طالما كانت تخرج بعض الروايات التي تتحدث عن لقاءات بين مسؤولين خليجيين او سعوديين بمسؤولين صهاينة، بما يوحي ان هناك علاقات تنسج في “الخفاء” بين بعض الانظمة الخليجية وبالتحديد “بني سعود” مع الكيان الاسرائيلي الغاصب.
وعود على بدء، أعلن مؤخرا إعلام العدو الاسرائيلي أن وفدا صهيونيا رفيع المستوى برئاسة مسؤول بارز زار العاصمة السعودية الرياض قبل اسابيع، وأشار إعلام العدو الى ان “هذه الزيارة ليست الاولى من نوعها وان الرقابة العسكرية لا تسمح بالحديث عنها ولا عن مضمونها واهدافها”.
بالاضافة الى هذا الاعلان الاسرائيلي، كانت تنتشر بين الحين والآخر صور او معلومات توحي بعلاقة ما تربط الصهاينة ببعض الخليجيين، فمن لقاءات او مصافحات بين مسؤولين سعوديين الى صور لقادة صهاينة في بلدان خليجية كالصور التي انتشرت قبل فترة لرئيس كيان العدو الاسبق شمعون بيريز وهو يتجول في “سوق واقف” في العاصمة القطرية الدوحة، بالاضافة الى بعض التسريبات الصحفية التي تحدثت عن افتتاح الوكالة الدولية للطاقة المتجددة(IRENA) في ابو ظبي بشرط ان يكون لـ”اسرائيل” مكتب تمثيل فيها، بمعنى آخر سيكون الوجود الاسرائيلي رسميا في العاصمة الاماراتية من بوابة احدى المنظمات الدولية، وهذا ما نشرته صحيفة “السفير” اللبنانية في عددها الصادر يوم 28-11-2015.
السعودية واسرائيل.. تطبيع أم تحالف؟
وقد نبه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته في ذكرى القادة الشهداء في 16-2-2016 ان هناك من يسعى لإظهار “إسرائيل” انها حامية لـ”أهل السنة” لتُستغل الظروف والتطورات لتنتقل بعض العلاقات العربية الإسرائيلية من تحت الطاولة إلى فوق الطاولة…
وسأل السيد نصر الله “كيف يقبل عاقل من أهل السنة أن تُقدّم إسرائيل له على أنها صديق، على أنها حليف، وعلى أنها حامٍ؟”، واضاف “ما هذا التزوير وما هذا الخداع الذي يمارسه إعلام عربي وحكام عرب حاقدون وجهلة وعملاء.. كيف لك أن تقبل أو أن تتخذ إسرائيل صديقاً وحليفاً وحامياً وهي التي فعلت ما فعلت حتى الآن؟”.
هل ما ينشره إعلام العدو وما يتعمد الصهاينة قصدا تسريبه الى الاعلام عن لقاءات او نشاطات مشتركة بين مسؤولين خليجيين وصهاينة، هو حقيقة واقعة فعلا؟ ام انه مجرد شائعات هدفها إثارة الفتنة بين العرب والمسلمين؟، في السياق نشر المغرد السعودي “مجتهد” يوم 29-2-2016 تغرية له على موقع “توتير” قال فيها إنه “في إطار التعاون الثقافي بين شباب البلدين المركز الثقافي بالرياض يستقبل وفد شباب دولة اسرائيل”.
هذه المعلومات إن صحت وصدقت تطرح الكثير من علامات الاستفهام والتساؤلات عن مدى هذه العلاقات وجدواها وأسبابها والنتائج التي توصل إليها، فهل يعقل أن يعمد بعض الحكام إلى هذا الحد من التطرف ليصل بهم الحد الى صداقة العدو الاول للامة العربية والاسلامية؟ هل نسي او تناسى بعض الحكام ان العدو الاسرائيلي ارتكب آلاف المجازر بحق الشعب العربي في فلسطين ومصر ولبنان والاردن وسوريا؟ هل غضت الانظمة الخليجية نظرها عن قضية فلسطين وهي التي يفترض انها القضية المركزية للامة كلها؟ هل اراد هؤلاء الحكام التخلي نظريا ايضا عن فلسطين وشعبها بعدما تخلوا عنهم فعليا؟ هل وصلت الجرأة بالبعض الى صداقة قاتل العرب والمسلمين ومن دنس واعتدى على المقدسات الاسلامية والمسيحية؟ وهل ما يجري بين بني سعود والصهاينة هو تطبيع ام اعلان عن تحالف بينهما؟
عدم النفي السعودي للقاءات مع الصهاينة، ماذا يعني؟
حول ذلك، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الدكتور طلال عتريسي ان “اللقاءات بين السعوديين والصهاينة هي جزء من سياق بدأ في السابق ويتطور بسرعة بعد تركيز السعودية على ان العدو في المنطقة هو ايران”، ولفت ان “هذا التركيز على العداء لايران يبرر لاسرائيل اعتبار نفسها انها ليست العدو وليست السبب في مشكلات المنطقة”.
وقال عتريسي ان “اعتبار ايران العدو من الجانب السعودي وكذلك بالنسبة الى اسرائيل يفترض ان تشكل ما سماه الاسرائيليون حلف المتضررين اي السعودي ودول الخليج واسرائيل وهو حلف لمواجهة العدو المشترك ألا وهو ايران بحسب رأيهم”، وأشار الى ان “كل ما يجري في هذا المجال إعلاميا وسياسيا يحوّل الوجهة عن العدو الحقيقي أي اسرائيل الى العدو المفترض ألا وهو ايران ويبرر التعاون مع اسرائيل التي هي ليست عدو بالنسبة لهذا التصور”.
ولفت عتريسي الى ان “كل التسريبات عن اللقاءات يقوم بها الاسرائيلي نفسه بأمر من الرقابة العسكرية والامنية هناك لتحقيق عدة أهداف منها تأكيد وجود هذه العلاقات وانها ليست بجديدة بما يؤكد تورط السعودي الذي يدعي العفة امام العرب والمسلمين بالاضافة الى بث الفتنة في الامة”، واعتبر ان “عدم نفي السعودية لكل ما نشره الاعلام الاسرائيلي يرجح ان المعلومات صحيحة وان اللقاءات حصلت”، ورأى ان “السعودية لا يمكنها ان تذهب بعيدا في التحالف العلني مع اسرائيل لان لهذا الامر مخاطر ومحاذير على السعودية نفسها خصوصا على النظام الحاكم فيها”.
وأكد عتريسي أن “هذه العلاقات السعودية الاسرائيلية التي بدأ الحديث عنها تساهم في التمهيد لكسر الخوف من التطبيع مع العدو الإسرائيلي وكسر حاجز الجدار السابق الذي كان لا يسمح لأي شخصية عربية ان تلتقي علنا بالصهاينة”، ولفت الى ان “الخطورة تتمثل في ما يشاع عن هذه العلاقات لان السعودية تصور نفسها أنها تقود العالم الاسلامي”، وتابع “السعودية تحاول القول للمسلمين عامة ولاهل السنة خاصة ان هذا الجدار مع اسرائيل قد سقط وبالتالي يمكن لاي كان ان يمشي على النهج السعودي وتبرر للعالم الاسلامي ان يفعل ما فعلته السعودية”.
وأشار عتريسي الى ان “السيد نصر الله توجه بحديثه الى أهل السنة في العالم للتوضيح ان الادعاء الاسرائيلي بحمايتكم هو ادعاء كاذب وان التحالف مع الاسرائيلي لحماية اهل السنة هو باطل لان من قتلتهم اسرائيل هم من اهل السنة”، ولفت الى ان “الانظمة الخليجية لا تقيم اي اعتبار لفلسطين ولمحاربة العدو الاسرائيلي كما لا تقيم اي اعتبار لشعوبها وللشعوب العربية الاسلامية”، ورأى ان “كل ما يهم السعودية هو محاربة ايران”.
وحول مواقف الشعوب والدول العربية وخصوصا في مصر من التوجهات السعودية، قال عتريسي إن “الشعوب العربية والاسلامية بطيبيعتها وهويتها لا تقبل التطبيع مع الاسرائيلي”، واعتبر ان “الدليل الحي على ذلك هو الشعب المصري الذي مازال يرفض التطبيع بل يواجهه رغم مرور كل هذه السنوات على توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين النظام المصري وكيان العدو الاسرائيلي”، منوها “بالحادثة التي حصلت في البرلمان المصري قبل أيام برفع الحذاء بوجه برلماني استقبل السفير الاسرائيلي والتي تؤكد ثبات الشعب المصري بمواجهة العدو الاسرائيلي ورفض التطبيع”.
ومن المخجل لحكام السعودية وبني سعود تصرفهم بعكس ما يعلنون، فهم الذي يظهرون أنفسهم بأصحاب العفة والطهر و”خدام” الحرمين الشريفين، تقول عنهم “القناة العاشرة” الاسرائيلية انهم يخبرون القادة الصهاينة خلال الاجتماعات “إنهم غير مهتمين بالفلسطينيين ولا يخجلون بالعلاقات القائمة مع اسرائيل لكنهم يؤكدون على ضرورة ابقائها سرية وضمن الغرف المغلقة بل إنهم يريدون اسرائيل الى جانبهم…”، فهل من يحاسب ويسأل هؤلاء ماذا يفعلون؟
المصدر: موقع المنار