في دراسة أميركية محدودة صدرت في ربيع 2017 حول تصور كبار السن عن “فيسبوك”، ذكر المشاركون أنّ الأسباب الرئيسية لاستخدام منصّة التواصل الاجتماعي الأكبر، هي أنه يمثل وسيلة للبقاء على اتصال دائم، ورصد ما يقوله الآخرون، ومشاركتهم الصور والأفكار. ومع ذلك، أكد هؤلاء المشاركون أن مسألة الخصوصية وتفاهة بعض الموضوعات المتداولة والبوستات، هي من أسباب البقاء بعيداً عن الموقع الإلكتروني واسع الانتشار.
ويقول أستاذ الاتصالات، البروفيسور شيام ساندر، والمدير المشارك لمعمل بحوث وسائل الإعلام التابع لكلية الاتصالات بجامعة ولاية بنسلفانيا، إنّ الشاغل الأكبر لكبار السن هو الخصوصيّة. ولا يتعلق ذلك بكشف الكثير عن خصوصيّتهم، بل إنهم يفترضون أن عددًا كبيرًا من الناس أو الأشخاص العشوائيين يمكنهم الحصول على معلومتهم. والخصوصية لديهم تعني التحكم أو السيطرة، أي أن تشعر أنك إلى حد ما مُسيطِر على كل المعلومات التي تخصك، من دون أن يتم مشاركتها أو تعميمها.
ويرجو الباحثون الذين نشروا رسالتهم في مجلة الاتصالاتية والمعلوماتية (Telematics and Informatics) أن يقوم مطورو موقع “فيسبوك” بالتركيز على موضوع إعدادات الخصوصية للاستفادة من الدخول إلى سوق كبار السن. ويقول الأستاذ المساعد للاتصالات والإعلام الجديد في الجامعة الوطنية في سنغافورة، يون هوا جونغ: “هناك حاجة إلى أدوات واضحة لمراقبة الخصوصية من أجل تعزيز استخدام كبار السن لموقع “فيسبوك”… وعلى وجه الخصوص، نحن نعتقد أن إعدادات الخصوصية والتنبيهات تحتاج إلى أن تكون واضحة ومبسطة للغاية، وخصوصاً عندما يقوم كبار السن بتبادل المعلومات”.
ويضيف جونغ أنه على عكس ما يحدث مع الشباب، فقد شجع أفراد الأسرة الأصغر سناً معظم كبار السن على الانضمام إلى “فيسبوك” حتى يتمكنوا من التواصل. وهذا يعني أن تفاعل كبار السن عبر مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يسهم في التواصل الفعال بين الأجيال.
كما شارك في الدراسة أيضاً، أستاذ مساعد في الاتصالات بجامعة ولاية داكوتا الشمالية، جوستين والدن، وكبير المحللين لبحوث المبيعات والإعلانات الرقمية عبر منصات التواصل الاجتماعي، آرييل سيليست.
وقام الباحثون بدراسة 46 مشاركاً يعيشون جميعاً في منزل للمسنين، تتراوح أعمارهم بين 65 إلى 95 عاماً، للمشاركة في مقابلات متعمقة. وشملت المجموعة 17 مشاركاً من الذكور و29 من الإناث، وجميعهم حاصلون على شهادات جامعية. وقد ذكر المشاركون أيضاً أنهم يستخدمون جهاز الكمبيوتر في حياتهم اليومية.
وكان 20 مشاركاً منهم من مستخدمي فيسبوك، و26 من غير المستخدمين. والمشاركون الذين لديهم حساب على “فيسبوك”، سألهم الباحثون عن تجربتهم ودوافعهم للانضمام، كما أنهم سألوا المشاركين الذين لم يستخدموا “فيسبوك” لماذا لم ينضموا. وقال أحد المشاركين في الدراسة، للباحثين، إنه منذ سنوات لم ينشر شيئاً على “فيسبوك”، ولكنه متابع جيد لكل ما ينشره أصدقاؤه، لكنه لا يفهم جدوى أن يقول إنسان أنه في غداء فخم، أو الدخول في محادثات تافهة كما يفعل العديد من مستخدمي “فيسبوك”. فتنظيف الأسنان وتناول الطعام والعادات اليومية، أمر لا يستحق الحديث عنه، وهو مسألة خصوصية بالنسبة لهذا الجيل من الكبار.
ويأمل الباحثون أن يكملوا دراستهم مستقبلاً على المسنين المقيمين مع أسرهم وأولئك الذين يعيشون بمفردهم.
المصدر: العربي الجديد