تبدو الأمور في منطقة الخليج وكأنها دخلت دهليزا مظلما، وذلك في ظل “تزمت” مواقف طرفي الأزمة، السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة، وقطر من جهة ثانية؛ إذ لا يلوح في الأفق أي اتفاق قريب، وأصبح الحديث عن “عقوبات إضافية” هو الأمر تداولته صحف ووكالات محلية وأجنبية.
وتطفو على السطح من جديد مسألة “تجميد” عضوية الدوحة في منظومة “مجلس التعاون الخليجي”، كعقوبة محتملة، “لإصرارها على تجاهل الاحتياجات الأمنية” للدول المذكورة، عبر تعزيز التعاون مع إيران التي تناصبها دول خليجية العداء؛ وكذلك لاستمرارها في “تمويل ودعم الإرهابيين”، باستضافتهم على أراضيها، أو إمدادهم بالمال والدعم، من خلال مؤسسات خيرية قطرية “مشكوك في نزاهتها”.
وتظهر مسألة جديدة قد تكون صعبة التطبيق في الوقت الحالي على الأقل، وهي التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، لاستصدار قرار بإدانة تمويل قطر المزعوم للإرهاب؛ وذلك في ظل تباين المواقف الدولية بخصوص “اتهام” قطر، رغم أن معظم الأعضاء الدائمين في المجلس متفقين على “عدم تدويل القضية”، وإبقاءها في إطارها الإقليمي، أي حلها “خليجياً”، ما يبدو بعيد المنال حالياً.
تبقى مسألة هامة أخرى، قد تفرض واقعاً جديداً ومعقداً في منطقة الشرق الأوسط ككل، وهي التدخل العسكري المباشر لإجبار قطر على الإذعان للمطالب، التي قدمت لها، عبر الوسيط الكويتي.
وبرغم أن هذا الأمر صعب التحقيق، إلا أنه، بحسب صحف ووكالات أنباء الدول الأربع المقاطعة لقطر، “غير مستبعد”؛ غير أن أحداً لا يمكنه أن يتوقع النتائج، التي قد يخلفها هكذا قرار، في ظل وجود قوات أجنبية (أميركية، تركية وغيرها) على الأراضي القطرية، وبالطبع لقرب الحدث من إيران – القوة الإقليمية “غير المتناسقة” في مواقفها وسياساتها مع دول المنطقة، وبخاصة السعودية والبحرين.
قد يكون الإجراء الوحيد القابل للتطبيق في هذه الحالة، هو تشديد العقوبات الاقتصادية، من خلال “تخيير” الشركات الدولية المتعاملة مع طرفي الأزمة، بقطع علاقاتها مع الدوحة، وإلا “الفراق” مع الدول الأربع.
وفي ظل هذا الوضع المعقد، أكد وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال مؤتمر صحافي عقده في الدوحة مع نظيره الألماني زيغمار غابرييل، أمس الثلاثاء، أن لا حل لأي أزمة، أو خلاف إلا عبر طاولة الحوار، لافتاً إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الدول المقاطعة “مفاجئة”، ولذا لا يمكن التنبؤ بموقفهم بعد تسلم الرد على مطالبهم.
وانتهت، منتصف ليل أمس، المهلة الإضافية، التي طلبها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح لـ “تنفيذ قطر المطالب الخليجية”، ووافقت عليها الدول الأربع – السعودية ومصر والإمارات والبحرين.
وتسلم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في جدة، أمس أيضاً، من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي محمد عبدالله الصباح، رد دولة قطر على المطالب الـ 13، التي تقدمت بها الدول الأربع إلى الدوحة لتنفيذها، مع “تمنيات” وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، “أن يكون رد قطر على مطالب الدول المقاطعة إيجابياً”.
وأكد وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، أن رد بلاده والدول الثلاث الأخرى، سوف يكون عبر الوسيط الكويتي، وليس من خلال وسائل الإعلام.
وتفاقمت الأزمة بين الدول الأربع وقطر في الـ 5 من الشهر الماضي، وقطعت هذه الدول علاقاتها كافة مع قطر وفرضت عليها سلسة من الإجراءات العقابية؛ ثم ما لبثت أن قدمت لها، عبر الوسيط الكويتي، قائمة مطالب وشروط من 13 بنداً، لتنفيذها مقابل عودة العلاقات إلى طبيعتها.
وتضمنت قائمة “المطالب الخليجية” من قطر، تخفيض العلاقة مع إيران، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية وقناة “الجزيرة الفضائية، واعتقال وتسليم مطلوبين متواجدين حالياً على الأراضي القطرية، ودفع تعويضات إلى الدول المذكورة، وغيرها من المطالب التي يجب أن تنفذ في غضون 10 أيام، وجرى تمديد مهلة الرد يومين إضافيين.
ويلتقي، اليوم، في القاهرة وزراء خارجية الدول الأربع، بهدف “تنسيق المواقف” بعد تسلم الرد القطري.
المصدر: سبوتنيك