من منا لم يشكُ يوماً ما من آلام ضرس العقل؟
إذ يتسبب ظهور ضرس العقل في تزاحم الأسنان بالفك، ونتيجة لذلك من الممكن أن يؤثر على الضروس المجاورة، مُحدثاً تآكلاً في جذورها والتهابات بكتيرية، أو ينمو مائلاً على جذورها.
لم يشكل ضرس العقل أزمة لأسلافنا القدماء؛ نظراً إلى كبر حجم الفك بالإضافة إلى أنهم كانوا يتغذون على أوراق الشجر والأطعمة النيئة؛ وهو ما كان يؤدي إلى تآكل الأسنان وسقوطها فكان ظهوره لا يمثِّل مشكلة، بخلاف وضعنا اليوم فنحن نتغذى على أطعمة مختلفة سهلة لينة لا تؤدي بالضرورة إلى تآكل الأسنان.
وقد سمي ذلك الاسم؛ لأنه ينمو في المرحلة العمرية من سن 17 إلى 24 سنة، أي مرحلة النضج للإنسان؛ لذلك يُعرف باسم wisdom Tooth، وهي 4 ضروس موقعها في زوايا الفم الخلفية.
تتمثل أعراض نمو ضرس العقل في شعور الشخص بألم في إحدى زوايا الفم خلف الضروس، وعادةً ما يصاحب ذلك احمرار والتهاب المنطقة التي يظهر بها الضرس، ويحدث في بعض الأحيان أن يزاحم ضرس العقل الأسنان المجاورة؛ ما ينتج عنه تآكلها، وهناك حالات نادرة لا تحدث فيها أي أعراض للنمو.
لذا، ينصح الأطباء بضرورة متابعة ضروس العقل منذ بداية نموها؛ فالحالة الطبيعية لها تكون بتمام نموها كاملةً وبشكل جيد، في وضع صحيح يسهل الوصول إليها وتنظيفها، ولا تزاحم الأسنان والضروس الأخرى، وفي هذه الحالة لا يسبب وجودها أزمة.
توجد بعض الحالات التي يصبح فيها خلع ضرس العقل ضرورة، ومن ذلك إذا كان يصعب تنظيفه؛ نظراً إلى بُعده في الزوايا الخلفية؛ مما يتسبب في تراكم الجير عليه مؤدياً إلى التسوس أو الالتهاب فيجب خلعه.
أو عندما يُحدث ضرراً على الأنسجة المحيطة مثل اللثة أو الضرس المجاور له، أو في حالة نموه في وضع غير صحيح؛ مما يسبب تورماً في الخد، بالإضافة إلى عدم وجود مكان كافٍ له داخل الفك، أو نموه بوضع مائل أو بزوغ جزء بسيط منه ولكن يحيط به خرّاج.
بينما ينصح بعض الأطباء بخلع ضرس العقل منذ البداية قبل اكتماله؛ تجنباً لمشاكله المُحتملة، ولكن ليس الخلع دائماً هو الحل؛ فقد اختلف العلماء؛ لأن وجوده ربما يكون مفيداً إذا نتج عن خلعه تلف لأحد الضروس المجاورة الأخرى، أو ربما يؤدي خلعه أحياناً إلى نزيف اللثة وتضرر الأعصاب.
وقد نصحت الجمعية الأميركية لطب الأسنان بخلع ضرس العقل إذا حدث أي تغيير في المنطقة المحيطة لضروس العقل مثل: العدوى المتكررة للأنسجة الرخوة خلف الأسنان، وكثرة الإحساس بالألم وحدوث الأورام، إلى جانب تكوُّن أكياس ممتلئة بالخرّاج، وتآكل الأسنان وأمراض اللثة الأخرى.
هناك حالة شائعة؛ وهي أن يكون ضرس العقل مدفوناً أو مضموراً تحت الجلد، ويسبب ذلك ظهور كيس حوله تحت اللثة، ويتطلب اكتشافه عمل أشعة سينية للتحقق من وضعه.
وأشار البروفيسور ديتمار أوسترايش، نائب رئيس الرابطة الألمانية لأطباء الأسنان، إلى أن هناك حالة نادرة جداً لظهور ضرس العقل في سن متقدمة، كما توجد حالات حدثت بالفعل للظهور المفاجئ لضرس العقل لدى أشخاص منعدمي الأسنان.
يُخلع ضرس العقل في عيادات الأسنان تحت تأثير البنج الموضعي أو البنج الكامل إذا كان الوضع أكثر صعوبة، وقد يتطلب الموقف استخدام مهدئ للسيطرة على القلق مثل: أكسيد النيتروس “غاز الضحك”، أو أخذ مهدئ عن طريق الفم أو الوريد، وأحياناً يُستغل تخدير المريض لخلع الضروس الأربعة معاً، أو خلع ضرسين في الوقت نفسه.
إذا ما قررت خلع ضرس العقل فلا تنسَ هذه النصائح
في الساعات الأولى التي تلي عملية الخلع، يجب الحفاظ على الفم مغلقاً مع الضغط على قطعة الشاش التي تغطي الجرح لإيقاف النزيف لمدة ساعة ونصف الساعة، وتجنب الشطف والبصق وتناول المشروبات الساخنة لمدة 24 ساعة. أما بعد اليوم الأول، فلا تشطف فمك بقوة، ولا تستخدم أشياء خارجية لاستكشاف الجرح، وينبغي أن تكون عملية تفريش الأسنان بلطف.
يُنصح بعدم التدخين خلال فترة التعافي؛ لأنه قد يتسبب في عرقلة التئام الجرح، ويزيد من فرص إصابة المريض بحالة تسمى “السنخ الجاف”، وهي حالة معروفة تحدث بعد الخلع عبارة عن ألم شديد في مكان الجرح بسبب عدم التئام الجرح؛ نتيجة التهاب العظام التي تحمل جذور الأسنان، والتي تقع بين عظام الفك والأسنان، والمسؤولة عن تثبيت الأسنان والضروس على عظام الفك.
من الإرشادات التي يوجهها الأطباء للمرضى، استخدام كمادات ثلج على الخد لتخفيف الانتفاخ المتوقع حدوثه عقب العملية والراحة التامة، وعدم التعرض لأي مجهود قد يؤدي إلى عدم التئام الجرح، وتناول الأطعمة اللينة والإكثار من السوائل.
المصدر: هافينغتون بوست