ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت اليوم الثلاثاء 4 تموز 2017 على مواضيع عديدة كان ابرزها ملف النزوح السوري، ومعضلة الكهرباء المتوترة، وحكاية سلسلة الرتب والرواتب.
* البناء
“إسرائيل” تتراجع عن تهديداتها… وحزب الله يسخر منها ويردّ: وجود الكيان سيكون على الطاولة
المقداد: ردّنا سيكون مختلفاً إذا اعتدى الأميركون المهندس: طريق بغداد دمشق فتحناها ولن تُقفل
«المستقبل» يتخذ لبنان رهينة للسعودية في ملفَّي النازحين والعلاقة بقطر… والحكومة تؤجّل النقاش الصعب
كتب المحرّر السياسي
تبدأ لقاءات أستانة بما هو أبعد من مجرد إطار لمسار تثبيت مناطق التهدئة في سورية، بل لرسم خطوط التوازنات الإقليمية والدولية بين محورين: واحد تقوده واشنطن يعمل على إدارة الحرب على الإرهاب لإدامة الفوضى وإدارتها ومنع الحلّ السياسي، ومحور تقوده موسكو يعمل لدفع الحرب باتجاه سحق التشكيلات الإرهابية واستقطاب اللاعبين الدوليين والإقليميين إلى مسار سياسي يتسع لجميع الأطراف السورية، وفقاً لما تقوله صناديق الاقتراع، ويضمن للأطراف الدولية والإقليمية إغلاق مخاطر الفوضى والتقسيم التي ستطالهم شظاياها وإطفاء جذوة الإرهاب الذي يتخذ من نقاط تواجده قواعد انطلاق نحو عواصم العالم، التي تدفع الفاتورة مزدوجة بالعمليات الإرهابية والضغوط الاقتصادية والسكانية التي يمثلها النازحون الذين صاروا معضلة أوروبا الأولى. ومسار أستانة بالمنظور الروسي هو الاختبار للقدرة على استقطاب الفاعلين الإقليميين الذين بدأوا يكتوون بنار العبث بالحرب السورية، عبر تهديد أمنهم القومي ووحدتهم الكيانية. وهذا هو حال الأتراك مع مخاطر الخصوصية الكردية التي تشكل أحد مرتكزات الخطة الأميركية التي لا تخفي عبر الفصائل الذين يشغلهم حلفاؤها السعوديون و»الإسرائيليون» نيتهم تعطيل أستانة.
المعلومات التي تداولتها مصادر روسية تقول إنّ الخلافات التي كانت تعترض الانتهاء من رسم خرائط مناطق التفاهمات وتحديد آليات الرقابة بين الإيرانيين والأتراك تمّ تذليلها، لصالح تأجيل بعض البنود واختبار تطبيق بعض الخيارات التي قد تكون محافظة إدلب مسرحاً لها بتعاون روسي تركي تريد أنقرة توظيفه لوضع يدها على بعض مناطق السيطرة للميليشيات الكردية في عفرين، خصوصاً الواقعة شمال غرب حلب بعيداً عن مناطق الانتشار الأميركي.
سورية التي تشارك بوفد رسمي يترأسه السفير بشار الجعفري، قالت إنّ وقف النار الذي أعلنه الجيش جنوب سورية حتى الخميس مساهمة بإنجاح لقاءات أستانة، وأكدت أنها ستردّ بقوة على كلّ خرق لوقف النار من الجماعات المسلحة، بينما قالت بلسان نائب وزير الخارجية الدكتور فيصل المقداد إنّ التهديدات الأميركية بالعدوان على سورية يجب أن تضع في حسابات أصحابها أنّ الردّ على أيّ عدوان هذه المرة سيكون مختلفاً وبتعاون سوري روسي، بينما كان نائب قائد الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس يقول رداً على التهديدات الأميركية بمنع بلوغ الجيش السوري والحشد الشعبي خط الحدود السورية العراقية، «طريق بغداد دمشق فتحناها ولن تُغلق».
في مقلب آخر من المنطقة تأجل استحقاق المواجهة السعودية القطرية إلى الغد، بينما يبدو واضحاً استعصاء بلوغ الحلّ الدبلوماسي مع السقف العالي الذي تورّطت به السعودية، وشعور قطر أنها قادرة على كسب تأييد دولي وإقليمي كافٍ لحمايتها، بعدما وصفت المطالب التي قدّمت إليها بالانقلاب والسعي للهيمنة على قطر.
لبنان كان على موعد سريع مع تطوّر إقليمي من نوع آخر يتصل بالتهديدات «الإسرائيلية» بالحرب، التي لم تصمد لأربع وعشرين ساعة بعدما أدّت الحملة الترويجية للتلويح بها إلى تداول وقائع وحقائق عن مخاطر أيّ حرب فعلت فعلها كحرب نفسية معاكسة أثارت غضب الرأي العام من تصريحات وزير الحرب أفيغدور ليبرمان التي تضمّنت التلويح بالحرب، ليخرج رئيس الجبهة الداخلية قائلاً لسنا جاهزين لحرب ولا نتحمّل تبعاتها، قبل أن يقول ليبرمان نفسه إنه لم يقصد الذهاب إلى حرب ولا يريدها، بينما كان حزب الله يسخر من التهديدات «الإسرائيلية»، ويقول بلسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، إنهم يعلمون أنّ مصير «إسرائيل» سيكون على الطاولة في أيّ حرب مقبلة.
لكن لبنان الساعي وسط كلّ هذه المتغيّرات والتطورات لتلمّس سبل الحفاظ على استقراره، وجد نفسه واقعاً بالجمود مع إقفال الطريق على بحث الملفات الساخنة في الحكومة، بعدما ثبت أنّ تيار المستقبل بلسان وزرائه قد جعل ملفي النازحين والعلاقات بقطر رهينة لعلاقاته بالسعودية، حيث الضغوط السعودية على لبنان للتورّط بالقطيعة مع قطر تتزامن مع الضغوط لمنع أيّ تنسيق يحتاجه لبنان مع الحكومة السورية سواء في المواجهة التي يخوضها على الحدود السورية مع الجماعات الإرهابية أو في ضمان حلول عاجلة لعودة النازحين بعدما تكشّفت حال مخيمات النزوح عن كارثة إنسانية من جهة ومخاطر أمنية من جهة ثانية.
لبنان يواجه الضغوط الخليجية بـ«الحياد»
وفي وقتٍ تتزاحم الملفات الأمنية والاقتصادية والمالية والمعيشية على طاولة مجلس الوزراء الذي يعقد جلسته غداً الأربعاء، في بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفي أدراج المجلس النيابي الذي من المتوقع أن يعقد جلسة تشريعية منتصف الشهر المقبل، تترقّب الساحة الداخلية تداعيات الأزمة الخليجية على لبنان مع انتهاء المهلة الخليجية الممنوحة لقطر للرضوخ لشروط السعودية وحلفائها الخليجيين قبل أن تبدأ بتنفيذ عقوباتها على الدوحة.
وإذ علمت «البناء» من مصادر مطلعة أن «الدول الخليجية لا سيما السعودية مارست ضغوطاً كبيرة على الحكومة اللبنانية ورئيسها سعد الحريري، خلال وجوده في الرياض الأسبوع الماضي، لاتخاذ موقفٍ مؤيد للإجراءات العقابية الخليجية ضد قطر»، استبعدت مصادر ديبلوماسية أن تذهب السعودية بعيداً في الضغط على لبنان وتهديده بقطع العلاقات معه في حال لم يستجب للطلبات الخليجية، موضحة لـ«البناء» أن «الخليجيين والأمم المتحدة وجميع الجهات الفاعلة على المستوى الإقليمي والدولي يتفهمون الحالة اللبنانية والوضع الداخلي الحساس ويدركون نتائج أي موقف يسعى أحد الأطراف لتمريره على الاستقرار الحكومي». كما استبعدت المصادر أن يتخذ لبنان موقفاً معادياً لقطر يصل حدّ القطيعة، إذ لا يمكن للبنان ان يدخل في مواجهة مع أي دولة عربية. ولفتت الى أن «السياسة الخارجية التي سيعتمدها لبنان في هذه الحالة هو الحياد وعدم الانخراط مع دولة ضد أخرى، وعلى الحكومة ووزير الخارجية أن يتواصلا بشكلٍ مستمر مع المسؤولين السعوديين والخليجيين المعنيين لتفسير الموقف اللبناني على المستويات كافة لا سيما الدبلوماسية وشرح أسباب الحياد»، مرجّحة أن تتخذ الحكومة موقفاً يُرضي كافة الأطراف المتنازعة والتي بدورها ستتفهّم الموقف اللبناني، مذكّرة بالموقف الذي اتخذه لبنان في مجلس الأمن ضد سورية ثم سمحت له الأمم المتحدة أن يفسّر موقفه بشكلٍ منافٍ للتصويت كي لا يقع في الإحراج مع سورية من جهة وكي لا يتحوّل موقفه عامل انقسام داخلي من جهة ثانية».
واستبعدت المصادر أن تعمد السعودية ودول الخليج الى شنّ عملية عسكرية ضد قطر، موضحة أن الخليجيين ليسوا بحاجة في الوقت الحاضر للعمل العسكري للضغط على قطر، بل يستطيعون الضغط عليها وحصارها اقتصادياً وسياسياً، وبالتالي من المبكر الحديث عن عمل عسكري، ولفتت الى أن «تراكمات عدّة أدّت الى انفجار الأزمة الخليجية، لكن السبب الرئيسي هو زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية وانعقاد قمة الرياض التي قرّرت جمع الدول العربية السنية وتشكيل حلف عسكري موحّد للتدخل العسكري في سورية لمواجهة التدخل الإيراني، وعلى رأس هذا الحلف السعودية. لكن في إطار هذه المنظومة الجديدة من غير المسوح لدولة كقطر أن تبقي على علاقاتها مع إيران والجماعات المسلحة في سورية خارج الفلك السعودي وجماعة الإخوان المسلمين في مصر وفلسطين والتي تعتبر في نظرهم داعمة للإرهاب».
الانقسام حول ملف النازحين يتوسّع
على صعيد آخر، يبدو أن رقعة الانقسام السياسي والحكومي حول ملف النازحين السوريين في لبنان آخذة في التوسّع، مع محاولات صقور تيار المستقبل في الحكومة الوزيرين المعنيين بالملف معين المرعبي ومحمد كبارة تصعيد الموقف بهدف عرقلة عودة النازحين للإبقاء على الأزمة واستغلالها سياسياً وأمنياً ومادياً. وأعلن المرعبي وكبارة أمس، رفضهما التواصل مع الحكومة السورية لإعادة النازحين الى المناطق الآمنة في سورية، مشدّدين على التعاون مع الأمم المتحدة لحل هذا الملف، غير أن وزير العدل سليم جريصاتي أشار في حديث تلفزيوني بأن «التواصل مع الحكومة السورية يأتي من أجل إعادة النازحين السوريين وليس إعادة تطبيع العلاقة مع سورية، والتي هي موجودة في التمثيل الدبلوماسي في لبنان سورية والاتفاقيات المعقودة مع سورية».
وفي سياق ذلك، رفضت مصادر مقرّبة من رئيس الحكومة إجبار الحكومة تحت ذرائع مختلفة التعاون مع السلطات السورية بملف النزوح، مشيرة الى أن النظام السوري هو جزء من الأزمة فضلاً عن أن لبنان يتخذ سياسة الحياد عن الأزمة السورية ولا يمكنه فتح علاقات رسمية وغير رسمية مع الحكومة السورية. وأوضحت المصادر لـ«البناء» أن «موضوع النازحين في لبنان بات جزءاً من أزمة اللجوء العالمية، وبالتالي حلّها يأتي ضمن الحل الدولي للحرب السورية ولم تعُد أزمة بين دولة وأخرى بل بين قوى إقليمية ودولية».
اجتماع أمني في اليرزة
أمنياً، استمرّت حالة الاستنفار والجهوزية لدى الأجهزة الأمنية تحسّباً لعمليات إرهابية بعد الإنجازات النوعية التي نفذها الجيش اللبناني والأمن العام في ملاحقة واعتقال الرؤوس الإرهابية الكبيرة والقضاء عليها، ولهذه الغاية عقد قائد الجيش العماد جوزيف عون في مكتبه في اليرزة، اجتماع عمل مع قادة الأجهزة الأمنية، ضمَّ كلاً من مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا. وقد تمّ خلال الاجتماع بحث التطورات الأمنية في البلاد، وتنسيق الإجراءات والجهود في مجال تفكيك الشبكات والخلايا الإرهابية، وملاحقة مطلقي النار خلال المناسبات، ومكافحة الجرائم المنظمة والفردية على أنواعها.
رعد: نملك السلاح الأمضى لمواجهة العدو
وعلى ضفة الخطر «الإسرائيلي»، ردّ حزب الله على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على تهديدات المسؤولين والقادة «الإسرائيليين» بشن حرب على لبنان، وأكد رعد بأننا «نملك السلاح الأمضى الذي يُسقِط كل أسلحته. فهو يقوم بالتمثيل وووضع السيناريوات لرفع معنويات جنوده»، متسائلاً: «هل لهذا العدو الذي لم يهزمنا حين كنّا في جنوب لبنان أن يتجرّأ على شنّ حرب علينا بعد أن أصبحنا في هذه المساحات كلها؟».
وقال: «فليتوهّم «الإسرائيلي» ما يتوهّم، ولكن ما أعددناه لـ«الإسرائيلي» يجعلنا نقول إنّ مصير كيانه سيكون على الطاولة إذا تجرّأ على شنّ حرب عدوانية على لبنان».
تعديلات على خطة الكهرباء
على الصعيد المحلي، يفرض ملف الكهرباء نفسه على اهتمامات الحكومة والمسؤولين في ظل نظام التقنين القاسي والمجحف لساعات التغطية بالكهرباء في مختلف المناطق اللبنانية مع حلول موسم الصيف، وفي ظل الخلاف السياسي حول خطة وزير الطاقة لاستئجار بواخر الكهرباء.
وقالت مصادر رئيس الحكومة لـ«البناء» إن «خطة الكهرباء في ظل الوضع الحالي هي الأفضل والأفعل وقادرة على توفير الكهرباء بالسرعة اللازمة للمواطنين، من خلال بناء معملين 1500 ميغاواط وتوليد كهرباء على الطاقة الشمسية 1000 ميغاواط واستئجار بواخر لتأمين الكهرباء بشكلٍ سريع لا سيما في الطقس الحار وموسم الاصطياف لدعم قطاع السياحة، لكن الأمر متوقف على تطبيق الخطة وتقرير إدارة المناقصات الذي يدرس الخطة على أسس علمية وحجم تكاليفها المالية والذي سيقدّمه الى مجلس الوزراء الأسبوع المقبل»، لكن المصادر لفتت الى أن «تعديلات طرأت على الخطة ألا وهي شراء بواخر الكهرباء بالتقسيط على سنوات عدة بدلاً من استئجارها على أن تصبح ملكاً للدولة عند تسديد كامل تكاليفها ما يوفر على الخزينة مبالغ مالية ضخمة».
وقال وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل «أنا من يطرح الاقتراحات في ملف البواخر وعندما يكون لدي اقتراحات جديدة لن أبخل بطرحها».
الموازنة ستُقرّ والتمويل يعرقل السلسلة
وواصلت لجنة المال والموازنة عقد الجلسات لدرس مشروع الموازنة وإحالته الى الهيئة العامة في المجلس النيابي للتصويت عليه وإقراره. وقالت مصادر اللجنة لـ«البناء» إن «اللجنة لم تنته من إقرار موازنة وزارة الداخلية بعد، بل تحتاج إلى درس إضافي في لجنة فرعية حول كيفية نقل الاعتمادات للقوى الأمنية من بندٍ الى بند من دون زيادة على المبلغ المخصص لموازنة الوزارة».
أما مشروع الموازنة الكامل أضافت المصادر، «فالعمل جارٍ لإنهائه وإحالته الى الهيئة العامة»، مرجّحة أن يُقرّ المشروع الشهر الحالي وستعقد لجنة المال والموازنة اجتماعات مكثّفة الأسبوع الحالي والمقبل لإنجازها».
وعن قانون سلسلة الرتب والرواتب، كشفت مصادر مطلّعة لـ«المنار» أن «هيئات اقتصادية وسياسية لا تزال تؤثر على موضوع تمويل السلسلة»، بينما أوضحت مصادر «البناء» أن «السلسلة أقرّت في المجلس النيابي بقانون وقانون آخر يتعلّق بتأمين الإيرادات للدولة وتوقف المجلس عن درسها بعد تجميد الجلسات بسبب الخلاف على قانون الانتخاب، ورجّحت إقرارها في الجلسة التشريعية المقبلة أو التي تليها، لكنها لفتت في المقابل الى أن «إقرار السلسلة يواجه مشكلة التمويل في ظل خطر الانهيار المالي والتراجع الاقتصادي في لبنان وغياب الدعم المالي العربي والدولي بسبب الأزمات والحروب الدائرة في المنطقة وانشغال تلك الدول بأوضاعها الداخلية، فضلاً عن تراجع أسعار النفط عالمياً، وبالتالي على لبنان أن «يقلع شوكه بيده» والبحث عن موارد جديدة للدولة لتمويل العجز والسلسلة والموازنة».
وأكدت المصادر أن «لا ضرائب جديدة في مشروع الموازنة على الشرائح الشعبية الفقيرة، باستثناء زيادة 1 في المئة على ضريبة القيمة المضافة».
* الجمهورية
النزوح ضاغط… والكهرباء متوتّرة… و”السلسلة” تلفّ على رقاب الطلّاب!
ما إنْ دارت عجَلة الدولة بعد عطلة عيد الفطر حتى صارت كلّ الملفات المعقّدة بحكمِ المطروحة على الطاولة السياسية والرسمية. والكلمة الفصل حيالها لدى أهل الحلّ والربط السياسي. وفي انتظار النطق بهذه الكلمة السحرية بقرارات عملية وموضوعية وجدّية تضع تلك الملفات على بساط الترجمة والانتقال بها إلى حيّز التنفيذ الذي طال أمده، وأدخَل البلد في أتون تعقيدات وخلافات حول كيفية مقاربتها وإيجاد العلاج اللازم لها، يبقى الوضع الأمني مشدوداً في الفترة الحالية إلى سلسلة الإنجازات الكبيرة التي يحقّقها الجيش ومعه الأجهزة الأمنية ضد المجموعات الإرهابية، وإلى الإجراءات الأمنية التي تتّخذها المؤسسات العسكرية والأمنية من أجل منعِ أيّ اختراق قد تقوم به تلك المجموعات في الداخل اللبناني. وذلك بالتوازي مع تضخّمِ العبء الكبير الذي بات يشكّله النزوح على الكيان اللبناني، وإلى حدٍّ ينذِر بخطورة كبرى باتت تتطلّب قرارات وخطوات سياسية ورسمية جريئة وضرورية تستجيب للأصوات التي ترتفع على غير صعيد سياسي وروحي وشعبي لرفعِ هذا الضغط عن لبنان الذي يقترب من لحظة الانفجار على كلّ المستويات.
مع بدءِ دوران العجَلة، والذي يفترض أن تظهر علائم تفعيله في عمل الحكومة ومجلس النواب في هذه المرحلة، إنفاذاً لِما انتهى إليه اللقاء التشاوري في بعبدا قبل العيد، ما على اللبنانيين إلّا محاولة شراء الأمل في أن ينتهي مفعول تلك القاعدة المجرّبة على مدى السنوات الماضية مع أهل الحلّ والربط السياسي والقائلة “إسمَع تفرَح.. جرّب تحزن”، ربطاً بسيلِ الوعود التي يتبارى السياسيون على قطعِها في كلّ مناسبة، ويزيّنون فيها المستقبلَ بكلام زهريّ جميل تنقصه الترجمة الجدّية والضرورية التي طالَ أمدها، وخصوصاً لِما هو ملِحّ من الملفات الحيوية، من دون أيّ مبرّر أو أسباب مقنعة لهذا التأخير.
ومع أنّ المواطن اللبناني يريد أن يصدّق فعلاً تلك الوعود وصار يحلم في أن يرى طلائع تنفيذها وقد بدأت بالظهور ولو بحدّها الأدنى، فإنّ العنوان الأساس لمرحلة العمل الحكومي والنيابي المفترضة والموعودة في اتّجاه الإنتاج والتفعيل، هو الإجابة على مجموعة كبيرة من التساؤلات حول الملفات الضاغطة التي تراكمت وارتفعت كلّها إلى مستوى السخونة العالية جداً.
والرهان على الجلسة المقبلة للحكومة التي ستنعقد غداً الأربعاء في القصر الجمهوري في بعبدا، وبجدول أعمال فضفاض، على أن تقدّم ولو بعضاً يسيراً من تلك الإجابات.
النزوح بين المتاريس
في مقدّمة تلك الملفات يقع ملف النزوح وربطاً به ملف المخيّمات السورية التي ثبتَ أنّها تشكّل بيئة حاضنة للإرهابيين وملاذاً آمناً لهم، وهذا ما أظهرَته العملية العسكرية النوعية التي نفَّذها الجيش اللبناني في جرود عرسال، حيث عاد هذا الملف ليشكّلَ نقطة إشكال في مقاربته بين القوى اللبنانية، بشكل لا يخلو من مزايدة سياسية دون النظر إلى حجم الخطورة التي يُرتّبها هذا الملف.
ويَبرز هنا التناقض الكلّي في النظرة الى هذا الملف بين “حزب الله” وتيار “المستقبل” وبعض حلفائه. ومن هنا فإنّ مقاربته في مجلس الوزراء مطروحة مبدئياً من خارج جدول أعمال الجلسة بحسَب ما أكّدت مصادر وزارية لـ”الجمهورية”، لكن من دون أن يصل ذلك إلى اتّخاذ قرارات حاسمة في هذا الشأن كونه ملفّاً شائكاً وضائعاً بين المتاريس السياسية المنصوبة من حوله.
وخطورة هذا الملف، عرَضها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي أمام المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، التي استقبلها في الصرح البطريركي في بكركي أمس، وأكّدت في تصريح لها “دعم لبنان وشعبه في موضوع النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، الذين هم هنا بشكل مؤقّت، وأهمّية إيجاد حلّ سياسي على الصعيد السوري يكون من شأنه تسهيل عودة النازحين السوريين الى بلادهم وسط ظروف آمنة وفي الوقت الملائم”.
ملفّ الكهرباء
وثاني الملفّات الساخنة، هو ملفّ الكهرباء الذي يشكّل عنواناً مشتعلاً ويعلّق العلاقات السياسية بين بعض القوى وخصوصاً بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” وبين “التيار” وحركة “أمل”، على خط التوتّر العالي، من دون أن يقدّم أحدٌ توضيحاً حول القصّة الحقيقية لهذه الأزمة المعمّرة منذ سنين طويلة، ولماذا هي مستعصية على العلاج، وهل هي في دائرة الحلّ فعلاً أم هي في دائرة الصفقات؟ ولماذا نُئيَ بخطة الكهرباء كما طرحَتها وزارة الطاقة عن إدارة المناقصات؟ ولماذا أعيدَت إليها مجدّداً في وقتٍ كان الصراخ والتهديد والوعيد والاتهامات في مستوياتها العليا حوله؟ وماذا ينتظر هذه الخطة؟
وهل ستؤول إلى مصير مجهول في الوقت الذي تؤكّد وزارة الطاقة أنّها ستقَرّ على النحو الذي حدّده الوزير سيزار أبي خليل، فيما يقول معارضو الخطة بأنّها لن تمرّ بالشكل المطروح وأعلنَت “القوات” أنّها ستشكّل رأسَ حربةِ المواجهة لها حتى النهاية.
وعلى الخط الاعتراضي نفسِه يقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفي هذا السياق قال أحد وزراء كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها بري لـ” الجمهورية”: كانت لدينا ملاحظات جوهرية على خطة الكهرباء، وقد عبّرنا عنها في جلسة مجلس الوزراء، ومنذ تلك الجلسة حتّى اليوم لم يفتح معنا أحدٌ موضوع الخطة من قريب أو بعيد، وبالتالي موقفُنا هو هو الذي سبقَ وعبّرنا عنه في مجلس الوزراء بضرورة إحالة الخطة إلى إدارة المناقصات ووضعِ تقرير في شأنها ورفعِه إلى مجلس الوزراء لاتّخاذ القرار.
أبي خليل لـ”الجمهورية”
حتى الآن ما زالت الخطة في يد دائرة المناقصات، وتقول مصادر وزارية مواكبة لهذا الملف بأنّ العمل جارٍ على قدم وساق وسيُعدّ التقرير المنتظر ويُرفع الى مجلس الوزراء في القريب العاجل.
ويُستبعد أن تكون الخطة على طاولة مجلس الوزراء غداً، نظراً لغياب وزير الطاقة المعني بهذا الملف عن الجلسة بسبب سفره إلى الولايات المتحدة الاميركية.
وأوضَح أبي خليل لـ”الجمهورية” أنّ الزيارة تأتي في إطار جولة استكمال الجولة التسويقية التي قمنا بها منذ شهرين قبل إطلاق دورة التراخيص ( المتعلقة بالثروة النفطيّة والغازيّة)، وهذا جهدٌ ضروري نَبذله في الولايات المتحدة للتأكيد على تحفيز الشركات الأميركية على المشاركة في دورة التراخيص، لأنّ هناك مصلحة في زيادة عدد الشركات، علماً أنّ عدداً كبيراً من الشركات تأهّلَ، ودورُنا الآن أن نتأكّد من أنّها ستتقدّم. فأن تتقدمَ شركاتٌ كثيرة معناه منافسة أكبر وشروط أفضل للدولة اللبنانية”.
وعمّا إذا كان مطمئنّاً إلى سير خطة الكهرباء كما يشتهي، أجاب أبي خليل: “بالطبع كنتُ أفضّل أن يكون المسار أسرع، لكنّ الأزمة السياسية بسبب قانون الانتخاب أرجَأت وضع الخطة أمام مجلس الوزراء لمدّة فخسِرنا وقتاً”.
وعن إعلان “القوات اللبنانية” أنّها ستمضي في معركة الكهرباء قدُماً، اكتفى أبي خليل بالقول: “الله يوفّقهم”.
“السلسلة”: تصعيد
وفي الموازاة، يقع ملفّ سلسلة الرتب والرواتب، التي بدأت الأرض تسخن تحتَها، وسط مؤشّرات عن حركة تصعيدية ضاغطة تسبق طرحَها على الهيئة العامة لمجلس النواب في جلسة يفترض أن تُعقَد خلال الأسبوعين المقبلين. وفي وقتٍ تبدو الحماسة السياسية خجولة حيال إقرار ملف السلسلة، يبقى هذا الملف الحساس عالقاً بين الدعوات إلى سلسلة متوازنة تُوائمُ بين حقوق الموظفين ووضعِ الخزينة وتتجنّب حجم التضخّمِ الذي يمكن أن ينتج عنها، والأهمّ إخراجها من ميدان المزايدة السياسية وعدم التعاطي معها بمنطق الابتزاز وأخذِ الطلّاب رهائنَ ومتاريس على طريق إقرارِها، على نحو ما تلوح به بعض القطاعات الداعية إليها.
من هنا، يبدو أنّ ملفّ السلسلة مُرشّح للتفاعل تصاعدياً في الأيام القليلة المقبلة، مع اقتراب موعد انعقاد الجلسة التشريعية التي يُفترَض أن تبحث مصيرها في حال لم يتمّ سحبُ المشروع من قبَل الحكومة لإعادة درسه.
وفي وقتٍ بدأت ترتفع الأصوات المدافعة عن إقرار السلسلة، مقابل اعتراضات تُبديها الهيئات الاقتصادية لجهة رفضِ فرضِ ضرائب ورسوم جديدة بذريعة تمويل السلسلة، فقد بَرزت أيضاً في الساعات الأخيرة تهديدات يطلِقها مسؤولون في هيئة التنسيق بضرورة إقرارها قبل تمّوز، وإلّا فإنّ الهيئة ستعود إلى الشارع، وسيَعمد الأساتذة إلى مقاطعة الامتحانات الرسمية في دورتها الثانية لجهة المراقبة والتصحيح.
كما يهدّد الأساتذة بمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة والمقرّرة في أيار 2018 إذا لم تكن السلسلة قد أقِرّت بعد. ومن المعروف أنّ السلطات تستعين بالأساتذة لتأمين سير العملية الانتخابية في مراكز الاقتراع.
ومِن المتوقع أن يشهد هذا الملف المزيدَ من السخونة والجدالات، خصوصاً أنّ الإشكالات تنوَّعت، وهي تركّز حالياً على أنّ المشروع كما هو موجود في الهيئة العامة للمجلس النيابي غيرُ كافٍ، ويحتاج إلى تعديلات لإعطاء بعض الفئات المغبونة حقوقَها لتكونَ السلسلة عادلة.
وهذا يعني ارتفاع الكلفة المحددة بـ 1200 مليار ليرة. فهل إنّ المالية العامة قادرة على تحمّلِ أعباء إضافية، وهل يستطيع المواطن والمؤسسات تحمُّلَ المزيد من الضرائب للتمويل؟
إجتماع أمني
من جهةٍ ثانية، استضاف قائد الجيش العماد جوزف عون الاجتماع الدوريّ لقادة الأجهزة الأمنية، في حضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا.
وبحسب المعلومات الرسمية، فإنّ البحث تناوَل الإجراءات والجهود التي تقوم بها الأجهزة في مجال تفكيك الشبكات والخلايا الإرهابية، وملاحقة مطلِقي النار خلال المناسبات، ومكافحة الجرائم المنظمة والفردية على أنواعها.
وفي معلومات “الجمهورية” أنّ قائد الجيش أطلعَ المجتمعين على حصيلة العملية التي قام بها الجيش في جرود عرسال وعلى جوّ التحقيقات مع الموقوفين وأدوارهم. واطّلعَ المجتمعون من اللواء ابراهيم على نتائج التحقيقات مع الإرهابي خالد السيّد ودوره في تشكيل الشبكة الإرهابية التي تمَّ تفكيكها مؤخّراً والتي كانت تستهدف المطار وحفلات الإفطار أثناء شهر رمضان.
وفي جانب من الاجتماع جرى البحث في تعزيز التدابير الأمنية الاستثنائية للمهرجانات الصيفية في المناطق اللبنانية كافة.
* اللواء
أزمة النزوح في عهدة عون .. والسلسلة في عهدة الشارع!
إتصالات لاحتواء «التوتُّر الكهربائي».. والنفايات تسابق حلّ «خطوط النفط» في مكب برج حمود
أيهم يسبق الآخر على طاولة مجلس الوزراء في بعبدا غداً؟ ملف النزوح السوري، وسط ارتفاع صوت «الثنائي الشيعي» ومعه بعض حلفائه من 8 اذار بضرورة وضع استراتيجية وآلية لاعادة هؤلاء النازحين، بالتنسيق مع حكومة النظام في سوريا، وبالتفاهم أو الوساطة مع الامم المتحدة والمنظمات الدولية..
أو ملف أوراق وثيقة بعبدا 2017 التي أقرها اجتماع الشخصيات العشر في 22 حزيران الماضي، حيث تتحدث اوساط بعبدا عن اعداد مشاريع قوانين واقتراحات لوضعها قيد التنفيذ، بعد اقرارها في مجلس الوزراء، اذ هي تحضر على الطاولة بدءاً من جلسة الغد..
اما الملف الثالث، فهو المتعلق بإضافة كلمة او تغيير صياغة في قرار مجلس الوزراء المتعلق بإحالة مشروع تلزيم بواخر الكهرباء الى ادارة المناقصات في التفتيش المركزي والذي اعترض وزراء القوات اللبنانية على ما وصفوه تحوير في الاحالة، وهو ما سيثار غداً من قبل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني.
في الظاهر، لا يبدو ان المواضيع الثلاثة المطروحة اضافة الي بنود الـ90 المدرجة على جدول الاعمال، موضع خلاف، الا ان التدقيق في المواقف التي سبقت الجلسة ينم عن خلافات جدية في ما خص اكثر من ملف.
ملف النزوح السوري
في الملف الاول، ينطلق البحث من خلال اطلاع وزير الدفاع يعقوب الصراف المجلس على ما حصل في هذا السياق في مخيمات عرسال، اثناء عملية «قض المضاجع» التي قام بها الجيش قبل يومين في هذه المخيمات، فإن الثابت ان الحكومة ما زالت مترددة في معالجة هذا الملف بشكل يخفف من حجم الاعباء الملقاة.
وفي تقدير مصادر وزارية انه لا بد من العودة الى «خلية الازمة» التي كانت شكلتها حكومة الرئيس تمام سلام قبل سنوات، ومن ثم حكومة «استعادة الثقة»، لمقاربة هذا الملف، من ناحية سياسية، وليس فقط من ناحية إنمائية رغم الحاجة القصوى اليها، من اجل التوصل الى نوع من التوافق السياسي حوله، لا سيما وان هذا الملف كان دائماً ملفاً انقسامياً في البلد، في ضوء وجهات النظر المتباينة حوله.
ولفتت هذه المصادر الى انه بالامكان الوصول الى نوع من توافق الحد الادنى، طالما ان المطلوب هو العودة الطوعية للنازحين، وذلك من خلال تسليم الملف الى رئاسة الجمهورية، حيث بامكانها التعاطي مع السلطات السورية من دون عقد او مواقف مسبقة تحول دون اطلاق يد الحكومة في حمله طالما انها ترفض ذلك، وترى المصادر نفسها ان هذا الحل يمكن ان يكون احد الحلول المنطقية والقابلة للتطبيق، شرط ان يحصل حوله نوع من التوافق الوطني تجنباً لانفجار اوسع.
ويرى مصدر وزاري ان قيام الحكومة بالتفاوض المباشر، فهذا أمر فوق طاقة الحكومة اللبنانية، لانه يعني تعويم النظام السوري من جهة، وتعريض سياسة النأي بالنفس عن النيران السورية للاهتزاز، فضلا عن المرتكزات الاساسية لمواقف سياسية بقيت خارج اطار التوافق على التسوية السياسية القائمة حالياً.
وتعتقد المصادر بأن هناك طرقاً كثيرة يمكن للبنان الرسمي ان يسلكها لتحقيق هدفه، أسرعها التواصل مع الامم المتحدة وابلاغها بأن لبنان لم يعد قادراً على الصمود تحت وطأة النزوح.
اما وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصو فأكد بدوره لـ «اللواء» انه لا يمكن ايجاد حل لملف النزوح السوري الا من خلال حوار جدي مع الحكومة السورية، مشددا على انه اصبح اكثر قناعة اليوم بذلك بعد التطورات الاخيرة الناتجة عن هذا الموضوع، مشيرا الى ان الامم المتحدة التي تمثل المجتمع الدولي بأكمله تعترف بالحكومة السورية، فلماذا يصر عدد من اللبنانيين على رفض تعامل الحكومة معها وعدم الاعتراف بشرعيتها؟
وكان مصدر في الثنائي الشيعي كشف بأن الجهات الرسمية اللبنانية تبلغت استعداد الدولة السورية للتعاون الى اقصى الحدود لاعادة النازحين الى القرى والبلدات السورية، كما انها مستعدة لتأمين خط آمن لخروج المسلحين من النصرة واخواتها من جرود عرسال، ولكن بشرط ان تطلب الدولة اللبنانية رسميا ممثلة بالحكومة التعاون مع الحكومة السورية لحل هذا الملف.
واكد المصدر بأن الثنائي الشيعي سيطرح هذا الملف على طاولة مجلس الوزراء غدا، وسنحاول بهدوء تنظيم الخلاف حوله بين اركان الحكومة، لكن يجب ان يعلم الجميع بأننا سوف نلجأ الى كل الطرق المشروعة للضغط على الحكومة والدولة لحل هذا الملف نهائياً.
وقال عضو تكتل الاصلاح والتغيير النائب آلان عون ان فريقه السياسي مع اي خطوة تخدم عودة النازحين الى بلادهم. فإذا كانت عودة هؤلاء الى اماكن سيطرة النظام، فلا بد من الحوار مع النظام، وكذلك الحال بالنسبة للمناطق التي تسيطر عليها اطراف مناوئة للنظام.
حاصباني لـ«اللــواء»:
لا جلسة ساخنة غداً
وفي ما خصّ الملف الكهربائي، فقد جرت اتصالات أمس بين وزير الطاقة سيزار أبي خليل وأحد وزراء «القوات اللبنانية» لتوضيح الالتباس المتعلق بصياغة قرار إحالة مشروع بواخر السفن، إلى إدارة المناقصات..
ونفى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسّان حاصباني في تصريح مقتضب لـ«اللواء» أن تكون جلسة مجلس الوزراء ساخنة بفعل المواضيع المدرجة للبحث. وعما إذا كانت هناك رغبة بإثارة مواضيع أو مواقف خلافية، قال ان الوقت حالياً لا يسمح إلا للعمل.
النفايات مجدداً
وفي موضوع معالجة أزمة النفايات، ومنع تجددها، قال وزير البيئة طارق الخطيب في تصريح لـ«اللواء» أن اجتماعا انعقد في قصر بعبدا مع مجلس الإنماء والأعمار بحث في العوائق أمام عمل مكب برج حمود. وأعلن الوزير الخطيب أن المتعهد يواجه مشكلة خطوط النفط أمام المكب ولذلك فإن شركات النفط مدعوة لرفع الأنابيب كي يتم استكمال العمل، مشيرا إلى أنه على الرغم من ذلك فإن الأشغال متواصلة. أما بشأن نفايات الشوف وعاليه والتي تقرر أن تكون من ضمن الحل المؤقت أي بنقلها إلى برج حمود والكوستابرافا فلا مشكلة حولها مع العلم أنه تم الاتفاق على نقل كميات من النفايات اليهما ولا إمكانية لاستقبال المزيد، داعيا بلديات هذين القضاءين إلى أن تتولى معالجة النفايات ببيئة سليمة أسوة ببلديات الجنوب والشمال والبقاع. وطمان الوزير الخطيب إلى أن ما من أزمة نفايات وان مطمري برج حمود والكوستابرافا يعملان. وردا على سؤال. أشار إلى أن هذا الملف مرجح أن يبحث في مجلس الوزراء في أي وقت .
الأمن
في الموضوع الأمني عُقِد في مكتب قائد الجيش العماد جوزيف عون في اليرزة اجتماع عمل لقادة الأجهزة الأمنية، ضم الى العماد عون، مدير عام الامن العام اللواء عباس إبراهيم، مدير عام قوی الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا.
ووفقاً لبيان مديرية التوجيه في قيادة الجيش، فإنه تم في الإجتماع بحث التطورات الأمنية في البلاد.
إضافة إلى تنسيق الجهود بين القوى الأمنية لاعتقال الشبكات الإرهابية، وتفكيكها، فضلاً عن مكافحة الجرائم على اختلافها، وملاحقة مطلقي النار في المناسبات، سواء أكانت متعلقة بالافراح أوالأتراح أو إعلان نتائج الامتحانات الرسمية.
السلسلة الى الشارع؟
واذا كانت جلسة مجلس الوزراء تحمل مؤشرات على ما يمكن ان ترسو عليها الاتصالات بشأن سلسلة الرتب والرواتب، فإن المؤشرات النقابية، توحي بأن هذا الملف سيكون في عهدة الشارع، حيث تعقد هيئة التنسيق النقابية مؤتمراً صحفياً اليوم، تحدد فيه ما يتعين عليها القيام به، في ضوء الاعتراضات المعلنة، وغير المعلنة على استئناف مناقشة السلسلة في جلسة تشريعية متوقعة في 15 تموز الجاري.. والتي سيتحدد موعدها رسمياً، بعد عودة الرئيس نبيه بري من زيارة خاصة الى الخارج.
ووفقاً المصادر نيابية قريبة من كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة فإن السلسلة اذا لم تقرّ خلال العقد الاستثنائي فإن بوادر تصعيد في الشارع، تصبح امراً واقعاً لا سيما بعد دخول الاتحاد العمالي على خط المطالبة بإقرار السلسلة، هذا الدخول الذي رأى فيه بيان «للموظفين المستقلين» في الادارة العامة بأنه محاولة لتمييع المطالب المحقة..
وقالت هذه المصادر: «إن لا شيء محسوماً حتى الآن سوى ان الكتلة متمسكة بعقد الجلسة وإقرار السلسلة لأنها حق للموظفين، لكن لا نعرف تماماً موقف بقية الكتل، حيث لحظ مماطلة بحجة عدم توفير كلفة السلسلة كاملة، وعدم الاتفاق على بعض البنود الضريبية.
وتوقفت المصادر عند موضوع انصاف المتقاعدين مطالبة بأخذ مطالبهم بعين الاعتبار عبر حل ما سيتم التداول به في الوقت المناسب، رافضة التكهن سلفا بما يمكن ان تؤول اليه الامور قبل الدعوة الى عقد الجلسة التشريعية.
بالمقابل، لا تبدو كتل اخرى، كالاصلاح والتغيير وكتلة القوات وربما كتلة المستقبل ايضا متحمسة كيفما اتفق لاقرار السلسلة، آخذة بعين الاعتبار ان الموقف يحتاج الى اعادة تقييم بعدما فرضت قضية المتعاقدين نفسها، من حيث تصحيح الشطور.
وكشف مصدر نيابي لـ «اللواء» رفض الكشف عن هويته ان ربط السلسلة بالموازنة هو الذي يضمن توفير الاموال اللازمة لها، من دون تحميل اصحاب الدخل المحدود اية اعباء مالية اضافية لتمويل السلسلة، التي تتغير ارقامها وفقاً للمطالب التي ترفع بين الحين والآخر، لا سيما المتقاعدين وروابط المعلمين..
* الاخبار
وزارة الصحة: مستشفيات بسمنة ومستشفيات بزيت
يبلغ السقف المالي للسرير في مستشفى «عين وزين» 73 مليون ليرة، مقابل 16 مليوناً في الجامعة الأميركية
أكثر من عشرة مليارات ليرة لبنانية كان السقف المالي لمُستشفى عين وزين في منطقة الشوف عام 2012، في مقابل ستة مليارات ليرة لمُستشفى الجامعة الأميركية في بيروت. علماً أن الأول يضم 137 سريرا، فيما يضمّ الثاني 400 سرير. أكثر من ذلك، يبلغ السقف المالي للسرير الواحد في “عين وزين” نحو 73 مليون ليرة فيما يبلغ السقف المالي للسرير في مستشفى الجامعة الأميركية 16 مليون ليرة لبنانية، أي أكثر من أربعة أضعاف! ما يعني أن الحديث عن اعتماد عدد الأسرة كمعيار لتحديد السقف المالي غير صحيح.
فهناك، مثلاً ثلاثة مستشفيات تمتلك العدد نفسه من الأسرة، ومع ذلك يختلف السقف المالي لكل منها. ففيما يبلغ السقف المالي لمُستشفى السان جورج في الحدث (يضم نحو 50 سريراً) 700 مليون ليرة لبنانية، أي بقيمة بقيمة 14 مليون ليرة لبنانية للسرير الواحد، يبلغ السقف المالي لمُستشفى الحايك في المتن، الذي يضم العدد نفسه من الأسرّة، 627 مليوناً و320 ألف ليرة لبنانية، أي 12 مليوناً و546 الفاً و400 ليرة للسرير. أمّا مُستشفى شاهين في طرابلس، الذي يضم 50 سريراً أيضاً، فقد بلغ السقف المالي له 550 مليون ليرة، أي 11 مليون ليرة للسرير الواحد.
لم يخضع توزيع السقوف المالية لأية معايير علمية واضحة
وتوزع السقوف المالية وفق الجدول الذي نص عليه المرسوم رقم 7343 الصادر في 29 كانون الأول عام 2011 والذي نُشر في الجريدة الرسمية في 12 كانون الثاني عام 2012. وحتى عام 2016، بقي الجدول نفسه وبقيت المخصصات المالية للمُستشفيات مُحددة على أساس هذا المرسوم. وبحسب مصادر مقربة من وزير الصحة غسان حاصباني، لم يسبق خلال الفترات الماضية أن خضعت هذه السقوف لأية معايير علمية واضحة، لافتة إلى أن السقوف المالية التي وُضعت للمُستشفيات الخاصة لعام 2017 هي نفسها التي وضعت العام الماضي أيام الوزير السابق وائل أبو فاعور.
مصادر الوزارة تقول إن عدد الأسرة لا يصلح كمعيار لتحديد السقف، «الأمر يتطلب البحث في حجم إقبال المرضى على مُستشفى دون آخر، وحجم الضغط الذي يتلقاه. لا يمكن دعم مُستشفى يملك 200 سرير ولا إقبال عليه أكثر من مستشفى يملك 50 سريراً ويشهد إقبالاً كثيفاً». هل هذا يعني أن معيار الإقبال والضغط هو المعتمد؟ هنا، تقول المصادر صراحة، إن المعايير غير موجودة، من دون أن تنفي وجود عامل المصالح السياسية والحزبية والطائفية الذي يلعب دوره في مسألة دعم مُستشفيات دون غيرها.
وتُضيف مصادر الوزير في هذا الصدد: «لقد أعدّ الوزير حاصباني آلية علمية تستند إلى معايير عدة لتحديد السقوف المالية للسنة المُقبلة. وهذه الآلية ستترفع عن أي حسابات طائفية أو مناطقية».
ماذا عن المُستشفيات الحكومية وعن سقوفها المالية؟ بحسب دراسة «صحة المواطنين في خدمة الزبائنية السياسية» المُعدة من قبل الخبير في قضايا الصحة، نبيل حسن، فإن أرقام موازنة عام 2012 تُظهر أن قيمة الصرف على الاستشفاء بلغت 340 مليار ليرة، 82% منها للمُستشفيات الخاصة و18% فقط للمُستشفيات الحكومية.
كذلك، تقدّر المبالغ التي أنفقتها وزارة الصحة على الاستشفاء عام 2014 بنحو 420 مليار ليرة، 75% منها صرفت للمستشفيات الخاصة و25% فقط للمستشفيات الحكومية .
وتردّ مصادر وزارة الصحة على هذا الأمر بأن المُستشفيات الحكومية تلقى الدعم من جهات أخرى أيضاً غير وزارة الصحة، كالهبات من الجهات المانحة وغيرها، فضلاً عن أن الوزارة «مجبرة على دعم المُستشفيات التي تتلقى ضغطاً أكثر من غيرها، وهي في طبيعة الحال المُستشفيات الخاصة»، فيما يذهب حسن إلى القول في دراسته إن تعمّد إهمال دعم المُستشفيات الحكومية ما هو إلا دليل على «قرار إبقاء الصحة رهينة الزبائنية السياسية ومصالح أصحاب المستشفيات الخاصة».
الجدير ذكره في هذا الصدد، أن وزارة الصحة تصرف ما يُقارب 4 مليارات ليرة لبنانية سنوياً من موازنتها على المُستوصفات والمؤسسات الصحية. جزء كبير من هذه الأموال يذهب إلى مؤسسات ذات طابع سياسي أو ديني، بحسب الدراسة التي تخلص إلى القول إن وزارة الصحة «تلعب دوراً أساسياً في تعزيز الزبائنية السياسية من خلال دفع من الموازنة العامة ثمن الخدمات الصحية التي تقدمها مستوصفات ومراكز صحية تابعة للأحزاب وتقدم خدماتها باسم تلك الأحزاب أو المجموعات الطائفية التابعة لها».
الأمم المتحدة ترفض التعاون مع المحكمة الدولية: رود لارسن يخفي معلومات!
رفضت الأمم المتحدة منح المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري الإذن باستجواب المبعوث الأممي السابق وناظر القرار 1559، تيري رود لارسن. فقضاة المحكمة يريدون الاستماع إلى إفادة رود لارسن الذي كان أحد صنّاع القرار الأممي المذكور، وسبق أن حذّر الحريري من إمكان اغتياله
يوم أنشئت المحكمة الخاصة بلبنان عام 2007 خلافاً للدستور اللبناني، برزت العديد من التبريرات لقيامها، وكان أبرزها الادعاء أن هذه المحكمة لديها السلطة لإخضاع أيٍّ كان للاستجواب أو التحقيق أو الملاحقة، وأنه لا يحق لأحد رفض التعاون والاستجابة لطلبات القضاة فيها. وقيل إن الهدف هو تحديد الأشخاص الذين قتلوا الرئيس رفيق الحريري وآخرين والقبض عليهم ومعاقبتهم وملاحقة كل من شارك أو دعم أو علم بالهجوم الإرهابي قبل وقوعه يوم 14 شباط 2005.
وبعد انطلاق عمل المحكمة عام 2009 وصدور القرارات الاتهامية عامي 2011 و2013، اتهم حزب الله بعدم التعاون بسبب عدم تسليمه المتهمين الخمسة، ومن بينهم القائد الشهيد مصطفى بدر الدين.
لم يدّع حزب الله يوماً أن أيّاً من قادته وعناصره يتمتعون بالحصانة من أي ملاحقة قضائية، بل كانت الحجة الأساسية لعدم تسليم المتهمين الخمسة للمحكمة الدولية هي عدم استقلاليتها وارتباط بعض القضاة والعاملين فيها بأجندات سياسية وبجهات معادية للبنان وللمقاومة.
رفضت الأمم المتحدة
رفع الحصانة عن رود لارسن
لتتمكّن المحكمة من استجوابه
أما الأمانة العامة للأمم المتحدة والدائرة القانونية التابعة لها، اللتان لا تنفكان عن دعوة جميع اللبنانيين إلى التعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان، فقد عبّرا يوم 28 حزيران الفائت، خطياً، عن عدم تعاونهما مع المحكمة الدولية لجهة رفع الحصانة عن المبعوث السابق وعراب القرار 1559 السفير تيري رود لارسن.
وكان قضاة غرفة البداية في المحكمة قد طلبوا يوم 9 آذار الفائت الاستماع إلى لارسن بشأن مضمون اجتماعاته بالرئيس السوري بشار الأسد، وبالرئيس رفيق الحريري، لدى تناولهم موضوع قرار مجلس الأمن 1559. وجاء طلب القضاة بعد أن زعم المدعي العام أن أحد دوافع اغتيال الحريري هو موقفه من ذلك القرار الذي يدعو إلى نزع سلاح المقاومة. لكن يبدو أن في جعبة تيري رود لارسن معلومات لا تريد الأمم المتحدة عرضها على المحكمة الدولية لأنها قد تثبت عدم صحة الادعاء أن الرئيس الحريري كان مؤيداً للقرار 1559. وقد يؤدي ذلك إلى نسف النظرية التي بُني عليها الاتهام. فالمتهمون الأربعة هم، بحسب القرار الاتهامي، من عناصر الحزب و«لا دوافع شخصية لديهم لاغتيال الحريري». وبالتالي يزعم فريق الادعاء أن الدوافع تتعلق بقرار حزبي باغتيال من زُعم أنه يسعى إلى نزع سلاحه.
وقد تكون هناك أسباب أخرى، أكثر خطورة، تستدعي عدم رفع الحصانة عن لارسن، أهمها تنبيهه الرئيس رفيق الحريري بخطر اغتياله قبل وقوع الهجوم الإرهابي بمدة قصيرة. ولا بد أن يطرح القضاة على لارسن سؤالاً عن مصادر معلوماته، وقد يتوسعون في البحث، ما قد يعرضه للملاحقة القضائية وتحقير المحكمة إذا قرر التهرب من الإجابة أو إذا سعى إلى تضليل القضاة.
إذا كانت الحكومة اللبنانية، التي يرأس مجلس الوزراء فيها نجل المغدور، فعلاً تريد العدالة والاقتصاص من قتلة الرئيس رفيق الحريري، فعليها أن تتحرك وتطالب الأمين العام للأمم المتحدة برفع الحصانة عن تيري رود لارسن ليتمكن قضاة المحكمة من الاستماع إلى إفادته. وإذا رُفض الطلب فقد يكون من المناسب التقدم بشكوى أمام مجلس الأمن الدولي.
ففي حالة شبيهة، كان الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، وهو زوج الرئيسة بينازير بوتو التي اغتيلَت عام 2007، قد رفض تقرير بعثة تقصي الحقائق الصادر عن الأمم المتحدة بشأن الجريمة، وذلك بسبب عدم استجواب المحققين للرئيس الأفغاني حميد كارزاي ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس اللذين كانا قد نبها بوتو إلى خطر اغتيالها.
فهل تتحرك الدولة اللبنانية التي تسدد نصف كلفة تشغيل المحكمة التي تبلغ نحو 60 مليون دولار سنوياً، من أجل تحقيق العدالة في قضية اغتيال الرئيس الحريري، أم أن الأمر لم يعد يهم أحداً؟
المصدر: صحف