتربّص، يحكي عن حزب الله والخسارة والوهن والضعف، “عامل لنا مجلس عزاء يعني”، وبعضها تعليقات صديقة من موقع المحبة والخوف علينا والحرص والقلق ممّا أًصابنا بفقد قائد بمستوى السيد مصطفى. أيضاً من واجبي، لأن هذا جزء من الحرب القائمة الآن فعلاً، أيضاً أن أعلق على هذا الموضوع: أولاً حزب الله هو منذ سنوات طويلة أصبح تنظيماً كاملاً ومؤسسة حقيقية في جميع الأبعاد ومنها وفي مقدمها البعد الجهادي، وأثبتت التجارب أيضاً كما هو واقع الحال أن هذه المؤسسة لم تعد تتوقف في حركتها وبقائها وتطورها على وجود شخص محدد، مهما كان كبيراً، أو على وجود أشخاص محددين مهما كانوا، وهذه المقاومة هي في حالة تطور ونمو كمي وكيفي. يعني أقول للأعداء حتى يخسأوا وللأصدقاء حتى يطمئنوا ويفرحوا، هذه هي الحقيقة.
في الحقيقة هي في حالة تطور ونمو كمّي وكيفي وقادتها كذلك، من موقع التأهيل، والتعليم، والتدريب، وأيضاً من موقع التجربة المتراكمة، ومن موقع إنتقال التجربة من جيل إلى جيل.
ثانياً: نحن في العمل الجهادي، في حزب الله، في المقاومة الاسلامية، ليس لدينا قائد واحد، أو قائدان، أو ثلاثة قادة، أو أربعة قادة، أو عشرة قادة، نحن لدينا جيل من القادة، وليسوا “شبيبات”، باتت أعمارهم بين الأربعين والخمسين، وبعضهم قد قطع الخمسين، ولكن لدينا جيل من القادة، ولدينا قادة أعمارهم بين الثلاثين والأربعين، ولدينا جيل كبير من القادة الميدانيين في العشرينات، وإلا فليشرح لنا أحد كيف يتواجد حزب الله في لبنان، وفي المقاومة، وفي مواجهة التحديات، وفي سوريا، وفي ميادين وبلدان اخرى ايضاً، ويقدم هؤلاء الشهداء وهؤلاء القادة، ثم يستمر في العمل ويتواصل في الحراك.
لذلك عندما يقضي أحد قادتنا شهيداً، بالتأكيد بالنسبة لنا عاطفياً، أخوياً، شعورياً، بالمميزات الشخصية الخاصة به، يحدث فراغاً سرعان ما يملأه إخوانه، إخوانه من جيله أو إخوانه من الأجيال التي لحقت بجيله، لذلك من هذه الجهة كونوا مطمئنين تماماً.
ثالثاً: قادتنا الكبار عندما يستشهدون يبنى على الدم وعلى هذا العطاء، يبنى اندفاعة جديدة، عزم جديد، روحية جديدة، مسؤولية جديدة، تحدٍّ جديد، همّة جديدة، ألم يحصل هذا مع الشيخ راغب ومع شهادة السيد عباس، ومع شهادة الحاج عماد؟
رابعاً: بعد استشهاد الحاج عماد “رحمة الله عليه” قيل الكثير عند العدو وعند الصديق، إن بنية حزب الله الجهادية ستضعف، ستتراجع، وستتآكل. ولكن العالم كله يعرف أننا نحن بعد عام 2008، وبناءً على إنجازات الشهيد الحاج عماد وتضحياته، وعقله، وعطاءاته، ودمائه الزكية، أكمل بقية إخوانه هذه المسيرة، وهذا المسار، وتعاظمت القوة الجهادية لحزب الله، حيث بات العالم يعترف أنه انتقل من قوة محلية إلى قوة اقليمية. هل يكون قد تراجع؟ هل بات قوة إقليمية بالخطابات؟ أو بالفعل الميداني والحضور الميداني الذي تمثله هذه البنية الجهادية بالدرجة الاولى.
خامساً وأخيراً في هذا المقطع: وأنتقل إلى المقطع الثالث والأخير قبل الخاتمة، خامساً أيها الأخوة والأخوات، نعم من يجلس في بيته يموت على فراشه، السيد ذو الفقار استشهد، الحاج عماد استشهد، السيد عباس استشهد، علاء استشهد، حسان استشهد، فلان استشهد، طبيعي هم سيستشهدون، من يجلس في بيته يموت في فراشه، أما من يحضر في الساحات، وفي الميادين، وفي المواجهات، وفي التحدي، يمكن أن يوفّقه الله سبحانه وتعالى لشرف الشهادة.
ولذلك السيد مصطفى ليس الشهيد القائد الأول في هذه المسيرة، ولن يكون الشهيد القائد الأخير في هذه المسيرة.
طالما أن مسيرتنا تتحرك إلى الأمام، وتتحمل مسؤولياتها الإيمانية، والجهادية، والتاريخية، وطالما أن قادتنا يصرّون على التواجد في الميدان، سنستقبل المزيد من القادة الشهداء، وهذا الأمر لا يجوز أن يسبب ـ لا الآن ولا في المستقبل ـ كما أنه لم يتسبب في الماضي بأي إحساس، لا بالضعف، ولا بالوهن، ولا بالخسارة، لأننا من موقع هؤلاء الشهداء، وبدماء هؤلاء الشهداء، نتقدم، وننتصر، ونحقق الإنجازات، مثلما سأتحدث في المقطع الثالث.
المقطع الثالث: نحن في الوضع الحالي وفي الأفق للأمام، بناء على الماضي، نحن عندما ذهبنا إلى هذه المعركة في سوريا ذهبنا بناء على رؤية، وفهم، وتشخيص واضح للأخطار، والتهديدات، والفرص. وتكلمنا حول هذا الموضوع كثيراً خلال السنوات الماضية وبالمناسبات المختلفة.
يوماً بعد يوم تتكشف الحقائق، وتظهر أيضاً الاعترافات، والوثائق، عن أهداف هذه المعركة، عن دور الأميركيين، والغرب، في هذه المعركة وعن دور حلفائهم الإقليميين، ومن الذي إستغل هذه الجماعات، ومن موّلها، ومن استقطبها، ومن سلّحها، وجهّزها، ودرّبها، وأدارها في سوريا، وسهّل المجيء بها من كل أقطار الدنيا، من؟ كل يوم بعد يوم هذا الموضوع بدأ يتضح.
أنا قبل أسبوع كنت أخطب، نقلت بعض الشهادات، الآن لن أنقل شهادات ولكن أدعوكم مجدداً، أدعو كل الذين يبحثون عن الحقيقة، أدعو كل الذين ما زال لديهم غموض في فهم ما يجري، أدعو كل الذين ما زالوا يتساءلون عن صدقية وحقّانية هذه المعركة، أن يتغاضوا قليلاً عن الإعلام العربي، لأن الإعلام العربي بأغلبه موجّه، ومتآمر، وينظروا إلى الإعلام الأميركي، والإعلام الغربي عموماً، ماذا يكتب، وماذا يقول، وبماذا يعترفون.
جنرالات عسكريون كبار، أميركيون، وغربيون، ديبلوماسيون كبار، بعضهم كانوا وزراء خارجية، رجال إستخبارات كبار كانوا بال “CIA” وفي غير ال “CIA”، صحافيون كبار مشهود لهم بمصداقية معطياتهم، إقرأوا ما يكتبون، وما يقولون عن بدايات التحضير لكل هذا الذي حصل في سوريا.
لماذا بدأوا الآن بالكلام؟ لأنه بدأ الندم، وبدأ وقت المحاسبة ـ هناك يحاسبون ـ وبدأ السؤال، وبدأ البحث عن حلول للنتائج الكارثية التي أرادوها لمنطقتنا فلحقت بهم أيضاً.
عندما نعود لهذه الحقائق، نعم سنزداد ثقة، الذي لديه “غباشة” ستزول “الغباشة”، والذي لديه بصيرة سيزداد بصيرةً، ووعياً، وإيماناً بهذه المعركة.
كل المعطيات الميدانية أيضاً التي تكشفت خلال هذه السنوات تؤكد هذه الحقيقة، هذا التدخل الإقليمي، لو أخذت مثلاً واحد، التدخل السعودي في سوريا، السعودية هذه التي تلحق إيران لتدينها، وتتحدث عن تدخّل إيران في شؤون الدول العربية، “هل انتم تصلون وتصومون بالحرمين الشريفين”؟
التدخل السعودي في سوريا، السعوديون يعترفون به، “بايدن” ـ نائب الرئيس الاميركي، هذا ليس من دول محور المقاومة ـ يعترف به، أن السعودية، ودولاً أخرى أنفقت مليارات الدولارات، وأرسلت آلاف الأطنان من السلاح والذخيرة، وذكر (بايدن) السعودية.
الكل يعرف أن السعودية تحرّض في الاعلام، وتحرّض طائفياً، وتموّل، وتسلّح، وتأتي بالمقاتلين من كل أنحاء الدنيا، وتزج بهم في سوريا، وتدير العمليات أيضاً. يوجد غرفة عمليات تديرها السعودية في سوريا، وموجودة في الأردن، وكل العالم يعرف هذا الشيء، وأيضاً هي التي تدير وفد المفاوضات المسمى بوفد الرياض، هي التي تقاتل في الميدان، وهي التي تعطّل في السياسة.
ما أهداف السعودية في سوريا؟
السعودية تريد ـ نحن في يوم عزاء ولكن نحن في يوم جهاد، ويوم حقيقة، ويوم بصيرة، هذه المعركة إستشهد فيها السيد مصطفى ـ السعودية تريد دستوراً جديداً في سوريا، هل هي لديها دستور؟ السعودية لديها دستور؟ لديهم نظام أساسي للملك، والعائلة، وآل سعود، ولكن هل يوجد دستور؟ إذا أنا مخطئ دلوني.
السعودية تريد في سوريا إنتخابات نيابية مبكرة، وإنتخابات رئاسية مبكرة، هل هناك إنتخابات نيابية وإنتخابات رئاسية في السعودية، من أول ما وجدت إلى اليوم، حتى تقاتل الشعب السوري بهذه الحجة؟
السعودية تريد في سوريا الإصلاح وتريد الحريات في سوريا، هل يتجرأ أحد على التكلم في السعودية، على “أن يفتح فمه”؟ وليس أن يقوم بحركة إصلاحية أو مظاهرة أو احتفال، إذا كتب سطرين على تويتر يحكمون عليه بألف جلدة، ألف جلدة، من أين أتوا بهذا؟ بأي دين هذا؟ بأي فقه؟ لا يوجد فقه إسلامي يقول ألف جلدة، هم لديهم، لماذا؟ لأنه تكلم بكلمتين، واعترض على النظام، أنتم تريدون إصلاحات؟ انتم تريدون حريات؟
يريدون تداول السلطة في سوريا، في السعودية أنتم لديكم تداول سلطة؟
يريدون تعدد أحزاب في سوريا. هل لديكم حزب ليكون هناك تعدد أحزاب؟ كل هذا “كلام فاضي”، كل الكلام السعودي، وقيسوا عليه كل الذين معهم في تلك الجبهة، عن الحريات، والدساتير، والانتخابات، والإصلاحات، وتداول السلطة، وتعدّد الاحزاب، كلها أكاذيب، وأبشع أنواع النفاق، والرياء، لأنهم ليس لديهم شيء منه.
الهدف، كلنا يعرف وبالسنوات الماضية كلنا تكلمنا عن الهدف، كل المعطيات، والاعترافات التي تحصل الآن في العالم تؤكد أن استهداف سوريا كان لأنها دولة مستقلة، كان لأنها خارج الهيمنة الأميركية، وهيمنة أدوات أميركا في المنطقة، كان لأنها متمسكة بموقفها القومي، والعربي، وبمناهضتها للمشروع الصهيوني، وبأرض فلسطين والجولان، والأراضي العربية المحتلة فقط وفقط، لأنها دولة في محور المقاومة، لأنها دولة ما زال فيها عروبة، لأنها دولة ما زالت تقف وتقول لا لإسرائيل، وتدعم المقاومين في لبنان، وفي فلسطين.
هذا هو ذنب سوريا، الآن إذا خرج السيد الرئيس بشار الاسد ويعلن بإسم القيادة السورية بأنه حاضر ـ وأنا “أحلف يمين” على هذا الأمر، ولا أريد أن أكشف بعض الاسرار، وبعض العروضات وسيأتي وقتها ـ أن يعلن بأنه هو حاضر بأن يكون في خدمة أميركا، والمشروع الأميركي، وفي خدمة الصهاينة، ستنتهي الحرب في سوريا.
هؤلاء، هذه الدول الاقليمية، كل هذه الجماعات المسلحة، هذا هو هدف الحرب الحقيقي، وللأسف الشديد أيضاً أن الولايات المتحدة الأميركية، وبالتعاون وبالتشاور مع حلفائها الإقليميين، وجدت في المنطقة بعد فشلها المباشر وفشل الجيش الاسرائيل المباشر، وجدت في المنطقة مَن تَستخدمهم ومن تسخّرهم لقتال محور المقاومة ولقتال انتفاضات الشعوب الحقيقية ولقلب الأولويات في كل العالم العربي الذي شهد انتفاضات شعبية، من أولوية الإصلاح إلى أولوية مواجهة الإرهاب وهم هؤلاء الجماعات التكفيرية، داعش والنصرة وبقية الأسماء واحد، جوهر واحد، فكر واحد، طبيعة واحدة، لا يختلفون بشيء عن بعضهم، وجدت الجماعات المغذّاة فكرياً وليس هناك من داع ليدفع الأميركيون من جيبهم ولا فلس ، السعودية وقطر والامارات تدفع، تركيا تعطي سلاحاً وتفتح الطريق وتسهّل، ودول أخرى أيضاً، وجدت الجماعات التي لديها القدرة على التدمير. من يريدون أن يدمروا، يدمروا المجتمع الوطني. المطلوب مقاتلة المسيحيين؟ هؤلاء جاهزون لذلك، المطلوب مقاتلة الأيزيديين. هؤلاء جاهزون. حسناً، في الدائرة الاسلامية، يعني من تدمير أتباع الديانات الاخرى، هؤلاء جاهزون، فكرياً عقائدياً سياسياً روحياً، وحتى هم جاهزون ليرسلوا انتحاريين إلى هناك، تدمير داخل الدائرة الاسلامية، بقية أتباع المذاهب الاسلامية. هؤلاء جاهزون ـ يعني داعش والنصرة وأخواتها ـ أن يقتلوا ويذبحوا ويفجروا ويسبوا ويفجروا ويدمروا ويرسلوا انتحاريين. بل أكثر من ذلك، في داخل الدائرة السنية، إذا كان مطلوباً تدمير مجتمع ما في داخل الدائرة السنيّة هؤلاء جاهزون، هذه مصر، هل هناك قتال بين السنّة والشيعة في مصر؟ هذه ليبيا، هل هناك قتال سنة وشيعة في ليبيا؟ هذه بوكو حرام في نيجيريا، هذه هي بنات الثانويات التي خطفتهن بوكو حرام، هؤلاء البنات، هنّ بنات شيعة أم بنات سنّة؟
وجدت أميركا ووجدت إسرائيل أيضا الجماعات المبرمجة والجاهزة بالفكر والجاهزة بالعاطفة وبالروح ـ إذا كان لديهم عاطفة ـ وبالإرادة وبالإمكانات لتدمير كل شيء: تدمير المجتمع الوطني، تدمير المجتمع الاسلامي، تدمير المجتمع السني، ليس لديهم مشكلة في شيء. وهي تستخدمهم حتى الآن لخدمة مشاريعها، لحرب أعدائها.
من هم أعداؤها في المنطقة؟ حركات المقاومة. إذاً اذهبوا ودمروا حركات المقاومة، النظام في سورية، دمروا النظام في سورية، الجمهورية الاسلامية في ايران، الوضع الجديد في العراق، النهضة الوطنية والشعبية والإسلامية الكبرى في اليمن، وهكذا. هؤلاء جاهزون، ليسوا محتاجين إلى قوات اميركية وليسوا محتاجين إلى جيش اسرائيلي، الجيش الاسرئيلي يجلس متفرجاً سعيداً مرتاحاً، لماذا؟ لقد جاء جيش إسرائيلي أمريكي يحمل راية سوداء باسم الاسلام، كُتب عليها “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، هذا الجيش الأسود المتوحش الجديد كفيل ـ بدمه وسلاحه وانتحارييه ـ أن يحقق كل الأهداف الإسرائيلية الأميركية في المنطقة، وهم يجلسون ويتفرجون من دون دفع أي فلس من جيبهم، ويقومون يتوظيفه حتى نهاية المطاف، ثم يقدّمون أنفسهم لشعوب المنطقة كحامٍ وكضمانة خادعة، ويتخذون داعش والقاعدة ذريعة وحجّة في اليمن حتى يعودوا إلى قواعدهم في اليمن التي أخرجهم منها الثوار، ويتخذونها في العراق ذريعة حتى يعودوا إلى قواعدهم في العراق، التي اخرجتهم منها المقاومة العراقية، وليدخلوا إلى سورية التي لم يسمح لهم أسودها في يوم من الأيام أن يقيموا على أرضها الطاهرة قاعدة عسكرية، يتخذونهم ذريعة لعودة القواعد العسكرية إلى المنطقة.
هذه هي الحقيقة، نحن ذهبنا إلى هذه المعركة، السيد مصطفى بدر الدين استشهد في هذه المعركة، ذهبنا وكل شهدائنا لندافع ـ كما كنا نقول وأعيد اليوم، لأجدد الموقف أيضاً بناءً على التساؤلات ـ لندافع عن لبنان وسورية وفلسطين وكل الأمة، ومحورالمقاومة.
منذ البداية كنا نعرف تبعات هذا الموقف وهذا الخيار، وقلنا إننا نتحملها وشعبنا وأهلنا يتحملون معنا أيضاً. قدّمنا أعداداً كبيرة من الشهداء والجرحى، وواجهنا حملات شنيعة لتشويه صورتنا وسمعتنا إعلامياً، يوجد حرب إعلامية كونية علينا وحصار اعلامي. ممنوع أن يطلع صوتنا، وحصار مالي، وتهديد كل من يؤيدنا أو يحبنا برزقه أو بحياته، ويسقط منا القادة الشهداء، كل هذا كنا نعرف أننا ذاهبون اليه، ولكن هذا كله هو تضحيات في سبيل ما هو أهم، لأنه اذا بقي لبنان وبقيت سورية وبقي العراق وبقيت المنطقة وبقيت فلسطين والقضية الفلسطينية، وهُزم هؤلاء، فالأمر يستحق كل هذا المستوى من التضحيات.
نحن، أيها الإخوة والأخوات، أمام هذا المناخ المثار كلّه، أقول لكم بثقة وبيقين وبتوكل على الله سبحانه وتعالى: نحن على مدى 34 عاماً مرت علينا ظروف أسوأ وأقسى وأصعب من الوضع الذي يصوّر الآن. نحن، على العكس، بالنسبة لكل الظروف الماضية وضعنا أفضل، معنوياتنا ووضعنا وبصيرتنا وخياراتنا وإمكاناتنا وقدراتنا وشعبيتنا وحضورنا واحترامنا وقوتنا وبنيتنا الخ…. وهذه المرحلة أيضاً سنتجاوزها بعون الله عز وجل، بصبرنا وصمودنا وإخلاصنا ومواصلتنا للطريق.
وثانياً نحن ـ وهذا الذي يشكل أيضاً دافعاً إضافياً، غير القناعة واليقين والبصيرة ـ اننا نحن وبقية الأصدقاء في سورية وبقية الحلفاء في سورية في قلب المعركة نتقدم وننتصر. الذي يحصل في سورية، أحسبوا منذ خمس سنوات إلى الآن، عندما كانوا يقولون إنهم بشهر واثنين سيسيطرون على سورية، ويبلعها آل سعود والأميركيون واليهود والصهاينة. الآن أين هي سورية؟ نسبةً لما كان يسوّق لها قبل خمس سنوات. الآن هناك انتصارات وهناك إنجازات تحققت على مدى السنوات وتتحقق الآن وفي المدى المنظور، لذلك نحن نقول إن استشهاد السيد مصطفى واستشهاد إخواننا في سورية ودماؤهم هي الوقود الذي يصنع ويساعد ويساهم ـ إلى جانب كل الشهداء الذين يستشهدون في سورية ـ في صنع هذا الإنجاز وهذا الانتصار وفي هذا الدفاع التاريخي الكبير عن الأمة وقضايا الأمة ووجود الأمة.
وبناءً عليه، أيضاً قرارنا هو التالي، لأن الكثير كتبوا وقالوا ونجّموا: هل سيؤدي استشهاد هذا القائد إلى خروج حزب الله من سورية، أو إلى اعادة حزب الله النظر لتخفيف تواجده في سورية؟
أقول لهم اليوم، أولاً حتى اليوم وحتى هذه الساعة، لم يُخرجنا استشهاد قائد من قادتنا من أي معركة، بل كان يزيدنا استشهاد قائدنا حضوراً في هذه المعركة، مع الشيخ راغب، مع الحج عماد، أو مع السيد موسى الصدر.
ثانيا، إن هذه الدماء الزكية ستدفعنا إلى حضور أكبر وأقوى وآكد في سورية، إيماناً مناً بحقّانية هذه المعركة وبصدقية هذه المعركة، وأيضاً ليقين منا بأن الآتي هو الانتصار في هذه المعركة، نحن باقون في سورية، سيذهب قادة إلى سورية أكثر من العدد الذي كان موجوداً في السابق، سوف نحضر بأشكال مختلفة أيضاً، وسنكمل هذه المعركة، لأن هذا هو الوفاء للشهداء ولهذا الشهيد القائد، ونحن على يقين بأن عملنا ودماءنا وجهادنا ومساهمتنا ـ التي دائماً أصفها بالمتواضعة إلى جانب كل الجهود الأخرى التي تحصل في سورية ـ ستؤدي إلى فشل هذا المشروع، المشروع الأميركي الإسرائيلي التكفيري “الآل سعودي” الهيمني السلطوي الإقصائي الإلغائي الإبادي، هذا المشروع سيسقط في سورية وسيُدمَّر في سورية، ولن يستطيعوا أن يسيطروا على سورية، لا على قيادتها ولا على شعبها ولا على جيشها ولا على أرضها ولا على خيراتها، وبالتالي لا يستطيعون أن يسيطروا على هذه المنطقة. كل هذا المشروع الذي رسم للمنطقة سقط في سورية وسيُدمر في سورية إن شاء الله.
الإنجاز الأخير في الغوطة الشرقية، ومن باب المعلومات أيضاً، قبل أسابيع كان السيد مصطفى وإخوانه يحضّرون للمساهمة في هذا الإنجاز، ودرسوا المشاركة وقرروا المشاركة. واليوم الجيش السوري ـ وبمشاركة كل هؤلاء الأبطال ـ استعادوا عدداً كبيراً من البلدات في الغوطة الشرقية، ليبعدوا الخطر بشكل كبير جداً ـ حتى لا أبالغ وأقول بشكل نهائي ـ عن مطار دمشق الدولي حيث استشهد السيد مصطفى وعن منطقة السيدة زينب حيث قاتل وضحى السيد مصطفى.
هذه الإنجازات ستكبر وتتكامل عندما نحضر بشكل قوي وكبير.
قبل أن أختم بكلمة أخيرة عن السيد مصطفى “السيد ذو الفقار” مسؤوليتنا تجاه دمه، أريد فقط وممكن أن يكون من خارج السياق، ولكن لأن الجنوب ذاهب يوم الأحد إلى انتخابات بلدية فقط أريد أن أتكلم كلمتين.
أنا أدعو أهلنا في الجنوب في كل القرى والبلدات إلى أمرين:
الأمر الأول: المشاركة الكثيفة في الانتخابات البلدية والاختيارية، فلا يعتبرون أنه هناك لوائح مشكّلة من حركة أمل وحزب الله، وأحياناً من قوى وأحزاب أخرى، وبالتفاهم مع العائلات ـ وهذا الموضوع يحتاج إلى تفصيل، قصة الأحزاب والعائلات، لأنه يوجد مغالطات كبيرة ـ يوجد تحالف مبارك وسليم جداً وصحيح جداً، بكل المقاييس العقلية والأخلاقية والجهادية والسياسية والدينية، هو القائم بين أمل وحزب الله، في كل شيء، ومنه الانتخابات البلدية
ممكن بعض الإخوة والأخوات، أهلنا الكرام في الجنوب يعتبرون، وحتى في الضاحية ـوإن كان أهل الضاحية كلهم يذهبون يوم الأحد إلى الجنوب ـ ليس لأحد حجة، أن اللوائح فائزة ولا يوجد نقاش، فلا داعي إذاً لنعذّب أنفسنا ونذهب إلى الصناديق. لا، سنذهب إلى الصناديق لأنه في هذا المناخ الذي تخاض فيه حرب إعلامية شعواء علينا، يتم استغلال حتى دماء الشهداء، كما شهدنا خلال الأسبوع الماضي بشهادة السيد مصطفى.
غداً يقال إنه في المدينة الفلانية هذه التي تقولون عنها عاصمة المقاومة نسبة التصويت 20 % وفي المدينة الفلانية عاصمة المقاومة 15 % وفي القرية الفلانية بلدة الشهداء 8% أو 23%. هذا ما يقولونه، لأن هناك نفاقاً ودجلاً واستغلالاً، لن يستنتجوا أن الناس تبايع هذه اللائحة وتعتبرها فائزة ولا توجد معركة فلذلك زهدوا في صناديق الاقتراع.
يستنتجون أن هذا ليس تصويتاً على اللوائح البلدية، هذا تصويت على الخيارات السياسية. إذا كنتم تريدون أن تجروا تصويتاً على الخيارات السياسية فهناك طريقة أخرى، وليس في الانتخابات البلدية. هذا لاحقاً يحتاج إلى كلام.
في النهاية، هناك أناس يمكن أن يعتبروا أن اللائحة فائزة فلماذا نعذب أنفسنا. حتى لا تعطوا الأعداء والخصوم الذين هم من الداخل “خربانيين” وكذابون ومنافقون ودجالون، لا تعطوهم ذريعة وحجة، مع العلم أن أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات البلدية حتى الآن من حيث المجموع يمكن أنها كانت في بعلبك – الهرمل ومع ذلك بنوا عليها كلاماً معيناً.
نحن ندعو إلى أعلى نسبة مشاركة في الجنوب وإخواننا وأخواتنا وناسنا، أهالي الشهداء والمقاومين والجرحى، حتى الجرحى، فليذهبوا بكراسيهم المتحركة أمام العالم وأمام الكاميرات ليصوتوا، كي يقولوا للعالم ويوجهوا للعالم رسالة: لا تستغلوا هذا الاستحقاق الطبيعي بهذه الطريقة السيئة. هذه المسألة الأولى التي أطلبها.
والمسألة الثانية هي الالتزام باللوائح، لوائح التحالف ولوائح الائتلاف. هذا الالتزام مطلوب من جميع الإخوة والأخوات، لأنه من أهم نتائجه قبل النجاح في البلدية، بالنهاية هناك جهات ستكون تتحمل أداء البلدية في المرحلة المقبلة، هو يمتّن ويعمّق ويجذّر هذا التحالف وهذا التوحد الذي نحتاجه في مواجهة كل هذه الأعاصير.
أيها الإخوة والأخوات، في يوم الشهيد القائد الجهادي الكبير السيد مصطفى بدر الدين “ذو الفقار”، ثأرنا الكبير نحن في حزب الله ما هو؟ نظراً للمعركة التي كان يقودها وقضى فيها شهيداً، ثأرنا الكبير يكون في أمرين: الأمر الأول أن نواصل حضورنا ويتعاظم حضورنا وأن نعمل ليتعاظم حضورنا في سورية. ثأرنا الكبير هو أن نلحق الهزيمة النكراء والنهائية بهذه الجماعات الإرهابية التكفيرية الإجرامية التي تتآمر على قضايانا وعلى شعوبنا. هذا ثأرنا الكبير لمصطفى بدر الدين.
والأمر الثاني، الحفاظ على هذه المقاومة الإسلامية وصيانتها وتطويرها لأن هذه المقاومة هي التي استشهد السيد مصطفى من أجل الدفاع عنها ومن أجل الحفاظ على وجودها وبقائها وبقاء قوتها وقوة محورها. هذا هو ثأرنا الكبير وهذه هي مسؤوليتنا الكبيرة.
رحم الله شهيدنا القائد وكل الشهداء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.