ما تضمنه خطاب السيد عبد الملك الحوثي امس كان نوعيا بكل معنى الكلمة، لما كشفه من معلومات ومعادلات كبرى في مواجهة العدوان ترسم تحولات مقبلة في مسار المواجهة بعد عامين ونصف على كل هذا الصمود والانجازات التي فاجأت قوى العدوان. هو حمل ايضا مضامين يمكن وصفها بمفهوم “ربط الساحات” التي تواجه التكفيريين.
وبهذا المعنى فإن اي هزيمة للتكفيري في احد الميادين يُضعف ساحته في ميادين اخرى وانكسار المشروع الاميركي السعودي في اليمن ادى الى تفادي صعود المد التكفيري في هذا البلد ليضاف ذلك الى هزائم هذا المشروع في المنطقة من لبنان الى سوريا الى العراق. هذا ما اشار اليه خطاب السيد الحوثي. هذا القائد الذي تميز بقيادة نوعية وبحسن ادارة التصدي للعدوان مع مختلف الاطراف الوطنية، وبالحرص على الوحدة الوطنية في احلك ظروف الحرب ومحاولات الفتنة في عدوان لا يزال يصفه المضلَّلون بحرب اهلية، اتقن ايضا فن الحرب النفسية وخطاب الاستنهاض الوطني وها هو يطلق مزيدا من المعادلات الكبرى التي وجه عبرها رسائل من عيار ثقيل .
في خطابه امس ركز على ان المحن والأزمات في منطقتنا وراءها اميركا و”إسرائيل”، وان “الصمود في سوريا والعراق ولبنان وصمود شعبنا سبب في تراجع المشروع الاميركي، وضمّن كلامه معلومات ومعادلات لافتة منها:
– إنجاز القوة الصاروخية مرحلة ما بعد الرياض
– المنشآت النفطية السعودية من اليوم باتت في مرمى صواريخنا
– قيام القوة الصاروخية بانجاز تجربة صاروخية ناجحة إلى أبو ظبي
– طائرات بدون طيار حلقت مئات الكيلومترات داخل السعودية وقريبا تبدأ عملها في القصف
– بات لدينا قدرات بحرية يمكنها أن تصل إلى الموانئ السعودية والضفة الأخرى من البحر الأحمر
– اي غزو للحديدة والميناء سيقابل بخطوات لم نقدم عليها من قبل.
تلك معادلات لا شك ستؤرق قوى العدوان بشكل اضافي ويجب ان يحسبوا لها حسابا في المرحلة المقبلة اذا استمر قادة العدوان في تعنتهم ، وهي من ناحية اخرى دليل اضافي ان اليمن الذي صمد في ظل الجوع والحصار وتفشي الامراض والذي لا يزال يسطر في الميدان عبر الجيش واللجان ملاحم مواجهة اثبت انه قادر على تطوير قدرات نوعية تدريجية رغم كل التقنيات الاستخبارية والسيطرة الجوية للعدوان والدعم الاميركي ، مما يشكل ارباكا جديدا لقوى الحرب على اليمن لتضاف الى الاحراجات الاخرى التي بدات تتجسد في اتساع الحديث دوليا عن الانتهاكات وطلب لجان التحقيق وفي ظل قرارات ودعوات حظر توريد الاسلحة الى الرياض وآخرها دعوة زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن لهكذا حظر، وهذا ما يشمل ضغطا اعلاميا فيما الضغط الشعبي الداخلي السعودي يتنامى بسبب المستنقع اليمني.
وقال كوربِن إن الوقت حان للقيام بأفعال حيال تصدير الأسلحة البريطانية للدول التي تسيء إلى حقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه أكد مدير عام العمليات في المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية جان لويس دي بروير، أن موقف الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية أن لا حل عسكري في اليمن، وأن الحل السياسي السلمي والتسوية هو الوحيد، وهو كلام يشكل دليل اقتناع بفشل العدوان.
اما الازمة الخليجية فتلقي بظلالها مزيدا من الاضعاف لقوى العدوان وضغطا اضافيا عليها. وقد بدأ الاعلام القطري نتيجة لذلك فضح معلومات تتعلق بالخلافات داخل التحالف بل بدأت القنوات القطرية المعروفة توجه السهام الى انتهاكات هذا العدوان وتبرز الانتقاد الحقوقي لتهرب التحالف من المساءلة بحرب اليمن.
بل ان الاعلام الغربي كثف في الآونة الاخيرة عرض الحقائق وفي هذا الاطار عرضت صحيفة نيويورك تايمز صورا مروعة وصادمة لعائلات يمنية، وقالت إن الولايات المتحدة والسعودية لا تريدان أن يشاهدها أحد، وأضافت أن السعودية تقترف جرائم حرب في اليمن بدعم وتواطؤ أميركي وبريطاني.
في ظل كل هذه الوقائع يبدو ان المشروع العدواني في اليمن امام مزيد من التحديات فيما السعي الاميركي لضرب قدرات المنطقة بسيف وآفة الارهاب والتطرف على طريق الافول، وهناك من بدأ يبحث للنزول عن الشجرة اليمنية وعن افضل طريقة للنزول بعد ان ادرك ان سنتين ونصف من العدوان لم تجلب الا الفشل وان استمرار الحرب لن يحمل اي نتيجة بل تتصاعد النتائج السلبية المرتدة عليه، وقد تشكل هذه المعادلات الجديدة تحفيزا اضافيا وأي خطوة خلاف ذلك ستكون منافية للمنطق بكل مناحيه.
المصدر: موقع المنار